البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الفصل الأول مسائل "المفتي" الأصولية

المبحث الثاني: التعريف بـ"المفتي" في النظر الأصولي والتطبيق المعاصر

102 views

أولًا: المفتي لغة واصطلاحًا:

المفتي اسم فاعل من “أفتَى يُفتي إفتاءً”، وقد سبق التعريف بالإفتاء لغةً واصطلاحًا([1]).

وعلى ما مر فإن المفتي لغة: مَن يُبيِّن الحوادث المبهمة([2]).

واصطلاحًا: المجيب في الأمور الشرعية والنوازل الفرعية([3]).

وقد عُرِّف المفتي بتعريفاتٍ أُخرى أكثر تقييدًا؛ منها ما عرفه به ابن حمدان من أنه: «المخبِر بحكم الله تعالى لمعرفته بدليله»([4])؛ فقيده بكونه عارفًا بدليل الحكم الذي يُفتي به، كما عرَّفه بعضهم بالنظر إلى أهليته وقدرته على الاجتهاد واستنباط الأحكام من مظانها وتوافر شروط الاجتهاد فيه([5])؛ وتعددت تعريفاته من هذه الجهة بناء على مسألةٍ اختلف فيها الأصوليون، وهي إطلاق لفظ “المفتي” على مَن لم يستوف العلومَ المؤهِّلَة للإفتاء في سائر أبواب الفقه بل في بابٍ أو مسألة؛ فقد اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال؛ بيانها فيما يلي:

القول الأول: لا يُطلَق “المفتي” إلا على مَن استوفى العلوم المؤهلة.

وهو قولٌ عند الشافعية([6]) ومتقدمي الحنابلة([7])، وأبي الحسين من المعتزلة([8]). قال الصيرفي عن “المفتي”: «موضوع هذا الاسم لمن قام للناس بأمر دينهم وعَلِمَ جُمَل عموم القرآن وخصوصه وناسخه ومنسوخه، وكذلك في السنن والاستنباط، ولم يوضَع لمن عَلِمَ مسألةً وأدرك حقيقتها؛ فمن بلغ هذه المرتبة سموه هذا الاسم، ومن استحقه أفتى فيما استُفتي»([9]).

ومِن هنا عُرِّف “المفتي” بأنه: «مَن كان عالمًا بجميع الأحكام الشرعية بالقوة القريبة من الفعل»([10])، وبأنه: «المستقل بأحكام الشرع نصًّا واستنباطًا»([11]).

وقد استدل هؤلاء بأن لتناسب الأحكام وتجانس الأدلة امتزاجًا لا يتحقق إحكام بعضها إلا بعد الإشراف على جميعها([12]).

القول الثاني: مَن عَلِمَ جنسًا من العلم بدلائله وأصوله وقصَّر فيما سواه يسمى أيضًا مفتيًا.

وهو قول عن الشافعية([13]).

واستدلوا بأن مَن كان كذلك كان محيطًا بأصول هذا الجنس من العلم ودلائله فيكون مفتيًا فيه([14]).

 القول الثالث: مَن عَلِمَ الفرائض بدلائلها وأصولها وقصَّر فيما سواها يكون مفتيًا فيها، أما غيرها فلا.

وهو قول ابن الصباغ وحسَّنه الزركشي([15])، واستدلوا بأن الفرائض لا تُبنى على غيرها؛ بخلاف ما عداها من الأحكام فإنها يرتبط بعضها ببعض([16]).

والخلاف هنا مبني على مسألة “تجزؤ الاجتهاد” وسيأتي الحديث عنها في المطلب الثامن من هذا المبحث كما سيأتي بحث أنواع المفتي بالتفصيل في المسألة الرابعة من المطلب الثالث من هذا المبحث.

ثانيًا: شروط وصفات المفتي:

وضع الأصوليون عدة شروط وصفات ينبغي توافرها في المشتغل بعلوم الشريعة ليصح كونه مجيبًا في الأمور الشرعية والنوازل الفرعية، وبيان هذه الشروط والصفات فيما يلي([17]):

1- العقل والبلوغ والإسلام. وسيأتي بحث ذلك في المسألة الأولى من المطلب الثالث من هذا المبحث.

2- الاجتهاد. وسيأتي بحث ذلك في المسألة الرابعة من المطلب الثالث من هذا المبحث.

3- العدالة. وسيأتي بحث ذلك في المسألة الثانية من المطلب الثالث من هذا المبحث.

4- الوسطية. والمراد بها البعد عن طرفي التشدد والتساهل؛ يقول ابن السمعاني في شروط المفتي: «أن يكون ضابطًا نفسه من التسهيل كافًّا لها عن الترخيص حتى يقوم بحق الله تعالى في إظهار دينه ويقوم بحق مستفتيه… وكما لا يجوز أن يطلب الرخص والشُّبَه كذلك لا يجوز أن يطلب التغليظ والتشديد»([18])؛ فالمفتي البالغ ذروة الدرجة –كما عبَّر الشاطبي- هو الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور فلا يذهب بهم مذهب الشدة ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال([19]).

ومن الجدير بالذكر أن العلماء قد حددوا آدابًا للمفتي وضوابط للإفتاء، ووضعوا في ذلك المصنفات المفردة؛ كأدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح وآداب الفتوى والمفتي والمستفتي للنووي وصفة الفتوى لابن حمدان وغير ذلك كثير([20])، وتعد الأحكام المذكورة في هذه المصنفات داخلة في نطاق الفقه الإسلامي لا أصول الفقه كما هو ظاهر.

