صورة التدين وعلماء الدين الإسلامي في الدراما المصرية
- المؤشر
كشف المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، عن دراسةً حديثة جاءت تحت عنوان “صورة التدين وعلماء الدين الإسلامي فى الدراما المصرية.. التطرف والإرهاب نموذجًا”، بهدف تحليل المعالجة الدرامية للأعمال الفنية التى تناولت الشأن الدينى عامة وقضايا التطرف والإرهاب خاصة فى الفترة من عام 2013 وحتى عام 2022.
حيث شملت عينة الدراسة (23) عملًا دراميًّا وفنيًّا متنوعًا؛ (5) أفلام، و(18) مسلسلًا. (7) أعمال ارتبطت بالشأن الدينى عمومًا، و(16) عملًا ارتبط بقضايا التطرف والإرهاب.
حيث انقسمت الدراسة إلى قسمين؛ القسم الأول: تناول الدراما لقضايا الشأن الدينى عمومًا مثل قضايا التصوف والقضايا الاجتماعية، والقسم الثاني: تناول الدراما لقضايا التطرف. لتخرج الدراسة بعدها بعدد من النتائج وتقدم مجموعة من التوصيات لتسهم فى تطوير التناول الدرامى لقضايا الشأن الدينى والتطرف.
وتعد دراسة المؤشر العالمى للفتوى الأولى التى تلقى الضوء على صورة رجل الدين فى الدراما المصرية بالإضافة إلى لفت النظر إلى تناول الدراما لقضايا التطرف والإرهاب، وطريقة المعالجة لتلك القضايا، والتى حاولت أن تظهر إيجابيات وسلبيات تناول الدراما لهذه القضايا الشائكة، كما أنها تنفرد كونها تقدم إحصاءات مهمة لأهم القضايا التى تناولتها الدراما خلال فترة مهمة من عمر الوطن.
تفنيد الفكر المتطرف وبيان الدور الأمنى فى التصدى للإرهاب.. محور اهتمام الدراما
وحول الأعمال الدرامية التى تناولت أشكال مكافحة أعمال الإرهاب كشف المؤشر العالمى للفتوى أن الأعمال الدرامية التى تناولت قضايا التطرف والإرهاب بلغت نسبتها (70%) من إجمالى عينة الدراسة، (87%) منها كانت مسلسلات، وهو ما يأتى وفقًا للمؤشر تماشيًا مع الأهمية التى أصبحت تمثلها قضايا التطرف منذ عام 2013، فتناولها فى المسلسلات يضمن وصولها لأكبر قاعدة جماهيرية ممكنة وبالتالى تحقيق التأثير المطلوب، خاصة وأن غالب هذه الأعمال حملت رسالة نبيلة تبث قيم الوطنية، وتحذر من خطورة الفكر المتطرف، وتبين أساليبه وأفكاره وأهدافه الهدامة، كونها جاءت فى مرحلة مهمة من عمر الوطن والتى حاولت جماعات التطرف اختطاف الوطن.
كما كشفت دراسة مؤشر الفتوى أن الأعمال المرتبطة بتحليل أفكار التنظيمات المتطرفة تحليلاً شاملاً لمختلف جوانبها، التنظيمية، والفكرية، والشكلية، احتلت النسبة الأكبر (70%)، فكل الأعمال تطرقت للتنظيمات الإرهابية باختلاف الدرجات؛ فهناك أعمال كانت التنظيمات محورها مثل “السهام المارقة” و”غرابيب سود” و”بطلوع الروح”، وأعمال أخرى كانت التنظيمات جزءًا منها مثل “سلسلة الاختيار” و”العائدون” نظرًا لتقديمها للجانب الآخر من الشخصيات الوطنية التى تتصدى لهذا الفكر المتطرف.
ولفتت دراسة مؤشر الفتوى إلى أن القضايا التى تناولتها هذه الأعمال تنوعت لتشمل: صفات شخصية “الإرهابي” وجوانبها الفكرية، والأوضاع الداخلية للتنظيمات، ومناقشة أوضاع المرأة والطفل داخل هذه التنظيمات، والأساليب التى تعتمد عليها التنظيمات لاستقطاب الأتباع، وقضية تمويل الجماعات المتطرفة، هذا جنبًا إلى جنب مع تناول جوانب الخطاب الإفتائى لهذه التنظيمات.
