البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

تمهيد

المطلب الأول حقيقة المفتي

92 views

تعريف المفتي:

“المفتي” لغة: مأخوذ من الفعل الثلاثي المعتل “فَتَى”، وهو -أي: هذا الفعل الثلاثي- كما يقول ابن فارس: “أصل يدلُّ على تبيين حكم”([1])، ومنه جاءت ألفاظ: “الفتوى”، و”الإفتاء”، و”المفتي”.

فالمفتي هو مَن يقوم بالإجابة عن السُّؤال([2])، يقول الزَّبيدي: “وأفتاه الفقيه في الأمرِ الذي يَشكُلُ: أبانه له. ويُقال: أفتيتُ فلانًا في رؤيا رآها: إذا عبرتُها له. وأفتيتُه في مسألةٍ: إذا أجبتُه عنها…”([3]).

فعلى ذلك فالمفتي في اللغة يأتي في سياق مَن يقوم بتوضيح المُشكلاتِ أو الإجابة عن السؤال، وقد ورد هذا المعنى أيضًا في “لسان العرب”؛ حيث يقول ابن منظور: “وأفتاه في الأمر: أبانَه له. وأفتى الرجل في المسألة واستفتيتُه فيها فأفتاني إفتاء. وفُتًى وفتوى: اسمان يُوضعان موضع الإفتاء. ويقال: أفتيت فلانًا رؤيا رآها إذا عبرتُها له، وأفتيته في مسألته: إذا أجبته عنها”([4]).

والمفتي أيضًا هو مَن يقوم بتبيين الأحكام: يقول الأزهري: “وأصل الإفتاء والفتيا تبيينُ المُشكل من الأحكام، أصلُه من الفتي، وهو الشاب الحدث الذي شبَّ وقوي فكأنه يقوي ما أشكل ببيانه، فيشبُّ ويصير فتيًّا قويًّا، وأفتى المفتي: إذا أحدث حكمًا”([5]).

وقد جاء ذِكْر هذه المعاني اللغوية للمفتي والفتوى في القرآن الكريم: قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ أَفۡتُونِي فِي رُءۡيَٰيَ إِن كُنتُمۡ لِلرُّءۡيَا تَعۡبُرُونَ} [يوسف: 43]. يقول السمين الحلبي: “أي: تعبرون الرؤيا”([6]). فالفتوى هنا هي طَلَبُ التعبير وهو التفسير.

ومثله قوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفۡتِنَا فِي سَبۡعِ بَقَرَٰتٖ} [يوسف: 46]، وأيضًا قوله تعالى حكاية عن ملكة سبأ: {قَالَتۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَفۡتُونِي فِيٓ أَمۡرِي} [النمل: 32].

فالمعنى الملاحظ للمفتي في الآيات الكريمة هو مَن يجيبُ عمَّا يشكل من الأحكام، أو التعبير، أو يُطلب منه الاستيضاح، أو الإجابة عن سؤال ما.

وقد نصَّ بعضُ علماءِ اللغة على أنَّ هناك فرقًا بين المفتي والقاضي، فقال أبو الهلال العسكري: “الفرقُ بين القاضي والمفتي: الفرق بينهما أن المفتي يقرِّر القوانين الشرعية، والقاضي يشخص تلك القوانين في المواد الجزئية، مثل أن يقول للمشار إليه: عليك البينة، وعلى خصمك اليمين”([7]).

وأمَّا “المفتي” اصطلاحًا: فهو يقارب المعاني اللغوية المذكورة: فقد عَرَّف العلماء الإفتاء اصطلاحًا بأنه: “إخبارٌ عن الله تعالى في إلزام أو إباحة”([8]).

فالمفتي هو المُخبِر بحكم الله تعالى لمعرفته بدليله، فهو المُخبِر عن الله بحكمه، وقيل: هو المُتمكِّن من معرفة أحكام الوقائع شرعًا بالدليل مع حفْظه لأكثر الفقه([9]).

لكن يلاحظ أنَّ المفتي في الاصطلاح الشرعي أخصُّ منه في المعنى اللغوي؛ فهو لغةً: من يُجيب على كلِّ ما أشكل من الأمور، واصطلاحًا: من يجيب على ما أشكل من الأمور الدينية([10]).

شروط المفتي:

ذكر العلماء شروطًا يجبُ توافرُها فيمن يتصدَّر للإفتاء، ومن أهم تلك الشروط ما يلي([11]):

الشرط الأول: الإسلام: فلا تصحُّ فتيا غير المسلمين([12]).

الشرط الثاني: العدالة([13]): ومعناها أن يكون المفتي ثقةً مأمونًا، ومتنزهًا من أسباب الفسق ومسقطات المروءة؛ لأنَّ مَن لم يكن كذلك فقولُه غيرُ صالحٍ للاعتماد عليه، وخرم المروءة تعني الخروجَ عن عادات الناس فيما ينكر ويستهجن، كأن يسير في الطريق حافيًا مثلًا، أو غير ذلك من السلوكيات التي تستهجن في المجتمع، فلا تصحُّ فتيا الفاسق عند جمهور العلماء، ولذا قال ابن حمدان: “والعدل: من استمرَّ على فعل الواجب، والمندوب، والصدق، وترك الحرام، والمكروه، والكذب، مع حفظ مروءته، ومجانبة الريب والتهم، بجلب نفع ودفع ضرر”([14]).

