البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

تمهيد

المطلب الثالث مجالات الاستفتاء وأنواعه

132 views

الاستفتاء في اللغة:

طلب الجواب عن الأمر المشكل، يقال: استفتاه في مسألة فأفتاه، واستفْتَيْتُ الفقيه في مسألةٍ فأفْتاني، وتفاتوا إليه: ارتفعوا إليه في الفتيا([1])، وجاء في لسان العرب: “وأفتى الرجل في المسألة واستفتيته فيها فأفتاني إفتاء” ([2])، ومنه قوله تعالى: {وَيَسۡتَفۡتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ} [النساء: 127].

ويفهم من كلام علماء اللغة أن الاستفتاء جزء من الفتوى؛ حيث جاء في مختار الصحاح: “(استفتاه) في مسألة (فأفتاه)، والاسم (الفتيا) و(الفتوى)”([3]).

فالفتوى في اللغة تأتي بمعنى الإظهار والإبانة: يقال: أفتاه في الأمر: أبانه له، والفتيا والفتوى: ما أفتى به الفقيه، وهما اسمانِ يوضعانِ موضعَ الإفتاء، والفتوى والفتيا تبيينُ المشكل من الأحكام، ومنه الاستفتاء([4]) ([5]).

وفي الاصطلاح:

للفتوى في الاصطلاح تعريفات عدة ذكرها الفقهاء، وهي في مجملها قريبة من بعضها ولا تبعد عن معناها اللغوي، ومن هذه التعريفات ما يلي:

تعريف ابن الصلاح بأنها: “توقيعٌ عن الله تبارك وتعالى”([6]).

وعرفها القرافي بأنها: “إخبارٌ عن الله تعالى في إلزام أو إباحة”([7]).

وعرفها الحطاب بأنها: “الإخبار عن حكم شرعي لا على وجه الإلزام”([8]).

وعرفها ابن حمدان بأنها: “تبيين الحكم الشرعي عن دليل لمن سأله عنه”([9]).

ويلاحظ من هذه التعريفات أنها تجتمعُ حولَ تعريف واحد -باستثناء تعريف الإمام القرافي- وهو “الإخبار عن الحكم الشرعي لا على وجه الإلزام”، وهو قيد هام للتفريق بين الفتوى والقضاء؛ إذ المفتي يبيِّنُ ويوضحُ للمستفتي حكمَ الشرع في المسألة، ولا يُلْزِمه به، أما حكمُ القاضي فهو مُلزِم واجبُ التنفيذ.

لذا فيمكن لنا القول بأن الفتوى هي: “تبيينُ الحكم الشرعي عن دليلٍ لمن سأل عنه، لا على وجهِ الإلزام”، وهذا يشملُ السؤالَ في الوقائعِ وغيرها.

وجاء في التعريفات الفقهية للبركتي: “والاستفتاء: هو طلب الفتوى، والمستفتي: هو السائلُ، والمُفتي: هو المجيبُ”([10]).

ولما كانت الفتوى هي بيانُ الحكم الشرعي في الوقائع وغيرها، كانت مجالاتها وأنواعها كثيرةً ومتنوعةً، بحيث تشملُ الدِّين كلَّه، فتشمل الفتوى جميع تصرُّفات العباد، لا يخرج عنها اعتقاد، أو قول، أو عمل، وهذا يشمل علاقة المكلَّف بربه، وبنفسه، وبغيره، وبالدولة التي يعيش فيها، وعلاقة الدولة بغيرها من الدول في زمن السلم والحرب.

والإنسان -كما هو معلوم- مأمورٌ شرعًا بأن تكون جميع تصرفاته موافقةً للشرع الحنيف في كل صغيرة وكبيرة مما يتعلَّق بتصرُّفه الشخصي، وتعامله مع الآخرين من أفراد وجماعات، وقبل ذلك ما يتعلَّق بعقيدته وعبادته لله تعالى، وسوف نبيِّن في السطور القادمة مجالاتِ الفتوى والاستفتاء، يعقبها بيان أنواعها بشيء من التفصيل:

 

 

مجالات الفتوى والاستفتاء:

يمكن القول: إنَّ مجالات الفتوى واسعة جدًّا؛ حيث إنَّها تتعلق بالعقائدِ، والعبادات، والمعاملات، والأسرة والأحوال الشخصية، والسياسة والحكم، والقضاء، والآداب والأخلاق، إلى غير ذلك من الأمور التي لا غنى للمسلم عن معرفة الحكم الشرعي بشأنها، وهذا ثابتٌ من استقراء فتاوى إمام المفتين وسيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ودَرَجت عليه كتب الفتاوى والنوازل: كفتاوى ابن رشد الجد، وأجوبة إبراهيم بن هلال، والمعيار المعرب لأحمد الونشريسي، إلى غير ذلك؛ حيث اشتملت على هذه الموضوعات وغيرها من كل ما يتصل بشؤون الحياة([11]).

