البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

ثانيًا: كتب النوازل

«مسائل في نوازل الحج» الدكتور/ أحمد بن محمد الخليل

195 views

 التعريف بالمؤلف:

 

هو الدكتور/ أحمد بن محمد بن حسن بن إبراهيم الخليل، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة، والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم -السعودية-.

(سبقت ترجمته في كتاب: زكاة المدين وتطبيقاتها المعاصرة)

التعريف بالكتاب وموضوعاته:

  • كتاب «مسائل في نوازل الحج» عبارة عن مجموعة من البحوث المتعلقة في نوازل الحج،

سبق وأن نشرها الخليل متفرقة، ثم عزم على جمعها في مصنف واحد مع زيادة بعض المسائل إليها.

  • وبدأ الخليل كتابه بمسألتين كانتا كما يبدو أهم مسائل كتابه، حيث استغرق بحثهما ما يقترب من (90) صفحة كاملة، وهي مسألة “الإحرام بالإزار المخيط” ومسألة “الإحرام من جدة” أما المسألة الأولى فقسَّمها إلى سبعة مطالب تتناول تصوير المسألة وسبب الخلاف فيها بين الفقهاء وآراء العلماء والحديث عن حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وتعامل الفقهاء معه وَجِهَة الاستدلال منه، أما المسألة الثانية فذكر في بدايتها حكم الإحرام من جدة، ثم شرع في مسألة “محاذاة الميقات” على اعتبار ارتباطها بالمسألة الرئيسية، وذكر فيها أحكام المحاذاة وكيفيتها، وموضع الإحرام عند الجهل بالمحاذاة أو عدمها.

ثم عرض الخليل في الكتاب لمجموعة أخرى من النوازل المتعلقة بالحج منها حكم اتخاذ المشاعر أماكن للتنزه والزيارة، وأخذ المال لمرافقة حملات الحج، واستعمال المرأة ما يجلب الحيض أو يقطعه في الحج، ولبس المحرم الجورب للضرورة، واشتراط الضمان البنكي للحملات والإيداع والأشخاص، والبناء والتملك في المشاعر، والتحلل بالقصات الحديثة، وحكم الحج السريع، وحكم الحلق بآلة الحلاقة، وهل يعد حلقا أم تقصيرا، وحكم الرمي من الأدوار العليا، والحج بجواز سفر مزور، ولبس الكمامات للمحرم، وغير ذلك من النوازل التي ذكرها الخليل في كتابه.

وفي كل مسألة من تلك المسائل أو النوازل، يحاول الخليل تصويرها إن احتاجت إلى تصوير، ثم ذكر الآراء وأقوال الفقهاء فيها، حتى لو كانت من المسائل الحديثة، حاول إيراد مسائل المعاصرين، ثم الترجيح بين الأقوال، وقد أكد في بداية كتابه أن الترجيح كان نتيجة لعمله ورؤيته هو.

القيمة العلمية للكتاب:

طرأت العديد من المتغيرات في زماننا في أنواع الملابس وطرق السير ووسائل المواصلات ونحو ذلك مما له ارتباط وثيق بمشاعر الحج والعمرة، مما أعطى لدراسة نوازل الحج أهمية كبيرة لمحاولة تصوير المسائل الحادثة وتأصيلها الشرعي، ومن ثم بيان أحكامها لزائري البيت الحرام.

وهنا تظهر أهمية كتاب «نوازل الحج» للخليل، مع كثرة المسائل الحديثة التي تناولها، فعلى سبيل المثال فإن المسألة التي صدَّر بها الخليل كتابه من المسائل التي لم تبحث قبل كتابه بالشكل الكافي، وقد أولاها عناية كبيرة في الكتاب، وحاول تصويرها وتأصيلها بشكل تام، وهي مسألة لبس “الإزار المخيط”، وقد أطال في مناقشة المسألة، واهتم كثيرا بعمدة الباب وهو حديث ابن عمر فيما يلبسه المحرم من الإزار والرداء.

كما يُظهِر مواكبة الكتاب لمستجدات العصر في مسألة المحاذاة المكانية، ومسألة الإحرام من جدة، لما طرأ من ظروف رحلات الطيران، وما في الإحرام منها من تيسير على الحجيج، فتناولها أيضا في الكتاب وعرض الأقوال ومناقشتها، ثم عرض وجهة نظره في الراجح.

