البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الباب الثاني: مقاصد الفتوى في المعاملات المالية

الفصل الثاني: دور الفتوى في تحقيق المقاصد الشرعية للمعاملات المالية

75 views

لقد ساهمت الفتوى في تحقيق المقاصد الشرعية للمعاملات المالية، ونجد نماذج لهذه الإسهامات في المقاصد بكافة أنواعها وأقسامها، وفيما يلي نعرض ليعض هذه الإسهامات من خلال المباحث التالية:

المبحث الأول: إسهامات الفتوى في تحقيق مقصد عمارة الأرض:

ذكرنا فيما سبق أن من مقاصد الشريعة الإسلامية العظمى عمارة الأرض، مصداقًا لقوله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]، فالإنسان باعتباره خليفة الله في أرضه مكلف في إطار هذه الخلافة بعمارة الأرض، وعليه فإن المال له وظيفة محددة -باعتباره من ضمن مقاصد الشريعة الكلية الخمسة- وهي عمارة الأرض، ولذلك فإنه ينبغي أن يوظَّف هذا المال في إطارها المرسوم، سواء كان هذا المال المستثمَر تحت تصرف الشركات أو الأفراد.

وقد ساهمت الفتوى في بيان مقصد عمارة الأرض بالنسبة للمعاملات المالية، فنجد من هذه الفتاوى فتوى الشيخ عطية صقر رحمه الله في إحياء الأرض الموات، فقد جاء في هذه الفتوى:

ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له»([1])، وقال: «من أحيا أرضًا ميتة فله فيها أجر»([2]).

ثم ذكرت الفتوى معنى إحياء الموات، فذكرت أنه استغلال الأرض بالزرع وغيره من أنواع الاستغلال، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى} [فصلت: 39].

والحديثان يبينان فضل إحياء الأرض الموات، وأن ما يُحيا منها فهو لمن أحيا، لكن اشترط العلماء لاعتبار الأرض مواتًا أن تكون بعيدة عن العمران، حتى لا تكون مرفقا من مرافقه، ولا يتوقع أن تكون من مرافقه. وفى الوقت نفسه اشترط بعض الفقهاء أن يأذن الحاكم في إحيائها واستثمارها، ابتداء قبل العمل أو بعده، على خلاف في ذلك.

ثم ذكرت الفتوى حكمة الشارع في إحياء الموات، فقالت: إحياء الموات يدل على حيوية التشريع الإسلامي بدعوته إلى الاستثمار والتعمير وإخصاب الحياة بالخير ليساعد ذلك على تحقيق خلافة الإنسان في الأرض، بتعميق الإيمان بالله وشكره على نعمه، والتمتع بالحلال الطيب الذي يعطي القوة، ويحقق الكرامة للإنسان.

ومن أساليب الدعوة إلى ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة»([3])([4]).

وما من شك أن «إحياء الأرض الموات» من أبرز لوازم إعمار الأرض.

وتبرز أهمية قضية إحياء الأرض الموات عندما نتأمل خطورة مشكلة «التصحر» في العالم؛ فعلى الصعيد العالمي يتعرض 30 % من سطح الأرض لخطر التصحر، مما يؤثر سلبًا على حياة بليون شخص في العالم، والمسألة في تزايد خطير؛ فالعالم يفقد سنويًّا نحو 10 مليون هكتار من الأراضي بسبب التصحر.

وهذا التصحر يدفع السكان في هذه المناطق المنكوبة إلى مغادرتها، واللجوء إلى البقاع والدول المجاورة. ويكفي أن نعرف أن عدد اللاجئين بسبب التصحر قد بلغ 10 ملايين لاجئ في عام 1988م فقط.

وتتسبَّب مشكلة التصحر في خسارة اقتصادية سنوية تقدر بنحو 42 بليون دولار، هذا إضافة إلى المشاكل الصحية، والاجتماعية، والسياسية، والعسكرية التي تتفاقم نتيجة انتقال هذه الأعداد الهائلة من البشر من بلد إلى بلد.

ومن الجدير بالذكر أن العالم الإسلامي والعرب ليسوا بمنأى عن هذه المشكلة، بل إن الكثير من الدول الإسلامية تقع في مقدمة الدول التي تعاني من “التصحر”، ويأتي على رأس هذه الدول السودان، والصومال، وموريتانيا. بل إن مشكلة التصحر تمس بعض البلاد الغنية بالماء مثل مصر.