وقد أورد ابن القيم في كتابه “إعلام الموقعين عن رب العالمين” فصلًا من فتاويه صلى الله عليه وآله وسلم في مجالات كثيرة ومتنوعة مثل: مسائل في العقيدة، ومسائل في العبادات والمعاملات، والجنايات، ومسائل في الأحوال الشخصية من زواج، وطلاق، ورضاع، وصداق، ونفقة، وحضانة، وميراث، وغيرها من الفتاوى في الأطعمة والأشربة، ومجال الطب، وأبواب أخرى متفرقه من فتاويه صلى الله عليه وآله وسلم ([12])، وهذا يدلُّ على شمول الفتوى جميع جوانب الحياة ومجالاتها.

فمجالات الفتوى تشتمل على كل ما يصدر عن المرء من تصرفات، وما يتعرض له من مواقفَ، ومحاولة حصر الدين في مجال العلاقة مع الله عملٌ غير مقبول شرعًا، يرفضه فقهاء المسلمين وعامتهم.

وبناءً على ذلك: تتنوع مجالاتُ الفتوى والاستفتاء إلى أنواع كثيرة تشمل جميع تصرفات العباد، ويمكن لنا تحديد هذه المجالات التي تنتظم تحتها العديد من أنواع الفتوى:

الاستفتاء في الأحكام الاعتقادية:

وهي مسائل الاعتقادات والإلهيات والسمعيات: كالإيمان بالله وما يتصف به من صفات، والإيمان بالرسل عليهم السلام، وسائر الغيبيات، وكل ما يتعلق بشؤون الآخرة.

ولا شكَّ أن هذا العلم هو من أفضل العلوم؛ إذ شرفُ العلم على قدر شرف المعلوم، وحاجة العبد إليه فوق كل حاجة، وضرورته إليه فوق كل ضرورة، ومع ذلك فهذا العلم من أعظم العلوم خطرًا؛ لتعلقه بالذات الإلهية.

ومعلوم أَنَّ الناس في حاجةٍ إلى معرفة ربهم وخالقهم، وكيفية الإيمان به، والتوكُّل عليه، والاستعانة به، وأداء حقه على الوجه الذي أمر به، وماهية الأركان التي ينبني عليها -من الإيمان برسله، وكتبه، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره- وسائر ما ثبت من أمور الغيب، وأصول الدين، وغير ذلك مما يتعلَّق بالعقيدة الصافية التي كان عليها السلف الصالح رضوان الله عليهم؛ لأنه لا حياةَ للقلوب ولا نعيم في الآخرة إلا بأن تعرفَ النفسُ ربَّها خالقَها ومعبودَها بأسمائه وصفاته وأفعاله.

فالعقيدةُ الصحيحة هي أساسٌ لازم لكل مسلم، وبدونها لا يقبل الله سبحانه وتعالى من عباده صرْفًا ولا عدلًا؛ قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا} [الكهف: 110].

ولمَّا كان للأحكام الاعتقادية هذه الدرجة والمنزلة، كان لزامًا على المفتي الاقتصادُ فيها، والجواب فيها بالقواعد الإجمالية، ويتجنَّب التفصيل فيها إلا فيما فيه نصوصٌ قطعية، كما ينبغي له ألا يفتيَ في المتشابهات، بل يأمر المستفتي بالإيمان المجمل فيها؛ استرشادًا بقول الإمام مالك رضي الله عنه حينما سُئل عن الاستواء: كيف هو؟ فأجاب بقوله: الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب، ثم أمر به فأخرج([13]).

يقول ابن حمدان: “ليس له أن يفتيَ في شيءٍ من مسائلِ الكلام مفصلًا؛ بل يمنع السائل وسائر العامَّة من الخوض في ذلك أصلًا، ويأمرهم بأن يقتصروا فيها على الإيمان المجمل من غير تفصيلٍ، وأن يقولوا فيها وفيما ورد من الآيات والأخبار المتشابهة: إن الثابتَ فيها في نفس الأمر كل ما هو اللائق فيها بالله تعالى وبكماله وعظمته وجلاله وتقديسه من غير تشبيهٍ ولا تجسيمٍ ولا تكييفٍ ولا تأويلٍ ولا تفسيرٍ ولا تعطيلٍ، وليس علينا تفصيلُ المراد وتعيينُه، وليس البحثُ عنه من شأننا في الأكثر، بل نَكِلُ عِلْمَ تفصيلِه إلى الله تعالى، ونصرف عن الخوض فيه قلوبنا وألسنتنا، فهذا ونحوه هو الصوابُ عند أئمَّة الفتوى، وهو مذهب السلف الصالح وأئمَّة المذاهب المعتبرة وأكابر العلماء منا ومن غيرنا، وهو أصوبُ وأسْلمُ للعامَّة وأشباههم ممن يدخل قلبه بالخوض في ذلك، ومن كان منهم قد اعتقد اعتقادًا باطلًا مفصلًا ففي إلزامه بهذا الطريق صرْفٌ له عن ذلك الاعتقاد الباطل بما هو أهْونُ وأيْسرُ وأسْلمُ”([14]).

نماذج من فتاوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العقيدة:

منها: سؤاله عن رؤية المؤمنين ربَّهم: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((قال أناس: يا رسول الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارُّون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك))([15]).

