البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الباب الأول: المعاملات المالية الإسلامية والاقتصاد الوطني

الفصل الأول: المعاملات المالية في الإسلام

417 views

المبحث الأول: التعريف بالمعاملات المالية وأهمية ضبطها.

تمهيد:

إن الهدف الأساسي من التكليف، أو بالأحرى: من خلق الإنسان ومخاطبته بالأحكام هو ما عبَّر عنه الإمام أبو إسحاق الشاطبي بقوله: «إخراج المكلَّف عن داعية هواه حتى يكون عبدًا لله اختيارًا كما هو عبد لله اضطرارًا»([1])؛ فتحقيق العبودية الطوعية لله هو الهدف من التكليف لتنسجم مع العبودية الواقعية التي لا مماراة فيها سواء التزم الإنسان مقتضاها أم لا، وسند ذلك آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}([2])؛ فهذا هو الهدف العامُّ الذي يُبتغى من كل علم أو عمل([3]).

ولأن العبادة الحق لا تكون إلا صوابًا؛ فمن هنا كان طلب العلم واجبًا؛ قال صلى الله عليه وسلم: «طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مُسلمٍ»([4])، وذكر أبو حامد الغزالي أن الناس اختلفوا في العلم الذي هو فرض على كلِّ مسلم، والذي ينبغي أن يُقطع به هو أنه ليس المراد بهذا العلم إلا علم المعاملة([5])؛ فمن العلوم الدينية بالغة الأهمية تعلُّم أحكام المعاملات المالية، أو مزاولتها أو طلبها أو الاهتمام بتنظيمها علميًّا وعمليًّا([6]).

ولقد سمى الإمامُ الغزاليُّ ما يتعلق بالاكتساب لما به قوام حياة الإنسان؛ سواء اكتسب بمفرده أو بمشاركة غيره أو بالتعامل مع غيره “علم المعاملة”([7])، كما سُمي هذا العلم أيضًا بـ”علم الكسب”([8])، وهو معرفة المعاملات المالية؛ حيث قرر العلماءُ أنه من واجبات المكتسب تعلُّم هذا العلم؛ أي: التفقه في أحكام النشاط الاقتصادي الذي يكتسب به؛ يقول الغزالي في إحياء علوم الدين في الباب الذي عقده عن علم الكسب بطريق التصرفات التي هي مدار المكاسب في الشرع: «إن تحصيل علم هذا الباب واجب على كل مسلم مكتسب؛ لأن طلب العلم فريضة على كل مسلم، وإنما هو طلب العلم المحتاج إليه، والمكتسب يحتاج إلى علم الكسب، ومهما حصل علم هذا الباب وقف على مفسدات المعاملة فيتقيها، وما شذَّ عنه من الفروع المشكلة فيقع على سبب إشكالها فيتوقف فيها إلى أن يسأل؛ فإنه إذا لم يعلم أسباب الفساد بعِلم جملي فلا يدري متى يجب عليه التوقف والسؤال، ولو قال: لا أُقدِّم العلم ولكني أصبر إلى أن تقع لي الواقعة فعندها أتعلم وأستفتي. فيقال له: وبمَ تعلم وقوع الواقعة مهما لم تعلم جمل مفسدات العقود فإنه يستمر في التصرفات ويظنها صحيحة مباحة؛ فلا بد له من هذا القدر من علم التجارة ليتميز له المباح عن المحظور وموضع الإشكال عن موضع الوضوح؛ ولذلك رُوي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يطوف السوق ويضرب بعض التجار بالدرة، ويقول: لا يبيع في سوقنا إلا مَن تفقَّه وإلا أكل الربا شاء أم أبى([9])»، ثم قال: «هذه العقود الستة لا تنفك المكاسب عنها: البيع، والربا، والسَّلم، والإجارة، والشركة، والقراض»([10]).

ويقول الغزالي في مقام مهمٍّ محاسبيًّا، وهو موضوع الشركة المحتاجة إلى تمييز حقوق الشركاء: «شركة العنان، وهو أن يختلط مالاهما بحيث يتعذر التمييز بينهما إلا بقسمه، ويأذن كل منهما لصاحبه في التصرف، ثم حكمهما توزيع الربح والخسران على قدر المالين، ولا يجوز أن يغير ذلك بالشرط، ثم بالعزل يمتنع التصرف عن المعزول، وبالقسمة ينفصل الملك عن الملك»([11])، ويقول في مجال أخلاقيات علم الكسب، وهي مطلوبة في علم المحاسبة: «واعلم أن المعاملة التي تجري على وجه يحكم المفتي بصحتها وانعقادها، ولكنها تشتمل على ظلم يتعرض به المعامِل لسخط الله تعالى -إذ ليس كل نهي يقتضي فساد العقد- وهذا الظلم يعني به ما استضر به الغير، وهو منقسم إلى ما يعمُّ ضررُه، وإلى ما يخص المعامَل»([12]).

وفيما يلي نعرض لتعريف المعاملات المالية وأهمية ضبطها من خلال المطلبين الآتيين:

المطلب الأول: تعريف المعاملات المالية:

المعاملات في اللغة: جمع معاملة، وهي مأخوذة من الفعل عمل وهو: المهنة والفعل، والجمع أعمال، يقال: اعتمل الرجل: عمل بنفسه، ومنه العامل، وهو من يعمل في مهنة أو صَنعَة والَّذي يتَوَلَّى أُمُور الرجل في مَاله وملكه وعَمله والَّذي يأخُذ الزَّكاة من أربابها([13]).

عُرِّفت المعاملات في الاصطلاح بتعريفات متعددة منها:

  • الأحكام الشرعية المتعلقة بالأمور الدنيوية، أو الأحكام الشرعية المنظمة لتعامل الناس في الدنيا([14]).
  • الأحكام الشرعية المنظمة لتعامل الناس في الأموال، وهي تشمل المعاوضات([15]) من بيع([16]) وإجارة([17])، والتبرعات([18]) من هبة([19]) ووقف([20]) ووصية([21])، والإسقاطات؛ كالإبراء من الدين والمشاركات، والتوثيقات([22]) من رهن([23])، وكفالة([24])، وحوالة([25])([26]).

تعريف المالية:

المالية مأخوذة من المال، وهو في اللغة: كل ما يملكه الفرد أو تملكه الجماعة من متاع، أو عروض تجارة، أو عقار، أو نقود، أو حيوان. والجمع: أموال، وقد أطلق في الجاهلية على الإبل([27]).

وفي الاصطلاح: عُرف بتعريفات متعددة منها:

  • عرفه ابن عابدين الحنفي بأنه: «ما يميل إليه الطبع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، والماليَّة تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم»([28]).
  • عرفه الشاطبي بأنه: «ما يقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره إذا أخذه من وجهه»([29]).
  • عرفه الزركشي بأنه: «ما كان منتفعًا به، أي مستعدًّا لأن يُنتفع به»([30]).
  • عرفه البهوتي من الحنابلة بأنه: «ما يباح نفعه مطلقًا في كل الأحوال، أو يباح اقتناؤه بلا حاجة»([31]).

 

تعريف المعاملات المالية:

بعد تعريف كل من المعاملات، والماليَّة؛ يمكن القول بأن المقصود من مصطلح المعاملات الماليَّة الوارد في عنوان المبحث: تلك «التصرفات الماليَّة الواقعة بين الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين».

وهذا التعريف يشمل المعاملات الماليَّة الحالَّة والمؤجلة، المسماة وغير المسماة، ما كان من قبيل المعاوضات أو التبرعات أو التوثيقات أو الإسقاطات أو المشاركات، ما كان بين أفراد طبيعيين أو اعتباريين أو بين أشخاص طبيعيين واعتباريين.

المطلب الثاني: أهمية ضبط المعاملات المالية.

إن نظام المعاملات المالية محل تفصيل وعناية كبيرة من الفقهاء في كل ما يُنظِّم شئون التمويل والمبادلات والتبرعات، وما يتعلق بذلك، وهو ما يسمى الآن “الحقوق المدنية”([32])، ونتكلم فيما يلي عن أهمية التمويل، وأهمية الوساطة المالية كأبرز موضوعات المعاملات المالية.

أولًا: أهمية التمويل:

يُعد التمويل من أهم التفصيلات التي اعتنى بها الفقهاء قديمًا وحديثًا، وحكمة التشريع الإسلامي في مجال التمويل تتضح من خلال معرفة وظيفة التمويل في النشاط الاقتصادي، وبدون ذلك سيكون من الصعب إدراك حقيقة التمويل الإسلامي وأهدافه، وسمو الشريعة الإسلامية في تنظيمه على النحو الذي جاءت به؛ فالهدف من التمويل أساسًا هو تسهيل المبادلات والأنشطة الحقيقية؛ فالنشاط الحقيقي -وهو التبادل إما بغرض الاستثمار أو الاستهلاك- هو عماد النشاط الاقتصادي، وهو الخطوة الأولى نحو تنمية الثروة وتحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع؛ فلو كان الأفراد يملكون المال اللازم لإتمام هذه الأنشطة لما كان هناك مبرر للتمويل، وإنما تنشأ الحاجة للتمويل إذا وجدت مبادلة نافعة لكنها متوقفة بسبب غياب المال اللازم لإتمامها؛ فالتمويل في هذه الحالة يحقِّق قيمة مضافة للاقتصاد لأنه يسمح بإتمام نشاط حقيقي نافع لم يكن من الممكن إتمامه لولا وجود التمويل([33]).

وقد نظَّمت الشريعةُ الإسلاميةُ الغراء هذا الجانب الاقتصادي المهم في حياة الدول والمجتمعات والأفراد مما يؤكِّد على سموِّ هذه الشريعة من ناحية، وليؤكِّد على الوظيفة المهمة التي يحظى بها التمويل في النشاط الاقتصادي المتمثلة أساسًا في تسهيل وتشجيع المبادلات والأنشطة الحقيقية التي تولد القيمة المضافة للنشاط الاقتصادي، وهذا هو مصدر تنمية الثروة وتحقيق الرفاه الاقتصادي([34]).