ثالثًا: الفرق بين “المفتي” وغيره من المناصب الشرعية:

يشترك مع لقب “المفتي” من حيث كونه لقبًا يُشترَط في صاحبه أن يكون مؤهلًا تأهلًا علميًّا شرعيًّا عدة ألقاب أُخَر؛ وأهم هذه الألقاب هي: الأصولي، والمجتهد، والفقيه، والقاضي، والمحكِّم، وفيما يلي بيان الفرق بين “المفتي” وكلٍّ من هذه الألقاب والمناصب العلمية الشرعية.

1- الفرق بين المفتي والفقيه والمجتهد:

الفقيه صيغة مبالغة من “فقه” على وزن “فعيل”، فهو: مَن قامت به صفة الفقه؛ لأن مَن قامت به صفةٌ جاز أن يُشتق له منها اسم فاعل([21])، والفقه لغة: مصدر فقه؛ يُقال: فقه بكسر القاف وضمها وفتحها؛ فالأول: لمطلق الفَهم، والثاني: إذا كان الفقه له سجية، والثالث: إذا ظهر على غيره؛ قال الفيروزابادي: «فقه ككَرُمَ وفَرِحَ فهو فقيه، وفقُه كنَدُس… وفقِهَه كعَلِمه: فَهِمَه»([22])، وقال ابن فارس: «كل علم بشيء فهو فقه»([23])، وقال الفيومي: «الفقه: فهم الشيء»([24])، فالحاصل أن الفِقه هو في اللغة: الفَهم([25]).

والفقه اصطلاحًا: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية([26]). وقيل: هو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد؛ كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة، وأن الوتر مندوب، وأن النية من الليل شرط في صوم رمضان، وأن الزكاة واجبة في مال الصبي، وغير واجبة في الحلي المباح، وأن القتل بمثقل يوجب القصاص، ونحو ذلك من مسائل الخلاف، بخلاف ما ليس طريقه الاجتهاد؛ كالعلم بأن الصلوات الخمس واجبة، وأن الزنا محرم، ونحو ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى فقهًا([27]).

ومن هنا عرَّف الأصوليون الفقيه بأنه: «العالم بأحكام أفعال العباد التي يسوغ فيها الاجتهاد»([28]).

وإطلاق اسم “الفقيه” على العالِم بالأحكام الشرعية بالاستنباط هو الاستخدام الأصولي المقرر؛ ومحصله أنه ينبغي ليُسمَّى فقيهًا أن يكون عنده ملكة الاستنباط لا مجرد حفظ الفروع، أما الحافظ للفروع فلم يسمه الأصوليون “فقيهًا” وإن اشتهر هذا الإطلاق عند غيرهم([29])، والأصوليون يسمونه “فروعيًّا”؛ فالمسائل المدونة في كتب الفقه ليست بفقه اصطلاحًا عندهم وحافظها ليس فقيهًا، وإنما هي نتائج الفقه، والعارف بها “فروعي”، وإنما الفقيه هو الذي يُنتِج تلك الفروع عن أدلة صحيحة([30]).

وبهذا الاستخدام الأصولي لمصطلح “فقيه” اتحد مفهومه مع مفهوم “المجتهد” عندهم([31]).

ولما اشترط الأصوليون “الاجتهاد” في “المفتي” استخدموا في كتب الأصول الألفاظ الثلاثة بمعنًى واحد؛ فالمفتي في اصطلاح الأصوليين هو المجتهد وهو الفقيه([32]).

ولكن لما كان الاجتهاد على درجاتٍ كما سيأتي في المسألة الرابعة من المطلب الثالث من هذا المبحث؛ فالمفتي أيضًا على ذاتِ الدرجات، ويزيد على درجات الاجتهاد أن مَن أُطلق عليه الأصوليون “فروعيًّا” يصح أن يُسمى مفتيًا أيضًا كما سيأتي في ذات المسألة، وكما سيأتي في مسألة “مفتي الضرورة” و”تجزؤ الاجتهاد”.

وقد فرَّق السبكي بين الفقيه والمفتي بأن الأول يستنبط الحكم الشرعي في المسألة مجردةً عن الوقائع؛ فالفقيه ينظر في أمور كلية وأحكامها، أما المفتي فينظر إلى الوقائع الجزئية وتنزيل ما تقرر من أحكام الاجتهاد الشرعي عليها؛ فعلى المفتي أن يعتبر ما يُسأل عنه وأحوال تلك الواقعة، ويكون جوابه عليها؛ فإنه يُخبِر أن حكم الله في هذه الواقعة كذا؛ بخلاف الفقيه المطلَق المصنِّف المعلِّم لا يقول: “في هذه الواقعة”، بل يقول: “في الواقعة الفلانية”، وقد يكون بينها وبين هذه الواقعة فرقً؛ ولهذا فقد لا يستطيع كثيرٌ من الفقهاء أن يُفتوا؛ فخاصية المفتي: تنزيل الفقه الكلي على الموضع الجزئي، وذلك يحتاج إلى تبصُّرٍ زائدٍ على حفظ الفقه وأدلته([33]).

فالفقيه يستنبط أحكام الله تعالى من الأدلة التفصيلية، وتلك الأحكام تحقق مقاصد الشريعة الكلية، وأما المفتي فيدرس الواقع ثم يلتفت إلى الفقه ليأخذ منه حكم الله تعالى في مثل هذه الواقعة بما يحقق مقاصد الشريعة.