ولعل المتأمل لهذه الأرقام ودلالتها الخطيرة يدرك حجم المشكلة الضخمة التي تصدى لعلاجها الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، ويدرك من ثم عظمة هذا الدين الذي جعله سبحانه حلًّا لكل مشكلات العالم، بما فيها مشكلة التصحر، فضلا عن غيرها من المشكلات([5]).

 

المبحث الثاني: إسهامات الفتوى في تحقيق مقصد منع النزاع:

وردت العديد من الفتاوى الصادرة عن دور الإفتاء تكشف عن مقصد الشارع الحكيم في الحرص على عدم النزاع الذي يؤدي إلى الخصومة وإفساد ذات البين بين المسلم وأخيه المسلم، ونجد الإشارة إلى هذا المقصد الشرعي في فتوى دار الإفتاء المصرية حيث سئلت الدار:

معنا في العمل زميل وسَّع الله عليه في الرزق والمال ويستثمر ماله في التجارة كالآتي:

إذا أراد أحدٌ مِنَّا شراء سلعةٍ بالتقسيط يقول له: اذهب واسأل عنها وأنا آخذ منك على باقي الثمن بعد المقدم فائدة، مثلًا خمس عشرة بالمائة، ويكون السداد على سنةٍ أو أكثر حسب الاتفاق، والحقيقة أن شروطه وأرباحه أيسر بكثير من غيره من التجار الذين لا نعرفهم والذين يجبروننا على التوقيع على شيكاتٍ أو كمبيالاتٍ على بياضٍ وخلافه، الأمر الذي يحدث معه -كما سمعنا- تزوير في ملئها، واتخاذ الإجراءات القانونية التعسفية الظالمة. والسؤال هو:

1- هل التجارة بهذه الطريقة المتفق عليها بالتراضي وبشروطٍ ميسرة كثيرًا عن التاجر الأصلي حلال؟

2- إذا انتهت مدة التقسيط ومضى عليها مثلًا عام أو عامان أو أكثر وأضاف فائدة أخرى على ما تبقى من الثمن، هل يكون هذا حلالًا في حالة الاتفاق على هذا، وفي حالة عدم الاتفاق؟ مع العلم أنَّ هذا لا يحدث منه إلا بعد إذنه في مرور فترة سماحٍ قد تصل إلى ستة شهور.

وقد ورد في الإجابة عن هذا السؤال: أولًا: لقد أباح جمهور الفقهاء أن يكون الثمن المؤجل أعلى من الثمن المدفوع فورًا؛ وذلك لأن الثمن المدفوع فورًا يمكن الانتفاع به في معاملاتٍ تجاريةٍ أخرى، فتكون الزيادة في السعر المؤَجَّل في مقابلة الزمن، فيصح البيع بالثمن المؤَجَّل إلى أجَلٍ معلومٍ والزيادة في الثمن نظير الأجَلِ المعلوم؛ لأنَّ هذا من قبيل المرابحة، وهي نوعٌ من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابل الأجل؛ لأن الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقةً إلَّا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لأجله، لكن لا بد من الاتفاق الواضح عند البيع على عدد الأقساط وقيمتها وزمنها؛ منعًا للغرر ورفعًا للنزاع.

ثانيًا: الفائدة التي تكون على التأخير كما هو مقرَّر بالسؤال الثاني سواء كانت باتفاقٍ أو عدمه حرامٌ شرعًا؛ لأن فائدة التأخير هي من ربا النسيئة المنهي عنه شرعًا، فالأقساط التي على المشتري هي في حكم الدَّيْن، والدَّيْن لا يجوز الزيادة فيه في مقابلة زيادة المدة([6]).

كما وردت الإشارة إلى هذا المقصد الشرعي أيضًا في فتوى دار الإفتاء المصرية حيث سئلت:

شخصان تشاركا على تعهُّدِ بناءٍ للحكومة أحدهما مهندس والآخر عامل ومُموِّل، وبعد عقد الشركة بينهما تذاكرا في استئجار مستودع لموادِّ البناء وآلاتِه، ثم فَطن العاملُ أن عنده مكانًا يصلح لأن يكون مستودعًا فذكره لشريكه المهندس فرضي شريكُه بذلك، وقد استعملا هذا المكان ولكن لم يذكرا شيئًا عن مقدار أجره، وبقي هذا الأجرُ مجهولًا إلى أن انتهت شركتهما وأرادا الانفصال.