ومنها سُؤاله عن مسألة القدر: فعن علي رضي الله عنه قال: ((كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنَكَّس، فجعل ينْكُتُ بمِخْصَرته، ثم قال: ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة. قال: فقال رجل: يا رسول الله أفلا نمْكُثُ على كتابنا، ونَدَعُ العمل؟ فقال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة. فقال: اعملوا فكلٌّ مُيسَّر، أما أهل السعادة فيُيسَّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فيُيسَّرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ٦ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ٧ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ٨ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ٩ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} [الليل: 5: 10]))([16]).

إلى غير ذلك من الأسئلة التي كانت تُسأل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في مجال العقيدة، ويجيب عليها بيانًا وتصبيرًا وتعليمًا لأصحابه ولمن سأله من المستفتين.

وقد أورد ابن القيم فصلًا بعنوان: “فتاوى في مسائل من العقيدة” جمع فيه مجموعةً من فتاويه صلى الله عليه وآله وسلم في مجال العقيدة.

الاستفتاء في الأحكام الأصولية:

الإفتاء في الأحكام والمسائل الأصولية جائز أيضًا، كالإفتاء بأن مصادر التشريع المتفق عليها هي: الكتاب الكريم، والسُّنة النبوية، والإجماع، والقياس، وأَنَّ عَمَلَ الخلفاء الراشدين سنة، وأن الأمر يدلُّ على الوجوب، وأن النهي يدلُّ على التحريم، ووجوب الكف عند كل نهي، ووجوب طاعة الأمر حسب الطاقة، وأن العوارضَ السماوية: كالجنون والعَتَه تؤثر في أهلية الوجوب والأداء، وأَنَّ العوارضَ المكتسبة كالسُّكْر تؤثر في أهلية الأداء، إلى غير ذلك من المسائلِ الأصولية([17]).

الاستفتاء في الأحكام العملية:

وذلك كالعبادات والمعاملات والعقوبات والأنكحة، ويدخل في هذا النوع الأحكام التكليفية كلها، وهي: الواجبات، والمحرمات، والمندوبات، والمكروهات، والمباحات، ويدخل فيه أيضًا الأحكام الوضعية: كالإفتاء بصحة العبادة، أو التصرف، أو بطلانهما.

والأحكام الشرعية العملية بهذا المدلول “أوسع نطاقًا للفتوى؛ لأنها متعلقة بكل الأفعال البشرية، والحكم عليها يحتاجُ إلى العلم بكيفية تطبيق الأحكام الشرعية الجزئية عليها، وهو المسمى بعلم الفتوى، وهو جانب عملي يحصل بعد العلم بالأحكام الكلية، وهو المسمى بفقه الفتيا، فهو نطاق تتعلق به أصول الفتوى كلها”([18]).

نماذج من فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم في العبادات:

المتطلع للسنة النبوية الشريفة يجد أنها مليئةً بأسئلة الصحابة وغيرهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حول باب العبادات: كالطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، إلى نحو ذلك، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الجواب الشافي الكافي لكل من استفتاه، بل ربما أوضح أمرًا لم يكن قد ظهر للسائل، فتعودُ الفائدةُ عليه وعلى الآخرين في مجلسه صلى الله عليه وآله وسلم.

فمن ذلك في باب الطهارة: حديث أسماء رضي الله عنها، قالت: ((جاءت امرأةٌ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: أرأيت إحدانا تحيضُ في الثوب كيف تصنع؟ قال: تحُتُّه، ثم تَقْرُصُه بالماء، وتَنْضَحُه، وتصلي فيه))([19]).

ومنها في باب الصلاة: حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: ((كانت بي بواسيرُ، فسألت النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة، فقال: صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْب))([20]).

ومنها في الزكاة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما من صاحبِ ذهبٍ ولا فضَّة لا يؤدي منها حقَّها إلَّا إذا كان يومَ القيامة صُفحت له صفائحُ من نار، فأُحمِي عليها في نار جهنم، فيُكوى بها جَنْبه وجبينه وظَهْرُه، كلما بردت أُعيدت له، في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضَى بين العباد، فيَرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار. قيل: يا رسول الله، فالإبل؟ قال: ولا صاحبُ إبل لا يؤدي منها حقَّها، ومِنْ حقِّها حلْبُها يومَ وِرْدِها، إلَّا إذا كان يوم القيامة بُطِحَ لها بقاع قَرْقَرٍ أوْفَرَ ما كانت، لا يَفقد منها فصيلًا واحدًا، تطؤه بأخفافها وتعُضُّه بأفواهها، كلما مرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخراها، في يوم كان مقدارُه خمسين ألف سنة، حتى يُقضَى بين العباد، فيرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار. قيل: يا رسول الله، فالبقر والغنم؟ قال: ولا صاحبُ بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدي منها حقَّها إلا إذا كان يوم القيامة بُطِحَ لها بقاع قَرْقَرٍ، لا يَفقد منها شيئًا، ليس فيها عَقْصاءُ ولا جَلْحَاء ولا عَضْبَاء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظْلافِها، كلما مرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضَى بين العباد، فيرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار))([21]).

ومنها في الصيام: حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَيُقَبِّلُ الصائم؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: سَلْ هذه -لأم سلمة- فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له))([22]).