وكذلك مما يقدحُ في العدالة أن يكونَ المفتي من أهل البدع والأهواء، قال العلامة النووي: “قال الصَّيْمَريُّ: وتصحُّ فتاوى أهل الأهواء والخوارج ومن لا نكفره ببدعته ولا نُفسِّقُه. ونقل الخطيب هذا ثم قال: وأما الشُّراةُ والرافضةُ الذين يسبُّون السلف الصالح ففتاويهم مردودةٌ، وأقوالُهم ساقطة. والقاضي الماوردي كغيره في جواز الفتيا بلا كراهة، هذا هو الصحيح المشهور من مذهبنا. قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح: ورأيتُ في بعض تعاليق الشيخ أبي حامد الإسفراييني أن له الفتوى في العبادات وما لا يتعلق بالقضاء، وفي القضاء وجهانِ لأصحابنا: أحدهما الجواز؛ لأنه أهل، والثاني لا؛ لأنه موضع تهمة”([15]).

الشرط الثالث: العقل: فلا تصحُّ فتيا المجنون، وهو ما عبَّر عنه العلماء بقولهم: “أن يكون المفتي سليمَ الذِّهْن”([16]).

الشرط الرابع: البلوغ: وهو أن يبلغ من يفتي الحُلُمَ من الرجال، والمحيض من النساء، أو يبلغ خمسة عشر عامًا، أيهما أقرب؛ لأنه لا تصحُّ فتيا الصغير والصغيرة؛ لتحصل الثقة بقوله، ويبنى عليه كالرواية والشهادة([17]).

الشرط الخامس: العلم: فالإفتاء بغير علمٍ حرام؛ لأنه يتضمَّن الكذب على الله تعالى ورسوله، ويتضمَّن إضلالَ الناس، وهو من الكبائر؛ لقوله تعالى: {قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} [الأعراف: 33]، فقرنه بالفواحش والبغي والشرك، يقول العلامة الرازي: “قوله تعالى: {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} [البقرة: 169] يتناول جميعَ المذاهب الفاسدة، بل يتناول مقلد الحق؛ لأنه وإن كان مقلدًا للحق لكنه قال ما لا يعلمه، فصار مستحقًّا للذم؛ لاندراجه تحت الذم في هذه الآية”([18])، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعُه من العباد، ولكن يقبضُ العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا، اتخذ الناسُ رؤوسًا جُهَّالًا، فسُئلوا، فأفْتَوْا بغير علمٍ، فضَلُّوا وأضَلُّوا))([19]).

وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أُفتي بغير علمٍ، كان إثمُه على من أفتاه))([20])، فقد ذكر العلامة العظيم آبادي في معنى الحديث: “أن كل جاهل سأل عالمًا عن مسألة، فأفتاه العالم بجواب باطل، فعمل السائل بها ولم يعلم بطلانها، فإثمُه على المفتي إن قصَّر في اجتهاده”([21]).

والعلومُ التي لا بد أن تتوفَّر فيمن يتصدَّر للإفتاء وتبيين الأحكام الشرعية للناس على النحو التالي([22]):

أولًا: أن يكون المفتي عالمًا بالقرآن الكريم، والعلم بالقرآن الكريم له صورُه الكثيرة، فينبغي أن يكون على علم بقواعده، فيعلم منه الخاص والعام، والمجمل والمبين، والمطلق والمقيد، والمنطوق والمفهوم، وغير ذلك، كما يجب أن يكون على علم تام بناسخ القرآن ومنسوخه، وقد تقرَّر لدى أهل العلم من الفقهاء والأصوليين والمفتين أنَّ العلم بالكتاب الكريم هو رأسُ الأدلة وسيدُها وسندُ الشريعة وعلمها([23])، وهو الأصلُ الأول للأحكام باتفاق المسلمين([24])، لذا وجب العلم بجميع آياته، ولا يكتفي بمعرفة آيات الأحكام كما ذهب إلى ذلك الإمام الغزالي وغيره([25])، بل يشترط العلم بجميع آيات القرآن الكريم، والحفظ أولى؛ لأنه “عون على التدبُّر، واستخراج المعاني، والربط بين آية وآية لمعرفة الحكم الشرعي”([26]).

ثانيًا: أن يكون المفتي عالمًا بسُنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهي المصدر الثاني للأحكام بعد الكتاب الكريم، فهي مبينة له، لا غنى عنها للمفتي؛ إذ إنها عليها مدارُ أكثر الأحكام الشرعية([27]).

فالسنة هي ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قول أو فعل أو تقرير([28])، فيجب أن يكون على معرفةٍ تامة بكل الأحاديث التي تتعلَّق بالواقعة التي يتصدَّى للفتوى فيها، كما يجب أن يعرف من السنة العام والخاص، والناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيد، ويعرف كذلك طُرُق الرواية وإسناد الأحاديث، وقوة الرواة.

يقول الإمام النووي: “إن شرعنا مبنيٌّ على الكتاب العزيز والسنن المرويات، وعلى السنن مدار أكثر الأحكام الفقهيات”([29]).

ثالثًا: أن يكون المفتي عالمًا بمواضع الإجماع، وهذا الشرط من الشروط التي اتفق عليها العلماء؛ وذلك حتى لا يُفْتِي بخلافٍ في موطن الإجماع، ولا يَدَّعي إجماعًا في موضع الخلاف([30]).