وقد طالب صاحب المستودع شريكه المهندس بدفع نصف أجرة المستودع فرضي شريكه بذلك بادئ الأمر، وبعث رجلًا مُختصًّا فخمَّن أُجرَته ورضي صاحبُ المستودع بذلك التخمين أيضًا، ثم قال له بعضُ أهلِ العلمِ إن هذا طالما من الشريك يعتبر تبرُّعًا، وإنكم سُئلتُم بوصفكم أمين إفتاء حماة فأفتيتم بأن هذا من قبيل الإجارة الفاسدة وفيها أجرُ المِثل؛ حيث لم يُذكر فيها بدلُ الإيجار، وليس هذا من قبيل التبرُّع؛ حيث لم يُذكر التبرع نصًّا ولا دلالةً ولا العرفُ يدلُّ عليه، بل يدل على الإجارة، وفي آخر الكتاب الرغبةُ في الإجابة عن هذه الواقعة.

وجاء في الجواب: للإجارة شروط في العاقدَين وفي الصيغة وفي المنفعة التي هي محلُّ الإجارة وشروط في بدل المنفعة وهو الأجرة، وبعض الفقهاء يقرر شروطًا للنفاذ وشروطًا للزوم، والذي يَهم الآن ذكرُه إجمالًا هو شروط المنفعة وشروط الأُجرة.

أما الأول: فيشترط أن تكون المنفعةُ معلومةً عند التعاقد علمًا يرفعُ الجهالة المفضية للنزاع؛ وعلم المنفعة يكون ببيان العين التي وقعت الإجارة على منفعتها، ومن عناصرها بيان المدة وذلك مع اختلاف عبارات هذا الشرط بين فقهاء المذاهب.

والشرط الثاني: أن يكون استيفاءُ المنفعة مقدورًا.

والثالث: تكون المنفعةُ مقصورةً؛ بمعنى أن يعتاد استيفاؤها بعقد الإجارة، والتعامل بها يجري بين الناس.

الرابع: ألا تكون المنفعة مطلوبًا فعلها قبل الإجارة.

الخامس: عدم انتفاع الأجير بالعمل المقصور عليه مع اختلاف عبارات فقهاء المذاهب في مُؤَدَّى هذا الشرط وما يخرج به.

السادس: أن تكون المنفعةُ مملوكةً للمؤجِّر.

وأما الثانية فإن الأجرة في عقد الإجارة؛ كالثمن في عقد البيع، ويشترط في الحنفية أن تكون مالًا مُتقوَّمًا معلومًا.

ويُجمِع فقهاء المذاهب على اشتراط أن تكون الأجرة معلومة في عقد الإجارة؛ كالثمن في البيع وإن وقع الخلاف في مالية الأجرة وتقومها أو كانت في الذمة.

ولَمَّا كان ذلك وكان الثابت في الواقعة المطروحة أن الشريك مالك المستودع لم يُجرِ مع شريكه الآخر صيغة عقد إجارة على ما هو بادٍ من السؤال، وأنَّ رضا هذا الشريك قد ينصرف إلى ارتضائه مجرد استعمال المكان المعروض مستودعًا، فإن كان العرف قد جرى على أنَّ مثل هذا لا يكون استعماله إلا بأجرة اعتُبِرَت إجارة معاطاة كبيع المعاطاة، ويؤكد هذا العرف -إن كان- أنهما تذاكرا في استئجار مستودع قبل أن يفطن الشريك العامل لوجود هذا المستودع لديه، وإذا اعتبرت إجارة معاطاة بهذا النظر وقعت إجارة فاسدة؛ لأن الأجرة لم تكن معلومة وقت العقد بافتراض تحقق باقي الشروط السابق إجمالها في نصوص المنفعة المتعاقد عليها.

هذا، ويُجْمِع فقهاء المذاهب الأربعة على أن الإجارة الفاسدة متى نفذت وجب فيها أجرة المثل على اختلاف بينهم في تسميتها في هذه الحال هل هي أجرة أو بدل أو عِوض([7]).

وكذلك وردت الإشارة إلى هذا المقصد الشرعي في فتوى بحثية صادرة عن دائرة الإفتاء الأردنية، حيث كان السؤال: ما حكم أرباح المال المودع في البنك أمانة لشخص ما، كأن يؤمنني شخص على مبلغ معين، وأضعه أنا في البنك، ويتحصل على هذا المبلغ أرباح، هل يجوز أن آخذها وأرد له المبلغ كما هو؟

فجاء الجواب على النحو الآتي: الواجب في الوديعة الحفظ، ولا يحلُّ التصرف فيها باستثمارٍ وتجارة؛ لأنّ الوديع مؤتمن على المال، وهو أمانة عنده لا يجوز له التصرف فيه، فإذا تصرف فيه كان آثمًا مع ضمانه للمال، أي انتقلت الوديعة من يد أمانة إلى يد ضمان، وما كان تحت يد الأمانة لا يطالب به إلا بالتعدي والتقصير، وأما ما تحت يد الضمان فيطالب بها في جميع الأحوال.

