البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الباب الأول: المعاملات المالية الإسلامية والاقتصاد الوطني

تمهيد في ارتباط المعاملات المالية الإسلامية بالاقتصاد الوطني:

70 views

تشكِّل المعاملات المالية آلية هامة من آليات تجميع وتوجيه الموارد المالية وتوظيفها في المشروعات الكبيرة، وذلك من خلال تحريك المدَّخرات وتوجيهها وتحويلها من أموال مجمدة إلى رأسمال موظَّف في النشاطات الاقتصادية من خلال عمليات الاستثمار التي يقوم بها الأفراد أو الشركات في الأوراق المالية داخل هذه الأسواق.

فكل المعاملات المالية -كالمشاركة والمرابحة والاستصناع والسَّلَم والإجارة- تقوم على تفاعل رأس المال والعمل والموارد الطبيعية لإنتاج الطيبات، فالمال إذا استثمر استثمارًا مباشرًا وفعليًّا في حلبة المعاملات الاقتصادية يساهم في النماء، وذلك من خلال تفاعله مع عنصر العمل.

فالتجارة -التي تقوم على البيع والشراء- لها دور كبير في تحقيق النماء الاقتصادي للمجتمعات، فهي تعمل أيضًا على تنظيم الدورة النقدية وتقوية أنظمة التمويل والائتمان وتطوير أساليب الاستثمار عن طريق تحريك المال ودورانه في الأنشطة الاقتصادية كافة، بدلًا من حبسه عن التداول وعن منفعة المجتمع، وما قد يسببه ذلك الحبس من تدهور في الأوضاع الاقتصادية وإضعاف للقدرة الشرائية لهذا المجتمع وغير ذلك من الأضرار الاقتصادية.

ولأن في ذلك التداول استخدامًا للمال المتَّجر به في عمليات الإنتاج وفي المشاريع الاستثمارية المختلفة، وبذلك يزداد الدخل القومي للمجتمع ويتم توزيعه على أفراد المجتمع بما يحقق العدل والكفاية، ويرشد القرارات الاقتصادية للإنتاج والاستهلاك، كما يؤدي ذلك الاتِّجار إلى المساهمة في دعم وتنمية الاقتصاد القومي وتطوير بنيته الهيكلية.

وإذا نظرنا إلى الاستصناع مثلًا نجد أنه انتشر انتشارًا واسعًا في العصر الحديث، فقد شمل صناعات متطورة ومهمة جدًّا في الحياة المعاصرة كالطائرات والسفن والسيارات والقطارات وغيرها، مما أدى إلى تنشيط الحركة الصناعية ونمو حركة المصانع والمعامل اليدوية والآلية، وقد أسهم كل ذلك بنحو واضح في رفاه الأفراد والمجتمعات وتوفير حاجات الدول ومصالحها.

وعلى ذلك فللمعاملات المالية دور كبير في تحقيق النمو الاقتصادي، وفي إيجاد البيئة الاقتصادية المستقرة([1]).

 

([1]) انظر: ضوابط التجارة في الاقتصاد الإسلامي لمحمد نجيب الجوعاني (ص55، 56)، دار الكتب العلمية-بيروت، الفقه الإسلامي وأدلته، لوهبة الزحيلي (5/3657)، دار الفكر-دمشق، الطبعة الثانية عشرة.

اترك تعليقاً