ومن هذه الجهة اشتُرط في المفتي اليقظة ومعرفة الناس؛ قال ابن عابدين عن المفتي: «وشرط بعضهم تيقظه احترازًا عمن غلب عليه السهو والغفلة؛ قلت: وهذا شرطٌ لازم في زماننا… فلابد أن يكون المفتي متيقظًا يعلم حيل الناس ودسائسهم… ولهم مهارة في الحيل والتزوير وقلب الكلام وتصوير الباطل بصورة الحق… والحاصل أن غفلة المفتي يلزم منها ضرر عظيم في هذا الزمان»([34]).

كما فرقوا أيضًا بين المفتي والمجتهد بأن العدالة شرطٌ في المفتي لا في المجتهد([35]).

وحاصله أن المجتهد قد يكون مفتيًا وقد لا يكون، والمفتي قد يكون مجتهدًا وقد لا يكون.

2- الفرق بين المفتي والقاضي:

القاضي اسم فاعل من “قَضَى يقضي قضاءً” بمعنى: حَكَمَ؛ يقول ابن فارس: «القاف والضاد والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته؛ قال الله تعالى: {فقضاهن سبع سماوات في يومين}([36])؛ أي: أحكم خلقهن… والقضاء: الحكم… ولذلك سُمي القاضي قاضيًا، لأنه يُحكِم الأحكام ويُنفِذُها»([37]).

والقضاء اصطلاحًا هو: إلزام ذي الولاية بحكمٍ شرعي بعد الترافع إليه([38]).

ويفترق القاضي عن المفتي بأمور؛ هي:

أولًا: أن المفتي لا يُلزم المستفتي بفتواه بل هو مخبرٌ عن الحكم للمستفتي؛ بخلاف القاضي فهو يُلزِم المتقاضين بالحكم، وله حق الحبس والتعزير عند عدم الامتثال، كما أن له إقامة الحدود والقصاص([39]).

ثانيًا: أن مرتبة القاضي أخص من رتبة المفتي؛ لأنه ينظر فيما ينظر فيه المفتي من الأمور الجزئية وزيادة ثبوت أسبابها ونفي معارضتها وما أشبه ذلك، وتظهر للقاضي أمور لا تظهر للمفتي؛ فالمفتي ليس من شأنه أن يفحص الأدلة والبينات ويستجلب الشهود، بل هذا من صميم عمل القاضي([40]).

قال ابن السمعاني عن الحاكم؛ أي: القاضي: «يلزم الحاكم من الاستظهار في الاجتهاد أكثر مما يلزم المفتي»([41])؛ وإنما افترقا في ذلك لأن في القضاء إلزامًا ليس في الفتيا ويجب فيه ما لا يجب في الفتيا([42]).

ثالثًا: أن قرابة وصداقة وعداوة المستفتي لا تؤثر في صحة الفتوى كما تؤثر في القضاء والشهادة، فيجوز أن يفتي أباه أو ابنه أو صديقه أو شريكه أو يفتي على عدوه، فالفتوى في هذا بمنزلة الرواية؛ لأن المفتي في حكم المخبر عن الشرع بأمر عام لا اختصاص له بشخص، ولأن الفتوى لا يرتبط بها إلزام؛ بخلاف حكم القاضي([43]).

رابعًا: أن كل ما يتأتى فيه القضاء تتأتى فيه الفتوى ولا عكس، ذلك أن العبادات كلها لا يدخلها القضاء وإنما تدخلها الفتيا فقط؛ فلا يدخل تحت القضاء الحكم بصحة الصلاة أو بطلانها، وكذلك أسباب العبادات كمواقيت الصلاة ودخول شهر رمضان وغير هذا من أسباب الأضاحي والكفارات والنذور والعقيقة؛ لأن القول في كل ذلك من باب الفتوى وإن حكم فيها القاضي.

وعليه فإن الفتوى أعم من القضاء من جهة الموضوعات التي تتناولها، ويزيد القضاء في الإلزام، وكذلك تفارق الفتوى القضاء في أن هذا الأخير إنما يقع في خصومة يستمع فيها القاضي إلى أقوال المدعي والمدعى عليه، ويفحص الأدلة التي تقام من بينة وإقرار وقرائن، أما الفتوى فليس فيها كل ذلك، وإنما هي واقعة يبتغي صاحبها الوقوف على حكمها من واقع مصادر الأحكام الشرعية([44]).

ويتبين بهذا أن المفتي والقاضي يختلف عن الفقيه بأن القضاء والفتوى أخص من العلم بالفقه؛ لأن هذا أمر كلي يصدق على جزئيات أو قواعد متنوعة، وبعبارة أخرى: فإن عمل المفتي والقاضي تطبيقي، وعمل الفقيه تأصيل لقاعدة أو تفريع على أصل مقرر([45]).

3- الفرق بين “المفتي” و”الأصولي”:

الأصولي منسوب إلى “الأصول”، والمراد: “أصول الفقه”، و”أصول الفقه” لفظ مُركَّبٌ من جزأَين؛ مضافٍ ومضافٍ إليه: أصول وفقه، وقدْ صَارَ لَقَبًا لفنِّ خاصٍّ فأصبَحَ مُفردًا؛ ومن هنا كان له تعريف بالمعنى الإضافي وتعريفٌ آخر بالمعنى اللقبي:

فأما “أصول الفقه” بالمعنى الإضافي؛ فـالأصول منها هي لغة: جمع “أصلٍ”؛ مشتقٌّ من “أَصَلَ”؛ يقول ابن فارس: «الهمزة والصاد واللام ثلاثة أصول متباعد بعضها من بعض؛ أحدها: أساس الشيء»([46])، فالأصل في اللغة: ما يُبنَى عليه غيرُهُ([47]).