بينما كشفت الدراسة أن تناول الأعمال للدور الأمنى فى التصدى للإرهاب جاء بنسبة (30%) خاصة مواجهة تنظيمى “الإخوان المسلمين الإرهابية” و”داعش”، وكانت سلسلة مسلسل (الاختيار) أبرزها وأكثرها تقدمًا فنيًّا بالنسبة للمعالجة الدرامية، والإخراج الفني، وركزت الأعمال على تعزيز قيم الوطنية والانتماء، والتحذير من خطورة ودموية التنظيمات الإرهابية واستهدافها أمن واستقرار الوطن، وبيان التعامل الأمنى الحكيم مع هذه التنظيمات بالتنسيق مع كل أجهزة الدولة، وبالاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة.
عالم الدين والصوفية.. الأكثر تناولاً فى الدراما المصرية
كشف مؤشر الفتوى أن الأعمال الدرامية التى تناولت قضايا الشأن الدينى بصورة عامة مثَّلت (30%) من إجمالى عينة الدراسة، وكانت شخصية عالم الدين وأبعادها الفكرية الأكثر تداولاً فى هذه الأعمال بنسبة بلغت (57%)، حيث ركزت أغلب الأعمال على تقديم عالم الدين باعتباره سمحًا ومرنًا فى تعاملاته، مقاومًا للممارسات الاجتماعية السلبية مثل الفساد والعنف، ولا يخفى أن البعض حاول تقديمة فى صورة ساذجة منقطعة عن الواقع ويغرق فى تأويلات قديمة بعيدة كل البعد عن التطور.
ولفت مؤشر الفتوى لأهمية معالجة الأعمال الدرامية لقضية الدعاة الجدد وظهورهم فى البرامج الإفتائية التلفزيونية، وكيف أنها قدمت صورة متشابكة الأبعاد حول المنظومة الإعلامية ككل وتعاملها مع الدعاة عبر الفضائيات.
فيما كشفت الدراسة أن القضايا المرتبطة بأولياء الله الصالحين والصوفية مثلت نسبة (15%) من العينة، محذرًا من محدودية هذه النسبة، والقصور والسطحية فى المعالجة الدرامية لها، والتركيز على الغيبيات والخرافات، بدلاً من تقديم صورة حقيقية لمبادئ الصوفية الحقَّة، وأوصت الدراسة بمنح الصوفية مزيدًا من الاهتمام فى التناول الدرامى بما يعزز من القيم الإنسانية باعتبارها حالة إنسانية دينية متكاملة، لمواجهة التطرف والعنف، مع الحرص على تفحص المادة الإعلامية التى ستطرح للجمهور، جنبًا إلى جنب للتفسيرات المغلوطة لما يتناوله العمل بشأن الصوفية.
وقدمت الدراسة مجموعة من إيجابيات المعالجة الدرامية لقضايا الشأن الديني، التى تمثلت في: طرح أفكار جديدة فى التناول والمعالجة، والتركيز على البساطة فى المعالجة الدرامية القابلة للتقبل من جميع المشاهدين، ومواجهة بعض الظواهر الاجتماعية السلبية مثل الفساد والبلطجة والإلحاد وزواج القاصرات، والإشارة للجانب الإيجابى للإنشاد الديني، وتقديم صور واقعية لرجال الدين، والجرأة فى مناقشة بعض المغالطات الدينية والأفكار المتجمدة والمساهمة فى تصحيح أفكار دينية مغلوطة، إلى جانب تعظيم بعض الأعمال لدور دار الإفتاء المصرية الإفتائى والدعوي.
كما أشارت للسلبيات التى تمثلت في؛ سطحية التناول فى بعض الأعمال الدرامية، خاصة المتعلقة بمعالجة قضايا التطرف، وغلبة التوجهات الشخصية للمؤلف على العمل دون الحرص على الرصانة فى العمل المقدم، وإساءة بعض الأعمال لرجال الدين والزى الأزهري، وطرح بعض الأفكار التى تتعارض مع القيم والتقاليد الإسلامية والمصرية.
وخلصت دراسة المؤشر العالمى للفتوى للتأكيد أهمية المعالجة الدرامية للقضايا الدينية باعتبارها واحدة من أولويات صناع الفن والدراما، والتى تركت تأثيرًا ملحوظًا على المشاهد البسيط الذى أبدى تجاوبًا وتفاعلاً قويًا إيجابيًا وسلبيًا معها.
كما أوصت بتقديم مزيد من الأعمال الدرامية التى تلقى الضوء على الظواهر والقضايا المختلفة دون المساس بالقيم والثوابت الدينية والأخلاقية، وتقديم دراما إسلامية متنوعة وإبراز دورها التاريخى فى مسيرة الحضارة الإنسانية، إلى جانب إنتاج مواد درامية وسينمائية ووثائقية موجّهة إلى الرأى العام فى الغرب بهدف التعريف بالإسلام وقيمه السمحة، لتغيير الصور الذهنية السيئة التى ألصقتها بعض الأعمال الدرامية بالدين الإسلامي.