ثانيًا: أهمية الوساطة المالية:

الوساطة المالية حاجة أساسية لكل مجتمع إنساني في القديم والحديث، وقد سجلت كتبُ التاريخ أن المجتمعات القديمة سعت دائمًا إلى تبنِّي ترتيبات معينة تنهض بحاجتها إلى الوساطة المالية، وقد ترتب على اختراع النقود الذي مكَّن من تحرير الموارد الإنتاجية وتوفير وسائل كافية للادخار انقسام الأفراد إلى فئتين؛ الأولى منهما فئة الفائض التي تمتلك من الموارد المالية ما يفيض عن حاجتها الآنية، والثانية فئة العجز التي تحتاج إلى موارد مالية أكثر مما يتوافر عليها، وأدركت المجتمعات أن تبني ترتيبات تُمكِّن من نقل الفائض إلى فئة العجز سيترتب عليه مزيد من النشاط والنمو الاقتصادي ومعدل أعلى من الرفاهية لجميع الأفراد، وتحولت وظيفة الوساطة المالية التي كانت تمارَس ضمن هيكل العلاقات الاجتماعية مع ولادة عصر التخصص وتقسيم العمل إلى مؤسسة متخصصة تسمى “البنك”، فقام نموذج البنك التقليدي على تقديم الوساطة المالية بطريق الاقتراض من فئة الفائض والإقراض لفئة العجز مع زيادة مشروطة في هذا القرض لتغطية تكاليف المؤسسة وتحقيق ربح لأصحابها؛ فأصبح البنك التقليدي مؤسسة تقترض ثم تُقرض، والمصدر الأساسي للدخل فيها هو الفرق بين الفائدة الموجبة والسالبة([35]).

وظهر المصرف الإسلامي كمؤسسة وساطة مالية أيضًا، ولكنها تختلف عن التقليدي في أنها لا تعمل بالفائدة؛ ذلك أن المسلمين قد توصَّلوا منذ نحو قرن من الزمان -وهو عمر المصارف في بلاد المسلمين- إلى أن الفائدة المصرفية هي عين الربا المحرَّم؛ لأن الزيادة على القرض -وهي أساس عمل البنوك التقليدية- هي من الربا؛ ولذلك لم تنتشر البنوك عندهم إلا في عصر الاستعمار رغم قِدَمها عند الأوروبيِّين؛ ولذلك اجتهد المسلمون بعد حصول بلدانهم على الاستقلال في الخمسينات الميلادية وما بعدها إلى تأسيس نظام مصرفي يكون منسجمًا مع أحكام الشريعة، وقد أدركوا أن الوساطة المالية وظيفة أساسية في حياة المجتمعات، وأن المسلمين منذ القدم قد تبنوا ترتيبات معينة تنهض بالحاجة إلى الوساطة المالية؛ إذ إن عملية انتقال الأموال من فئة الفائض إلى فئة العجز كانت تتم في القديم بناء على صيغة المضاربة الذي كانت في مجتمعات الإسلام القديمة عقدًا عظيم الانتشار([36]).

 

 

 

المبحث الثاني: أهم المقاصد الشرعية لأحكام المعاملات المالية في الإسلام.

تمهيد:

لقد اهتم الفقهاء بمقاصد الشريعة اهتمامًا بالغًا، لدرجة أن بعضًا منهم -الطاهر بن عاشور- دعا إلى استقلال المقاصد وجعلها علمًا مستقلًّا بذاته منفصلًا عن علم أصول الفقه، ولما كان الحكم على الشيء فرعًا عن تصوره، كان متعينًا بيان ماهية المقاصد وأقسامها ومدى ارتباطها بعلم أصول الفقه وإمكانية الاستدلال بها على الأحكام الشرعية.

التعريف بمقاصد الشريعة وأقسامها

أولًا: التعريف بمقاصد الشريعة لغة:

لفظ مقاصد الشريعة مركب على المعنى الإضافي؛ لأن جزأه لا يدل على جزء معناه، ومعرفة المركب الإضافي متوقفة على معرفة مفرداته، وعلى ذلك فسأبدأ بتعريف المقاصد لغة واصطلاحًا، ثم تعريف الشريعة لغة واصطلاحًا، ثم بعد ذلك أبين معنى مقاصد الشريعة؛ لأن تعريف مقاصد الشريعة مستفاد من هذين اللفظين.

التعريف بالمقاصد:

المقاصد جمع مقصد، وهو مأخوذ من الفعل قصد، والقصد يأتي في اللغة بمعان:

أولها: استقامة الطريق، ومنه قَوله تعالى: ﴿ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﴾ [النحل: 9]؛ أَي على الله تَبْيِينُ الطَّريق المُسْتَقِيمِ([37])، والقَصْد فِي المعيشةِ ألا يسرِفَ ولا يقتِّرَ.

ثانيها: العدل والتوسط وعدم الإسراف.

ثالثها: الاعتمادُ والأَمُّ، وإتيان الشيء والتوجه([38]).

وبعد عرض المعاني اللغوية يظهر أن المعنى الثالث هو الذي يتناسب مع المعنى الاصطلاحي؛ إذ فيه الأم والاعتماد وإتيان الشيء، وكلها تدور حول إرادة الشيء والعزم عليه([39]).

التعريف بالشريعة:

الشريعة في اللغة: مأخوذة من الفعل شرع، وهو الوضوح والظهور، والشِّرْعَةُ بالكَسْرِ: الدِّينُ، والشَّرْعُ والشَّرِيعَةُ مِثْلُهُ مَأْخُوذٌ من الشَّرِيعَةِ، وهي مَوْرِدُ النَّاسِ للاسْتِقَاءِ؛ سُمِّيَتْ بذلك لوُضوحِها وظُهورِها. وجَمْعُهَا شَرائِعُ، وشَرَعَ اللهُ لنا كذا يَشْرَعُه: أظْهَرَه وأوضَحَه([40]).

وفي الاصطلاح: عُرِّفت بتعريفات متعددة منها:

1- عرفها الخطيب الشربيني بقوله: «ما شرع الله تعالى من الأحكام»([41]).

2- عرفها القرطبي بقوله: «ما شرع الله لعباده من الدين»([42]).

3- عرفها الجرجاني بقوله: «الائتمار بالتزام العبودية، وقيل: الشريعة: هي الطريق في الدين»([43]).

ثانيًا: المقصود بمقاصد الشريعة اصطلاحًا:

عُرفت مقاصد الشريعة بتعريفات متعددة من أهمها:

  • المعاني والحِكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة([44]).
  • المصالح العاجلة والآجلة للعباد التي أرادها الله U من دخولهم في الإسلام وأخذهم بشريعته([45]).
  • الغاية من الشريعة والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها([46]).
  • المعاني والأهداف الملحوظة في جميع أحكامه أو معظمها، أو هي الغاية من الشريعة والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها([47]).
  • ثالثًا: أقسام المقاصد:

تتنوع المقاصد باعتبارات وحيثيات مختلفة، ومنها ما يلي:

1- من حيث محل صدورها تنقسم إلى قسمين:

  • أ‌- مقاصد الشارع: وهي المقاصد التي قصدها الشارع بوضعه الشريعة، وتتمثل إجمالًا في جلب المصالح ودرء المفاسد في الدارين.
  • ب‌- مقاصد المكلف: وهي المقاصد التي يقصدها المكلف في سائر تصرفاته: اعتقادًا، وقولًا، وعملًا، والتي تفرق بين صحة الفعل وفساده، وبين ما هو تعبد وما هو معاملة، وبين ما هو ديانة وما هو قضاء، وبين ما هو موافق للمقاصد وما هو مخالف لها([48]).

2- من حيث مدى الحاجة إليها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

  • أ‌- مقاصد ضرورية: وهي المصالح التي تتضمن حفظ مقصود من المقاصد الخمسة، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسب([49]).
  • ب‌- مقاصد حاجيَّة: وهي ما كان مفتقرًا إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلف الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة([50]).

وذلك مثل: التَرخُّص، وتناول الطيبات، والتوسع في المعاملات المشروعة على نحو السَّلَم والمساقاة وغيرها([51]).

  • ت‌- مقاصد تحسينية: وهي الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب المدنِّسات التي تأنفها العقول الراجحات، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق، ومثالها: الطهارة وستر العورة وآداب الأكل وسننه وغير ذلك([52]).

3- من حيث العموم والشمول تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

  • أ‌- مقاصد عامة: وهي القضايا الكلية والأهداف العامة التي راعتها الشريعة في جميع تشريعاتها من عبادات ومعاملات وعادات وجنايات، ومن هذه المقاصد العامة جلب المصالح ودرء المفاسد، التيسير ورفع الحرج.
  • ب‌- مقاصد خاصة: وهي الأهداف والغايات والمعاني الخاصة بباب معين من أبواب الشريعة أو أبواب متجانسة منها أو مجال معين من مجالاتها، وذلك كمقاصد العبادات جميعًا، ومقاصد المعاملات، ومقاصد الجنايات أو مقاصد باب من أبواب الشريعة كالمقاصد المتعلقة بباب الطهارة كله، أو باب البيوع.
  • ت‌- مقاصد جزئية: وهي المتعلقة بمسألة معينة دون غيرها؛ كمقصد مسألة خاصة في الوضوء أو الصلاة أو غيرها من الفروع([53]).

4– من حيث اعتبار حظ المكلف وعدمه تنقسم إلى قسمين:

  • أ‌- مقاصد أصلية: وهي الأهداف والغايات الأساسية التي تسعى الشريعة الإسلامية إلى تحقيقها، وليس فيها حظ ظاهر للمكلف ومثالها: أمور التعبد والامتثال غالبًا.
  • ب‌- مقاصد تابعة: وهي الأهداف التي تأتي ضمنًا للمقاصد الأصلية بحيث تأتي متممة ومكملة للهدف أو المقصد الأسمى، وفيها حظ للمكلف، ومثالها: الزواج والبيع.

ومن الأمثلة التي تجمع القسمين: الصوم؛ فإن المقصد الأصلي في مشروعيته طاعة الله I بامتثال أمره واجتناب نهيه اللذين هما طريق الجنة التي هي مستقر رحمته ودار كرامته، ومقاصد تابعة منها تهذيب النفس وتعويدها على الصبر ومعايشة حال إخوانه الفقراء([54]).

فعلم مما تقدم أن مقاصد الشرع في المعاملات المالية من المقاصد الخاصة، وهي الغايات والمعاني الخاصة بباب معين من أبواب الشريعة أو مجال معين من مجالاتها، ويمكن إجمال أهم المقاصد الشرعية في المعاملات المالية من خلال المطالب الثلاثة الآتية:

المطلب الأول: عمارة الأرض.