ومنها في باب الحج: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: ((أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقف في حَجَّةِ الوَدَاعِ، فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقتُ قبل أن أذبح قال: اذبح ولا حرج، فجاء آخر، فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي. قال: ارمِ ولا حرج، فما سئل يومئذ عن شيءٍ قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلَّا قال: افعل ولا حرج))([23]).

إلى غير ذلك من فتاويه صلى الله عليه وسلم في أبواب العبادات، الثابتةِ عنه في كتب السنة المطهرة.

ومن فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم في مسائل الأحوال الشخصية: حديث هند بنت عتبة بشأن نفقتها هي وولدها: فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: ((أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجلٌ شَحِيحٌ وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلَّا ما أخذتُ منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف))([24]).

ومن فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم في مجال الأطعمة والأشربة: إباحة أكل الثوم: فعن أبي أيوب الأنصاري قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بطعام أكل منه، وبعث بفضله إليَّ، وإنه بعث إليَّ يومًا بفضلة لم يأكل منها لأن فيها ثومًا، فسألته: أحرام هو؟ قال: لا، ولكني أكرهه من أجل ريحه))([25]).

ومن فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم في مجال الطب: إباحة التداوي: فعن أسامة بن شريك رضي الله عنه، قال: ((جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم… ثم قال: يا رسول الله، أنتداوى؟ قال: تداووا؛ فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله))([26]).

إلى غير ذلك من فتاويه صلى الله عليه وآله وسلم المتعددة في شتَّى مناحي الحياة، والتي وقعت جوابًا عن حادثةٍ حصلت، أو سؤالٍ أو نازلة مسؤولٍ عنها، ولو تعرضنا لذكر نموذج منفرد لكل باب من فتاويه صلى الله عليه وسلم لطال المقام، ونكتفي بما ذكرناه هنا، ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتب السنة ومؤلفات الفقهاء.

وعلى ذلك: فإن مجالاتِ الإفتاء تكون في الأحكام الاعتقادية، والأحكام الأصولية، والأحكام الفرعية التكليفية والوضعية (الأحكام العملية) على سبيل الإخبار والتبليغ دون الإلزام والتقييد.

فالإفتاء داخل في كل ما يكون مطلوبًا لرب العباد من العباد، أو موضوعًا من رب العباد للعباد؛ إذ إن الإفتاء إخبارٌ وتبليغٌ وتطبيقٌ لأحكام الشريعة، وسواء في ذلك المنصوص عليه وغيره.

والإفتاء بهذا المعنى يخالف الاجتهاد([27]): إذ إنَّ الاجتهاد لا يكون إلَّا في الفروع والمسائل الظنية مما لا نص فيه، أَمَّا الفتوى فتكون في الفروع وفي الأصول، في المنصوص عليه وغيره.

كما يخالف الإفتاء القضاء([28]): فالإفتاء أعمُّ من القضاء؛ وذلك لأنَّ الفتوى تكون في العبادات، والمعاملات، والآداب والأخلاق، وأحوال الآخرة إلى غير ذلك من مجالات الفتوى المتعددة، بينما القضاء لا يكون إلَّا في الجنايات، والمعاملات لتعلقهما بالحقوق والواجبات، ومما يكون فيه لبعض الناس على بعض حقوق والتزامات، ولا يكون في العبادات والعادات ونحوهما؛ لأنها أعمال شخصية فردية، فيكون مجالها الإفتاء، ولذلك نص الفقهاء على أن “نظر المفتي أعمُّ من نظر القاضي”([29]).

كما أنَّ الفتوى تختلف عن حكم القاضي؛ لأنها لا تُلزِم المستفتي بالحكم، على خلاف القضاء الذي يُلزِم أطرافَه بالحكم الصادر، فالفتوى والقضاء وإن كانا يتفقان في وصف الإخبار عن الحكم؛ إلَّا أن القضاء في إخباره إلزام([30])، بينما الفتوى مقتصرة على الإخبار دون الإلزام، فللمستفتي ألا يأخذ بقول المفتي في الواقعة التي استفتاه بها، ويعرض عن قوله لقول مفتٍ آخر، وذلك بخلاف الحكم، فلا خِيَرة فيه، ويلزم الحكم([31]).

هذه نظرةٌ إجمالية عن مجالات الفتوى ونطاقها، وأنها وإن كانت تختصُّ في الأساس بالأحكام الشرعية، إلَّا أنها تمتدُّ لميادينَ أخرى، ولذلك عرفها بعضُ الفقهاء بتعريف عام، وذلك بأنها: “الإخبار بحكم دون إلزام”؛ لتشمل الأحكام الشرعية وغيرها.

وهذا يدلُّ على أنَّ فقهاء شريعتنا ومفتيها منذ العصور الأولى كانت لهم نوع مشاركة في جميع العلوم الإسلامية وفنونها، سواء تعلَّقت بمقاصدها أو وسائلها من توحيد، وفقه، وصرف، ولغة، وقواعد، وبلاغة، وأدب، وتاريخ([32]).

