البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الفصل الأول

التمهيد

89 views

مكانة الفتوى المنضبطة

للفتوى المنضبطة والإفتاء الصحيح مكانةٌ عظيمةٌ ومنزلةٌ كبيرةٌ في إرشاد الخلق إلى طريق الحق، وهدايتهم إلى الصواب والطريق المستقيم، يقول تعالى مبينًا هذه المنزلة: {وَيَسۡتَفۡتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِۖ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِيهِنَّ} [النساء: 127].

فالفتوى وفقَ هذه الآية تصدرُ عن رب العالمين، وهذا يجعلُ مسؤولية المفتي عن فتواه مسؤوليةً عظيمةً وشريفةً، فلا بد أن تخرج الفتوى منه منضبطةً بالمعاييرِ الشرعية، مناسبة لأحوال الناس وواقعهم المعيش، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يتولَّى هذا المنصب الشريف في حياته باعتبار التبليغ، فكلُّ ما يصدر عنه صلى الله عليه وآله وسلم ويتلفظ به هو وحيٌ من الله تعالى كما قال سبحانه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} [النجم: 3، 4]، فقد كان منهجه النبوي الشريف في توضيح الأحكام للناس بمثابة الخطوط العريضة التي ينبغي أن يلتمسها العالم والمفتي، وإن شئنا لقلنا: إنها عبارة عن ضوابطَ للفتوى.

ويكفي المفتي شرفًا وفخرًا أن يقوم بأمر الإفتاء الذي هو في الأصل يصدر عن رب العالمين، وباعتبار التبليغ يصدر عن سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فالإفتاء وإرشاد الناس إلى حكم الله يُعدُّ من مقتضى رسالته صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك حينما كلَّفه الحقُّ تبارك وتعالى بقوله: {وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، يقول ابن القيم: «وأول من قام بهذا المنصب الشريف سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، عبد الله ورسوله، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده؛ فكان يفتي عن الله بوحيه المبين، وكان كما قال له أحكم الحاكمين: {قُلۡ مَآ أَسۡ‍َٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86].

فكانت فتاويه صلى الله عليه وآله وسلم جوامع الأحكام، ومشتملة على فصل الخطاب، وهي في وجوب اتباعها وتحكيمها والتحاكم إليها ثانية الكتاب، وليس لأحدٍ من المسلمين العدولُ عنها ما وجد إليها سبيلًا، وقد أمر الله عباده بالرد إليها حيث يقول: {فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا} [النساء: 59]»([1]).

فالمفتي خليفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أداء وظيفة البيان، وقد تولَّى هذا المنصبَ الشريفَ بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابُه الكرامُ رضي الله عنهم أجمعين، ثم أهل العلم بعدهم.

يقول ابن القيم: «ثم قام بالفتوى بعده بَرْكُ الإسلام وعصابة الإيمان، وعسكر القرآن، وجند الرحمن، أولئك أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم ألين الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلُّها تكلفًا، وأحسنها بيانًا، وأصدقها إيمانًا، وأعمها نصيحة، وأقربها إلى الله وسيلة، وكانوا بين مكثر منها ومُقِل ومتوسط»([2]).

وقال ابن القيم أيضًا: «وكما أنَّ الصحابة سادة الأمة وأئمتها وقادتها، فهم سادات المفتين والعلماء»([3]).

وتبرز أهمية الفتوى المنضبطة من خلال الآثار المترتبة على الانضباط في الفتوى، وذلك على النحو التالي:

الأول (نشر ثقافة الوعي في المجتمعات): لأنَّ الفتوى المنضبطة تَصْدُر عن أهل الذِّكر المبلغين عن رب العالمين، لذا ينبغي على جميع المستفتين إذا نزل بهم نازلةٌ أن يسألوا المفتي العالم المتخصص في الإفتاء، فليس كلُّ مُدَّع للعلم أو المعرفة بالعلوم الشرعية يصحُّ أن يتصدَّر للإفتاء، بل لا بد أن يكون مؤهلًا لهذا المقام؛ حيث يقول عز وجل في كتابه العزيز: {فَسۡـَٔلُوٓاْ ‌أَهۡلَ ‌ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [النحل: 43].

يقول الشاطبي: «إن المقلد إذا عرضت له مسألة دينية، فلا يَسَعُه في الدين إلَّا السؤال عنها على الجملة؛ لأنَّ الله لم يتعبَّد الخلق بالجهل»([4]).