وكل ما ينتج عن الوديعة من زيادة بسبب تصرُّف الوديع، كأن يحصل ربحٌ للمال المودَع، فقد اختلف فيه فقهاء المذاهب الأربعة، والذي ذهب إليه فقهاء الحنابلة أنَّ هذا الناتج كلَّه لصاحب المال؛ لأنه ربح ماله، ولا يستحق المودَع شيئًا لأنه غاصب، جاء في «مطالب أولي النهى» من كتب الحنابلة: “لو اتَّجر مودَع في الوديعة فالربح لمالكٍ على الصحيح من المذهب”([8]).

وعليه؛ فيجب على من أودعت عنده وديعة أنْ يحفظها، وإذا تصرَّف فيها كان آثمًا وضامنًا لها، والربح الناتج عن أصل المال يكون حقًّا لصاحب المال، ونفتي بذلك صيانة لأموال الناس من الاعتداء عليها، وتجنباً للنزاعات التي قد تحصل بسبب ذلك([9]).

-ومن الفتاوى التي بيَّنت هذا المقصد الشرعي بوضوح وبعض تفصيل فتوى صادرة عن دائرة الإفتاء الأردنية في خصوص شروط عقد الاستصناع وما يتعلق به من أحكام.

فقد جاء في الفتوى: عقد الاستصناع عقد يُشترى به في الحال شيء مما يُصنع صنعًا، يلتزم البائع بتقديمه مصنوعًا بمواد من عنده، بأوصاف معينة، وبثمن محدد، وقد أجازه فقهاء الحنفية استحسانًا، وأجازه الشافعية إن تحققت فيه شروط السَّلم.

والاستصناع عقد لازم بعد إتمام العقد؛ وهو ما أخذت به مجلة الأحكام العدلية التي وضعها بعض أكابر علماء الحنفية المتأخرين، حيث جاء في (المادة 392): “وإذا انعقد الاستصناع فليس لأحد العاقدين الرجوع، وإذا لم يكن المصنوع على الأوصاف المطلوبة المبينة كان المستصنع مخيرًا”.

والقول بلزوم عقد الاستصناع عزاه صاحب “المحيط البرهاني” للإمام أبي يوسف -وإن كان هذا النقل مخالفاً للنقل المشهور عنه، لكن المجلة بنت عليه-؛ جاء في “المحيط البرهاني”: “وقال أبو يوسف رحمه الله: “يُجبر المستصنع دون الصانع وهو رواية عن أصحابنا رحمهم الله، ثم رجع أبو يوسف عن هذا وقال: لا خيار لواحد منهما بل يُجبر الصانع على العمل ويُجبر المصنوع على القبول”([10]).

وهذا ما أخذ به مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته السابعة.

ويشترط في عقد الاستصناع الآتي:

أولاً: أن يذكر العقد أوصاف الشيء المراد صنعه على شكل يؤدي إلى بيانه وتكوين العلم به.

جاء في “بدائع الصنائع”: “وأما شرائط جوازه: بيان جنس المصنوع، ونوعه وقدره وصفته؛ لأنه لا يصير معلومًا بدونه، وأن يكون مما يجري فيه التعامل بين الناس”([11]).

ثانياً: أن يكون الاستصناع على الأشياء التي تعارف عليها الناس بالتعامل استصناعًا؛ لأن جواز الاستصناع مبني على العرف، فالأشياء التي تعارف الناس على عدم التعامل بها استصناعًا لا يصح فيها الاستصناع، كالثمار والحبوب الطبيعية مثلًا.

ثالثًا: تحديد الأجل؛ قال الإمام الكاساني: “لأن العادة جارية بضرب الأجل في الاستصناع، وإنما يقصد به تعجيل العمل لا تأخير المطالبة؛ فلا يخرج به عن كونه استصناعًا”([12]).