 

أنواع الاستفتاء:

تتنوَّع الفتوى إلى أنواع كثيرة لتشملَ جميعَ تصرُّفات العباد، وهذا يختلفُ بحسب النظر إليها، ولكنْ يمكن ذِكْرُ بعضِ الأقسام التي تنتظمُ تحتها العديدُ من أنواع الفتوى، فمن ذلك:

أنواع الفتوى من حيث العموم والخصوص:

تتنوَّع الفتوى من حيث كونُها عامةً أو خاصةً إلى:

أ- فتوى عامَّة: وهي التي تتعلَّق بعموم المسلمين، أو بالمجتمع ككل، مما يُعرَف بالنوازل العامة، والفتاوى المتعلقة بالشأن العام، وبهموم المجتمع وقضاياه العامَّة.

ب- فتوى خاصة: وهي التي تتعلَّق بسائل بعينه، وبحسب واقعة السؤال، وقد تتغيَّر هذه الفتوى بسبب تغيُّر جهات الفتوى([33]).

كما أنَّ الفتوى الخاصة المبنية على أساس الضرورة لا تعمُّ جميع الأحوال والأزمان والأماكن والأشخاص؛ إذ إن الضرورة تقدر بقدرها، وهي حالة استثنائية تنتهي بمجرَّد انتهاء موجبها، ويجب السعيُ لإيجادِ بديلٍ عنها قدرَ المستطاع.

 أنواع الفتوى من حيث واقعة السؤال:

تتنوَّع الفتوى من حيث واقعة السؤال إلى:

أ- فتوى في المسائل التقليدية: وقد تناولها الفقهاء وعلماء الشريعة بالبحث سابقًا، ويسهل الوقوف على معرفة الحكم الشرعي فيها من خلال مراجعة المصادر الفقهية.

ب- فتوى في النوازل المعاصرة والحوادث المستجدة، والفروع الجديدة: برزت في العصر الحديث، ولم يتناولها الفقهاء المتقدمون بالبحث، وتحتاج إلى نظرٍ وبحثٍ وتكييفٍ فقهي، في ضوء أدوات الاجتهاد، وإدراك الواقع([34]).

أنواع الفتوى من حيث الحدوث والوقوع:

تتنوع الفتوى من حيث الحدوث والوقوع إلى:

أ- فتوى واقعية: وهي أن يسألَ المستفتي عما وقع له فعلًا، وهو محتاج إلى السؤال، فيجب على المفتي -إن لم يوجد غيره- المبادرة إلى جوابه على الفور، ولا يجوز تأخير بيان الحكم عن وقت الحاجة.

ب- فتوى افتراضية: وهي أن يسأل المستفتي عن الحادثة قبل وقوعها له، فهذه لا تخلو من ثلاث حالات:

الأولى: أن يكون في المسألة نصٌّ من كتاب أو سنة، أو إجماعٌ، فيجوز للمفتي ولا يجب عليه بيانُ الحكم، وذلك بحسب الإمكان.

الثانية: أن تكون الحادثة بعيدةَ الوقوعِ أو غيرَ ممكنةِ الوقوع، وإنما هي من المقدرات، فيكره للمفتي الكلامُ فيها؛ لأن السلف الصالح كانوا يكرهون الكلام عما لم يقع، ولأن الفتوى بالرأي إنما تجوز للحاجة والضرورة، وليست هناك حاجة أو ضرورة.

الثالثة: أن تكون الحادثة غير نادرة الوقوع، وغرض السائل الإحاطة بعلمها ليكون على بصيرةٍ إذا وقعت، فيستحبُّ للمفتي هنا الجواب بما يعلم إن رأى المصلحة في ذلك([35]).

أنواع الفتوى من حيث الصياغة:

تتنوَّع الفتوى من حيث طريقة صياغتها إلى([36]):

أ- الفتوى بالقول (الفتوى الشفوية): وتعدُّ الفتوى بالقول من أوضح أنواع الفتوى وأكثرها استعمالًا في الشرع، ومن مميزاتها: إمكان تحديد الجواب للمستفتي، والأخْذُ والرد معه إلى أن يتضحَ له المقصود ويتميَّز له([37])، والفتوى بالقول هي الأصل في عملية الإفتاء ([38])؛ يقول العلامة ابن الصلاح: “يجب على المفتي حيث يجب عليه الجواب أن يبينه بيانًا مُزيحًا للإشكال، ثم له أن يجيب شفاهًا باللسان…”([39]).

ولهذا يوجد بدُور ومؤسسات الإفتاء قسم يُعْنَى بالفتاوى الشفوية؛ حيث يلتقي المفتي والمستفتي، ويشافه أحدهما الآخر سؤالًا ونقاشًا، وجوابًا ونصحًا، ويلحق بالمشافهة الفتوى عبر الهاتف أو عبر الأجهزة المسموعة والمرئية معًا، ولكنها لا تصل من الدقة والضبط إلى درجة الفتوى بالمشافهة.

ب- الفتوى بالفعل: وتكون في الأمور العملية المصحوبة بالهيئات الخاصة؛ حيث يكون البيان به أيسر مما عداها، كهيئات الصلاة من القيام والركوع والسجود ونحوهما، وغالبًا ما يحتاج مع الفعل إلى قول؛ ليعلم المستفتي أن الفعل بيان للشرع.

