البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الباب الأول: اعتماد الفتوى على المنهج الشرعي المتكامل في حفظ النفوس

الفصل السابع: إظهار الفتوى لكون حفظ النفس يبدأ قبل الولادة

72 views

من عناصر المنهج المتكامل في حفظ النفوس أن حفظ النفس البشرية يبدأ مع نفخ الروح؛ ولذلك حرم الشرع إجهاض الأم التي بلغ الجنين من العمر في رحمها مقدارًا محددًا، وهو بعد نفخ الروح فيه، فلا يجوز التخلُّص من الجنين في هذه المرحلة مطلقًا من خلال الإسقاط ما دام الجنين قد تشكَّل في رحم الأم ونُفِخَت الروح فيه؛ لكون الإسلام قد منع الاعتداء عليه وكفل له حقَّ الحياة والبقاء، ولا يجوز التعرُّض له بالإجهاض إلا في حالة أن تتعرض الأم لخطرٍ محقق نتيجة استمرار الحمل، أو أصابها خطر طارئ هدَّد حياتها؛ كأن تتعرض لحادثٍ، أو تقع وتُصاب بإصابة تهدد حياتها وحياة جنينها، ففي هذه الحالة يجوز الاستغناء عن الجنين في سبيل الإبقاء على حياة الأم لأنها الأصل في حياة الجنين، أو أن تتعرض المرأة لخطر محقق في حال استمرار الحمل؛ بسبب إصابتها بمرض يرتب خطرًا عليها في حال استمرار الحمل، ففي هذه الحالة يجوز التخلص من الجنين بناءً على تقدير الطبيب المسلم الحاذق.

وقد أصدرت دار الإفتاء المصرية فتواها بتحريم الإجهاض لغير ضرورة وقد جاء فيها:

“اتفق الفقهاء على أنه إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا -وهي مدة نفخ الروح فيه- فإنه لا يجوز إسقاط الجنين ويحرم الإجهاض قطعًا في هذه الحالة؛ لأنه يعتبر قتلاً للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡ﴾ [الأنعام: 151]، ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ﴾ [الإسراء: 33]، أما إذا لم يبلغ عمر الجنين في بطن أمه مائةً وعشرين يومًا فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض: فبعضهم قال بالحُرمة، وهو المُعتَمَد عند المالكية والظاهرية، وبعضهم قال بالكراهة مطلقًا، وهو رأي بعض المالكية، وبعضهم قال بالإباحة عند وجود العذر، وهو رأي بعض الأحناف والشافعية.

والراجح المختار للفتوى في ذلك أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا سواء قبل نفخ الروح أو بعده إلَّا لضرورةٍ شرعية؛ بأن يقرر الطبيبُ العدلُ الثقةُ أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرٌ على حياتها، أو صحتها، فحينئذٍ يجوز إسقاطه؛ مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة”([1]) اهـ.

 

([1]) الفتوى رقم 62 لسنة 2019م.

اترك تعليقاً