الثاني (القضاء على ظاهرة الجهل وفوضى الفتوى)، وذلك من خلال الحجر على من يُفتي بغير علم، فقد أطلق العلماء اسمَ (المفتي الماجن) على كل مَنْ يفتي الناس بغير علم، أو مَنْ يفتيهم بغير وجه الصواب متعمدًا ذلك، فالمفتي الجاهل يستحقُّ الحجر عليه بمنعه من الإفتاء، يقول ابن حمدان -في مسألة الحجر على المفتي الماجن-: «ورأى رجل ربيعة بن عبد الرحمن يبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقال: استُفتِيَ مَن لا عِلمَ له، وظهر في الإسلام أمرٌ عظيم، وقال: وَلَبعضُ ‌مَن ‌يفتي ها هنا أحقُّ بالسجن من السُّرَّاق»([5]).

يقول الخطيب البغدادي: «ينبغي لإمام المسلمين أن يتصفَّح أحوالَ المفتين، فمن كان يصلح للفتوى أقرَّه عليها، ومن لم يكن من أهلها منعه منها، وتقدم إليه بأن لا يتعرض لها وأوعده بالعقوبة، إن لم ينْتهِ عنها، وقد كان الخلفاء من بني أمية ينصبون للفتوى بمكة في أيام الموسم قومًا يعينونهم، ويأمرون بأن لا يُستفتَى غيرهم»([6]).

الثالث: (تربية نفوس الناس على الصدق وقبول الحق، والالتزام بتقوى الله عز وجل): فالمستفتي الذي يخشى الله تعالى دائمًا ما يسأل المفتي العالم؛ ليدله على الصواب والحق الذي يرضي المولى سبحانه، حتى لو كان هذا على حساب المصالح الدنيوية، فمراقبةُ المولى سبحانه وتعالى في القول والفعل وكل ما يصدر عن الإنسان هي أساس النجاح والفلاح، ومن باب أولى أن يكون المستفتي صادقًا في إخبار المفتي ما يحتاج إلى معرفته ليدله ويرشده على الصواب وحكم الشرع في تلك النازلة والمسألة التي عرضت له، فعن أم سلمة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا))([7]). يقول ابن حجر العسقلاني في شرح الحديث: «وقوله: ((فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ)) أي: إن أخذها مع علمه بأنها حرام عليه دخل النار»([8]).

الرابع: (القرب من مرضاة الله والإخلاص له تعالى): لأنَّ المستفتي دائمًا ما يكون واضعًا نُصب عينيه رضا المولى سبحانه وتعالى، ويقصد بمعرفة الحكم الشرعي العمل بما يوافق الحق والصواب.

يقول بدر الدين ابن جماعة: «حُسن النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله تعالى، والعمل به، وإحياء الشريعة، وتنوير قلبه، وتحلية باطنه، والقرب من الله تعالى يوم القيامة، والتعرُّض لما أعدَّ لأهله من رضوانه وعظيم فضله»([9]).

الخامس: (نشر ثقافة كيفية تعلُّم العلم الشرعي وكيفية السؤال): وذلك بتقديم المفتي في جوابه الأهم فالأهم، فليس كلُّ ما يَرِدُ على ذهن المستفتي حريًّا بأن يسأل فيه؛ فعن مالك بن أنس رضي الله عنه قال: جاء ابن عجلان إلى زيد بن أسلم فسأله عن شيء، فخلط عليه، فقال له زيد: «اذهب فتعلم كيف تسأل، ‌ثم ‌تعال فسل»([10]).

السادس: (إحاطة المفتي بأكبر قدرٍ من المعلومات عن المسألة والواقعة محل الفتوى): فيعرف نشأتها، وعناصرها، وأنواعها، وكيف حدثت، وخصائصها، وجوانبها، وأطرافها، وتطورها، وهذا المزيج من الجمع سهل في ظلِّ الثورة المعلوماتية المعاصرة، ولكن قد يحتاج الفقيه إلى ممارسة ومعايشة لواقع المسألة لاستكمال تصوره لها، ويتطلَّب هذا الجمع الرجوع إلى المختصين، لا سيما في العلوم البعيدة عن تخصُّصه الشرعي: كالطب والاقتصاد مثلًا.

السابع: (نشر ثقافة مراعاة حالة الآخرين وظروفهم): لذا ينبغي أن يلتزمَ المستفتي بالاستئذان في الدخول على المفتي، فلا يصحُّ اقتحامُ مجلس العلماء والكبار دون استئذانهم، يقول بدرالدين ابن جماعة: «ألَّا يدخل على الشيخ في غير المجلس العام إلا باستئذان، سواء كان الشيخ وحده أو كان معه غيره، فإن استأذن بحيث يعلم الشيخ ولم يأذن له انصرف ولا يكرر الاستئذان»([11]).

الثامن: (نشر ثقافة الاستفسار وطلب التفاصيل للمسألة، خاصة في وقائع الأعيان التي تخصُّ شخصًا معينًا): بحيث يستفسر المفتي من المستفتي ما يُشكِل عليه، وينوع له السؤال من أجل الوصول للتصور الصحيح للمسألة؛ كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما لما أتى ماعزُ بن مالك النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ((لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ))([12])، فلم يأمر برجمه حتى أقرَّ بصريح الزنا.