يقول الإمام الشافعي رحمه الله: “ولا يمتنع ‌من ‌الاستماع ممن خالفه؛ لأنه قد يتنبَّه بالاستماع لترك الغفلة، ويزدادُ به تثبيتًا فيما اعتقده من الصواب، وعليه في ذلك بلوغُ غاية جهده، والإنصافُ من نفسه، حتى يعرف من أين قال ما يقول، وترك ما يترك، ولا يكون بما قال أَعنَى منه بما خالفه حتى يعرف فضل ما يصير إليه على ما يترك إن شاء الله”([31]).

ويقول العلامة الغزالي: “وأمَّا الإجماع: فينبغي أن تتميز عنده مواقع الإجماع؛ حتى لا يفتيَ بخلاف الإجماع، كما يلزمه معرفةُ النصوص؛ حتى لا يفتي بخلافها. والتخفيف في هذا الأصل أنه لا يلزمه أن يحفظ جميع مواقع الإجماع والخلاف، بل كل مسألة يفتي فيها فينبغي أن يعلم أن فتواه ليست مخالفًا للإجماع؛ إما بأن يعلم أنه موافق مذهبًا من مذاهب العلماء أيهم كان، أو يعلم أن هذه واقعةٌ متولدة في العصر لم يكن لأهل الإجماع فيها خوْضٌ، فهذا القدر فيه كفاية”([32]).

رابعًا: أن يكون المفتي عالمًا باللغة العربية: فينبغي أن يكون متقنًا لقواعدها؛ حيث إن لها أثرًا كبيرًا في استنباط الأحكام الشرعية قياسًا على المجتهد، فالقرآن عربي كما أخبر سبحانه بقوله: {وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} [الشورى: 7].

وقد تقرَّر لدى أهل العلم بقواعد اللغة العربية أن إتقان قواعدها له دور كبير في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، وبها يعرف عموم اللفظ وخصوصه، وإجماله وبيانه، وتقيده وإطلاقه([33])، ودلالات البيان العربي من عبارة، وإشارة، واقتضاء، إلى غير ذلك، فمن لا يعرف ذلك لا يتمكَّن من استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسُّنة، ودَرْك حقائق المقاصد منه، ولا يشترط أن يكون المفتي من أئمَّة اللغة والنحو([34]).

يقول الغزالي: “معرفة اللغة والنحو على وجهٍ يتيسَّر له به فهم خطاب العرب”([35]).

وقال أيضًا: “فعلم اللغة والنحو، أعني القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال إلى حد يميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله، وحقيقته ومجازه، وعامه وخاصه، ومحكمه ومتشابهه، ومطلقه ومقيده، ونصه وفحواه، ولحنه ومفهومه، والتخفيف فيه أنه لا يشترط أن يبلغَ درجةَ الخليل والمبرد وأن يعرفَ جميع اللغة ويتعمق في النحو؛ بل القدر الذي يتعلَّق بالكتاب والسنة، ويستولي به على مواقع الخطاب ودرك حقائق المقاصد منه”([36]).

ويقول ابن حزم: “ففرضٌ على الفقيه أن يكون عالمًا بلسان العرب ليفهم عن الله عز وجل، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويكون عالمًا بالنحو الذي هو ترتيب العرب لكلامهم الذي به نزل القرآن، وبه يفهم معاني الكلام التي يعبر عنها باختلاف الحركات وبناء الألفاظ، فمن جهل اللغة وهي الألفاظ الواقعة على المسميات، وجهل النحو الذي هو علم اختلاف الحركات الواقعة لاختلاف المعاني، فلم يعرف اللسان الذي به خاطبنا الله تعالى ونبينا صلى الله عليه وسلم، ومن لم يعرف ذلك اللسان لم يحلَّ له الفتيا فيه؛ لأنه يفتي بما لا يدري، وقد نهاه الله تعالى عن ذلك”([37]).

والذي نستخلصه من ذلك كله: أَنَّ ما يراه أغلبُ الأصوليين أنه يكفي أن يعرفَ المفتي من اللغة العربية ما يستطيعُ به فهْمَ ما ورد في الكتاب والسنة([38]).

خامسًا: أن يكون المفتي عالمًا بأصول الفقه: وذلك بإدراك قواعده؛ حتى يتمكَّن المفتي من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها([39])، فبه يبين وجوه ارتباط الأحكام بأدلتها، وكيفية استفادتها منها([40]).

ولأصول الفقه أهميةٌ كبرى في العملية الإفتائية: فبواسطة قواعده يتوصل المجتهد إلى استنباط الأحكام الشرعية من نصوص الكتاب والسنة([41])، فبه يعرف الدليل والتعليل، والصحيح والفاسد، وكيفية الاستدلال والاستنباط وغير ذلك، ولهذه الأهمية نص الأصوليون على أنَّ علم أصول الفقه هو أهم العلوم بالنسبة للمفتي والمجتهد([42])، ولذا نص بعضهم على أنه فرض عين لمن أراد الاجتهاد والإفتاء([43])؛ حيث إن “التمكُّن من هذا العلم من أهم الأدوات التي تُمكن المتصدي للإفتاء من الوصول إلى المراد الإلهي بصورة علمية منضبطة”([44])، لذا قال الإمام الرازي: “إن أهم العلوم للمجتهد علم أصول الفقه”([45]).

ويقول القرافي: “مَنْ لا يدري أصولَ الفقه يَمتنعُ عليه الفُتيا، فإنه لا يدري قواعدَ الفروقِ والتخصيصات والتقييداتِ على اختلاف أنواعِها إِلَّا مَن دَرَى أصولَ الفقه ومارَسَهُ”([46]).