إن الاقتصاد الإسلامي إنما يشكل وجهًا من أوجـه النشـاط الإنساني الذي به يتحقق مقصد الإعمار في الأرض بمقتضى قوله تعـالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]، ذلك أن مفهوم عمارة الأرض لا يمكن أن نحصره في جانـب مـن جوانب الأنشطة الإنسانية، وإنما هو مفهوم يشمل كافة تلك الأنشطة في الحياة ابتداء من الـدعوة للدين، ومحاربة الاستضعاف، ونشر العدل، وإشاعة الأمن والسـلام، وانتهـاء بعمـارة الأرض بمعناه المادي ممثلًا في النشاط الاقتصادي، زراعة وصناعة وتجارة ونحوها.

وقوله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} يدل بشكل مباشر على أن الإسلام يدعو للاستثمار ويحث عليه، ذلك أن الله تعالى خلق الإنسان من الأرض ومكَّنه من عمارتها واستثمار ما فيها والانتفاع بخيراتها، ويكون ذلك بعمارة ما يحتاجون إليه فيها من بناء مساكن وغرس أشجار وزراعة وتجارة وغير ذلك من وسائل الاستثمار المشروعة.

قال الجصاص: قوله: {واستعمركم فيها} يعني: أمركم من عمارتها بما تحتاجون إليه. وفيه الدلالة على وجوب عمارة الأرض للزراعة، والغراس، والأبنية([55]).

وقال تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: 20].

فهذه الآية الكريمة تشير إلى ضرورة الاستثمار بما يوافق مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها، ويحقق المقصد العام من عمارة الأرض ومهمة الاستخلاف فيها.

كما اهتمت السنة النبوية أيضًا بالاستثمار ورغَّبت فيه وحثت على الكسب المشروع من ممارسة التجارة والعمل باليد وغرس الأشجار ونحوها.

ومن الأحاديث التي وردت في السنة الشريفة في هذا الصدد: ما روي عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له»([56]).

وما روي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة»([57]).

فالحديث يدل دلالة واضحة على أن المسلم الذي يقوم بغرس الشجر أو بزرع الأرض، ويأكل من هذا الزرع أو الغرس طير أو إنسان أو حيوان يكون له على ذلك أجر، ويستثمر هذا الأجر ما دام الغرس أو الزرع مأكولًا منه، ولو مات زارعه أو غارسه. كما أن فيه حثًّا على استثمار خيرات الأرض وتنميتها بالطرق المشروعة([58]).

وعمارة الأرض تقتضي المال وإلا تعطلت قوى الإنسان، لأنه غير فارغ البال، قال العـز بن عبد السلام: «الإنسان مكلف بعبادة الديان بإكساب في القلوب والحواس والأركـان مادامـت حياته، ولم تتم حياته إلا بدفع ضروراته وحاجاته من المآكل والمشـارب والملابـس والمنـاكح وغير ذلك من المنافع، ولم يتأت ذلك إلا بإباحة التصرفات الدافعة للضرورات والحاجات»([59]).

وقال الشيخ محمود شلتوت: «ليس من ريبٍ أن كل ما تتوقَّف عليه الحياة في أصلها وكمالها وسعادتها وعزِّها من علمٍ وصحة وقوة واتِّساع عمران وسلطان- لا سبيل إليه إلا بالمال، ومن هنا أمر بتحصيل الأموال من طرق فيها الخير للناس، فيها النشاط والعمل، فيها عمارة الكون»([60]).

ومعلوم أن عمارة الأرض- بما هي إقامة مصالح الناس في الأرض ونفي المفاسد عنهم- هو المقصود من استخلاف الإنسان في الأرض وفق مقتضى الجعل الإلهي في قوله سـبحانه: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].

فلا يمكن القيام بوظيفة الاستخلاف في الأرض وعمارتها دون استثمار فعال يسهم في التنمية ويحقق مصلحة الأمة، ولا يكون ذلك إلا باستثمار المال وعدم تعطيله، ولا يتحقق ذلك إلا بالمعاملات المالية بكافة أنواعها من البيع والشراء والإجارة والمزارعة والمساقاة والمشاركة وغيرها.

 

 

المطلب الثاني: منع النزاع.

من المقاصد التي توخَّتها الشريعة في المعاملات المالية مقصد منع النزاع والخصومة؛ إذ في حفظ الأموال من مواطن المنازعات والخصومات تحقيق لشيوع السلم والأمن واستقرار المعاملات فتنمو الحياة الاقتصادية ويزدهر التعامل، ومن هنا نجد أن الإسلام نظَّم المعاملات المالية وفق ضوابط وشروط من شأنها منع المنازعات، منها:

1-التوثيق في العقود والمعاملات المالية، فقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282]، فالآية قد دلَّت على مشروعية الكتابة في المعاملات المالية، وذلك بقطع النظر عن خلاف الفقهاء في تفصيلها.

2-الإشهاد، وذلك كما ورد في قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]، فالأمر هنا يرشدنا إلى خير السبل في المحافظة على الأموال وقمع المنازعات حولها.

3-الوفاء بالعقود: فقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرَّم حلالًا، أو أحلَّ حرامًا»([61]).

4-نهي الشارع عن المعاملات التي يرجع سبب النهي عنها إلى الإخلال بمبدأ استقرار التعامل وفتح باب النزاع، وهو ما يؤدي إلى إضعاف المجتمع، من هذه المعاملات: بيع الغرر، وبيع الشيء قبل قبضه، وبيع ما لا يملكه الإنسان، والبيع على البيع وغيرها.

وبالنظر إلى عقد السَّلَم مثلًا نجد أن الشروط التي وُضِعت في المسلَم فيه خاصة وفي غيرها عامة يتبين من خلالها حرص الفقهاء على تحقيق المصالح للعاقدين ومنع النزاع وقطع دابر الخصومة بينهما، ونود أن نشير إلى بعض اتفاقات الفقهاء على شرطٍ ما، ونتيجة اتفاقهم على أنه محقق للمصالح وقاطع للنزاع، ويظهر هذا النوع من الاتفاق في جزئيات عديدة، نذكر منها:

-اتفاقهم على ندب توثيق الدين المسلَم فيه بالكتابة أو الشهادة لمنع المسلَم إليه من الإنكار وتذكيره عند النسيان، وللحيلولة دون ادعائه أقل من الدين المسلم فيه قدرًا أو صفة، وذلك لأن فيه حماية الحقوق وقطع دابر المنازعات والخصومات بين الناس.

-اتفق الفقهاء على أنه يشترط لصحة السلم أن يكون المسلَم فيه معلومًا مبينًا بما يرفع الجهالة ويمنع النزاع بين المتعاقدين عند تسليمه؛ لأنه بدل في عقد معاوضة مالية فيشترط فيه أن يكون معلومًا كما هو الشأن في سائر عقود المبادلات المالية؛ لأنه إذا لم يمكن ضبط قدره وصفته بالوصف يبقى مجهول القدر أو الوصف جهالة فاحشة مُفْضِية إلى المنازعة التي تفسد العقد. -وبيان القدر يتحقق بكل وسيلة ترفع الجهالة عن المقدار الواجب تسليمه، وتضبط الكمية الثابتة في الذمة دينًا بصورة لا تدع مجالًا للمنازعة عند الوفاء.

ومعلومية المقدار في عصرنا الحاضر يمكن أن تكون بأي وحدة من الوحدات القياسية العرفية المحدودة الشائعة كالتحديد بالمتر أو القدم في الطول، أو بالجرام أو الباوند في الوزن، أو باللتر أو الجالون في الحجم، ونحوه.

-نص الفقهاء على وجوب كون أداة التقدير العرفية معلومة العيار، وإلا فسد السَّلَم لجهالة قدر المسلم فيه، وإفضاء ذلك للمنازعة والخصومة([62]).

 

 

 

المطلب الثالث: تلبية حاجات الناس.

لقد شرع الإسلام كثيرًا من أنواع العقود والتصرفات التي تقتضيها حاجات الناس، كأنواع البيوع والإجارات والشركات والمضاربات، ورخَّص في عقود لا تنطبق على القياس، وعلى القواعد العامة في العقود، كالسَّلم وبيع الوفاء والاستصناع، والمزارعة، والمساقاة، وغير ذلك مما جرى عليه عرف الناس ودعت إليه حاجتهم.

ذلك أن تشريعات الإسلام تتَّسم بالواقعية؛ فهي تلبي متطلبات واقع الحياة الصحيحة، ذكر الإمام الشاطبي في «الموافقات»: أن الأصل في العبادات التعبد وامتثال المكلف للأمر، دون بحث عن العلة أو المصلحة، وأن الأصل في المعاملات الالتفات إلى العلل والمصالح والمقاصد([63])، لذلك نرى أن الشارع لم يمنع من المعاملات إلا ما اشتمل على ظلم كتحريم الربا والغش والاحتكار إلخ.

وما خُشي فيه أن يؤدي إلى نزاع وخصومة بين الناس كبيوع الغرر فالمنع في هذا المجال ليس تعبديًّا بل معلل بعلة، ومن المعلوم أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، وعلى هذا أجازوا عقد الاستصناع والمقاولات والشركات الاعتبارية واعتبار العقود منعقدة بالهاتف أو الفاكس مع تباعد البلدان؛ مراعاةً لما يقتضيه واقع الحياة وتلبية حاجات الناس، وعلى ذلك فقد أجازوا كل معاملة لم يرد نص صريح بتحريمها ما دامت تحقق مصالح الناس وتواكب مقتضى واقع الحياة.

وهناك تطبيقات فقهية متعددة تبين مقصد الشريعة في تلبية حاجات الناس عن طريق تشريع المعاملات المالية، نذكر منها:

1-عقد السَّلَم، وهو «بيع شيء غير موجود بالذات بثمن مقبوض في الحال على أنه يوجد الشيء ويسلم للمشتري في أجل معلوم، ويسمى المشتري المسلم أو رب السلم، والبائع المسلم إليه، والمبيع المسلم فيه، والثمن رأس المال».

فبيع السلم هو بيع المعدوم، وقد رُخِّص فيه استثناءً من مبدأ جواز بيع المعدوم للحاجة إليه وجريان التعامل فيه([64]).