وأيضًا حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، ((أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمًا، فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْجِعْهُ))([13]). والشاهد فيه: استفصال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستفساره من أجل أن يحكم في الواقعة بعد التصور الكامل لها.

التاسع: (نشر ثقافة احترام التخصص): فالرجوع إلى أهل العلم المتخصصين من الأمور التي نحتاج إلى نشرها في مجتمعاتنا في عصرنا الحاضر؛ فمراعاة المستفتي البحث عن أهل العلم من الفقهاء والمفتين والمتخصصين أمر حتمي لا بد منه: فعن محمد بن سيرين رحمه الله قال: «إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم»([14]).

العاشر: (نشر ثقافة الصبر لدى المستفتي في بحثه عن العالم الحق): فالبحث عن المفتي المشهود له بالعلم هو السبيل للوصول إلى الحق والصواب، فلا يصحُّ أن يستسهل المستفتي في سؤال مجهول الحال دون البحث عن مدى تمكُّنه من الإفادة والتوجيه الصحيح للمستفتي: يقول أبو المظفر السمعاني: «فأما المستفتي فلا يجوز له أن يَستفتيَ من شاء على الإطلاق؛ لأنه ربما يَستفتي مَن لا يعرف الفقه، بل يجب أن يتعرَّف حالَ الفقيه في الفقه والأمانة، ويكفيه في ذلك خبر العدل الواحد»([15]).

الحادي عشر: (تقوية جانب الفِراسة والمعرفة لدى المفتي): وذلك بأن يطَّلِع المفتي على أحوال الناس ويخالطهم ويعايشهم، ويدرك أساليبهم في التعامل، بحيث يصل إلى مرحلة يُميِّز من خلالها الحقَّ من الباطل، فمن استُفتي في مسألة ولم يكن عالمًا وخبيرًا بواقع الناس وبعيدًا عن مخالطتهم فربما أوقعه ذلك في التصور الخاطئ: يقول ابن الصلاح: «لا يجوز له أن يفتيَ في الأيمان والأقارير ونحو ذلك مما يتعلَّق بالألفاظ إلَّا إذا كان من أهل بلد اللافظ بها، أو متنزلًا منزلتهم في الخبرة بمرادهم من ألفاظهم وتعارفهم فيها؛ لأنه إذا لم يكن كذلك كثُر خطؤه عليهم في ذلك كما شهدت به التجربة»([16]).

الثاني عشر: (الاكتفاء بقول أحد العلماء أو المُفتين في المسألة دون الحاجة إلى المزيد من سؤال غيره): فيجوز للمفتي أن يقلدَ مَنْ شاء من المفتين المجتهدين أصحابِ الفتاوى المنضبطة والمشهود لهم بذلك، أو يكتفي بما يصدر عن أي جهة رسمية متخصصة في الإفتاء، فالأمرُ سهلٌ لا يحتاج إلى تعقيدات، فالعلماء نصوا على أنه يجوز للمستفتي العامي أن يقلدَ مَنْ شاء مِنْ أهل العلم المتخصصين: يقول القاضي أبو يعلى الفراء: «للعاميِّ أن يقلد من شاء من المجتهدين، وإذا ثبت أن له التقليد، فليس عليه أن يجتهدَ في أعيان المقلَّدين، بل يقلد من شاء؛ لأنه لمَّا لم يكن عليه الاجتهاد في طلب الحكم كذلك في المقلَّد»([17]).

الثالث عشر: (نشر ثقافة المشورة بين أهل العلم للوصول إلى الحق والصواب): ولا شكَّ أنَّ أمر الإفتاء من أعظم الأمور التي تحتاج إلى تلك المشاورة؛ لأن مقامَ الإفتاء هو بمنزلة التبليغ عن رب العالمين.

لذلك يقول ابن الصلاح: «يستحب له أن يقرأ ما في الرقعة على مَن بحضرته ممن هو أهل لذلك، ويشاورهم في الجواب ويباحثهم فيه وإن كانوا دونه وتلامذته؛ لما في ذلك من البركة والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف الصالح رضي الله عنهم، اللهم إلَّا أن يكون في الرقعة ما لا يحسن إبداؤه، أو ما لعل السائل يُؤثِر سترَه، أو في إشاعته مفسدة لبعض الناس، فينفرد هو بقراءتها وجوابها»([18]).