فإذا أرد المفتي بيان أمر للمستفتي، فبإمكانه أن يفعلَه أمامه، ويطلب منه أن يأخذَه عنه؛ اقتداءً وأسوةً برسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما صلى وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))([40])، وفي تعليم مناسك الحج قال: ((خذوا عني مناسككم))([41]) .

كما أنَّ للمفتي أن يطلب من المستفتي أن يعملَ الشيء أمامه ويصححه له حال الخطأ، ويقرره حال الصواب، وهذا النوع يكون أحيانًا أدلَّ وأدقَّ من سابقه -عمل المفتي- ويؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ليس الخبر كالمعاينة))([42])([43]).

ج- الفتوى بالكتابة: وهي تدوين الفتوى، وتقييدها بالخط، سواء كان ذلك التقييد في كتابٍ، أو ورقةٍ، أو موقع إلكتروني كما هو الحال في عصرنا الحاضر، أو غير ذلك من ألوان الكتابة المختلفة.

وتعدُّ كتابة الفتوى وصياغتها من أفضل الأنواع وأقواها، خاصَّة في العصر الحاضر؛ حيث إنها تتميز عن غيرها بضبط وإحكام القول فيها، فلا يتبعثر ذهن المستفتي، ويمكنه الرجوع إليها كلما احتاج إليها([44]).

د – الفتوى بالإشارة: وتكون في الشيء الذي جوابه بـ (نعم أو لا)، أو نحوهما مما يفهم بالإشارة، بتحريك اليد أو الرأس أو نحوهما، وفي السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بأن الشهر هكذا وهكذا([45])، وقد كان عليه السلام يُسأل في التقديم والتأخير نسيانًا في أعمال يوم، فيومئ بيده أن لا حرج([46]) ([47]).

هـ- الفتوى بالإقرار: وهو أن يترك المفتي الإنكار على شاهدة أو سماع أو تصرف معين شاهده، ولم يعقب عليه، فسكوته دالٌّ على جواز ذلك الفعل والتصرُّف، فإنه إن لم يكن هذا التصرف صحيحًا، لما سكت عنه المفتي؛ لأنه لا يقر على تصرف غير جائز يصدر بحضرته([48]).

يقول الشاطبي: “أما الإقرار فراجع إلى الفعل؛ لأنَّ الكفَّ فعل، وكف المفتي عن الإنكار إذا رأى فعلًا من الأفعال كتصريحه بجوازه، وقد أثبت الأصوليون ذلك دليلًا شرعيًّا بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكذلك يكون بالنسبة إلى المنتصب بالفتوى، وما تقدم من الأدلة في الفتوى الفعلية جارٍ هنا بلا إشكال”([49]).

 

أنواع الفتوى من حيث ذكر الدليل:

أ- فتوى مختصرة: تقتصر على بيان الحكم الشرعي على الراجح عند المفتي، مع ذِكْرِ بعضِ أدلتها، وقد تصدر الفتوى مجردةً من الدليل، كما قد يُشار أحيانًا في الفتوى المختصرة إلى آراء الفقهاء في المسألة باختصار، وذلك على حسب المقام، وحال السائل وغرضه.

ب- فتوى مطولة: تقومُ على تأصيل الحكم الشرعي ببيان وعرض آراء الفقهاء في المسألة ونصوصهم وأدلتهم، ثم بيان الراجح من الخلاف الفقهي ودليله، وذلك على حسب المقام وغرضه([50]).

كما في الوقائع الهامة التي تتعلَّق بالأمة والمجتمع، والأحكام المستغربة -غير المألوفة- للناس، فليزم المفتي التوسُّع في صياغة فتواه. يقول الإمام القرافي: “إلَّا في نازلة عظيمة تتعلق بولاة الأمور، ولها صلة بالمصالح العامة، فيحسن الإطناب بالحث والإيضاح والاستدلال، وبيان الحكم والعواقب؛ ليحصل الامتثال التام”([51]).

ويقول ابن القيم: “وإذا كان الحكم مستغربًا جدًّا مما لم تألفه النفوس، وإنما ألفت خلافه، فينبغي للمفتي أن يوطئ قبله ما كان مأذونًا به: كالدليل عليه، والمقدمة بين يديه”([52]).

([1]) الصحاح، للجوهري، (6/ 2452)، مرجع سابق. وشمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، لنشوان بن سعيد الحميري اليمني (المتوفى: 573هـ) ط. دار الفكر المعاصر (بيروت – لبنان)، دار الفكر (دمشق – سورية) الطبعة: الأولى، السنة: 1420هـ – 1999م. ومختار الصحاح للرازي (1/ 234)، مرجع سابق.

([2]) لسان العرب، لابن منظور، (15/ 147)، مرجع سابق.

([3]) مختار الصحاح للرازي (1/ 234)، مرجع سابق.

([4]) تهذيب اللغة لأبي منصور (14/ 234)، مرجع سابق. ولسان العرب لابن منظور (15/ 147-148)، مرجع سابق. والقاموس المحيط للفيروزآبادي، (1/ 1320)، مرجع سابق.