ويعتبر هذا العقد من المعاملات التي كان الناس في الجاهلية يتعاملون به قبل مجيء الإسلام، فلما جاء الإسلام أقرَّهم عليه مع تهذيب له، واهتمَّ به الفقهاء الأقدمون رحمهم الله فبيَّنُوا شروطه وأحكامه، وفي العصر الحاضر لم يقل اهتمام المفتين والاقتصاديين بهذا العقد، بل أولوه عناية واهتمامًا فائقين باعتباره أهم الصيغ الشرعية للتمويل والاستثمار، وبمقتضاه يتمكن أصحاب المشروعات الزراعية أو الصناعية من تمويل مشروعاتهم عن طريق بيع مثل ما ستنتجه مشروعاتهم مقدمًا، بدلًا من اللجوء إلى القروض.

وتظهر حكمة مشروعية عقد السلم من حاجة الناس إليه وضرورته لهم، خاصة المحاويج أو المفاليس منهم، فالبائع بحاجة إلى رأس مال ونفقات يستخدمها لإنتاج سلعته، وللنفقة على نفسه وأهله إلى أن يحين موعد الإنتاج، ويكون قد سوَّق سلعته مسبقًا -فلا يتعرض لأعباء تسويقها- والمشتري بحاجة إلى سعر أرخص من سعر البيع الحال للسلعة التي يريد شراءها فالسَّلَم يلبي الحاجتين، ويحقق المصلحتين العامة والخاصة([65]).

قال ابن الهمام: «إذ هو بيع معدوم وجب المصير إليه بالنص والإجماع للحاجة من كل من البائع والمشتري، فإن المشتري يحتاج إلى الاسترباح لنفقة عياله وهو بالسلم أسهل؛ إذ لا بد من كون المبيع نازلًا عن القيمة فيربحه المشتري، والبائع قد يكون له حاجة في الحال إلى السلم وقدرة في المآل على المبيع بسهولة؛ فتندفع به حاجته الحالية إلى قدرته المالية، فلهذه المصالح شُرِع»([66]).

فمقصود عقد السلم هو التمويل من الطرفين المشتري والبائع. أما من جهة المشتري فلأن ربحه بالدرجة الأولى مقابل الأجل، وأما من جهة البائع فلأنه يحصل بالعقد على النقد أو السيولة الحاضرة.

2-عقد الاســتصناع، وهو عقد بين المستصنِع (المشتري) والصانع بناءً على طلب الأول صنع شيء معلوم محدد تحديدًا وافيًا يمنع التنازع عند التسليم، والحصول عليه عند أجل التسليم، على أن تكون مادة الصنع أو تكلفة العمل من الصانع شريطة أن يتم الاتفاق على الثمن وكيفية سداده سواء نقدًا أو تقسيطًا.

ويعتبر الاستصناع أحد أنواع السَّلم.

وتتضح أهمية عقد الاستصناع بالحاجة إليه في الحياة البشرية، حيث بيَّن سبحانه أن البشر متفاوتون فيما بينهم تسخيرًا منه سبحانه لبعضهم البعض، فقال عزَّ وجلَّ: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32].

ومن صور تسخير البشر لبعضهم البعض: عقد الاستصناع؛ فإن المستصنع محتاج لمن يصنع له حاجته بالشكل الذي يريد، والصانع محتاج إلى المال الذي يأخذه مقابل صنعته ليستعين به على قضاء حاجاته([67]).

وللاستصناع دور مهم في تلبية حاجات ذات أهمية قصوى للأفراد وللمجتمع يتعذر كفايتها بغير طريق الاستصناع.

ففي نطاق الحاجات الشخصية: قد يحتاج الإنسان إلى ملبس أو حذاء يناسبه وحده ولا يناسب غيره نظرًا لاختلاف مقاس جسمه أو قدمه عن سائر الناس؛ فلا يتمكن من الحصول على مطلوبه بعقد شراء إلا بصعوبة، لا سيما في المجتمعات الصغيرة التي لا تتوافر فيها السلع بكميات كافية ومقاسات متنوعة، كما قد يحتاج الإنسان إلى قطعة من الأثاث أو منزل بمميزات وسمات خاصة يريدها ويبتغيها تناسب ظروفه أو تناسب ذوقه الخاص؛ فلا يجد ما يلبي حاجته بعقد شراء أو إجارة، لكن يجد أن الأهون عليه أن يستصنعه بعقد استصناع.

وفي نطاق المصنوعات الضخمة كالبواخر والطائرات والقطارات، ونطاق المصنوعات ذات التكلفة الباهظة كالأقمار الصناعية وشبكات الهاتف وأجهزتها الفنية وغيرها قد لا يكون من الأجدى اقتصاديًّا على الشركات أن تصنع شيئًا منها ثم تعرضه للبيع وتنتظر المشتري؛ لأن المصنوع قد يكسد فيتجمد رأس المال، وربما احتاج إلى تكلفة باهظة للتخزين والتأمين والصيانة، فكان الأجدى هو الاستصناع؛ فبالاستصناع يكون الشيء قد بِيع مقدمًا فلا يكون الصانع عرضة لآثار تقلبات الأسعار التي قد تؤدي إلى إفلاس بعض المصانع أو إغلاقها، بل إنه يُقدم على إنتاج مصنوعاته وهو مطمئن إلى أنه لن يخسر، بل سوف يحقق ربحًا معلومًا.

وفي نطاق الإنشاءات كبناء المباني الحكومية وتجهيز الطرق المعبَّدة والجسور والسكك الحديدية والمطارات والمستشفيات ونحوها لا يوجد أفضل وأنسب من عقد الاستصناع، حيث تكون هذه الإنشاءات بمواصفات خاصة تناسب الأغراض التي أُنشئت من أجلها.

ويدل على جواز الاستصناع حديث البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه فإن لي غلامًا نجارًا قال: إن شئت فعملت له منبرًا([68]).

-بيع التقسيط: فقد ذهب الجمهور إلى جواز بيع التقسيط بأكثر من سعر النقد؛ إذ ليس في القرآن الكريم ولا السنة المطهرة ما يمنع جواز مثل هذا البيع، كما أن تعريف الربا لا ينطبق على هذه الزيادة في الثمن؛ لأنه ليس قرضًا ولا بيعًا للأموال الربوية بمثلها وإنما هو بيع محض، وللبائع أن يبيع بضاعته بما شاء من ثمن، ولا يجب عليه أن يبيعها بسعر السوق دائمًا، وللتجار أنظار مختلفة في تعيين الأثمان وتقديرها، فربما تختلف أثمان البضاعة الواحدة باختلاف الأحوال، ولا يمنع الشرع من أن يبيع المرء سلعته بثمن في حالة، وبثمن آخر في حالة أخرى، ومن ثم فإن من يبيع البضاعة بثمانية نقدًا وبعشرة نسيئة يجوز له بالإجماع أن يبيعها بعشرة نقدًا ما لم يكن فيه غش أو خداع فلم لا يجوز له أن يبيعها بالعشرة نسيئة.

فهذا النوع من البيوع الواسعة الانتشار في هذا الزمان وإن كانت قليلة أو ربما منعدمة في العهد الماضي إلا أن حاجة الناس وتعاملهم به وتغير الزمان والأعراف والعادات جعلت الفقهاء يناقشون هذا البيع ويجيزون التعامل به لحاجة الناس إليه([69]).

المبحث الثالث: مبادئ أحكام المعاملات المالية.

تمهيد:

تُعد قضايا المعاملات المالية في الفقه الإسلامي أساس بناء الاقتصاد الإسلامي وتطوره واستقراره، يصلح بصلاحها ويفسد بفسادها، ومن أجل ضمان سلامة المبادلات الاقتصادية ودوران المال بشكل سليم بيَّنت الشريعة الإسلامية الغراء أحكام المعاملات المالية بنصوص شرعية صريحة حتى تحمي الاقتصاد من كل كسب خبيث أو أي عمل يلحق ضررًا بالمجتمع.

فقد أقامت الشريعة الإسلامية المعاملات المالية على أساس العدل والصدق، وتبادل المنافع دون غبن أو غش أو خداع؛ ليحصل التعاون بين الناس ويستفيد بعضهم من بعض، كما قال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32]، وقد تكون هذه التعاملات المختلفة وسيلة للترابط والتعاون والتكامل بين البشر، حيث وزَّع االله تعالى نعمه ورزقه بينهم، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، حتى يحتاج بعضهم إلى بعض فيحصل الترابط والتعاون والتكامل، لكن الناس في تصرفاتهم المالية قد يشوبونها بالغش والخداع، وقد يتخذون المال وسيلة لأكل الحرام، أو البحث عن الربح السريع، أو كسب المال بغير وجه مشروع، أو الاستيلاء على أموال الآخرين من غير طيبٍ من أنفسهم، أو اتخاذ معاملات غير مشروعة نهى عنها الدين في إقامة المشروعات وكسب المال، وكل ذلك وما يشابهه يسبب أزمات ومشاكل على مستوى التعامل المالي.

فالشريعة الإسلامية ما نهت عن الكسب غير المشروع بمختلف مظاهره ووسائله إلا لأن فيه مضرة ومفسدة تعود على الناس في أموالهم، ثم هذه المضرة تُحدث أزمات في معاشهم وحياتهم، ثم تحدث بينهم العداوة والبغضاء والقطيعة، فكانت هذه الآليات الشرعية -التي ستعرض لها في هذا المبحث- لقطع ذرائع الفساد التي تصيب إحدى الكليات الشرعية التي قامت عليها حياة الناس، والتي يتوقف عليها استقرارهم وانتفاعهم، وهي كلية المال.

والشريعة الإسلامية تحرص على أن تكون معاملات الناس قائمة على أحكام الشرع، الذي هو الضمان الوحيد لتحقيق عبوديتهم لله تعالى في كل مظاهر حياتهم. والالتزام بأحكام الشرع هو الضمان لتحقيق مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم وفق ما يراه الشرع مصلحة أو ما يراه مفسدة، فلو ترك الناس دون ضبط معاملاتهم ضبطًا شرعيًّا لوقعت الكثير من المفاسد، وضاعت الحقوق، وارتكب الحرام، ووقع الغبن عليهم.