الرابع عشر: (الاكتفاء بقول أي مُفتٍ دون الحاجة عن البحث عن الأعلم منه): فالفتوى إذا خرجت منضبطةً من المفتي كفت المستفتي حاجته، فلا يُكلف الشخص العامي أن يبحثَ عن الأعلم من المفتين ليسأله عن مسألته، فهذا أمر شاقٌّ على المستفتين، والصواب أنه يجوزُ للمستفتي أن يقلدَ مَنْ شاء من المفتين دون أن يكلِّفَ نفسَه عناءَ البحث عن الأعلم بينهم؛ يقول إمام الحرمين الجويني: «فصل: هل يجب تقليد الأعلم؟ والقول في تعارض الفتيا:… والصحيح أنه له أن يقلد من شاء منهم… والذي يوضح الحق في ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم انقسموا إلى الفاضل والمفضول، وكان الصديق رضي الله عنه أفضلهم على مذاهب أهل الحق، ثم لم يكلفوا المستفتين ألا يستفتوا غيره، بل لم يجمعوا السائلين على أحد منهم تعيينًا منهم وتخصيصًا، فوضح بذلك أنه لا يتعين على المستفتي التعرُّض للأعلم»([19]).

الخامس عشر: (نشر ثقافة التوقف والامتناع عن الفتوى عند خفاء المسألة): فقد يَعرض للمفتي عوارضُ تجعلُه يتوقف عن الفتوى، فلا يبدي فيها رأيًا: إما لعدم معرفته بالنص أو الدليل، أو لاعتقاده ضعفه أو عدم حجيته، أو لاشتباهه عليه، أو لتعارض الأدلة في ذهنه بغير مرجِّح، وإما لعدم وضوح الواقع بتفاصيله المعقدة أحيانًا، فينبغي على المفتي التوقفُ والامتناعُ عن الفتوى في نحو هذه المسائل التي يخفى عليه وجهُ الصواب فيها، يقول ابن القيم: «وقال الإمام أحمد لبعض أصحابه: إياك أن تتكلَّم في مسألة ليس لك فيها إمام، ‌والحق ‌التفصيل، ‌فإن ‌كان ‌في ‌المسألة ‌نصٌّ من كتاب الله أو سُنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أثر عن الصحابة، لم يكره الكلام فيها، وإن لم يكن فيها نص ولا أثر فإن كانت بعيدةَ الوقوعِ أو مقدرة لا تقع لم يستحب له الكلام فيها، وإن كان وقوعها غيرَ نادرٍ ولا مستبعد، وغرض السائل الإحاطة بعلمها ليكون منها على بصيرة إذا وقعت استحب له الجواب بما يعلم، لا سيما إن كان السائل يتفقه بذلك، ويعتبر بها نظائرها، ويقرع عليها، فحيث كانت مصلحة الجواب راجحةً كان هو الأولى، والله أعلم»([20]).

السادس عشر: (نشر ثقافة استفتاء مُفتٍ آخر في مسائل أخرى تعرض للمستفتي): فلا يشترط أن يرجعَ المستفتي إلى نفس المفتي في كل نازلة تعرض له، فإذا ذهب المستفتي مثلًا إلى جهة الإفتاء، ولم يجد المفتي الذي سبق دخوله عليه واطمأن إلى جوابه أن يكرر الدخول عليه في كل مسألة يحتاج إلى الجواب عنها، فربما يكون هذا المفتي الأول ليس موجودًا، أو ربما يكون مشغولًا بمستفتين آخرين، فلا حرج أن يدخلَ إلى مُفتٍ آخرَ يسأله عن مسألته الجديدة، ولا يتعنت ليدخلَ على المفتي الأول: يقول الآمدي: «إذا اتبع العامي بعض المجتهدين في حكم حادثة من الحوادث وعمل بقوله فيها: اتفقوا على أنه ليس له الرجوع عنه في ذلك الحكم بعد ذلك إلى غيره، وهل له ذلك في حكم آخر؟… منهم من أجازه، وهو الحقُّ نظرًا إلى ما وقع عليه إجماع الصحابة من تسويغ استفتاء العامي لكل عالم في مسألة، وأنه لم ينقل عن أحد من السلف الحجر على العامَّة في ذلك، ولو كان ذلك ممتنعًا لَمَا جاز من الصحابة إهماله والسكوت عن الإنكار عليه، ولأن كلَّ مسألةٍ لها حكم لم يتعين الأول للاتباع في المسألة الأولى إلَّا بعد سؤاله، فكذلك في المسألة الأخرى»([21]).

السابع عشر: (وضوح المعنى المراد من الفتوى، والبعد عن الألفاظ المبهمة متعددة الاحتمالات): فينبغي أن يلتزم المفتي بوضوح الأسلوب في الفتوى وسلامته من الألفاظ المبهمة متعددة الاحتمالات والمُلْغِزة([22])، حتى تكون الفتوى منضبطة: يقول ابن الصلاح -في كيفية الفتوى وآدابها-: «وتكون عبارته -أي: المفتي- واضحة صحيحة بحيث يفهمها العامة، ولا تزدريها الخاصة»([23]).