وللأصل اصطلاحًا معانٍ؛ منها: الدليلُ، والقاعدةُ الكليَّةُ، والراجحُ، والمُسْتَصْحَبُ، وإذا أُضيفتِ الأصول إلى الفقه كان أنسب معنًى لها: القواعد والأدلةُ(([48].

والفقه سبق تعريفه.

وأما تعريف “أصول الفقه” بالمعنى اللقبي؛ أي: باعتباره فنًّا من الفنون المدوَّنة؛ فهو: «معرفة دلائل الفقه إجمالًا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد»([49]).

فالأصولي هو: العالِم بأصول الفقه([50])؛ أي: بدلائل الفقه الإجمالية وكيفية استنباط الأحكام منها وحال مستنبطها الذي هو المجتهد وما يتعلق بهذه الأمور من مسائل. هذا هو الأصولي، وهو يفترق عن المجتهد؛ فإن المجتهد مستنبطٌ للأحكام من الأدلة، ويفترق أيضًا عن المفتي؛ فإنه كالمجتهد على ما مر، وعليه فالأصولي المكتفي بعلم أصول الفقه لا يصلح مفتيًا لعدم حصول ملكة الاستنباط له؛ وبذلك يفترق عن المجتهد والمفتي؛ ولقد قطع الإمام أبو المعالي وغيره بأن الأصولي الماهر المتصرف في الفقه لا تحل له الفتوى بمجرد ذلك، ولو وقعت له في نفسه واقعة لزمه أن يستفتي غيره فيها([51])؛ قال ابن الصلاح: «وهذا لأنه ليس أهلًا لإدراك حكم الواقعة استقلالًا؛ لقصور آلته، ولا من مذهب إمامٍ متقدم لعدم حفظه له وعدم اطلاعه عليه على الوجه المعتبر»([52]).

4- الفرق بين المفتي والمُحَكَّم:

المُحَكَّم اسم فاعلٍ من “حكَّم يُحكِّم تحكيمًا”، يقال: حكَّمه في الأمر والشيء، أي: جعله حَكَمًا وفوَّض الحكم إليه([53])، وفي التنزيل العزيز: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}([54]).

والمحكَّم في الاصطلاح: مَن يتخذه الخصمان حاكمًا بينهما برضاهما لفصل خصومتهما([55]).

والمحكَّم في منزلة وسط بين الإفتاء والقضاء؛ فالتحكيم يشترك مع القضاء في أنه يقتصر على غير العبادات وفي الإلزام؛ إلا أن القضاء أشمل من التحكيم لأن قوة الإلزام والإنفاذ فيه كاملة بخلاف التحكيم؛ كما أن التحكيم يُشترط فيه رضا الطرفين بالمحكَّم والقضاء يكفي فيه رفع أحدهما الدعوى ولو بلا رضا من الآخر.

ويشترك التحكيم مع الإفتاء من جهة كون الإلزام في التحكيم منشؤه رضا الطرفين؛ ومن هنا كان لكل واحدٍ من الخصمين أن يرجع ما دام المحكَّم لم يُصدر حكمه؛ لأنه مقلَّد من جهتهما فلهما عزله قبل أن يحكُم([56])، والإفتاء لا إلزام فيه ابتداء وانتهاء.

كما يشترك الإفتاء مع التحكيم في أن طالب الفتوى وطالب التحكيم له حرية اختيار المفتي وحرية اختيار المحكَّم؛ بخلاف القضاء.

وأخيرًا يُلاحظ أنه قد تتشابك تلك الوظائف؛ أي: المفتي والفقيه والقاضي والأصولي والمحكَّم؛ بعضها مع بعض؛ فيقوم القاضي بدور الفقيه أو المفتي، ويقوم الفقيه بدور المفتي والمحكَّم وهكذا؛ بل قد يشتبك المفتي بالمستفتي؛ يقول الزركشي: «ثم إن قلنا بتجزؤ الاجتهاد فقد يكون الشخص مفتيًا بالنسبة إلى أمرٍ مستفتيًا بالنسبة إلى الآخر»([57])؛ إلا أنه سيظل هناك فرق بين تلك المفاهيم ووظائف القائمين عليها.

“المفتي” في التطبيق المعاصر:

تبيَّن من تعريف المفتي والكلام على الفرق بينه وبين الفقيه والمجتهد أن المفتي في العصور الأولى كان رديفًا للمجتهد المطلق أو المجتهد المقيَّد القادر على الاستنباط والترجيح؛ حيث كان الاجتهاد شرطًا في الإفتاء، ثم خُفف في هذا الشرط حتى أُجيز أن يكون قادرًا على التخريج ثم حافظًا أو ملمًّا بمذهب إمامه فيُفتي به. وسيأتي بحث اشتراط الكفاية العلمية في المفتي.

وبهذا التخفيف في شرط الاجتهاد صح على “مَن يُصدِر الفتوى” في عصرنا الحاضر وصف “المفتي”؛ ومن هنا عرَّفه الميثاق العالمي للفتوى الصادر عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بأنه: «مَن يتصدى للإفتاء في هيئات الإفتاء المختلفة ووسائله»([58])، أي: ووسائل الإفتاء المختلفة؛ كما عُرِّف أيضًا بأنه “مَن يُصدِر الفتوى”؛ فيشمل المفتين المستقلين والمنتسبين لهيئات وطنية أو مستقلة؛ ذلك أنه في التطبيق المعاصر لوظيفة المفتي يأتي “المفتي” على عدة أشكال:

الشكل الأول: المفتي الرسمي:

وهو المنتسب إلى الهيئة الوطنية التي ينص تشريع الدولة على اختصاصها بالفتوى.