سادسًا: أن يكون المفتي عالمًا بالقياس: لأنَّ القياس هو الموصل إلى تفاصيل الأحكام التي لا حصر لها([47]).

يقول الخطيب البغدادي: “العلم بالقياس الموجب؛ لرد الفروع المسكوت عنها إلى الأصول المنطوق بها والمجمع عليها حتى يجد المفتي طريقًا إلى العلم بأحكام النوازل، وتمييز الحق من الباطل، فهذا ما لا مندوحةَ للمفتي عنه، ولا يجوز له الإخلالُ بشيء منه”([48]).

سابعًا: أن يكون المفتي عالمًا بالفقه أصلًا وفرعًا، خلافًا ومذهبًا: بحيث يكون المفتي ضابطًا لأمهات مسائله وفروعه([49])، يقول الشيخ عليش في بيان أهمية علم الفقه للمفتي: “لا يكون الرجل عالمًا مفتيًا حتى يُحْكِمَ الفرائض والنكاح والأيمان”([50]).

ثامنًا: أن يكون المفتي عالمًا بمقاصد الأحكام الشرعية: فينبغي أن يكون على معرفةٍ واسعةٍ بما يحقق المصالح العامَّة لمجموع المسلمين وفق قواعد الضروريات والحاجيات والتحسينيات([51])، يقول العلامة الشاطبي: “فإذا بلغ الإنسان مبلغًا فهم عن الشارع فيه قصده في كل مسألة من مسائل الشريعة، وفي كل باب من أبوابها، فقد حصل له وصف هو السبب في تنزله ‌منزلة ‌الخليفة للنبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والفتيا والحكم بما أراه الله”([52]).

تاسعًا: أن يكون المفتي على قدرٍ من المعرفة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والكونية الأخرى، قدر المستطاع: لضبط القدر الذي يحتاجه في الفتوى([53])؛ وذلك لأنَّ “المفتي مهيأ بأن يُسأَل عن أشياءَ متعددة، وخاصة ما له ارتباط بالأحكام الشرعية، فلا يمكنه أن يصادف الصواب إذا لم يكن له اطلاعٌ على ذلك”([54]).

عاشرًا: أن يكون المفتي على علم واطلاع واسع بالفتاوى المعاصرة: خاصة تلك الفتاوى الصادرة عن المفتين المعاصرين، والبحوث والقرارات الصادرة عن المجالس الإفتائية والمجامع الفقهية في المسائل والنوازل المستجدَّة، إلى غير ذلك مما يصدرُ من أعمال تتعلَّق بالعملية الإفتائية، فيكون هذا ونحوه محلَّ نظرٍ واطلاعٍ دائمٍ للمفتي بشكل عام، وفي النازلة محل البحث بشكل خاص؛ فينبغي عليه على الأقل معرفةُ البحوث والقرارات المتعلقة بالنازلة محل البحث([55]).

حادي عشر: أن يكون المفتي على علم بالقوانين والأنظمة التشريعية المُطبَّقة في دولة المستفتي: وذلك حتى لا يقعَ في مخالفة أُولي الأمر.

الشرط السادس: جودة القريحة والفطانة والتيقظ: ومعنى ذلك أن يكون كثيرَ الإصابة، صحيحَ الاستنباط، وهذا يحتاجُ إلى حُسْن التصور للمسائل، وبقدر ما يستطيع المجتهد أن يتخيَّلَ المسائلَ بقدر ما يعلو اجتهادُه، ويفوق أقرانه، فهو يشبه ما يعرف في دراسات علم النفس بالتصور المبدع، وهو علم ينبغي أن يضاف في أسسه إلى أصول الفقه؛ حيث إنه وسيلة للاجتهاد، خاصة في عصرنا الحاضر، ولذلك كله لا تصلح فتيا الغبي، ولا من كثر غلطه، بل يجب أن يكون بطبعه قوي الفهم لمقاصدِ الكلام ودلالة القرائن، صادق الحكم، ويشترط أيضًا أن يكون فطنًا متيقظًا ومنتبهًا بعيدًا عن الغفلة، بصيرًا بمكر الناس وخداعهم وأحوالهم، ولا ينبغي له أن يُحْسِنَ الظنَّ بهم؛ بل يكون حذرًا فَطِنًا فقيهًا بأحوال الناس وأمورهم، يؤازره فقهه في الشرع، وإن لم يكن كذلك زاغ وأزاغ، وكم من مسألةٍ ظاهرُها ظاهر جميل، وباطنها مكر وخداع وظلم، يقول العلامة النووي في شروط المفتي: أن يكون “فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرُّف والاستنباط، متيقظًا”([56]).

الشرط السابع: الرجوع إلى أهل التخصُّص في تصور المسألة والنازلة: فإذا وقع للمفتي مسألة تخص أحد المجالات كالطب أو الاقتصاد ونحو ذلك، فلا بد أن يرجع إلى أهل الخبرة في ذلك المجال، ويستعينَ بالرجوع إليهم في تصور المسألة حتى يستطيعَ أن يحكمَ عليها بما يناسبُها، يقول تعالى: {فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [النحل: 43]، ففي هذه الآية الكريمة تنبيهٌ على أهمية الاتصال الدائم بين المسلم الحريص على الفهم السليم لأمور دينه وبين العلماء، وقد رُوي عن عطاء بن أبي رباح قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يخبر أن رجلًا أصابه جرح في رأسه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم أصابه احتلام، فأمر بالاغتسال، فاغتسل، فكُزَّ فمات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ((قتلوه، قتلهم الله، أولم يكن شفاء العِيِّ السؤال؟!))([57]).