إن تشريع أنواع المعاملات المالية المختلفة يأتي من باب التوسعة على الناس، وتيسير تعاملاتهم وتسهيل تحقيق تبادل المنافع؛ لتكون وفق طرق عادلة ونزيهة بعيدة عن الغش والخداع. والشريعة لا تنهى فقط عن المفاسد والمضرات، بل تقطع كل وسيلة مؤدية إليها؛ فخفاء الطعام من السوق مع حاجة الناس إليه، أو التطفيف في الكيل والميزان والغش والربا أو اتخاذ وسائل غير مشروعة من أجل الربح وكسب المال معاملات فاسدة، فيها مضرة ومفسدة، كاضطراب السوق، وحرمان الناس من حقوقهم، وارتفاع الأسعار، وكثرة الطلب وقلة العرض، كقلة الطعام وندرة المنتجات الضرورية في السوق، والإضرار بالمستهلكين، وانتشار الغش، لذلك حرمت الشريعة الاحتكار والربا والغش، ونهت عن كثرة الوساطة غير المشروعة بين المنتجين والمستهلكين. ومقصد الشريعة الإسلامية من ذلك كله هو تنظيم السوق، وحماية المستهلك، وتطهير المال والربح من كل أنواع الكسب الخبيث وغير المشروع([70]).

وفيما يلي نعرض أهم مبادئ أحكام المعاملات المالية في الإسلام من خلال المطالب الآتية:

المطلب الأول: العدل.

العدل مقصد عام في الشريعة الإسلامية؛ فعليه قامت جميع أحكامها وتشريعاتها، وحيثما ظهرت أمارات العدل، وأسفر وجهه بأي طريق فَثَمَّ شرع الله ودينه.

يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه (إعلام الموقعين): «إن الله أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذي قامت به السموات والأرض، فإذا ظهرت أمارات الحق، وقامت أدلة العقل، وأسفر صبحه بأي طريق كان؛ فثم شرع الله ودينه ورضاه وأمره، والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلته وأماراته في نوع واحد وأبطل غيره من الطرق التي هي أقوى منه وأدل وأظهر، بل بين بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة الحق والعدل وقيام الناس بالقسط، فأي طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها»([71]).

وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالعدل والقسط فقال تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} [الأعراف: 29]، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [النساء: 58].

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] فإن الألف واللام في العدل والإحسان للعموم والاستغراق، فلا يبقى من دِقِّ العدل وجِلِّه شيء إلا اندرج في هذه الآية، والإحسان: إما جلب مصلحة أو دفع مفسدة([72]).

والعدل أهم عنصر ترتكز عليه المعاملات المالية في التشريع الإسلامي، ويعبر هذا الخُلُق عن القاعدة المقاصدية العامة المطردة التي تمثل العمود الفقري في بناء الاقتصاد الإسلامي، فالموازنة التي أجراها علماء المقاصد بين المصالح والمفاسد تئول في الغالب إلى تحقيق العدل، الذي يتصدر المرتبة الأولى في قائمة الأخلاق.

يقول الشيخ ابن تيمية: «وأما الأموال فيجب الحكم بين الناس فيها بالعدل كما أمر الله ورسوله مثل قسم المواريث بين الورثة على ما جاء به الكتاب والسنة. وقد تنازع المسلمون في مسائل من ذلك. وكذلك في المعاملات من المبايعات والإجارات والوكالات والمشاركات والهبات والوقوف والوصايا ونحو ذلك من المعاملات المتعلقة بالعقود والقبوض؛ فإن العدل فيها هو قوام العالمين لا تصلح الدنيا والآخرة إلا به. فمن العدل فيها ما هو ظاهر يعرفه كل أحد بعقله كوجوب تسليم الثمن على المشتري وتسليم المبيع على البائع للمشتري وتحريم تطفيف المكيال والميزان ووجوب الصدق والبيان وتحريم الكذب والخيانة والغش وأن جزاء القرض الوفاء والحمد. ومنه ما هو خفي جاءت به الشرائع أو شريعتنا – أهل الإسلام – فإن عامة ما نهى عنه الكتاب والسنة من المعاملات يعود إلى تحقيق العدل والنهي عن الظلم: دقه وجله؛ مثل أكل المال بالباطل. وجنسه من الربا والميسر. وأنواع الربا والميسر التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم مثل بيع الغرر وبيع حبل الحبلة وبيع الطير في الهواء والسمك في الماء والبيع إلى أجل غير مسمى وبيع المصراة وبيع المدلس والملامسة والمنابذة والمزابنة والمحاقلة والنجش وبيع الثمر قبل بدو صلاحه وما نهى عنه من أنواع المشاركات الفاسدة. كالمخابرة بزرع بقعة بعينها من الأرض. ومن ذلك ما قد تنازع فيه المسلمون لخفائه واشتباهه»([73]).

والمعنى العام المتحصل من مقصد العدل المنافي للظلم هو ألا يعتري المعاملة المالية أي نوع من أنواع الظلم؛ فالظلم يُمنع سواء كان على أحد الطرفين أو سواهما، بل يجب أن تتم المعاملة المالية وفق قانون العدل وعدم الظلم، وطبقًا لما رعته الشريعة في أحكامها كافة.

ويعود الاتجاه العام الذي رعاه الشارع الحكيم لتحقيق مقصد العدل إلى جهتين:

الأولى: مصادر كسب الأموال.

والثانية: الاستخدامات وأوجه الإنفاق.

فإن الشارع الحكيم قد وضع تشريعات تضبط حركة المال وفق قوانين تحقيق المصالح وتنفي المفاسد، وهذا من جهة تحصيل المال ومن جهة إنفاقه؛ فحرَّم مثلًا كسب المال بطرق الربا أو الغش أو الغرر أو الكذب ونحوها، كما حرَّم في جهة الإنفاق الإسراف والتوصل بالمال إلى تحصيل المآثم وجلب المحرمات. بل إن الشريعة بمقتضى العدل أوجبت على المكلف صاحب المال أن يؤدي الحقوق الواجبة عليه فيه كالزكاة والنفقات الواجبة عليه تجاه الآخرين كنفقة من يعول ورد الأمانات إلى أربابها ونحوها، واعتبرت ذلك من أفراد العدل المأمور به شرعًا.

ومن التطبيقات الفقهية في المعاملات المالية الجارية تبعًا لمقصد إقامة العدل ما يلي:

1-وضع الجوائح:

وقد ورد في ذلك حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح([74]). وقد ورد فيه تعليل الحكم بقوله: «لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟»([75]).

فظهر من ذلك أن علة وضع الجوائح إقامة العدل ونفي الظلم.

2-المزارعة والمساقاة على جزء معين من الأرض

وذلك أن عقود المزارعة والمساقاة هي من قبيل المشاركات التي تقتضي العدل من الجانبين بحيث يشتركان في المغنم والمغرم، فإذا اشترط أحدهما زرعًا معينًا احتمل أن ينتج هذا ولا ينتج هذا، والعكس؛ فيحصل لأحدهما ربح دون الآخر، وهذا ظلم منافٍ للعدل.

3-اشتراط مال معين في المضاربة

ومن صور الظلم التي تنافي العدل أن يشترط المضارب مالًا معينًا ربحًا من المضاربة؛ ذلك أن مبنى المشاركات على العدل بين الشريكين، فإذا خص أحدهما بربح دون الآخر لم يكن هذا عدلًا، بخلاف ما إذا كان لكل منهما جزء مشاع فإنهما يشتركان في المغنم والمغرم، فإن حصل ربح اشتركا في المغنم، وإن لم يحصل ربح اشتركا في الحرمان([76]).

4-رد البيع إذا اشتمل على الربا

إذا وقع البيع، واشتمل على الربا فقد ذهب المالكية إلى أنه يجب رد البيع (أعني: أن يرد البائع الثمن، والمشتري المثمون) إلا إن فات فيجب فيه القيمة دون الثمن المسمى لفساده.

قال ابن رشد في بداية المجتهد: مالك يرى أن النهي في هذه الأمور إنما هو لمكان عدم العدل فيها -أعني بيوع الربا والغرر- فإذا فاتت السلعة فالعدل فيها هو الرجوع بالقيمة؛ لأنه قد تقبض السلعة وهي تساوي ألفًا، وترد وهي تساوي خمسمائة، أو بالعكس ولذلك يرى مالك حوالة الأسواق فوتًا في المبيع الفاسد([77]).

 

المطلب الثاني: منع الإضرار بالمال.

رفع الضرر من قواعد الشريعة ومقاصدها العظمى؛ فالضرر والإضرار ممنوع في الشريعة، ودليل هذه القاعدة وركنها هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، وقعَّد عليه العلماء قاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، فلا ضرر ابتداءً، ولا ضرار جزاءً ومقابلةً.

وهناك أدلة كثيرة يُستنبط منها التقعيد لهذه القاعدة، فمنها: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره»([78]).

ومنها قول الله تعالى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة:282].

وأيضاً قوله تعالى: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة:233].

وأيضاً قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة:231].

فيحرم الاعتداء على أموال الناس، وأخذها بغير حق، ولهذه القاعدة تطبيقات كثيرة في المعاملات المالية نذكر منها:

1-يجب على الغاصب رد المغصوب بحاله، وإن أتلفه رد بدلًا منه، كما يلزم الغاصب رد المغصوب بزيادته، سواء كانت منفصلة أو متصلة، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مَظْلَمَةٌ لأخيه من عِرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالحٌ أُخذَ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسناتٌ أخذ من سيئات صاحبه، فحُمل عليه»([79]).

2-من اعتدى على مال غيره فأتلفه، وكان هذا المال محترمًا فإنه يجب عليه الضمان، وكذلك من تسبب في إتلاف مال غيره، بحل قيد، أو بفتح باب أو نحو ذلك، فمن فتح قفصًا، أو بابًا أو حَلَّ وكاءً أو رباطًا فذهب ما فيه أو تلف ضمنه، سواء كان مكلفًا أو غير مكلف؛ لأنه فَوَّته عليه، ومن اقتنى كلبًا عقورًا، أو أسدًا، أو ذئبًا فأطلقه، أو طيرًا جارحًا، فأتلف شيئًا ضمنه.

ومن كان له مواشٍ أو بهائم فأتلفت شيئًا من الزروع ونحوها ليلًا ضمنه صاحبها؛ لأن عليه حفظها ليلًا، وما أتلفته نهارًا لم يضمنه؛ لأن على أهل المزارع حفظها نهارًا، إلا إن فَرَّط صاحبها فيضمن ما أتلفته، فعن البراء بن عازب، قال: كانت له ناقة ضارية فدخلت حائطًا فأفسدت فيه، فكلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها: «فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل»([80]).