فالفتوى المنضبطة تكون دائمًا بيِّنة، موضِّحة للإشكال، مفصلة حين يكون التفصيل أمرًا لازمًا، ومجملة حين يجب الإجمال بخط واضح، وعبارة لا توهم([24])، لذلك فإنَّ المفتي الحصيف دائم الحذر في صياغته للفتوى من أن يقع بها تحريف أو تصحيف، فيتخيَّر منها ما يكون بعيدًا عن ذلك([25]).

الثامن عشر: (الاستفادة مما قاله المفتي أو الجهة المختصة بالإفتاء في مسائل تكرر حدوثها بنفس الظروف والملابسات): وكأنَّ الحادثة المتكررة هي نفسها الحادثة الأولى بكل ما يحيط بها ويشملها من تفاصيل، وقد ذكر الآمدي في تلك المسألة عدة أقوال، فقال: «المسألة الرابعة: إذا استفتى العامي عالمًا في مسألة فأفتاه، ثم حدث مثل تلك الواقعة، فهل يجب على المفتي أن يجتهدَ لها ثانيًا ولا يعتمد على الاجتهاد الأول؟… والمختار إنما هو التفصيل، وهو أنه إما أن يكون ذاكرًا للاجتهاد الأول، أو غير ذاكر له، فإن كان الأول فلا حاجةَ إلى اجتهاد آخر كما لو اجتهد في الحال، وإن كان الثاني فلا بد من الاجتهاد؛ لأنه في حكم من لم يجتهد»([26]).

التاسع عشر: (حفظ وقت المفتي من الضياع والانشغال بسفاسف الأمور): فلا بد أن يكون وقتُ المفتي فيما يفيدُ المجتمع والاهتمام بما يستجدُّ من قضايا مهمة، ولنا أسوة في قول الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لتلميذه ومولاه عكرمة، فقد أرشده إلى قاعدةٍ مهمةٍ في أمر الفتوى، وذلك حين أمره أن يفتيَ الناس، فقال له: «انطلقْ ‌فأفتِ ‌الناسَ، فمَن سألك عما يعنيه فأفته، ومن سألك عمَّا لا يعنيه فلا تُفْتِهِ، فإنك تطرح عني ثلثي مؤونة الناس»([27]).

العشرون: (نشر ثقافة الاحترام والبعد عما يثير السخرية): فينبغي على المستفتي أن تكون أسئلته لها أهمية وفائدة على أرض الواقع، وليست أسئلة من محض الخيال؛ فقد ذكر الإمام أبو البركات الغزي: «أن رجلًا سأل الإمام الشعبي عن المسح على اللحية، فقال: ‌خللها ‌بأصابعك، فقال الرجل: أخاف ألا تَبُلَّها. قال الشعبي: إن خفتَ فانقعها من أول الليل»([28]).

الحادي والعشرون (تحديد العلاقة بين المفتي والمستفتي): فهي علاقة بين معلم وتلميذ، فلا يصحُّ للمستفتي أن يحرجَ المفتي وأن يعرضَ عليه من الأغلوطات ما يُلبس عليه، فهذا من سوء الأدب مع أهل العلم والفضل: فقد أخرج الإمام ابن عبد البر بسنده عن معاوية رضي الله عنه قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأغلوطات))، فسَّره الأوزاعي قال: يعني صعاب المسائل([29]).

الثاني والعشرون: (الحفاظ على المجتمع من الوقوع في الفوضى): وذلك بالبعد عن الجدال؛ لأنَّ المجادلةَ مع أهل العلم والثقة تثيرُ القلاقل بين أبناء المجتمع، واستقرار المجتمع مبنيٌّ على احترام أهل التخصص في جميع المجالات، وأهمها وأجلُّها مجال الفتوى؛ لأنه مقام التبليغ عن رب العالمين: فعن إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي، قال: «دخلنا إلى مالك بن أنس ونحن جميعًا من أهل الكوفة، فحدثنا بسبعة أحاديثَ، فاستزدناه، فقال: من كان له دِينٌ فلينصرف، ‌فانصرفت ‌جماعة، وبقيت جماعة أنا فيهم، ثم قال: من كان له حياءٌ فلينصرفْ، ‌فانصرفت ‌جماعة، وبقيت جماعة أنا فيهم، ثم قال: من كانت له مروءةٌ فلينصرفْ، ‌فانصرفت ‌جماعة، وبقيت جماعة أنا فيهم، فقال: يا غلمان أفقئوهم -أي أخرجوهم- فإنه لا بُقْيَا على قومٍ لا دِين لهم، ولا حياءَ، ولا مروءةَ»([30]).