ومثالها: دار الإفتاء المصرية([59])، ومجلس الإمارات للإفتاء الشرعي([60])، واللجنة الدائمة للبحوث والفتوى السعودية([61])، ودار الإفتاء الفلسطينية([62])، ودائرة الإفتاء العام الإردنية([63])، ونحو ذلك.

وكما كان للمفتي في التناول الأصولي درجاتٍ بناء على كفاءته العلمية فإن للمفتي الرسمي في التطبيق المعاصر درجات أيضًا، وبيانها فيما يلي:

الدرجة الأعلى:

المفتي الرسمي قد يكون أعلى جهة إفتائية في الدولة، ويُطلق عليه “المفتي العام” كما في التشريع الفلسطيني والتشريع الأردني والتشريع الليبي([64])، أو “مفتي الجمهورية” كما في التشريع المصري([65]) والتشريع اللبناني([66]).

الدرجة التالية:

وهي درجة تلي درجة “المفتي العام”، وقد يُطلق عليه “المفتي” مطلقًا كما في التشريع الفلسطيني والتشريع الأردني([67])، أو “أمين الفتوى” كما في التشريع المصري([68])، أو “مفتي المنطقة” كما في التشريع اللبناني([69])، أو “مفتي الفرع” كما في التشريع الليبي([70]).

الدرجة الثالثة:

وهي تلي درجة “أمين الفتوى” السابق بيانها، وقد يُطلَق عليها “المفتي المحلي” كما في التشريع الليبي([71])، أو “الباحث الشرعي” كما جرى العمل عليه في دار الإفتاء المصرية.

والإفتاء الرسمي تغلب عليه صفة الجماعية؛ فكثيرًا ما تصدر فتاواه منسوبة إلى مجلس يحوي أكابر المفتين في الهيئة الوطنية يرأسه “المفتي العام”، ويسمى “مجلس الإفتاء الأعلى” كما في التشريع الفلسطيني([72]) أو “مجلس الدار” كما في التشريع الليبي([73]) أو “أمانة الفتوى” كما في التشريع المصري([74]).

الشكل الثاني: المفتي شبه الرسمي:

وهو المنتسب إلى هيئة شرعية وطنية أو معترَف بها إسلاميًّا بخلاف الهيئة الوطنية التي ينص تشريع الدولة على اختصاصها بالفتوى.

ويدخل تحت هذا النوع من المفتين مَن يلي:

أولًا: المفتي المنتسب إلى مجمع فقهي معترَف به إسلاميًّا؛ كمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، والمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة.

وهذه المؤسسات يغلب عليها صفة الجماعية في الفتيا؛ فتتبع نهج الاجتهاد الجماعي لإصدار الفتوى.

ثانيًا: العلماء الشرعيون المنتسبون إلى جهة وطنية رسمية ويتصدرون للفتوى؛ مثالهم: المنتسبون إلى الهيئات الوطنية القائمة على الوعظ والإرشاد في الدول التي توجد بها دار إفتاء رسمية؛ كعلماء وزارة الأوقاف المصرية، ومثالهم أيضًا: أساتذة الشريعة في الجامعات الوطنية، ويدخل فيهم أيضًا: المتصدرون للفتوى في بلدٍ ليس فيه إفتاء رسمي؛ كبلاد الأقليات المسلمة؛ بشرط بشرط أن يكون تحت رعايةٍ من دولتهم أو من أحد المؤسسات الرسمية في دولة إسلامية،

الشكل الثالث للمفتي: المفتي غير الرسمي:

ويشمل غير مَن مر ممن يتصدر للفتوى؛ سواء من المتخصصين في الشريعة أو غيرهم؛ كمتصدري الفتوى في الجماعات الإسلامية المختلفة وفي بلاد الأقليات المسلمة ممن هم ليسوا معتمَدين من قِبَل دولةِ مقرهم أو أحد المؤسسات الرسمية في الدول الإسلامية، ويدخل فيهم أيضًا المنتسبون إلى مجامع عالمية ولكن ليس لهم مستند يدعمهم من دولة مقرهم أو أحد المؤسسات الإفتائية والعالمية المعتمدة.

وأما من الجهة العلمية فالمفتون في عصرنا الحاضر على ثلاثة أنواع:

النوع الأول: مقلد لمذهب فيُفتي داخل مذهبه.

النوع الثاني: مجتهد اجتهادًا جزئيًّا في بعض المسائل قلَّت أو كثُرَت.

النوع الثالث: مرجِّح يبحث المسألة في جميع المذاهب الفقهية وآراء الصحابة والتابعين ثم ينتقي أحد الآراء كما هو أو مع شيء من التقييدات فيفتي به.