([5]) فـ “الإفتاء تبيين ذلك المبهم، والاستفتاء السؤال من الإفتاء واشتقاقه اشتقاق صغير” انظر: جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، للقاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري، عرب عباراته الفارسية: حسن هاني فحص، (3/ 12)، ط. دار الكتب العلمية، لبنان، الطبعة: الأولى، 1421هـ – 2000م.

([6]) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 24)، مرجع سابق.

([7]) الذخيرة، للقرافي (10/ 121)، ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1994م.

([8]) مواهب الجليل، للحطاب، (1/ 32)، ط. دار الفكر، الطبعة: الثالثة، سنة: 1412هـ – 1992م. وينظر أيضًا: الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المعروف بشرح ميارة، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الفاسي، ميارة (1/ 7)، ط. دار المعرفة.

([9]) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 4)، مرجع سابق.

([10]) التعريفات الفقهية، للبركتي (1/ 25)، ط. دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، سنة: 1424هـ – 2003م.

([11]) ينظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم، (4/ 205)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة: الأولى، سنة: 1411هـ – 1991م. وأصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي للدكتور محمد رياض (ص 198)، ط. مطبعة النجاح الجديدة، المغرب، الطبعة: الأولى، سنة: 1416هـ -1996م، وموقع دار الإفتاء المصرية على شبكة الإنترنت www.dar-alifta.org، بعنوان: “أنواع الفتوى”.

([12]) ينظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم، (4/ 205: 314)، مرجع سابق.

([13]) ترتيب المدارك وتقريب المسالك، للقاضي عياض، (2/ 39)، ط. مطبعة فضالة – المحمدية، المغرب، الطبعة: الأولى.

([14]) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي لابن حمدان (ص 44-45)، وانظر أيضًا: أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (1/ 153، 154).

([15]) متفق عليه: أخرجه البخاري في «الصحيح»، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ}، (9/ 128)، حديث رقم: (7437). ومسلم في الصحيح، باب: معرفة طريق الرؤية، (1/ 163)، حديث رقم: (182).

([16]) متفق عليه: أخرجه البخاري في «الصحيح»، باب:{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ}، (16/ 171)، حديث رقم: (4949). ومسلم في الصحيح واللفظ له، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه، (4/ 2039)، حديث رقم: (2647).

([17]) الفتيا ومناهج الإفتاء للأشقر (ص 24)، ط. مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، الطبعة الأولى، سنة: 1396هـ – 1976م.

([18]) أصول الفتوى والقضاء، لمحمد رياض، (ص 198). مرجع سابق.

([19]) متفق عليه: أخرجه البخاري في الصحيح، واللفظ له، باب: غسل الدم، (1/ 55)، حديث رقم: (227). وأخرجه مسلم في الصحيح، باب: نجاسة الدم وكيفية غسله، (1/ 240)، حديث رقم: (291).

([20]) أخرجه البخاري في الصحيح، باب: إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب، (2/ 48)، حديث رقم: (1117).

([21]) أخرجه مسلم، في الصحيح، باب: إثم مانع الزكاة، (2/ 680)، حديث رقم: (987).

([22]) أخرجه مسلم، في الصحيح، باب: بيان أن القُبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، (2/ 779)، حديث رقم: (1108).

([23]) متفق عليه: أخرجه البخاري، واللفظ له، باب: الفتيا على الدابة عند الجمرة، (2/ 175)، حديث رقم: (1736). وأخرجه مسلم، باب من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي، (2/ 948)، حديث رقم: (1306).

([24]) متفق عليه: أخرجه البخاري في الصحيح، باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه، (7/ 65)، حديث رقم: (5364). ومسلم في الصحيح، (3/ 1338)، حديث رقم: (1714).

([25]) أخرجه مسلم في الصحيح، باب: إباحة أكل الثوم، (3/ 1623)، حديث رقم: (2053).

([26]) أخرجه أحمد في المسند، (30/ 398)، حديث رقم: (18456).

([27]) والاجتهاد في اصطلاح الفقهاء له تعريفاتٌ متعددة إلا أنها متقاربة في ألفاظها ومعانيها، نختار منها تعريف ابن الحاجب: “استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي”. بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب، للأصفهاني، ط. دار المدني، السعودية، الطبعة: الأولى، سنة: 1406هـ – 1986م.

([28]) والقضاء عند الفقهاء له تعريفاتٌ مختلفة في ألفاظها، وإن كانت متفقةً في معناها من حيث الجملة: فعند الحنفية هو: “فصل الخصومات وقطع المنازعات على وجه خاص”.

وعند المالكية: “الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام”.

وعند الشافعية هو: “إلزام من له إلزام بحكم الشرع”.

وعند الحنابلة: “الإلزام بالحكم الشرعي، وفصل الخصومات”.

انظر: رد المحتار على الدر المختار، لابن عابدين، (5/ 352)، ط. دار الفكر، بيروت، الطبعة: الثانية، سنة: 1412هـ – 1992م. وتبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، لابن فرحون، ط. مكتبة الكليات الأزهرية، الطبعة: الأولى، 1406هـ – 1986م. وحاشية الجمل على شرح المنهج، لسليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري، المعروف بالجمل، (5/ 334)، ط. دار الفكر وكشاف القناع عن متن الإقناع، للبهوتي، (6/ 285)، ط. دار الكتب العلمية.