وقد جاء بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 78، 79]. فقد ذكر المفسرون أن داود حكم بقيمة المتلف، فاعتبر الغنم فوجدها بقدر القيمة، فدفعها إلى أصحاب الحرث، وأما سليمان فقضى بالضمان على أصحاب الغنم، وأن يضمنوا ذلك بالمثل، بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان، ولم يضيع عليهم ثماره من الإتلاف إلى حين العود، بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان، فيستوفوا من نماء غنمهم نظير ما فاتهم من نماء حرثهم، وهذا هو العلم الذي خصه الله به، وأثنى عليه([81]).

قال ابن القيم: «وما حكم به نبي الله سليمان هو الأقرب إلى العدل والقياس، وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضمان على أهلها، فصح بحكمه ضمان النفش، وصح بالنصوص السابقة، والقياس الصحيح، وجوب الضمان بالمثل، وصح بنص الكتاب الثناء على سليمان بتفهيم هذا الحكم، فصح أنه الصواب»([82]).

3-شرع الإسلام الحجر على السفيه حماية لصاحب المال نفسه، ففرض على صاحب المال رقابة تحمي المال الذي بين يديه من أن يذهب به مذاهب السفه والجنون.

فالسفيه المتلاف إذا غلب عليه سوء التصرف في أمواله على وجه لم يألفه الناس في التصرف بأموالهم وجب أن يُضرب على يده بالحجر عليه، وله من هذا المال ما يسد حاجته حسب ما يحتمل ماله ويناسب وضعه الاجتماعي، قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: 5]، فالمال في يد الفرد ليس ملكًا له وحده، وإنما هو بعض مال المجتمع، وهو قوة فعَّالة من قوى الحياة في الأمة، فإذا استخف الأفراد بالمال هذا الاستخفاف وكثر فيهم السفهاء انحلت ثروة الأمة وتداعت أقوى دعامة تعتمد عليها وهي المال.

كما أن في هذا التدبير الشرعي تربية حكيمة، وأسلوبًا عمليًّا للدولة في رعاية مالها العام وحسن تدبيره، سواء أكان في مال الأفراد أم في بيت المال العام.

وسوء التصرف قد يكون في أموال نقدية يتعامل بها، وقد يكون في آلات يستعملها أو في وسائل نقل يركبها، وغير ذلك، فيمنع السفيه من التصرف فيها حماية لماله وحماية لأموال الأمة وأرواحها من آثار سوء التصرف، وإذا مُنع السفيه من التصرف في ماله الخاص فكيف لا يُمنع من التصرف في مال الأمة وما يهدد أرواحها وأنفسها للخطر؟([83]).

4-شرعت بعض الخيارات في العقود لدفع الضرر كما في خيار الشرط وخيار الرؤية في البيوع.

فخيار الشرط هو أن يشترط أحد المتعاقدين أو كل منهما أن له الخيار -أي حق فسخ العقد أو إمضائه- خلال مدة معلومة، وقد شرع لدفع الغبن والضرر عن العاقد في البيوع، ودليله أن حِبَّان بن منقذ الأنصاري كان يُغبن في البياعات بسبب ضربة سيف أصابت رأسه فثقل بذلك نطقه وضعف إدراكه فقال له صلى الله عليه وسلم: «إذا بايعت فقل لا خِلابة»، وفي رواية: «ولي الخيار ثلاثة أيام» البخاري. والخلابة هي الخديعة.

وخيار الرؤية هو إثبات حق المشتري في إمضاء العقد أو فسخه عند رؤية المعقود عليه إذا لم يكن رآه عند العقد أو قبله.

واستدلوا له بما روي أن عثمان باع أرضًا له من طلحة لم يكونا رأياها، فقيل لعثمان غبنت فقال: لي الخيار لأني اشتريت ما لم أره» فحكَّما في ذلك جبير بن مطعم فقضى بالخيار لطلحة([84]).

وقد قال به الجمهور، ويثبت خيار الرؤية للمشتري عند رؤية المبيع لا قبلها، ولو أجاز العقد قبل الرؤية لم يلزم العقد ولا يسقط الخيار.

وقال الحنابلة والمالكية: إذا أثبتت الرؤية أن المعقود عليه مطابق للموصوف يكون العقد لازمًا للمشتري، وإذا كان مخالفًا للموصوف ثبت له الخيار، وهو القول الراجح([85]).

المطلب الثالث: منع التدليس والغش.

من المقاصد الشرعية في المعاملات المالية: منع الغش والتدليس.

والذي يظهر من عبارات الفقهاء أنهم يستعملون هذين اللفظين بمعنى واحد، وهو الاحتيال والخداع بقصد حمل المتعاقد على إبرام العقد. قال الرصَّاع المالكي: الغش والتدليس في البيع بمعنى واحد، وهو إبداء البائع ما يوهم كمالًا في مبيعه كاذبًا أو كَتْم عيبه»([86]).

والغش محرم في الشريعة الإسلامية، وقد اتفق الفقهاء على أن الغش حرام سواء أكان بالقول أم بالفعل، وسواء أكان بكتمان العيب في المعقود عليه أو الثمن أم بالكذب والخديعة، وسواء أكان في المعاملات أم في غيرها من المشورة والنصيحة.

والاحتيال بالتدليس والغش خلق ذميم، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 1-3].

وحقيقة التطفيف أن يبخس المكيال والميزان بحيلة وخدعة، ظاهرها عند الإيفاء إعطاء الناس حقوقهم كاملة غير منقوصة، وباطنها إعطاؤهم حقوقهم ناقصة مبخوسة.

وتدل هذه الآية الكريمة على أن التحايل في التعامل المالي مؤشر على فساد الأخلاق وجالب للنقمة ومهدد بالخسران. وجاء في شأن نزولها أن أهل المدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتلاعبون بالكيل والوزن، فكانوا إذا اكتالوا أو وزنوا لأنفسهم ازدادوا وأخذوا أكثر مما يستحقون، وإذا أعطوا الناس حقوقهم بالكيل أو الوزن نقصوا المكيال([87])، ولهم في الازدياد والنقصان طرق خفية متنوعة لا يلتفت إليها صاحب الحق في الحالين، ولما كان ذلك ظلمًا وخداعًا وتمويهًا وتلبيسًا، وأكلًا لأموال الناس بالباطل، توعد االله تعالى من يفعل ذلك بالعذاب الأليم على أبلغ وجه.

وقد ورد في تحريم الغش ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صُبْرَةِ طَعَامٍ فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟» قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني»([88]).

والحديث يدل على تحريم الغش والتدليس في المعاملات وتهويل أمره بأن فاعله ليس من المسلمين، أي ليس على طريقتهم وشريعتهم، وفائدته الردع والزجر عن الوقوع في ذلك، وبناءً على هذا الحديث لا يحل لمسلم أن يبيع سلعة من السلع أو دارًا أو ذهبًا أو فضةً أو شيئًا من الأشياء وهو يعلم أن فيه عيبًا سواء قلَّ أو كثر، حتى يبين ذلك للمشتري ويقفه عليه وقفًا يكون علمه به كعلمه.

وقد أثبت الفقهاء رحمهم الله الخيار للمشتري بين الإمساك والفسخ إذا ظهر في السلعة عيب من غش أو تدليس؛ رفعًا للظلم عنه وزجرًا للتجار عن استغلال المشترين والتدليس عليهم.

وضرر الغش الاقتصادي ظاهر؛ إذ يؤدي إلى انعدام الثقة في التعامل، وما يسببه ذلك من جهود ونفقات لإثبات خلو هذه المادة أو تلك من الغش، وما قد يسببه أيضًا من مشاحنات وخلافات حادة، والغش يؤدي إلى أكل الأموال بالباطل، وبعض أنواع الغش قد يؤدي إلى إتلاف الأنفس وهلاكها كما يحدث ذلك في غش المواد الغذائية لا سيما تلك التي يتناولها الأطفال.

والغش له فروع كثيرة في فقه المعاملات. منها: أن شرط البراءة من العيوب لو كان يعلمها العاقد مرفوض، لأنه يحمي سوء النية، فربما ظاهر العقد من ناحية الصناعة الفقهية يسوغ أمرًا لكن باطنه يأبى الجواز؛ لما في ذلك من الضرر في حق الطرف الآخر.

ومما يؤسف له أنه اتسعت دائرة الغرر في مجال المعاملات على مستوى الأفراد والشركات، وأصبحت تمثل ظاهرة الفساد الأخلاقي، ولا سيما فيما تشتد إليه حاجة الناس من السلع الغذائية الاستهلاكية من الطعام والشراب، الطبيعية والصناعية، فأدى ذلك إلى التدهور في الصحة، ثم امتد أثره إلى قطاع المراكز الصحية التي منيت بالجشع المادي المقيت شرعًا وخلقًا، ولا محيص للمرضى عن الرجوع إليها. وأضف إلى ذلك أن المريض المضطر إلى إجراء فحوص ربما يدخل على غرر فاحش ليس له سيطرة عليها.

وفي حاضرنا اليوم عبر المجلات والجرائد تجد من العناوين الجلية مكافحة الغش التجاري لحماية المستهلك.

ويمكن أن يندرج تحت إطار التدليس ما يعرف اليوم بالتسويق الشبكي أو الهرمي، الذي يقوم على فكرة تحفيز بسطاء من الناس على شراء سلعة أو خدمة، بغية الساعي الحصول على العمولة من وراء كل عملية، حيث يجني إذا أفلح في إغرائه الآخرين مكافأة تزداد وتتراكم بازدياد المقبلين على الشراء. فمن جملة الأمور التي تكشف عن فساد هذه الآلية أنها مبنية على التدليس المرتبط بالتحايل، الذي نحن بصدد عرضه باعتباره يمثل سوء الأخلاق في التعامل([89]).

 

 

([1]) الموافقات، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، الطبعة الأولى، 1417هـ، 1997م، (2/ 289).

([2]) سورة الذاريات، الآية رقم (56).

([3]) ينظر: المجموعة الفقهية المصرفية لعبدالستار أبو غدة (13/ 35).