وسائر هذه الأنواع من المفتين يُشترط فيها ما اشتُرط في التناول الأصولي من الإسلام والتكليف والعدالة والكفاءة العلمية، وخاصة شرط التحلي بـ”فقه التنزيل” في المفتي، ويختلف هذا الشرط في التطبيق المعاصر عنه في التناول الأصولي؛ فإن العصر الحالي يحتاج من المفتي في كثير من الأحيان لتصوُّر الواقعة المسئول عنها إلى استشارة أهل العلوم الأخرى لكي يبني المفتي على ذلك فتواه؛ فمثلًا تحقيق المناط في التدخين أو تطوير المنتجات النباتية جينيًّا أو هرمونيًّا لا يقوم به الفقيه، وإنما يقوم به العالم البيولوجي في المختبر؛ حيث يعمد إلى تحليل العناصر المكونة، ثم الطبيب الذي يحكم في النهاية بضرر مثل هذه المواد من عدمه، ثم أخيرًا يحكم المفتي بناء على النتائج بالحكم الشرعي المناسب للزمان والمكان والأحوال والأشخاص([75]).

كما يتطلب العصر الحديث بما يحويه من نوازل مستحدثة أن يعلم المفتي علمًا إجماليًا طائفة كبيرةً من العلوم المتعلقة بطبيعة النوازل وطبيعة المستفتين([76])؛ ومن أهمها العلوم الاجتماعية؛ فالفتوى بوصفها أحد العلوم التي ترتبط بالإنسان بشكل مباشر ولا تنفك عن سياقه الاجتماعي تماست مع تلك العلوم، وكان للحالة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية والتاريخية دورها المباشر في تلك الصناعة الإسلامية.

فالقضايا التي تتصدى لها الفتوى تثير عدة تساؤلات واستفسارات تتعلق بحقائق الحياة الاجتماعية، وتُركِّز على فهم وتحليل نشاطات الإنسان المختلفة، وتُحاول تعليل أسبابها وتشخيص نتائجها وملابساتها؛ نظرًا لتداخل جميع الوظائف الاجتماعية واتصال كلِّ أجزاء الحياة الاجتماعية اتصالًا وثيقًا.

فالإفتاء له علاقة وارتباط بعلم الاجتماع من بعض الوجوه؛ وذلك نظرًا لأن الفتوى قضية إنسانية شرعية يرتبط فيها الحكم بالمجتمع وطبيعته وحقائقه الاجتماعية، والتي يمكن الوقوف عليها من خلال معطيات علم الاجتماع، ومن القضايا التي يتعلق الإفتاء فيها بعلم الاجتماع: دراسة تأثير انحراف الفتاوى على السلم الاجتماعي، وتصدي الفتوى للمشكلات الاجتماعية، وغير ذلك كثير.

كما ترتبط الفتوى بعلم الاقتصاد؛ فمع تطور الحياة الاقتصادية التطور العميق والشامل الذي شمل نظام الوفاء بالحاجات الإنسانية ونظم ووسائل المبادلات التجارية والمالية، وطبيعة السلع والخدمات والعادات الاستهلاكية وأوعية الاستثمار الحديثة وتطوراتها المستمرة، بل شكل الأموال وصورها المستجدة، كل ذلك خلق واقعًا جديدًا جعل منه عنصرًا مهمًّا عند التصدي لإصدار الفتاوى للسائلين مما لابد للمفتي من استيعابه واستيعاب أثره على طاقة المكلَّف على الالتزام به وهو يسعى للالتزام بأحكام الشرع الحنيف في حياته وفي معاملاته مع غيره من الناس.

أما القانون فالعلاقة بينه وبين الفتوى والإفتاء علاقة وثيقة، لاسيما أن الفتوى لا يمكنها أن تتجاوز القانون وتسير في اتجاه مضادٍ له؛ لأن القانون يعد الضامن الوحيد لحفظ النظام الاجتماعي داخل أي مجتمع، والمساس بذلك يعد إيذانًا بالفوضى والانهيار، ومن هنا وجب الاهتمام بالجوانب القانونية في المسألة محل الفتوى؛ وعلى الجانب الآخر فإن علم القانون يجب عليه الاهتمام بمخرجات العملية الإفتائية لكونها مؤشرًا حقيقيًّا لرصد المتغيرات الاجتماعية التي يجب أن يراعيها القانون([77]).

وينبغي أن ننبه إلى أن عدم تحديد مفهوم “المفتي” أو “المتصدر المؤهل للفتوى” من حيث التخصصية والاعتمادية الوطنية في العصر الحديث من الأمور التي تسببت في فوضى عارمة في الفتوى والإفتاء؛ وخاصة في الفضاء الإلكتروني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ولمواجهة هذه الإشكالية آليات عدة؛ منها ما يلي:

أولًا: إصدار التشريعات التي تمنع التصدُّر للفتوى إلا للمؤهلين سواء من جهات الإفتاء الرسمية وغيرها.

ثانيًا: إصدار التشريعات المحددة لشروط المفتي؛ فنظام الدول الحديثة يختلف في طبيعته عن الدول القديمة، وترك الأمر من غير تقنين يؤدي إلى تصدُّر غير المؤهلين للفتوى بما في ذلك من مفاسد([78]).

ثالثًا: إنشاء المؤسسات الأكاديمية المعنية بتخريج العدد الكافي من المؤهلين للفتوى.

رابعًا: تجريم الإفتاء في المسائل المتعلقة بالشأن العام الصادرة من غير المؤسسات الإفتائية المعتمدة.

 

([1]) راجع: المبحث الثاني من الفصل الأول.

([2]) انظر: لسان العرب لابن منظور (15/ 147) مادة (فتا)، ودستور العلماء للأحمدنكري (3/ 12).

([3]) انظر: دستور العلماء للأحمدنكري (3/ 12).

([4]) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، أبو عبدالله أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان النميري الحرّاني الحنبلي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1397هـ، (ص 4).