رابعًا: العلم بالثمن عند التعاقد، أما تأجيل الثمن وتعجيله فيرجع إلى الاتفاق بين الطرفين فيصح معجلًا ومؤجلًا ومقسطًا.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي (67 /3/ 7): “يُشترط في عقد الاستصناع بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة، وأن يُحدد فيه الأجل، ويجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة”.

خامساً: أن تكون المادة والعمل من الصانع؛ وإلا أصبحت إجارة على عمل([13]).

وإذا نظرنا إلى هذه الشروط التي أقرها الفقهاء تبيَّن لنا بجلاء مقصد الشرع في قطع النزاع والخصومة،

ولهذا فإنَّ مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرر اشتراط تحديد الأجل فيه قطعًا للنزاع والخصومة، وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة (قرار رقم 7/3/66)، وهو رأي له وجاهته، ويتفق مع المقاصد الشرعية، ولذلك يشترط الفقهاء في كل عقد شروطًا لقطع النزاع بين الطرفين، وفي عقد الاستصناع نفسه قد اشترطوا شروطًا لذلك: كتحديد العين المصنوعة بما تنضبط به، وهذا لا يقل أهمية عن تحديد الأجل، فإن المستصنع كما أنه يحتاج إلى أوصاف معينة في العين المصنوعة فهو محتاج إلى أن تكون تحت يده في أقرب وقت، وفي عدم تحديد الأجل تأخير له ومماطلة، كما أن في تحديد الأجل حضًّا للصانع على سرعة إنهاء عمله، فيشترط بموجب ذلك تحديد الأجل([14]).

المبحث الثالث: إسهامات الفتوى في تحقيق مقصد تلبية حاجات الناس:

ومن الفتاوى التي أبرزت مقصد الشارع في المعاملات المالية من كونها تلبي احتياجات الناس، نذكر فتوى دار الإفتاء المصرية عن حكم البيع في المتاجر الإلكترونية، وهو نوع جديد من التجارة يسمى (دروب شيبنج). وقد جاء في هذه الفتوى عن حكم هذه المعاملة: معاملة الدروب شيبنج (Drop Shipping) الوارد ذكرها في السؤال: هي صورة من صور التجارة الإلكترونية المستحدثة، والتي تعني في ترجمتها: “إسقاط عملية الشحن”، وهي عبارة عن إنشاء حساب إلكتروني (موقع تجاري) يقوم فيه مالكه بعرض سلعة معينة موصوفة بكل ما يُعَرِّفها وصفًا منضبطًا ينفي الجهالة عنها، فإن ارتضى العميل (المشتري) نوعًا من السلع المعروضة، قام بعمل طلبٍ لشراء هذه السلعة إلكترونيًّا، وبناءً على طلب المشتري يقوم (الفريق القائم على خدمات الموقع) بدفع ثمن السلعة المطلوبة للطرفِ الثالثِ وهو (تاجر الجملة أو المصنع)، ليرسلها بدوره مباشرةً إلى المشتري، إلا أنها تُغلَّف وتُعَبَّأُ باسم الموقع التجاري ويكون عليها شعاره المعروف به.

وهذه المعاملة في جملتها تندرج تحت حقيقة “بيع المرابحة” -في صورته التي نصَّ عليها الإمام الشافعي في “الأم”([15]) إلا أنها تفترق عنه في معلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المزيد عليه لكلا الطرفين؛ وصورته: أن يُرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ فيقول: اشتر هذه وأُربحك فيها كذا، فيشتريها الرجل؛ فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها؛ بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعًا، وإن شاء تركه.

وهكذا إن قال: اشتر لي متاعًا ووَصَفَه له، أو متاعًا أَيَّ مَتَاعٍ شئت، وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء؛ يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر؛ فإن جَدَّدَاهُ جاز.

والعلة في اشتراط معلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المزيد عليه تفصيلًا لكلا الطرفين قبل إتمام بيع المرابحة إنما هي للتحرّز من الجهالة المؤدية إلى الغرر والنزاع بين المشتري طالب السلعة والمرابح؛ قال العلامة ابن مودود الموصلي في “الاختيار”: [ولا بد أن يكون الربح أو الوضيعة معلومًا؛ لئلًا يؤدي إلى الجهالة والمنازعة]([16]).