([4]) أخرجه ابن ماجه في كتاب الإيمان، باب: فضل العلماء والحث على طلب العلم، حديث رقم (224)، (1/ 81)، والطبراني في المعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، الطبعة الثانية، (10/ 195)، وحسن الزركشي حديث ابن ماجه. ينظر: اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشتهرة أو: التذكرة في الأحاديث المشتهرة، بدر الدين محمد بن عبدالله بن بهادر الزركشي، تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1406هـ، 1986م، (ص 42).

([5]) ينظر: إحياء علوم الدين، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، دار المعرفة، بيروت، (1/ 14).

([6]) ينظر: المجموعة الفقهية المصرفية لعبدالستار أبو غدة (13/ 35).

([7]) ينظر: إحياء علوم الدين للغزالي (1/ 14).

([8]) ينظر: المصدر السابق (2/ 64).

([9]) أخرج الترمذي في أبواب الوتر، باب: ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (487)، (2/ 357) أن عمر رضي الله عنه قال: «لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين»، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

([10]) إحياء علوم الدين للغزالي (2/ 64).

([11]) إحياء علوم الدين للغزالي (2/ 72).

([12]) المصدر السابق.

([13]) انظر: لسان العرب (11/476)، المصباح المنير (2/430)، المعجم الوسيط (2/628).

([14]) انظر: معجم لغة الفقهاء (ص438)، القاموس الفقهي لسعدي أبو حبيب (ص262- ط: دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، 1408هـ/ 1988م).

([15]) وهي ما قامت على أساس تبادل الالتزامات المتقابلة بين العاقدين، سواء أكانت معاوضة مال بمال كالبيع، أم معاوضة مال بمنفعة كالإجارة، أم معاوضة مال بما ليس بمال ولا منفعة مال كالزواج. انظر: القواعد لابن رجب الحنبلي (ص74- ط: دار الكتب العلمية)، تقسيمات العقود في الفقه الإسلامي، للدكتور مصطفى أحمد إبراهيم حماد، بحث منشور بمجلة دار الإفتاء المصرية العدد الخامس عشر (ص142)، ذو الحجة 1434هـ/ أكتوبر 2013م، المدخل الفقهي العام للزرقا (1/580، 581- ط: دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى، 1418هـ/ 1998م)، نظرية السمسرة وتطبيقاتها العصرية دراسة فقهية مقارنة، لأبي عمر عبد الله بن محمد الحمادي (1/142- ط: مكتبة الرشد، الرياض، السعودية، الطبعة الأولى، 1433هـ/ 2012م)،

([16]) البيع في اللغة ضد الشراء، والبيع: الشراء أيضًا، وهو من الأضداد. وبعت الشيء: شريته، أبيعه بيعًا ومبيعًا، وهو شاذ وقياسه مباعًا. والابتياع: الاشتراء، وباعه الشيء وباعه منه وله بيعًا ومبيعًا: أعطاه إياه بثمن. انظر: لسان العرب (8/23)، تاج العروس (20/365)، المعجم الوسيط (1/79).

وفي الاصطلاح عرف بتعريفات متعددة منها:

1-عرفه الحنفية بأنه: مبادلة المال المتقوم بالمال المتقوم تمليكًا وتملكًا. انظر: الاختيار لتعليل المختار، لابن مودود الموصلي الحنفي (2/3- ط: مطبعة الحلبي، القاهرة، 1356هـ/ 1937م).

2-عرفه المالكية بأنه: عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة ذو مكايسة، أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة، معين غير العين فيه، والمكايسة المغالبة. انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لابن عرفة الدسوقي (3/2- ط: دار الفكر)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/12، 13- ط: دار المعارف).

3- عرفه الشافعية بأنه: مقابلة مال بمال على وجه مخصوص. انظر: تحفة المحتاج (4/215- ط: المكتبة التجارية الكبرى، مصر، 1357هـ/ 1983م)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ الخطيب الشربيني (2/322- ط: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ/ 1994م).

4-عرفه الحنابلة بقولهم: مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة؛ كممر بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض. انظر: زاد المستقنع في اختصار المقنع للحجاوي المقدسي (1/100- ط: دار الوطن للنشر، الرياض).

([17]) الإجارة في اللغة مأخوذة من الفعل: أجر، والأجر الثواب والجزاء على العمل. انظر: الصحاح (2/576)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (1/342- ط: مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثامنة، 1426هـ/ 2005م).

وفي الاصطلاح عرفت بتعريفات متعددة منها:

  • عرفها التمرتاشي بأنها: تمليك نفع بعوض. انظر: تنوير الأبصار وعليه شرح الدر المختار بحاشية ابن عابدين (6/4- ط: دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1412هـ/ 1992م).
  • عرفها الشيخ الدردير بأنها: تمليك منافع شيء مباحة مدة معلومة بعوض. انظر: الشرح الكبير للدردير وعليه حاشية الدسوقي (4/2).
  • عرفها الخطيب الشربيني بأنها: عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم. انظر: مغني المحتاج (3/438).
  • عرفها الحجاوي الحنبلي بأنها: عقد على منفعة مباحة معلومة تؤخذ شيئًا فشيئًا مدة معلومة من عين معلومة أو موصوفة في الذمة، أو عمل معلوم بعوض معلوم. انظر: الإقناع في فقه الإمام أحمد، لشرف الدين أبو النجا الحنبلي (2/283- ط: دار المعرفة، بيروت).

([18]) وهي العقود التي يكون فيها التمليك من أحد الطرفين بلا مقابل من الطرف الآخر؛ كالهبة من غير عوض. انظر: القواعد لابن رجب (ص74)، تقسيمات العقود في الفقه الإسلامي (ص142)، المدخل الفقهي العام (1/580، 581)، الموسوعة الفقهية الكويتية (30/234)، نظرية السمسرة وتطبيقاتها العصرية (1/142)، الملكية ونظرية العقد (ص178، 179)، الشرط الجزائي وأثره في العقود المعاصرة لمحمد اليمني (ص269)، نظرية التأمين (ص22).

([19]) الهبة في اللغة: إعطاء الشيء إلى الغير بلا عوض، سواء كان مالًا أو غير مال؛ يقال: وهبت لزيد مالًا أهبه له هبة: أعطيته بلا عوض. انظر: المصباح المنير (2/673).

وفي الاصطلاح عرفت بتعريفات متعددة منها:

  • عرفها التمرتاشي بأنها: تمليك العين مجانًا. انظر: تنوير الأبصار وعليه شرح الدر المختار بحاشية ابن عابدين (5/687).
  • عرفه الشيخ خليل المالكي: تمليك بلا عوض. انظر: مختصر خليل (ص214- ط: دار الحديث، القاهرة، الطبعة الأولى، 1426هـ/ 2005م).
  • عرفها النووي بأنها: التمليك بلا عوض. انظر: منهاج الطالبين للنووي (ص171- ط: دار الفكر، الطبعة الأولى، 1425هـ/ 2005م).
  • عرفها ابن قدامة بأنها: تمليك في الحياة بغير عوض. انظر: المغني لابن قدامة (6/41).

([20]) الوقف في اللغة يطلق ويراد به الحبس والمنع. انظر: الصحاح للجوهري (3/915)، لسان العرب (9/359)، المصباح المنير (2/669).

وفي الشرع: حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود. التعريف للشيخ الخطيب الشافعي. انظر: مغني المحتاج (3/522)، وانظر تعريفه أيضًا في الاختيار (3/40)، البناية شرح الهداية (7/422)، البحر الرائق (5/202)، مواهب الجليل (6/18)، شرح مختصر خليل للخرشي (7/78- ط: دار الفكر، بيروت)، منح الجليل (8/108)، شرح منتهى الإرادات (2/397)، كشاف القناع (4/240).

([21]) الوصية في اللغة: مأخوذة من الفعل وصى وهو بمعنى الإيصال، يقال: وصيت الشيء بالشيء أصيه من باب وعد: وصلته، وأوصيت إليه بمال جعلته له. انظر الصحاح (6/2525)، المصباح المنير (2/662).

وفي الاصطلاح عرفت بتعريفات متعددة منها:

1- عرفها التمرتاشي بأنها: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت. انظر: تنوير الأبصار وعليه شرح الدر المختار بحاشية ابن عابدين (6/648).

2- عرفها ابن عرفة بأنها: عقد يوجب حقًّا في ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده. انظر: الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية المعروف بـ«شرح حدود ابن عرفة»، لأبي عبد الله الرصاع المالكي (ص528- ط: المكتبة العلمية، الطبعة الأولى، 1350هـ).

3- عرفها الخطيب الشربيني بأنها: تبرع بحق مضاف ولو تقديرًا لما بعد الموت. انظر: مغني المحتاج (4/66).

4- عرفها الحجاوي بأن: الوصية بالمال: التبرع به بعد الموت. انظر: الإقناع في فقه الإمام أحمد (3/47).

([22]) وتسمى التأمينات والضمانات، وهي عقود تؤمن الدائن على دينه تجاه المدين وتضمن استيفاءه له في أجله المحدد. انظر: القواعد لابن رجب (ص74)، تقسيمات العقود في الفقه الإسلامي (ص142)، المدخل الفقهي العام (1/580، 581)، الموسوعة الفقهية الكويتية (30/234)، نظرية السمسرة وتطبيقاتها العصرية (1/142)، الملكية ونظرية العقد (ص178، 179)، الشرط الجزائي وأثره في العقود المعاصرة (ص269)، نظرية التأمين (ص22).

([23]) الرهن في اللغة الثبوت والدوام؛ يقال: رهن الشيء، أي دام وثبت. والراهن: الثابتُ. انظر: الصحاح (5/2128)، المصباح المنير (1/242)، تاج العروس (35/122).

وفي الاصطلاح عرف بتعريفات متعددة منها:

1- عرفه الحنفية بأنه: جعل الشيء محبوسًا بحق يمكن استيفاؤه من الرهن كالديون. انظر: العناية شرح الهداية (10/135).

2- عرفه المالكية بأنه: متمول أخذ من مالكه توثقًا به في دين لازم أو صائر إلى اللزوم. انظر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/303).

3- عرفه الشافعية بأنه: جعل عين مال وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر وفائه. انظر: مغني المحتاج (3/38)، نهاية المحتاج (4/234).

4- عرفه الحنابلة بأنه: توثقة دين بعين يمكن أخذه أو بعضه منها أو من ثمنها إن تعذر الوفاء من غيرها. انظر: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (2/150).