([5]) راجع: موقف المستفتي من تعدد المفتين والفتوى، أسامة بن محمد الشيبان، إصدارات الجمعية الفقهية السعودية، الدراسات الأصولية (39)، وقفية التحبير، المملكة العربية السعودية، دار كنوز إشبيليا، الطبعة الأولى، 1439هـ، 2017م، (ص 20).

([6]) ينظر: التلخيص للجويني (3/ 457)، وقواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 353)، والمنخول للغزالي (ص 572)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 614)، والفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 331).

([7]) ينظر: الواضح لابن عقيل (1/ 278)، وروضة الناظر لابن قدامة (2/ 384)، وأصول ابن مفلح (4/ 1555).

([8]) المعتمد لأبي الحسين البصري (2/ 357).

([9]) انظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 358).

([10]) البحر المحيط للزركشي (8/ 359).

([11]) المنخول للغزالي (ص 572).

([12]) انظر: قواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 354)، البحر المحيط للزركشي (8/ 358).

([13]) ينظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 359)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 615)، وأصول ابن مفلح (4/ 1559).

([14]) انظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 358).

([15]) المصدر السابق.

([16]) انظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 358).

([17]) انظر: قواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 353)، والمنخول للغزالي (ص 572)، والواضح لابن عقيل (1/ 268)، والإحكام للآمدي (4/ 222)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 358)، والفتوى والإفتاء في الفقه الإسلامي، بشير عبدالله علي إبراهيم، المكتبة الأزهرية للتراث، 2018م، (ص 121).

([18]) قواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 353). وانظر: الواضح لابن عقيل (1/ 273)، وضوابط الاجتهاد والفتوى، أحمد علي طه ريان، مكتبة الإيمان، الطبعة الأولى، 1439هـ، 2018م، (ص 89).

([19]) الموافقات للشاطبي (5/ 276).

([20]) راجع: المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية، إدارة الأبحاث والدراسات الإفتائية، الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، الطبعة الأولى، 1442هـ، 2021م، المجلد العشرون المعنون بـ”المصادر التراثية للفتوى والإفتاء”.

([21]) انظر: البحر المحيط للزركشي (1/ 39) (8/ 358).

([22]) القاموس المحيط للفيروزابادي (1/ 1250)، مادة (فقه).

([23]) مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 442)، مادة (فقه).

([24]) المصباح المنير للفيومي (2/ 479)، مادة (فقه).

([25]) انظر: تهذيب اللغة للأزهري (5/263)، والصحاح للجوهري (6/ 2243)، مادة (فقه).

([26]) انظر: المنهاج للبيضاوي بشرحه المنهاج للسبكي (1/ 28)، وتشنيف المسامع للزركشي (1/ 130)، وجمع الجوامع للسبكي بشرحه تشنيف المسامع (1/130)، ونهاية السول للإسنوي (ص11) وما بعدها.

([27]) انظر: شرح الورقات في أصول الفقه لجلال الدين المحلي (ص 68).

([28]) ينظر: البحر المحيط للزركشي (1/ 38)، وتشنيف المسامع له (1/ 129)، والإبهاج للسبكي (1/ 37).

([29]) ينظر: البحر المحيط للزركشي (1/ 38)، وحاشية العطار على شرح المحلي لجمع الجوامع (2/ 422)، والتحرير للكمال بن الهمام بشرحه التقرير والتحبير لابن أمير الحاج (3/ 291).

([30]) ينظر: البحر المحيط للزركشي (1/ 38)، والتحبير شرح التحرير للمرداوي (1/ 166)، وفصول البدائع للفناري (2/ 486).

([31]) ينظر: التحرير للكمال بن الهمام بشرحه التقرير والتحبير لابن أمير الحاج (3/ 291)، وتشنيف المسامع للزركشي (1/ 128)، والضروري في أصول الفقه أو مختصر المستصفى، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد، تحقيق: جمال الدين العلوي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1994م، (ص 36).

([32]) انظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 358)، وتهذيب الفروق لمحمد بن علي بن حسين (2/ 116).

([33]) ينظر: الفتاوى للسبكي (2/ 122).

([34]) حاشية ابن عابدين (5/ 359). وانظر: إعلام الموقعين لابن القيم (4/ 176).

([35]) ينظر: التحبير شرح التحرير للمرداوي (8/ 3880).

([36]) سورة فصلت، الآية رقم (12).

([37]) مقاييس اللغة لابن فارس (5/ 99). وانظر: تهذيب اللغة للأزهري (9/ 170)، مادة (قضى).

([38]) انظر: سبل السلام للصنعاني (2/ 565)، وأنيس الفقهاء للقونوي (ص 84)، وشرح حدود ابن عرفة (ص 433).

([39]) ينظر: الفتوى والإفتاء لبشير عبدالله (ص 43).

([40]) ينظر: الفتاوى للسبكي (2/ 123).

([41]) قواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 354).

([42]) المصدر السابق.

([43]) ينظر: تقديم الدكتور علي جمعة لكتاب “الإفتاء المصري من الصحابي عقبة بن عامر إلى الدكتور علي جمعة”، عماد أحمد هلال، دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة، 2010م، (ص 27).

([44]) ينظر: الفتوى والإفتاء في الفقه الإسلامي لبشير عبدالله (ص 44).

([45]) ينظر: الفتوى والمفتي تحرير وتنوير، طه الدسوقي حبيشي، د.ط، د.ت، د.ن، (ص 38) وما بعدها، وتقديم الدكتور علي جمعة لكتاب “الإفتاء المصري” لعماد أحمد هلال (ص 28).