الثالث والعشرون: (نشر ثقافة الاحترام المتبادل بين العلماء وأهل الفضل): فلا يجوز للمستفتي أن يواجهَ المفتي الذي أفتاه بخلاف هواه بقولِ مُفتٍ آخرَ يوافق قولَه هواه ونحو ذلك: يقول ابن الصلاح: «كل من لم يبلغ رتبة الاجتهاد من الفقهاء وأرباب سائر العلوم، ووجهه أنه لو جاز له اتباع أي مذهب شاء لأفضَى إلى أن يلتقط رُخَص المذاهب متبعًا ‌هواه، ومتخيرًا بين التحريم والتجويز، وفي ذلك انحلالُ ربقة التكليف»([31]).

الرابع والعشرون: (نشر ثقافة القناعة واحترام الذات): فلا بد أن يقتنعَ المستفتي بالمفتي قبل أن يسأله، ولا يصح بعد أن يجيب المفتي عن سؤال المستفتي أن يقول له: من هو أعلم أو أفقه الناس؟ فهذا فيه سوء أدب: فعن سعد بن إبراهيم قال: قيل له: مَن أفقه أهل المدينة؟ قال: «أتقاهم لربه عز وجل»([32]).

الخامس والعشرون: (نشر وإحياء ثقافة تقبُّل الخلاف من الآخر): فينبغي على المستفتي أن يتفهَّم اختلاف المفتين، وحملُ هذا الاختلاف على أنه من باب التنوع وليس التضاد: يقول ابن حمدان: «ونحن نمهد طريقًا سهلًا، فنقول: ليس له أن يتبع في ذلك مجرَّد التشهي والميل إلى ما وجد عليه أباه وأهله قبل ‌تأمُّله والنظر في صوابه… وإنما قام بذلك من جاء بعدهم من الأئمَّة الناخلين لمذاهبِ الصحابة والتابعين وغيرهم، القائمين بتمهيد أحكام الوقائع قبل وقوعها، الناهضين بإيضاحِ أصولها وفروعها ومعرفة الوفاق والخلاف: كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأمثالهم، فإنَّ اتفاقهم نعمة تامَّة، واختلافهم رحمة عامَّة»([33]).

السادس والعشرون: (نشر ثقافة التواضع وعدم الحياء أو التكبُّر من طلب الحق وفهمه): وذلك بطلب إعادة توضيح الجواب، فينبغي على المستفتي أن يستأذنَ المفتي في إعادة ما لم يتضحْ له بشكل جيد: يقول بدر الدين العيني: «إنه لا عيبَ على الطالب للعلوم أو المستفتي أن يقولَ للعالم: أوضِحْ لي الجواب»([34]).

السابع والعشرون: (نشر ثقافة التأني وعدم الاستعجال): فينبغي على المستفتي أن يلتزمَ الرفقَ في طلب الفتوى وعدم الاستعجال، فكلما كان المستفتي رفيقًا في سؤاله كان هناك فرصةٌ للمفتي أن يتصوَّر سؤال المستفتي بشكل صحيح حتى يخرج الجواب بما يناسب حالة المستفتي، فيرشده بذلك إلى ما ينفعه في دنياه وآخرته: يقول ابن حجر: «إن طالب الحاجة لا ينبغي له أن يلح في طلبها، بل يطلبها برفقٍ وتأنٍّ، ويدخل في ذلك طالب الدنيا والدين من مُستفتٍ وسائلٍ وباحثٍ عن علم»([35]).

الثامن والعشرون: (نشر ثقافة احترام ما اتفق عليه العلماء والمفتون والعمل بمقتضي ذلك): فلا يصحُّ أن يبحث المستفتي العامي بعد ذلك على قول من يوافق هواه ممن لا يُعتدُّ بخلافه: يقول القاضي أبو يعلى الفراء: «وإن استفتى عالمَيْن، فإن اتفقا على الجواب عمل بما قالاه»([36]).

التاسع والعشرون: (نشر ثقافة تكرر سؤال المستفتي للمفتي فيما يحتاج إلى ذلك دون حرج): حيث إن الحوادثَ والنوازلَ الفقهية قد تتكرَّر، لكنها في بعض الأحيان قد تختلف ظروفها أو حالُ مَن تكررت معه، لذا ينبغي أن يرجع المستفتي في كل مرة إلى سؤال المفتي؛ إذ ربما يرشده إلى شيءٍ جديد لم يدله عليه في المرات السابقة، وذلك تبعًا لاختلاف الفتوى باختلاف جهاتها: الزمان، والمكان، والأشخاص، والأحوال. يقول القاضي أبو يعلى الفراء: «على العامي أن يستفتي في كل حادثة تقع، وإن استفتى عاميٌّ عالمًا في حكم وأفتاه، ثم حدث حكم آخر مثل ذلك، فعليه أن يكرر الاستفتاء، ولا يقتصر على الأول»([37]).