ولذا فقد نُقل عن الإمام مالكٍ كراهةُ عدم استيفاء هذا الشرط مع القول بصحة البيع؛ قال الإمام أبو الوليد ابن رشد المالكي في “البيان والتحصيل”: [ولو أنَّ رجلًا سأل رجلًا أن يبتاع طعامًا أو متاعًا بعينه إلا أنَّه لم يُسَمِّ له ما اشترى به ولم يُسَمِّ له ما يربحه فيه فإني سمعت مالكًا أيضًا يقول فيها: إني أكره أن يعمل به، فأما أنْ أبلُغَ به الفسخ فلا، وأمضاه]([17]).

فإذا عُلِمَ ثمن السلعة إجمالًا واتفق عليه بين الطرفين فإنَّ هذا يحقق المعنى المرجو من الشرط وهو: رفع الجهالة، ونفي الغرر، ومنع النزاع، وقد تقرَّر في القواعد الفقهية أنَّ “الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا”.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ البيع الإلكتروني قد أصبح من أساسيات الحياة المعاصرة التي تستوعبها مرونة الإسلام وتتقبلها ما دامت تُحَقِّق مصالح العباد، ولا تشتمل على مُحَرَّم بنصٍّ قطعيٍّ أو قاعدةٍ كليةٍ، ومعاملة الدروب شيبنج (Drop Shipping) الوارد ذكرها في السؤال هي: نوع من المعاملات المستحدثة القريبة في جملتها من بيع المرابحة الذي نص على مشروعيته الفقهاء، وهي جائزة شرعًا؛ لكونها داخلة في عموم إباحة البيع والتجارة تحقيقًا لحاجة الناس، بشرط انتفاء الغرر والضرر، ووجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات([18]).

-ومن الفتاوى التي تناولت حكم معاملة من المعاملات الحديثة التي ظهرت نتيجة انتشار أسواق الأوراق المالية في هذا العصر بعد ازدياد الحاجة إليها باعتبارها إحدى الدعائم الأساسية للاستثمار الحديث، فتوى دار الإفتاء المصرية بخصوص «شراء الأوراق المالية بالهامش»، أو ما يعرف بـ”المارجن” (Margin Trading)، وتفصيل هذه المعاملة أنه عقد يتمُّ وفقَ أنظمةٍ وقواعدَ تحددها البورصة والهيئة العامَّة لسوق المال، عن طريق سدادِ العميلِ جزءًا من ثمن الأوراق المالية عند الشراء، وتأجيل سدادِ باقي الثمن، على أن تقومَ إحدى الشركات العاملة في مجال الوساطة في الأوراق المالية بتمويلِه وتدبير الأموال اللازمة لتسوية عملية الشراء في المواعيدِ المقرَّرة، ويتمُّ ذلك عن طريق اتفاقٍ بين العميل وشركة الوساطة العاملة في البورصة المصرية على حجم التمويل وفق جزءٍ من ثمن الأسهم التي يريد شراءها، وتحصلُ الشركة على كافَّة الضمانات من العميل كرهن سندات أو أسهم أخرى أو حسابات بنكية لأموال مملوكة له لضمان أموالها، مع توكيل العميلِ الشركةَ في تنفيذِ عمليات شراء الأسهم وبيعها باسمه ولصالحه وفي إدارة حساباته بيعًا وشراءً، ويكون هذا التوكيل في حدود الأوراق المالية المشتراة بالهامش أو المقدمة كضمان والمحفوظة لدى أمين الحفظ، حتى تضمن الشركة سداد قيمة أمواله، وبهذا يستطيع العميل مضاعفة حجم استثماراته في البورصة بمساعدة شركة الوساطة، وتَشترطُ الشركةُ على العميل ربحًا معينًا على إحدى طريقتين:

إما 2,5% عمولات بيع وشراء، أو 1,5% يدفعها العميل كلَّ شهر لشركة الوساطة حتى انتهاء المعاملة.

ويقوم العميل بفتْح حساب وتوفير مبلغ من المال بنسبة تصل إلى (50%) وتقوم شركة الوساطة المالية بتزويد العميل بباقي المبلغ عند طلبه لشراء أسهم، بحيث يشارك العميل مثلًا بتمويل (مارجن) (50%) ويقوم الوسيط المالي بدفع الباقي، وينتظر العميل الأسعار لتصبح في صالحه ربحًا، فيقوم ببيع الصفقة أو الصفقَات، وتوضع قيمة المعاملة في حسابه في البنك، ويقوم الوسيط المالي بتغطية العميل والاستمرار في التعامل ما دام في حسابه ما يغطي قيمة الخسائر، وإذا لم يكن هناك ما يغطي الخسائر يقوم الوسيط بموجب توكيله من العميل بإدارة حساباته وتنفيذ عمليات شراء وبيع الأسهم في حدود الأوراق المالية محل التمويل (المارجن) والأسهم والسندات المقدمة كضمان لدى أمين الحفظ، مع الملاحظة أن الوسيط لا يأخذ شيئًا من الأرباح في حالة الربح عند البيع، ولكن يأخذ عمولته فقط.