وهذا بالإضافة إلى العديد من مسائل النوازل التي مست الحاجة إلى معرفة حكمها الشرعي مع انتشارها بين الناس، وحاجتهم إلى تجليه موقف الشرع منها، منها على سبيل المثال: أخذ المال لمرافقة حملات الحج، كما يحدث الآن فيما يخص بعض طلبة العلم والمتخصصين الذي يستعان بهم لمرافقة بعثات الحج للإجابة عن استفساراتهم فيما يخص المناسك وإرشادهم للصواب، مع الكثير من المسائل الأخرى التي يحتاج إليها الآن.

كما أن الكتاب تضمن العديد من رأي المعاصرين من أهل العلم، وهو ما جعل الكتاب من مظان معرفة أقوال أهل العلم لا سيما علماء الحجاز، وقرارات هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء.

نماذج من فتاوى الكتاب:

1- قال الخليل: “معنى المحاذاة: فهم بعض المعاصرين المحاذاة فهمًا -يختلف عما سبق تقريره في
مذهب العلماء اختلافًا جوهريًّا- له أثره في اختلاف الأحكام والآثار، ولذا كانت الحاجة ماسة لمعرفة ذلك والتعرف على مستنده وتمييز صحيحه من سقيمه، وقد وقفتُ على ثلاثة أقوال في ذلك، وإليك كل قول مع مناقشته…

القول الأول: في معنى المحاذاة: أن المحاذاة تعني المساواة في البُعد عن الحرم مطلقا، دون اشتراط أن يكون المكان المحاذي عن يمين الميقات، أو يساره، أو أن يكونا في جهة واحدة …

القول الثاني في معنى المحاذاة: أن المحاذاة تعني كل بقعة تقع على الخط الواصل بين المواقيت، وبيان ذلك أن يوصل خط بين كل ميقات، من المواقيت الخمسة والميقات الذي يليه حتى نصل إلى
الميقات الأول، وحينئذ تحيط هذه الخطوط بمكة من كل جانب، وهذه الخطوط هي خطوط المحاذاة؛ فلا يتجاوزها المتجه إلى مكة يقصد الحج، أو العمرة إلا محرما … “.

القول الثالث: أن معنى المحاذاة يتمثل في كل بقعة تقع على خط مستقيم يمر بالميقات، ويتعامد مع الخط الواصل بين الميقات ومكة في زاوية قائمة أي بدرجة 90([1]).

2- قال الخليل: “نعود للمسألة النازلة محل البحث، وهي ما حمل من تفاوت بين
التقويم والرؤية، كما تقدم شرحه.

وقد تأملتُ هذه المسألة وكذلك تدارستها مع جملة من الفضلاء، وبَعد النظر والمدارسة صار ملخص الأقوال كما يلي:

القول الأول: إذا خرجوا لعذر فعليهم دم؛ لترك الواجب، وقد تركوا الرمي، وطواف الوداع، والمبيت ليلة الثاني عشر؛ فعليهم دم عن الرمي، وآخَرُ عن طواف الوداع، وطعام مسكين عن مبيت ليلة. وهذا القول متوافق مع كلام جمهور الفقهاء كما تقدم.

القول الثاني: يعتبر محصرا ويفدي…؛ لأنه محصر.

القول الثالث: يجمع رمي اليومين جمع تقديم (ويشكل على هذا القول أنه لا قائلٌ به من المتقدمين فيما أعلم؛ أعني جمع التقديم مع التعجل، أما بدون تعجل فهو قول معروف).
قلت: ولعل الأقرب أن لكل حاج حالًا خاصًّا، فيُسأل عن حاله، فإذا تبين أنه اضطر للخروج يوم الحادي عشر فيوكِّل للرمي؛ لأنه معذور بهذا التوكيل فهو لا يستطيع الرمي، وعليه دم لترك طواف الوداع، وإطعام مسكين لترك مبيت ليلة ١٢ وإذا خرج بلا ضرورة فعليه ما تقدم دم لترك الرمي لأنه لا يصح أن يوكل مع قدرته على الرمي”([2]).

([1]) ينظر: كتاب مسائل في نوازل الحج، لأحمد بن محمد الخليل، دار اللؤلؤة، بيروت، الطبعة الأولى، 2019م (ص 78- 80).

([2]) ينظر: كتاب مسائل في نوازل الحج (ص 159- 160).

اترك تعليقاً