الثلاثون: (نشر ثقافة الاكتفاء بالمفتي الموجود في البلدة أو القرية، ولا يوجد سواه): فلا يحتاج المستفتي أن يكلِّفَ نفسَه عناءَ السفر ليسأل مُفتيًا آخر عن مسألته: يقول إمام الحرمين الجويني: «إذا لم يكن في البلدة التي فيها المستفتي إلا عالم واحد فيقلده، ولا يكلَّف الانتقال عنه»([38]).

الحادي والثلاثون: (نشر ثقافة الاهتمام بمعرفة الحكم الشرعي في النوازل التي تستجد في مجتمع الناس، والتعجيل بسؤال المفتي): وذلك ليتمكن الناس من التعامل مع تلك النوازل؛ يقول أبو المظفر السمعاني: «مسألة: ويجب على العامي أن يستفتي إذا وقعت له الحادثة، ولم يحتمل التأخير، فيلزمه تعجيل السؤال»([39]).

الثاني والثلاثون: (نشر ثقافة الانتباه لمعرفة ما ينفع المجتمع من خلال الوقوف على العلم بالحكم الشرعي في النازلة): فلا يصحُّ الالتفات عن قول المفتي أثناء كلامه، فربما يقول شيئًا مهمًّا، والمستفتي مشغول بأمر آخر، فيضيع عليه الفائدة التي كان يحتاج إليها من المفتي: يقول حمدان بن الأصفهاني: «كنت عند شريك، فأتاه بعض ولد المهدي، فاستند إلى الحائط، فسأله عن حديث، فلم يلتفتْ إليه، وأقبل علينا، ثم عاد فعاد لمثل ذلك، فقال: أتستخف بأولاد الخلفاء، قال: لا، ولكنَّ العلمَ أجلُّ عند أهله من أن يضيعوه، قال: فجثا على ركبتيه ثم سأله، فقال شريك: هكذا يطلب العلم»([40]).

الثالث والثلاثون: (نشر ثقافة الاحترام لأهل العلم وتقديرهم وإعطاؤهم المنزلة التي تليق بهم، والتعامل مع المفتي بإجلال وإكبار): وهذا إنما يدلُّ على مدى عظمة المجتمع الذي يُجِل العلماء: يقول بدر الدين ابن جماعة: «أن ينظره بعين الإجلال، ويعتقد فيه درجة الكمال، فإنَّ ذلك أقربُ إلى نفعه به، وكان بعضُ السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشيء، وقال: اللهم استرْ عيبَ شيخي عني، ولا تُذْهِب بركة علمه مني»([41]).

الرابع والثلاثون: (نشر ثقافة الصبر مع أصحاب العلم والمنزلة العالية، وتحمُّل جفوة المفتي وشدته): فالواجب تحمُّل ما قد يصدر منهم من شدةٍ في بعض الأوقات؛ لأنها قد يكون سببها الخوف على المستفتي ونصحه بما يجلب له الخير والنفع والصلاح في دنياه وآخرته، وربما يكون سبب الشدة والجفوة ما قد يعتري البشر في بعض الأحيان من مصاعبِ الحياة وأكدارها، فالمفتي بشرٌ يصدر منه ما يعتري أي شخص: يقول بدر الدين ابن جماعة: «أن يصبر على جفوةٍ تصدر من شيخه أو سوء خُلُق، ولا يَصدُّه ذلك عن ملازمته وحُسن عقيدته، ويتأول أفعاله التي يظهر أنَّ الصواب خلافها على أحسن تأويل، ويبدأ هو عند جفوة الشيخ بالاعتذار والتوبة مما وقع والاستغفار، وينسب الموجب إليه، ويجعل العَتْبَ عليه، فإنَّ ذلك أبقَى لمودَّةِ شيخه، وأحْفظُ لقلبه، وأنْفعُ للطالب في دنياه وآخرته»([42]).

الخامس والثلاثون: (إعطاء أصحاب الفضل منزلتهم ومكانتهم التي يستحقونها): فينبغي على المستفتي أن يشكرَ المفتي ويُظهِر فضله؛ يقول بدر الدين ابن جماعة: «أن يشكر الشيخ على توقيفه على ما فيه فضيلة، وعلى توبيخه على ما فيه نقيصة، أو على كسل يعتريه، أو قصور يعانيه أو غير ذلك…، ويعدُّ ذلك من الشيخ من نِعَم الله تعالى عليه باعتناء الشيخ به ونظره إليه، فإنَّ ذلك أمْثَلُ إلى قلب الشيخ، وأبْعَثُ على الاعتناء بمصالحه»([43]).

 

 

 

([1]( إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم (1/9)، مرجع سابق.