وقد قال تعالى: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} [فاطر: 14]، فهذه الآية ترسم للمسلم السبيل الأمثل للوصول إلى المعلومة السليمة التي تهديه سواء السبيل، وتوصله إلى رضا الله تعالى من أقرب طريق.

وعلى ذلك: فلا يجوز للمفتي أن يحكم في مسألة دون أن يجتهد في الوصول إلى التصوُّر الصحيح، فلا يصحُّ بحال أن يتكبَّر عن سؤال غيره من أهل التخصُّص والخبرة في المجالات المختلفة؛ فقد قال عز وجل في محكم التنزيل: {وَفَوۡقَ كُلِّ ذِي عِلۡمٍ عَلِيمٞ} [يوسف: 76]، يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية الكريمة: “وفوق كل عالم من هو أعلمُ منه، حتى ينتهي ذلك إلى الله”([58]).

الشرط الثامن: المشاورة مع أهل العلم من الفقهاء والمفتين: يقول النووي في كلامه عن شروط الفتوى: “يستحب أن يقرأها على حاضريه ممن هو أهل لذلك، ويشاورهم، ويباحثهم برفق وإنصاف وإن كانوا دونه وتلامذته؛ للاقتداء بالسلف، ورجاء ظهور ما قد يخفى عليه، إلا أن يكون فيها ما يقبح إبداؤه، أو يؤثر ‌السائل ‌كتمانه، أو في إشاعته مفسدة”([59]).

الشرط التاسع: التأكُّد من الكتب التي يعتمد على النقل منها: فلا مانعَ أن يطلع المتصدرُ للإفتاء على كتب الفقه والفتاوى وغيرها من الكتب التي تتناول الأحكام الشرعية، وينقل منها، إلَّا أنه لا ينبغي للمفتي أن يعتمدَ عليها اعتمادًا كليًّا في أخذ الفتاوى لنفسه أو لغيره؛ بل الواجب عليه أن يرجعَ إلى العلماء والمتخصصين في أمور الشريعة، كذلك أيضًا ينبغي عليه أن يحرصَ على اختيار الكتاب الموثوق فيه؛ إذ ليس كلُّ كتابٍ يُطبع ويُنشَر يتضمَّن المعلومة الصحيحة.

الشرط العاشر: الورع، والاعتدال في الفتوى: فالورع يحمله على أن يكون أقربَ إلى العدل وقول الحق، وأبْعدَ عن الظلم والجور، والاعتدال أيضًا يحمله على عدم التعصُّب لمذهب بعينه، فالتعصُّب لمذهب وترْك باقي المذاهب بدايةُ الخطأ في طريق الفتوى([60]).

يقول العلامة الشاطبي: “المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحملُ الناسَ على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور؛ فلا يذهب بهم مذهبَ الشدَّة، ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال… لأن المستفتي إذا ذهب به مذهب العنت والحرج بغض إليه الدين، وأدَّى إلى الانقطاع عن سلوك طريق الآخرة، وهو مشاهد، وأما إذا ذهب به مذهبَ الانحلال كان مظِنَّة للمشي مع الهوى والشهوة”([61]).

 

ثالثًا: أقسام المفتي:

ذكر العلماء أقسامًا للمفتي، وهي على النحو التالي:

القسم الأول (المفتي المجتهد المستقل): وهو المفتي الفقيه الذي يستقل بإدراكه للأحكام الشرعية من الأدلة والنصوص الشرعية العامة والخاصة، ولا يقلد أحدًا من الفقهاء والمفتين، ولا يتقيَّد بأي مذهب من مذاهب الأئمة، وقد يطلق عليه عند بعض العلماء: المجتهد المطلق([62]).

ويضيف ابن القيم في وصف المجتهد المطلق بقوله: “ولا ينافي في اجتهاده تقليده لغيره أحيانًا، فلا تجد أحدًا من الأئمَّة إلا وهو مقلد من هو أعلم منه في بعض الأحكام، وقد قال الشافعي رحمه الله ورضي عنه في موضع من الحج: قلته تقليدًا لعطاء، فهذا النوع الذي يسوغ لهم الإفتاء، ويسوغ استفتاؤهم ويتأدى بهم فرض الاجتهاد، وهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها))([63])، وهم غرس الله الذين لا يزال يغرسهم في دينه، وهم الذين قال فيهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: لن تخلوَ الأرضُ من قائم لله بحجته”([64]).

القسم الثاني (المفتي المجتهد في مذهب):

وله أحوال أربعة، وهي:

الحالة الأولى (المجتهد المنتسب):

وهو مَن لا يكون مقلدًا لإمامه، لا في المذهب ولا في دليله؛ لكونه قد جمع الأوصاف والعلوم المشترطة في المجتهد المستقل، وإنما ينتسب إليه لكونه سلك طريقه في الاجتهاد والفتوى، ودعا إلى مذهبه، وقرأ كثيرًا منه على أهله، فوجده صوابًا وأولى من غيره، وأشد موافقة فيه وفي طريقه([65]).

وقد اعتبر العلماء منزلة فتوى هذا المجتهد المنتسب كفتوى المجتهد المطلق في العمل بها، والاعتداد بها في الإجماع والخلاف([66])، إلا أن رتبة هذا المجتهد المنتسب دون رتبة الأئمة في الاستقلال بالاجتهاد([67]).