ويتضمن العقد المرفق أنَّ مُدَّته تكون ثلاثة أشهر، وتتجدَّد تلقائيًّا ما لم يُخْطِر أحدُ الأطراف الطرفَ الآخر بعدم رغبته في التجديد قبلَ انتهاءِ مدَّته بخمسة عشر يومًا، وبانتهائه يصبح رصيدُ المديونية المستحقة على العميل للطرف الأول (شركة الوساطة العاملة في البورصة) مستحقًّا واجبَ الأداء فورًا، كما يحقُّ للطرف الأول -في أي وقت يراه ودون إبداءِ أسبابٍ- إخطارُ العميل بإيقاف هذا العقد أو إلغائه أو إنهائه، ويترتب على ذلك مطالبةُ العميل بسدادِ كاملِ مديونيَّته من أصل وعمولات ومصاريف في خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إخطاره، فضلًا عن أنه في حالة إخلال العميل بأي بند من بنود هذا العقد يعتبرُ العقدُ منتهيًا ومفسوخًا من تلقاء نفسه ومستحقَّ الأداءِ فورًا.

ومن المتفق عليه أيضًا في شروط هذا العقد أنه يحقُّ للعميل في أي وقت سدادُ جزء أو كل قيمة الأوراق المالية محل العقد وإنهاؤه، وكلُّ ذلك يخضعُ للقواعدِ التي تضعها الهيئة العامة لسوق المال في تحديد الشركات العاملة في البورصة التي يُتاحُ لها عَمَلُ هذا النوع من التمويل، وكذا تحديد العملاء الذين يصلحُ لهم عمل هذا التمويل، كما تحدد الأسهم التي تصلح ضمانةً للتمويل بعقد الشراء بالهامش (المارجن)، والأسهم التي يصلح شراؤها وإتاحة التمويل لها، كما تقوم الهيئة العامة لسوق المال بالإشراف على قواعدِ التعامُل في البورصة المصريَّة.

وقد ذكرت فتوى دار الإفتاء المصرية حكم هذه المعاملة فقالت: عقد تمويل تداول شراء الأوراق المالية بالهامش السابق بيانه هو صورة من صور التمويل، والتمويل عبارة عن: [مجموعة الوسائل والأساليب والأدوات التي نستخدمها لإدارة المشروع للحصول على الأموال اللازمة لتغطية نشاطاتها الاستثمارية والتجارية]([19]).

وهذا العقد يتم بين مُتَعَاقِدَيْن هما العميل طالب التمويل والشركة الممولة العاملة في مجال الوساطة في الأوراق المالية؛ حيث يكون محل التعاقد تمويل شراء أوراق مالية عن طريق الهامش.

وهو عقد جديد من العقود غير المسماة في الفقه الموروث، كما أنه عقد صحيح لخلوه من مبطلات العقود المفسدة للرضا والإرادة كالجهالة والغرر والغبن والاستغلال والإكراه.

بل يتوفر فيه الأصل العام الذي تقبل به العقود والمعاملات ولو كانت مستحدثة من:

1- عدم مخالفة هذا العقد لنصٍّ قطعيٍّ.

وهذا ما نلاحظ تقريره من الإمام الشاطبي في قوله في “الموافقات”: [وما كان من العاديات يُكْتَفَى فيه بعدم المنافاة؛ لأن الأصل فيها الالتفات إلى المعاني دون التعبد، والأصل فيها الإذن حتى يدل الدليل على خلافه]([20]).

2- تحقيق المعاملة لمصلحة المتعاقدين.

3- الحفاظ على اتزان السوق.

ولا يضرُّ في هذه المعاملة اشتمالها على خطر؛ لأن التجارة قرينة المخاطرة وخاصة في الأسواق التي تكون سرعة التداول فيها عالية كأسواق رأس المال.

والذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداثُ عقودٍ جديدةٍ مِن العقود غير المسمَّاة في الفقه الموروث ما دامت خاليةً من الموانع الشرعية ومحققةً لمصالح أطرافها([21]).