([29]) انظر: المعيار المعرب والجامع المغرب، لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي، (1/ 138)، ط. دار الغرب الإسلامي، سنة: 1990م.

([30]) فالقضاء لا يكون إلا في الواجب والحرام والمباح خاصة دون المستحب والمكروه؛ لأنه إلزام -بعكس الإفتاء- وليس في المستحب والمكروه إلزام.

([31]) الفتيا ومناهج الإفتاء، للأشقر، (ص 24)، مرجع سابق. وأصول الفتوى والقضاء، للدكتور محمد رياض، (ص 186). مرجع سابق.

([32]) أصول الفتوى والقضاء، لمحمد رياض، (ص 218). مرجع سابق.

([33]) الفتيا ومناهج الإفتاء، للأشقر، (ص 24).

([34]) المرجع السابق.

([35]) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم، (4/ 120)، مرجع السابق.

([36]) ومما يجدر التنويه عليه هنا أن من الأمور التي تخالف الفتوى فيها القضاء هي طريقة الصياغة؛ إذ إن القضاء لا يكون إلا بلفظ، أما الفتوى فتكون بالقول أو الفعل أو بالإشارة أو بالإقرار أو بالكتابة.

([37]) ينظر: الفتيا ومناهج الإفتاء، للأشقر، (ص 77، 78)، مرجع سابق. وضوابط الفتوى في الشريعة الإسلامية، (ص 53)، مرجع سابق.

([38]) المجموع شرح المهذب، للنووي، (1/ 90)، مرجع سابق. وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان، (ص 64)، مرجع سابق.

([39]) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 134)، مرجع سابق. وآداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي، (ص 44)، مرجع سابق.

([40]) أخرجه البخاري في الصحيح، باب: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، (1/ 128)، حديث رقم: (631).

([41]) أخرجه مسلم في الصحيح، باب: رمي جمرة العقبة من بطن الوادي، (2/ 943)، حديث رقم: (50)، والبيهقي في السنن الكبرى، واللفظ له، باب الإيضاع في وادي محسر، (5/ 204).

([42]) أخرجه أحمد في المسند، (3/ 341)، حديث رقم: (1842). والبراز في مسنده، (11/ 272)، حديث رقم: (5062). وابن حبان في صحيحه، باب: ذكر السبب الذي من أجله ألقى موسى الألواح، (14/ 96)، حديث رقم: (6213). قال الهيثمي: “ورجاله رجال الصحيح، وصححه ابن حبان” انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، (1/ 153)، ط. مكتبة القدسي، القاهرة، السنة: 1414هـ – 1994م.

([43]) ينظر: الفتيا ومناهج الإفتاء، للأشقر، (ص 77). وضوابط الفتوى في الشريعة الإسلامية، (ص 54).

([44]) ينظر: الفتيا ومناهج الإفتاء، للأشقر، (ص 78)، مرجع سابق. وضوابط الفتوى في الشريعة الإسلامية، (ص 57)، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز، السعودية، الطبعة: الثانية، سنة: 1428هـ -2007م.

([45]) فعن ابن عمر رضي الله عنهما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((الشهر هكذا وهكذا وهكذا)) وعقد الإبهام في الثالثة ((والشهر هكذا، وهكذا، وهكذا)) يعني تمام ثلاثين.

متفق عليه: أخرجه البخاري في الصحيح، باب: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا نكتب ولا نحسب))، (3/ 27)، حديث رقم: (1913). ومسلم في الصحيح واللفظ له، باب فضل شهر رمضان، (2/ 761)، حديث رقم: (1080).

([46]) فعن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل في حجة الوداع، فقال: يا رسول الله، حلقت قبل أن أذبح. قال: فأومأ بيده، وقال: لا حرج. وقال رجل: يا رسول الله، ذبحت قبل أن أرمي. قال: فأومأ بيده، وقال: لا حرج. قال: فما سئل يومئذ عن شيء من التقديم والتأخير إلا أومأ بيده، وقال: لا حرج)). متفق عليه، واللفظ لأحمد في مسنده، (4/ 395).

([47]) ينظر: الفتيا ومناهج الإفتاء، للأشقر، (ص 78)، مرجع سابق. وضوابط الفتوى في الشريعة الإسلامية، (ص 55)، مرجع سابق.

([48]) ينظر: ضوابط الفتوى في الشريعة الإسلامية، (ص 57)، مرجع سابق.

([49]) الموافقات، لإبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، (المتوفى: 790هـ)، (5/ 265)، ط. دار ابن عفان، الطبعة: الأولى، السنة: 1417هـ – 1997م.

([50]) ينظر بحث بعنوان: “أنواع الفتوى”، منشور على موقع دار الإفتاء المصرية:

 www.dar-alifta.org

([51]) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، للقرافي، (ص 364)، مرجع سابق.

([52]) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم، (4/ 125، 126)، مرجع سابق.

اترك تعليقاً