الحالة الثانية (المجتهد المقيَّد):

وهؤلاء قد اصطلح عليهم العلماء بـ (أصحاب الوجوه)، وهو أن يكون المفتي مجتهدًا في مذهب إمامه، مستقلًّا بتقريره بالدليل، لكن لا يتعدى في أدلته أصول إمامه وقواعده، مع إتقانه للفقه وأصوله وأدلة مسائل الفقه، عارفًا بالقياس ونحوه، تام الرياضة، قادرًا على التخريج والاستنباط وإلحاق الفروع بالأصول والقواعد التي لإمامه([68]).

الحالة الثالثة: (مجتهد الفتوى):

والمقصود به هو من لا يبلغ رتبة أئمَّة المذاهب أصحاب الوجوه والطرق، غير أنه فقيهُ النفس، حافظٌ لمذهب إمامه، عارفٌ بأدلته، قائمٌ بتقريره ونصرته، يصور ويحرر ويمهد ويقرر ويزيِّف ويرجح، لكنه قصر عن درجة أولئك([69]).

الحالة الرابعة: (من يحفظ المذهب وينقُله):

وهو من يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه في واضحات المسائل ومشكلاتها، غير أن عنده ضعفًا في تقرير أدلته وتحرير أقيسته.

فهذا يعتمد نقله وفتواه فيما يحكيه من مسطورات مذهبه من منصوصات إمامه وتفريعات أصحابه المجتهدين في مذهبه وتخريجاتهم([70]).

القسم الثالث (المفتي المجتهد في نوع من العلم):

والمراد به: المفتي العارف بنوع من أنواع العلوم المؤهلة للإفتاء والاجتهاد، مع قصوره في غيرها: كمَن عرف القياس وشروطه فله أن يفتيَ في مسائلَ منه قياسية لا تتعلق بالحديث، وكمَن عرف الفرائض فله أن يفتيَ فيها وإن جهل أحاديث النكاح وغيره([71]).

القسم الرابع (المفتي المجتهد في مسألة من العلم أو مسائل منه):

وهو المجتهد في مسائلَ أو في مسألة، وليس له الفتوى في غيرها، وأما الإفتاء فيها فيحتمل المنع؛ لأنه مظنة القصور والتقصير، لكنَّ أهل العلم قالوا: إن الأظهر جوازُ الإفتاء فيها متى علم أدلتها وطرق النظر فيها([72]).

القسم الخامس (المفتي المقلد):

وهو مَن تصدَّر للفتوى دون أن يكونَ حافظًا لمذهب إمامه ولا مطلعًا على الوجه المعتبر داخلَ المذهب، ولا يستقلُّ بمعرفة حكم الواقعة من أصول الاجتهاد لقصور آلته، وللعلماء في قبول قوله ونقله عدة أقوال:

الأول: عدم الاحتجاج بقوله، وهذا ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة([73]).

الثاني: تقليده في الفتاوى التي وافق فيها قوله ما ذهب إليه غيره من العلماء والمجتهدين: يقول العلامة ابن حمدان: “فإنَّ الماهر في علم الأصول أو الخلاف أو العربية دون الفقه يحْرُم عليه الفتيا لنفسه ولغيره؛ لأنه لا يستقلُّ بمعرفة حكم الواقعية من أصول الاجتهاد لقصور آلته، ولا من مذهب إمام؛ لعدم حفظه واطلاعه عليه على الوجه المعتبر، فلا يحتج بقوله في ذلك، وينعقد الإجماع دونه على أصح المذهبين، وأجاز ‌أبو ‌حنيفة تقليده فيما يفتي به غيره والحكم به”([74]).

الثالث: ذهب البعض أنَّه لا يجوز للمقلد الفتوى بما هو مُقلِّد فيه، وذلك إن جهل دليل ما يفتي به([75]): يقول العلامة النووي: “فإن قيل: هل لمقلد أن يفتي بما هو مقلد فيه؟ قلنا: قطع أبو عبد الله الحليمي وأبو محمد الجويني وأبو المحاسن الروياني وغيرهم بتحريمه، وقال القفال المروزي: يجوز”([76]).

الرابع: ذهب البعض إلى أنه يجوز لمن حفظ مذهبًا من المذاهب المعتمدة ونصوصه أن يفتيَ به وإن لم يكن عارفًا بغوامضه وحقائقه([77])، يقول العلامة ابن الصلاح: “وذكر الشيخ أبو محمد الجويني في شرحه لرسالة الشافعي عن شيخه أبي بكر القفال المروزي: أنه يجوز لمن حفظ مذهبَ صاحبِ مذهبٍ ونصوصَه أن يفتيَ به وإن لم يكن عارفًا بغوامضِه وحقائقه”([78]).

الخامس: ذهب البعض إلى أنه لا يجوزُ أن يفتيَ بمذهب غيره إذا لم يكن متبحرًا فيه عالمًا بغوامضه وحقائقه([79])، يقول العلامة ابن الصلاح: “وخالفه الشيخ أبو محمد([80])، وقال: لا يجوز أن يفتيَ بمذهب غيره إذا لم يكن متبحرًا فيه، عالمًا بغوامضه وحقائقه”([81]).

ويمكننا أن نخلص من هذه الأقوال إلى أنَّه يجوز قبول قول المفتي المقلد لمذهب من المذاهب المعتمدة إذا كان ذلك القول موافقًا لفتوى أحد العلماء أو المجتهدين.