-ومن الفتاوى التي كشفت عن مقصد الشرع في تلبية حاجات الناس عن طريق المعاملات المالية: فتوى دار الإفتاء المصرية عن حكم البيع بالتقسيط مع تحديد زيادة الثمن في مقابل الأجل، فقد سئلت الدار: يقول السائل: إذا احتجت إلى سلعة معينة فأقوم بطلبها من تاجر؛ فيقوم هذا التاجر بشرائها ثم يسلمها لي، وأقوم بتقسيط ثمنها إليه مع زيادة محددة في الثمن متفق عليها؛ فما حكم ذلك شرعًا؟

فجاء في الجواب: من المقرر شرعًا: أنَّه يصحّ البيعُ بثمنٍ حالّ وبثمنٍ مؤجل إلى أجلٍ معلوم، والزيادة في الثمن نظير الأجل المعلوم جائزة شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ لأنَّها من قبيل المرابحة، وهي نوعٌ من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل؛ لأنَّ الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقة إلا أنَّه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لأجله إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن قصدًا؛ لحصول التراضي بين الطرفين على ذلك، ولعدم وجود موجب للمنع، ولحاجة الناس الماسّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين.

ولا يُعَدّ ذلك مِن قبيل الربا؛ لأنَّ القاعدة الشرعية “إذا توسطت السلعة فلا ربا”.

وعليه وفي واقعة السؤال: فهذا من قبيل البيع بالتقسيط، وهو نوع من بيع المرابحة الجائز([22]).

فقد ذكرت الفتوى أن البيع بالتقسيط محقق لحاجات الناس وليس القصد منه المراباة أو الربح غير المشروع، وهو من جملة المعاملات التي شرعها الشارع لحاجة الناس إليها ولتحقيق مصالحهم.

 

 

 

([1]) أخرجه أبو داود، رقم (3074)، والترمذي، رقم (1379)، وقال: حديث حسن صحيح.

([2]) أخرجه النسائي في السنن الكبرى، رقم (5724)، وصححه ابن حبان، رقم (5202).

([3]) تقدم تخريجه.

([4]) انظر: موسوعة أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام، للشيخ عطية صقر (6/255)، مكتبة وهبة-القاهرة.

([5]) إحياء الأرض الموات في الشريعة الإسلامية، للدكتور محمد عبد ربه السبحي، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الثاني لكلية الحقوق-جامعة طنطا في الفترة من 29-30/4/2015م.

([6]) انظر: موقع دار الإفتاء المصرية، فتوى فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، بتاريخ: 25 يناير 2005م.

([7]) انظر: موقع دار الإفتاء المصرية، فتوى فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، بتاريخ: 24 يناير 1980م.

([8]) مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى للرحيباني (4/64)، المكتب الإسلامي.

([9]) انظر: موقع دائرة الإفتاء الأردنية، فتوى بحثية رقم (3574)، بتاريخ: 15-07-2020م.

([10]) المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازة (7/136)، دار الكتب العلمية-بيروت.

([11]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (5/3)، دار الكتب العلمية.

([12]) السابق نفسه.

([13]) انظر: موقع دائرة الإفتاء الأردنية، فتوى بحثية رقم (3071)، بتاريخ: 27-04-2015م.

([14]) انظر: الضوابط المعيارية لصيغ الاستثمار في المؤسسات المالية الإسلامية للدكتور محمود علي السرطاوي (ص93)، دار الفكر ناشرون وموزعون، عمان-الأردن، الطبعة الأولى، 2015م.

([15]) انظر: الأم للشافعي (3/29)، ط. دار المعرفة.

([16]) الاختيار لتعليل المختار لابن مودود الموصلي (2/29)، ط. الحلبي.

([17]) البيان والتحصيل لابن رشد المالكي (8/220)، ط. دار الغرب الإسلامي.

([18]) انظر: موقع دار الإفتاء المصرية، الفتوى رقم (17106)، بتاريخ: 13 فبراير 2022م.

([19]) أساسيات التمويل والإدارة المالية، للدكتور عبد الغفار حنفي (ص117)، ط. دار الجامعة الجديدة للنشر.

([20]) الموافقات للشاطبي (1/285)، ط. دار ابن عفان.

([21]) انظر: موقع دار الإفتاء المصرية، الفتوى رقم (15657)، بتاريخ: 11 سبتمبر 2019م.

([22]) انظر: موقع دار الإفتاء المصرية، الفتوى رقم (17409)، بتاريخ: 24 نوفمبر 2007م.

اترك تعليقاً