([24]) الكفالة في اللغة مأخوذة من الفعل كفل بمعنى ضمن، والكفالة: الضمان، يقال: أكفَلتُهُ المالَ، أي: ضَمَّنْتُهُ إيَّاه. انظر: الصحاح (5/1811)، القاموس المحيط (1/1053).

وفي الاصطلاح عُرفت بتعريفات متعددة منها:

  • عرفها ابن مودود الموصلي الحنفي بأنها: ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة. انظر: الاختيار (2/166).
  • عرفها الشيخ الخطيب الشربيني بأنها: التزام إحضار المكفول إلى المكفول له للحاجة إليها. انظر: مغني المحتاج (3/207).
  • عرفها الحجاوي بأنها: التزام رشيد برضاه إحضار مكفول به تعلق به حق مالي إلى مكفول حاضرًا كان المكفول به أو غائبًا بإذنه وبغير إذنه. انظر: الإقناع في فقه الإمام أحمد (2/182).

([25]) انظر: المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي للدكتور شبير (ص12).

([26]) الحوالة في اللغة: هي بفتح الحاء مأخوذة من الفعل حول وهو النقل، يقال: أحلته بدينه: نقلته إلى ذمة غير ذمتك، وأحلت الشيء إحالة: نقلته أيضًا. انظر: المصباح المنير (1/157).

وفي الاصطلاح عُرفت بتعريفات متعددة منها:

  • عرفها التمرتاشي بأنها: نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحتال عليه. انظر: تنوير الأبصار وعليه شرح الدر المختار بحاشية ابن عابدين (5/340).
  • عرفها الشيخ الدردير بأنها: نقل الدين من ذمة بمثله إلى أخرى تبرأ بها الأولى. انظر: الشرح الكبير للدردير وعليه حاشية الدسوقي (3/325).
  • عرفها الخطيب الشربيني بأنها: عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى ذمة. انظر: مغني المحتاج (3/189).
  • عرفها البهوتي بأنها: انتقال مال من ذمة المحال إلى ذمة المحال عليه بحيث لا رجوع للمحتال على المحيل بحال. انظر: شرح منتهى الإرادات (2/135).

([27]) انظر: المعجم الوسيط (2/892).

([28]) انظر: حاشية ابن عابدين (4/501).

([29]) انظر: الموافقات (2/32).

([30]) انظر: المنثور في القواعد الفقهية للزركشي (3/222- ط: وزارة الأوقاف الكويتية، الطبعة الثانية، 1405هـ/ 1985م).

([31]) انظر: شرح منتهى الإرادات (2/7).

([32]) ينظر: المجموعة الفقهية المصرفية لعبدالستار أبو غدة (1/ 48).

([33]) ينظر: المعايير الشرعية والاقتصادية للتمويل في المصارف الإسلامية لعبداللطيف التونسي (ص3).

([34]) المصدر السابق.

([35]) ينظر: المعايير الشرعية لصيغ التمويل المصرفي اللاربوي، محمد علي القري وسيف الدين إبراهيم تاج الدين وموسى آدم عيسى والتجاني عبدالقادر أحمد، الرياض، 1421م، (ص1)

([36]) المصدر السابق.

([37]) انظر: معالم التنزيل في تفسير القرآن (تفسير البغوي)، لأبي محمد البغوي (5/11- ط: دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، 1417هـ/ 1997م).

([38]) انظر: تهذيب اللغة (8/274)، لسان العرب (3/353)، الصحاح للجوهري (2/525)، المعجم الوسيط (2/738).

([39]) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية، تأليف الدكتور: محمد البوبي (ص29- ط: دار الهجرة، الرياض، السعودية، الطبعة الأولى، 1418هـ/ 1998م).

([40]) انظر: المصباح المنير (1/310)، لسان العرب (8/175)، الصحاح (3/1236)، مجمل اللغة لابن فارس (1/526)، المعجم الوسيط (1/479).

([41]) انظر: مغني المحتاج (1/92).

([42]) انظر: تفسير القرطبي (6/211- ط: دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1384هـ/ 1964م).

([43]) انظر: التعريفات للجرجاني (ص127).

([44]) انظر: مقاصد الشريعة لابن عاشور (ص251- ط: دار النفائس، الأردن، الطبعة الثانية، 1421ه/ 2001م).

([45]) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية تأصيلًا وتفعيلًا تأليف الدكتور: محمد بكر إسماعيل (ص19- ط: إدارة الدعوة والتعليم سلسلة دعوة الحق، السنة الثانية والعشرون، العدد 213، لعام 1427هـ).

([46]) انظر: مقاصد الشريعة ومكارمها، تأليف الدكتور علال الفاسي (ص7- ط: دار الغرب الإسلامي، الطبعة الخامسة، 1993م).

([47]) التعريف للدكتور الزحيلي انظر: أصول الفقه الإسلامي د. وهبة الزحيلي (2/1017- ط: دار الفكر، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى، 1406هـ/ 1986م).

([48]) انظر: علم المقاصد الشرعية (ص71).

([49]) انظر: الإبهاج (3/55)، المحصول (2/220)، نهاية السول (4/82)، المستصفى (ص251)، علم المقاصد الشرعية (ص72).

([50]) انظر: الموافقات (2/21).

([51]) انظر: علم المقاصد الشرعية (ص72).

([52]) انظر: الموافقات (2/22)، علم المقاصد الشرعية (ص72). ويرى الدكتور محمد بكر إسماعيل أن المقاصد التحسينية يقصد بها: الأخذ بما شرعه الله تعالى من المحاسن في العبادات والمعاملات والعادات، سواء في جانب الفعل أو الترك. انظر: مقاصد الشريعة تأصيلًا وتفعيلًا (ص263).

([53]) مقاصد الشريعة وعلاقتها بالأدلة (ص411-415).

([54]) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ المال وتنميته دراسة فقهية موازنة للباحث: محمد بن سعد المقرن (ص52، 53- رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة أم القرى بالسعودية).

([55]) أحكام القرآن، لأبي بكر الجصاص (3/213)، دار الكتب العلمية-بيروت.

([56]) أخرجه أبو داود، رقم (3073).

([57]) أخرجه مسلم، رقم (1553).

([58]) انظر: الاستثمار وتطبيقاته في المصارف الإسلامية، للدكتور إدريس بن عمر المانع (ص19-22)، دار التعليم الجامعي-الإسكندرية.

([59]) قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام (2/80)، مكتبة الكليات الأزهرية-القاهرة.

([60]) منهج القرآن في بناء المجتمع، للشيخ محمد شلتوت (ص76)، دار الهلال، 1986م.

([61]) أخرجه أبو داود، رقم (3594)، والترمذي، رقم (1352)، وقال: حديث حسن صحيح.

([62]) انظر: الأحكام الفقهية للإجارة الموصوفة في الذمة كما تقوم بها المصارف الإسلامية، للدكتور محمد أحمد أبو الشيخ، بحث بمجلة كلية الآداب بقنا، العدد (39)، 2012م، (ص229، 230).

([63]) انظر: الموافقات للشاطبي (2/513)، دار ابن عفان.

([64]) انظر: التطبيق المعاصر لعقد السلم في المصارف الإسلامية، لمحمد عبد العزيز حسن زيد (ص15)، ط. المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

([65]) عقد السلم وتطبيقاته المعاصرة، للدكتورة جمعة بنت حامد الحريري الزهراني، بحث بمجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا، الصادرة عن جامعة الأزهر، الجزء الأول، العدد الثلاثون، يناير 2015م، (ص35).

([66]) فتح القدير للكمال بن الهمام (7/71)، دار الفكر.

([67]) انظر: إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية، للدكتور محمد الفاتح محمود بشير المغربي (ص34)، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي-القاهرة.

([68]) أخرجه البخاري، رقم (449).

([69]) الواقعة سبب من أسباب الحقوق والالتزامات في الشريعة الإسلامية والقانون، للدكتور محمد خليل خير الله (ص104)، دار الكتب العلمية-بيروت.

([70]) النهي عن المعاملات المالية الفاسدة آلية شرعية لحماية الاقتصاد وضمان استقراره، لكمال لدرع، بحث مقدم للمؤتمر العلمي الدولي-الأزمة الاقتصادية العالمية المعاصرة من منظور إسلامي تحت رعاية المعهد العالمي للفكر الإسلامي وجامعة العلوم الإسلامية العالمية بالأردن، 2010م (ص383، 384).

([71]) إعلام الموقعين لابن القيم (4/ 284)، دار الكتب العلمية –بيروت.

([72]) انظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام (2/189، 190)، مكتبة الكليات الأزهرية – القاهرة.

([73]) مجموع الفتاوى (28/384-386).

([74]) أخرجه مسلم، رقم (1554)، من حديث جابر رضي الله عنه.

([75]) أخرجه مسلم، رقم (1554).

([76]) المقاصد الشرعية وأثرها في فقه المعاملات المالية، لرياض منصور الخليفي، بحث بمجلة جامعة الملك عبد العزيز، المجلد (17)، العدد (1) (ص30، 31).

([77]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد (3/208).

([78]) متفق عليه: أخرجه البخاري، رقم (2463)، ومسلم، رقم (1609)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([79]) أخرجه البخاري، رقم (2449).

([80]) أخرجه أبو داود، رقم (3570).

([81]) انظر: المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، لدبيان بن محمد الدبيان (3/180)، مكتبة الملك فهد الوطنية-الرياض.

([82]) إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم (1/ 246)، دار الكتب العلمية-بيروت.

([83]) نظام التأمين الإسلامي للدكتور عبد القادر جعفر (ص138)، دار الكتب العلمية-بيروت.

([84]) انظر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي (4/9، 10)، مؤسسة الريان للطباعة والنشر-بيروت.

([85]) انظر: فقه العقود المالية، للدكتور الحسين شواط، والدكتور عبد الحق حميش (ص62-67)، دار الكتاب الثقافي-الأردن، 2012م.

([86]) شرح حدود ابن عرفة للرصاع (ص271)، المكتبة العلمية.

([87]) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (19/250)، دار الكتب المصرية-القاهرة.

([88]) أخرجه مسلم، رقم (102).

([89]) الأخلاق وأثرها في الفقه المالي والاقتصاد الإسلامي، للدكتور علي أحمد الندوي، بحث بمجلة البحوث والدراسات الشرعية، المجلد (2)، العدد (10)، 2013م (ص163، 164).

اترك تعليقاً