([2]( المرجع السابق.

([3]( المرجع السابق.

([4]( الموافقات، للشاطبي (5/283).

([5]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان (ص 11).

([6]( الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي (2/324).

([7]( أخرجه البخاري (3/180).

([8]( فتح الباري، لابن حجر (12/339).

([9]( تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، لابن جماعة (ص 68)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، سنة ١٣٥٤هـ.

([10]( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، للخطيب البغدادي (1/213).

([11]( تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، لابن جماعة (ص 93، 94).

([12]( أخرجه البخاري (8/167).

([13]( أخرجه البخاري (3/157).

([14]( أخرجه مسلم (1/14).

([15]( قواطع الأدلة في الأصول، لأبي المظفر السمعاني (2/357).

([16]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 115).

([17]( العدة في أصول الفقه، لأبي يعلى الفراء (4/1226).

([18]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح (ص 138)، مرجع سابق، وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان (ص 58)، مرجع سابق.

([19]( التلخيص في أصول الفقه، للجويني (3/465)، مرجع سابق.

([20]( إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم، (4/170)، مرجع سابق.

([21]( الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي (4/238).

([22]) الكلام المُلْغِز: هو الكلام المبهم أو الملتبس، يقال: ألغز الشخص الكلام: أخفى مراده منه -تكلم بكلمات مخفية- ولم يبين مراده ويُظهِر معناه. قال ابن منظور: «أَلْغَزَ الكلامَ وأَلْغَزَ فيه: عَمَّى مراده وأضمره على خلاف ما أظهره.. واللُّغْزُ واللُّغَزُ واللَّغَزُ: ما ألغز من كلام فشبه معناه… واللُّغَزُ: الكلام المُلبِس. وقد أَلْغَزَ في كلامه يلغز إِلغازًا إذا ورَّى فيه وعرَّض ليَخفَى، والجمع ألغاز مثل رطب وأرطاب. واللُّغْزُ واللَّغْزُ واللُّغَزُ واللُّغَيْزَى والإِلْغازُ كله: حفرة يحفرها اليربوع في جحره تحت الأرض، (وقيل: هو جحر الضب والفأر واليربوع) بين القاصعاء والنافقاء، سمي بذلك لأن هذه الدواب تحفره مستقيمًا إلى أسفل، ثم تعدل عن يمينه وشماله عروضًا تعترضها تُعمِّيه ليَخفَى مكانه بذلك الإلغاز، والجمع ألغاز» لسان العرب، لابن منظور، (5/405، 406). وينظر أيضًا: الصحاح، للجوهري، (3/894).

([23]) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، (ص 139)، مرجع سابق، وآداب الفتوى والمفتي والمستفتي، للنووي، (ص48)، مرجع سابق.

([24]) أدب الفتيا، للسيوطي، (ص 38)، ط. دار الآفاق العربية.

([25]) الفتيا ومناهج الإفتاء، للأشقر (ص 79).

([26]( الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي (4/233)، مرجع سابق.

([27]( حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم الأصبهاني (3/327)، ط. دار السعادة – مصر، سنة ١٣٩٤هـ – ١٩٧٤م.

([28]( المراح في المزاح، لأبي البركات الغزي (ص 85)، ط. دار ابن حزم – بيروت، الطبعة: الأولى، سنة ١٤١٨هـ – ١٩٧٧م.

([29]( جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر (2/1056)، مرجع سابق.

([30]( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، للخطيب البغدادي (1/215)، مرجع سابق.

([31]( أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح (ص 162)، مرجع سابق.

([32]( الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي (2/48)، مرجع سابق.

([33]( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان (ص 72، 73)، مرجع سابق.

([34]( عمدة القاري، للعيني (1/ 310).

([35]( فتح الباري، لابن حجر (9/216).

([36]( العدة في أصول الفقه، لأبي يعلى الفراء (4/1227)، ط. كلية الشريعة بالرياض، الطبعة الثانية، سنة ١٤١٠هـ – ١٩٩٠م.

([37]( العدة في أصول الفقه، لأبي يعلى الفراء (4/1228)، مرجع سابق.

([38]( التلخيص في أصول الفقه، للجويني (3/465)، مرجع سابق.

([39]( قواطع الأدلة في الأصول، لأبي المظفر السمعاني (2/358)، مرجع سابق.

([40]( الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه، لأبي الهلال العسكري (ص 85)، ط. المكتب الإسلامي – بيروت، الطبعة الأولى، سنة ١٤٠٦هـ – ١٩٨٦م.

([41]( تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، لابن جماعة (ص 88)، مرجع سابق.

([42]( تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، لابن جماعة (ص 91)، مرجع سابق.

([43]( تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، لابن جماعة (ص 92، 93).

اترك تعليقاً