البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

تمهيد

المطلب الثاني حقيقة المستفتي

86 views

التعريف بالمستفتي:

أولًا “المستفتي” لغة:

المستفتي اسم فاعل من الاستفتاء، والاستفتاء: طلب الجواب عن الأمر المشكل، يقال: استفتيته فأفتاني، أي: سألته أن يفتيَني([1])، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَسۡتَفۡتِ فِيهِم مِّنۡهُمۡ أَحَدٗا} [الكهف: 22].

وقد يكون الاستفتاء بمعنى مجرد السؤال، ومنه قوله تعالى: {فَٱسۡتَفۡتِهِمۡ أَهُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَم مَّنۡ خَلَقۡنَآ} [الصافات: 11] قال المفسرون: أي: اسألهم([2]).

ويقال: أفتى الرجل في المسألة واستفتيته فأفتاني إفتاء، وفتيا وفتوى اسمان من أفتى توضعان موضع الإفتاء([3]).

ويمكننا أن نخلص إلى أن المراد من “المستفتي” في اللغة: “هو السائل الذي يسأل المفتي عما أشكل عليه”.

ثانيًا “المستفتي” اصطلاحًا:

عرفه الزركشي بقوله: “المستفتي: ‌من ‌ليس ‌بفقيه”([4]).

وقيل أيضًا: “المُسْتَفْتِي: من يسأل الفقيه”([5]).

وهناك بعض العلماء مَنْ جعل المستفتي هو غير المفتي تارة، وتارة أخرى جَوَّز أن يكون الشخص مفتيًا ومستفتيًا في وقت واحد، يقول العلامة أمير بادشاه الحنفي في شرحه لكتاب التحرير للكمال بن الهمام: “(‌والمستفتى ‌من ‌ليس ‌إِيَّاه) أي مفتيًا (ودخل) في المستفتى (المجتهد في البعض) من المسائل الاجتهادية لاستكمال ما يحتاج إليه في ذلك البعض من الكتاب والسنة وسائر الشروط فهو مستفتى (بالنسبة إلى) المجتهد (المطلق) حيث قلنا بتجزؤ الاجتهاد، فهو مفتٍ في بعض الأحكام، مستفتٍ في الآخر”([6]).

ويمكننا أن نخلص إلى تعرُّف المستفتي اصطلاحًا بأنه: “كل مَن لم يبلغ درجة المفتي فهو فيما يسأل عنه من الأحكام الشرعية مستفتٍ ومُقلِّد لمن يفتيه”([7]).

أو أنه: “كل من لا يصلح للفتيا من جهة العلم وإن كان متميزًا”([8]).

وعلى ذلك فالمستفتي: هو طالبُ حكم الله من أهله، والمستفتى فيه: هو الواقع المطلوب كشْفُه وإزالةُ إشكاله([9]).

 

([1]( المصباح المنير، للفيومي (2/ 462)، ط. المكتبة العلمية، بيروت.

([2]( الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (15/ 68)، ط. دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، سنة ١٣٨٤هـ – ١٩٦٤م. وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير (7/ 7)، ط. دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية ١٤٢٠هـ – ١٩٩٩م.

([3]( تهذيب اللغة، للأزهري (14/ 234)، مرجع سابق.

([4]( البحر المحيط في أصول الفقه، للزركشي (8/ 359)، ط. دار الكتبي، الطبعة الأولى، سنة ١٤١٤هـ – ١٩٩٤م.

([5]( أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء، للقونوي (ص 117)، ط. دار الكتب العلمية، الطبع سنة 2004م – 1424هـ.

([6]( تيسير التحرير، لأمير بادشاه الحنفي (4/ 243)، ط. مصطفى البابي الحلبي، مصر، سنة ١٣٥١هـ – ١٩٣٢م. وكشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، للتهانوي (1/ 170)، ط. مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1996م.

([7]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 158)، مرجع سابق. وآداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 71)، مرجع سابق.

([8]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 68)، مرجع سابق.

([9]( التوقيف على مهمات التعاريف، للمناوي (ص 305)، ط. عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الأولى، سنة 1410هـ – 1990م.

اترك تعليقاً