القسم السادس (المفتي العامي):

وهو مَن تَصدَّر للفتوى دون أن يكونَ له أدنى درايةٍ بالمذاهب الفقهية، ولا الأقوال المعتبرة للعلماء، فليس له إلا مجرَّد نقل فتاوى العلماء، ومثل هذا قد ذكر العلماء في قبول قوله ونقله عدة أقوال:

الأول: ذَهب البعض إلى أنه لا يجوز للعامي الذي جمع فتاوى المفتين أن يفتي بها، يقول العلامة ابن الصلاح: “وخالفه الشيخ أبو محمد([82])، وقال: … كما لا يجوز للعامي الذي جمع فتاوى المفتين أن يفتي بها”([83]).

الثاني: ذهب البعض إلى أَنَّ العامي الذي جمع فتاوى العلماء وتبحَّر فيها، جاز له أن يفتي بها، يقول العلامة ابن الصلاح: “وخالفه الشيخ أبو محمد([84])، وقال: … كما لا يجوز للعامي الذي جمع فتاوى المفتين أن يفتي بها، وإذا كان متبحرًا فيه جاز أن يفتي به”([85]).

ويمكننا أن نخلص من هذه الأقوال إلى جواز قبول قول المفتي العامي الموافق لفتاوى أحد العلماء أو المجتهدين، ويمكن حمْلُ قولِ مَنْ منع ذلك على أنه لا يجوز أن يضيفَ ذلك القول له، بل عليه أن يحكيَه عن ذلك الإمام الذي أفتى به([86]).

وبعد ذكر أقسام المفتين يمكننا أن نقول: إن من جعلناه في عِداد المفتين من أصحاب القسم الخامس والسادس (المفتي العامي، والمفتي المقلد) ليس على الحقيقة من المفتين، ولكن قاموا مقامهم، وأدَّوْا عنهم، فعُدُّوا معهم([87]).

([1]) مقاييس اللغة، لابن فارس، (4/ 474)، ط. الفكر، سنة 1399هـ – 1979م.

([2]) الصحاح، للجوهري (6/ 2452)، ط. دار العلم للملايين، بيروت، سنة 1407هـ‍ – 1987م.

([3]) تاج العروس، للزبيدي، (39/ 211)، ط. دار الهداية.

([4]) لسان العرب، (39/ 211)، ط. دار صادر، بيروت، سنة 1414هـ.

([5]( تهذيب اللغة، للأزهري (14/ 234)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، سنة 2001م.

([6]) الدر المصون، للسمين الحلبي، (3/ 350)، ط. دار القلم- دمشق، سنة 2016م.

([7]( الفروق اللغوية، لأبي الهلال العسكري (ص 418)، ط. مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بـ «قم»، الطبعة: الأولى، 1412هـ.

([8]( الذخيرة، للقرافي (10/ 121)، ط. دار الغرب الإسلامي- بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1994م.

([9]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 4)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثالثة، سنة ١٣٩٧هـ.

([10]( صناعة الإفتاء، للدكتور علي جمعة، (ص 5، 6).

([11]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 86)، ط. مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، عالم الكتب، الطبعة الأولى، ١٤٠٧هـ – ١٩٨٦م. وآداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 19)، ط. دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، سنة ١٤٠٨هـ – ١٩٨٨م. وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 13)، مرجع سابق.

([12]) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 86).

([13]) آداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 22).

([14]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان (ص 14)، مرجع سابق.

([15]( آداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 21)، مرجع سابق.

([16]) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 88).

([17]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 13)، مرجع سابق. والفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي (2/ 330)، ط. دار ابن الجوزي، السعودية، الطبعة الثانية، سنة ١٤٢١هـ.

([18]( مفاتيح الغيب، للرازي (5/ 187، 188)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، سنة 1420هـ.

([19]( أخرجه البخاري (1/ 32).

([20]( أخرجه أبو داود في سننه (3/ 321).

([21]( عون المعبود شرح سنن أبي داود، للعظيم آبادي (10/ 65)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، سنة 1415هـ.

([22]( شروط المفتي وأثرها في تغير الفتوى في القضايا الفقهية، للدكتور أحمد محمد لطفي، (ص 138 – 142).

([23]) الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي، (2/ 330)، مرجع سابق. والمستصفى، للغزالي، (ص 342)، ط. دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، سنة ١٤١٣هـ – ١٩٩٣م.

([24]) أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي، للدكتور محمد رياض، (ص 254)، ط. مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة: الأولى، سنة 1996م.

([25]) المستصفى، للغزالي، (ص 342)، مرجع سابق.

([26]) أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي، للدكتور محمد رياض، (ص 255)، مرجع سابق.

([27]( الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي، (2/ 330)، مرجع سابق. والمستصفى، للغزالي، (ص 343)، مرجع سابق.

([28]( الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي، (3/ 152)، ط. المكتب الإسلامي، دمشق – بيروت، الطبعة الثانية، سنة ١٤٠٢هـ.

([29]) شرح صحيح مسلم، للنووي، (1/ 4)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، سنة ١٣٩٢هـ.

([30]) الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي، (2/ 330) مرجع سابق. والمستصفى، للغزالي، (ص 343)، مرجع سابق. وتقرير الاستناد في تفسير الاجتهاد، للسيوطي، (ص 40)، ط. دار الدعوة، الإسكندرية، الطبعة: الأولى، ١٤٠٣هـ.