([46]) مقاييس اللغة لابن فارس (1/109) مادة (أصل).

([47]) انظر: المصباح المنير للفيومي (1/ 16)، وتاج العروس للزبيدي (27/ 447)، مادة “أصل”.

([48]) انظر: نهاية السول للإسنوي (ص 8)، والإبهاج في شرح المنهاج للسبكي (1/19)، والتحبير شرح التحرير للمرداوي (1/146) وما بعدها.

([49]) انظر: الإبهاج في شرح المنهاج للسبكي (1/19)، والتحبير شرح التحرير للمرداوي (1/146) وما بعدها.

([50]) انظر: جمع الجوامع للسبكي بشرحه تشنيف المسامع للزركشي (1/ 127).

([51]) انظر: البرهان للجويني (1/ 264)، وأدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص 101).

([52]) أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص 101).

([53]) انظر: لسان العرب لابن منظور (12/ 142)، وتاج العروس للزبيدي (31/ 511)، والمغرب في ترتيب المعرب للمطرزي (ص 125)، مادة (حكم).

([54]) سورة النساء، الآية رقم (65).

([55]) ينظر: الدر المختار للحصكفي مع حاشية ابن عابدين، (5/ 428)، ومجلة الأحكام العدلية بشرحها درر الحكام لعلي حيدر، تعريب: فهمي الحسيني، دار الجيل، الطبعة الأولى، 1411هـ، 1991م، المادة (1790)، (4/ 578).

([56]) انظر: المدخل للفقه الإسلامي.. تاريخه ومصادره ونظرياته العامة، محمد سلام مدكور، دار الكتاب الحديث، الطبعة الثانية، القاهرة، 1996م، (ص 399).

([57]) انظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 359).

([58]) مشروع الميثاق العالمي للفتوى الصادر عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في مؤتمرها بعنوان “دور الفتوى في استقرار المجتمعات” المنعقد سنة 2017م، ب. ط، ب. ن، (ص 9).

([59]) المادة الأولى من قرار وزير العدل المصري رقم (1951) لسنة 2008م باعتماد اللائحة الداخلية والهيكل التنظيمي والوظيفي للعاملين بدار الإفتاء المصرية.

([60]) المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء الإماراتي رقم (31) لسنة 2017م بشأن إنشاء مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.

([61]) الأمر الملكي رقم (أ/ ١٣٧) بتاريخ ٨/ ٧/ ١٣٩١هـ.

([62]) المادة رقم (2) من قانون إنشاء دار الإفتاء الفلسطينية: قرار بقانون رقم (7) لسنة 2012م بشأن دار الإفتاء الفلسطينية.

([63]) المادة رقم (3) من قانون الإفتاء الأردني لسنة 2006م.

([64]) المادة رقم (1) من قانون إنشاء دار الإفتاء الفلسطينية: قرار بقانون رقم (7) لسنة 2012م بشأن دار الإفتاء الفلسطينية، والمادة رقم (2) من قانون الإفتاء الأردني لسنة 2006م، والمادة رقم (1) من قانون رقم (15) لسنة 2012م بشأن إنشاء دار الإفتاء الليبية.

([65]) المادة الثانية من قرار وزير العدل المصري رقم (1951) لسنة 2008م باعتماد اللائحة الداخلية والهيكل التنظيمي والوظيفي للعاملين بدار الإفتاء المصرية.

([66]) المرسوم رقم (291) تاريخ 9/ 7/ 193م.

([67]) المادة رقم (1) من قانون إنشاء دار الإفتاء الفلسطينية: قرار بقانون رقم (7) لسنة 2012م بشأن دار الإفتاء الفلسطينية، والمادة رقم (2) من قانون الإفتاء الأردني لسنة 2006م.

([68]) المادة الرابعة من قرار وزير العدل المصري رقم (1951) لسنة 2008م باعتماد اللائحة الداخلية والهيكل التنظيمي والوظيفي للعاملين بدار الإفتاء المصرية.

([69]) المرسوم رقم (291) تاريخ 9/ 7/ 193م.

([70]) المادة رقم (1) من قانون رقم (15) لسنة 2012م بشأن إنشاء دار الإفتاء الليبية.

([71]) المادة رقم (1) من قانون رقم (15) لسنة 2012م بشأن إنشاء دار الإفتاء الليبية.

([72]) المادة رقم (1) من قانون إنشاء دار الإفتاء الفلسطينية: قرار بقانون رقم (7) لسنة 2012م بشأن دار الإفتاء الفلسطينية.

([73]) المادة رقم (1) من قانون رقم (15) لسنة 2012م بشأن إنشاء دار الإفتاء الليبية.

([74]) المادة الرابعة من قرار وزير العدل المصري رقم (1951) لسنة 2008م باعتماد اللائحة الداخلية والهيكل التنظيمي والوظيفي للعاملين بدار الإفتاء المصرية.

([75]) ينظر: فوضى الإفتاء، أسامة عمر، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى، 1429هـ، 2009م، (ص 38).

([76]) ينظر: الفتوى المعاصرة ما لها وما عليها، محمد يسري، ب.ن، الطبعة الأولى، 1429هـ، 2008م، (ص 24).

([77]) ينظر فيما مر: المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية (17/ 9، 16، 17، 86، 194).

([78]) ينظر: فوضى الإفتاء لأسامة عمر (ص 29).

اترك تعليقاً