([31]( الرسالة، للشافعي، (1/ 510)، ط. مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الأولى، سنة ١٣٥٨هـ -١٩٤٠م.

([32]) المستصفى، للغزالي، (ص 343)، مرجع سابق.

([33]) المستصفى للغزالي، (ص 343)، مرجع سابق. والإبهاج في شرح المنهاج، للسبكي، (3/ 255)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، سنة ١٤٠٤هـ – ١٩٨٤م. وتقرير الاستناد في تفسير الاجتهاد، للسيوطي، (ص 40)، مرجع سابق.

([34]) مؤهلات المفتي المعاصر، (ص 886).

([35]) المستصفى، للغزالي، (ص 343)، مرجع سابق.

([36]) المستصفى، للغزالي، (ص 344)، مرجع سابق.

([37]) الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم، (5/ 126)، ط. دار الآفاق الجديدة، بيروت، سنة 1403هـ، 1983م.

([38]( المستصفى، للغزالي (ص 344)، مرجع سابق. والموافقات، للشاطبي (5/ 53)، ط. دار ابن عفان، الطبعة الأولى، سنة ١٤١٧هـ – ١٩٩٧م.

([39]) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 86)، مرجع سابق. والمنخول، للغزالي، (ص 573)، مرجع سابق.

([40]) الفتيا ومناهج الإفتاء، للأشقر (ص 28).

([41]) صناعة الفتوى المعاصرة لقطب سانو، (ص 75).

([42]) المحصول، للرازي، (6/ 25)، ط. مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، سنة ١٤١٨هـ – ١٩٩٧م. والإبهاج في شرح المنهاج، للسبكي، (3/ 256)، مرجع سابق.

([43]) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 14)، مرجع سابق.

([44]) صناعة الفتوى المعاصرة لقطب سانو، (ص 75)

([45]) المحصول، للرازي، (6/ 25)، مرجع سابق.

([46]) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، للقرافي، (ص 243)، ط. دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، الطبعة الثانية، سنة ١٤١٦هـ – ١٩٩٥م.

([47]( آداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 22)، مرجع سابق. وشروط المفتي وأثرها في تغير الفتوى في القضايا الفقهية، للدكتور أحمد محمد لطفي، (ص 141).

([48]) الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي، (2/ 331)، مرجع سابق.

([49]) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 87)، مرجع سابق. والورقات، للجويني، (ص 29)، ط. مكتبة دار التراث – القاهرة، الطبعة الأولى، سنة 1397هـ – 1977م.

([50]) منح الجليل، للشيخ عليش، (9/ 593)، ط. دار الفكر، بيروت، الطبعة سنة ١٤٠٩هـ – ١٩٨٩م.

([51]) الكفايات المعرفية والأدائية اللازمة للمفتي المعاصر، (ص 171).

([52]( الموافقات، للشاطبي (5/ 43)، مرجع سابق.

([53]) التأهيل الأكاديمي لوظيفة الإفتاء، (ص 189).

([54]) أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي، للدكتور محمد رياض، (ص 253)، مرجع سابق.

([55]) الكفايات المعرفية والأدائية اللازمة للمفتي المعاصر، (ص 172).ومؤهلات المفتي المعاصر، (ص 886).

([56]( آداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 19)، مرجع سابق.

([57]( أخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 189).

([58]( جامع البيان في تأويل القرآن، للطبري (16/ 191)، ط. مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، سنة 1420هـ – 2000م.

([59]( المجموع شرح المهذب، للنووي، (1/ 48)، ط. دار الفكر.

([60]( شروط المفتي وأثرها في تغير الفتوى في القضايا الفقهية، للدكتور أحمد محمد لطفي، (ص 143).

([61]( الموافقات، للشاطبي (5/ 276 – 277)، مرجع سابق.

([62]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 86)، مرجع سابق. وآداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 22)، مرجع سابق. وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 15)، مرجع سابق.

([63]( أخرجه أبو داود في سننه (4/ 109)، بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا، بلفظ: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)).

([64]( إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم (4/ 162)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، سنة ١٤١١هـ – ١٩٩١م.

([65]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 91)، مرجع سابق.

([66]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 94)، مرجع سابق. وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 17)، مرجع سابق.

([67]( إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم (4/ 162)، مرجع سابق.

([68]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 95)، مرجع سابق.

([69]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 98، 99)، مرجع سابق. وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 24)، مرجع سابق.

([70]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 99)، مرجع سابق. وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 17)، مرجع سابق.

([71]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 90)، مرجع سابق. وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 22)، مرجع سابق.

([72]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 23)، مرجع سابق.

([73]( آداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 31)، مرجع سابق. صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان (ص 25)، مرجع سابق.

([74]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان (ص 25)، مرجع سابق.

([75]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 25)، مرجع سابق.

([76]( آداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي (ص 33)، مرجع سابق.

([77]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 25)، مرجع سابق.

([78]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح (ص 102)، مرجع سابق.

([79]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 25)، مرجع سابق.

([80]( هو الإمام أبو محمد الجويني.

([81]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح (ص 102)، مرجع سابق.

([82]( هو الإمام أبو محمد الجويني.

([83]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح (ص 102)، مرجع سابق.

([84]( هو الإمام أبو محمد الجويني.

([85]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح (ص 102)، مرجع سابق.

([86]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 25)، مرجع سابق.

([87]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 25)، مرجع سابق.

اترك تعليقاً