البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الباب الرابع: الفتوى واقتصاديات الأسرة

الفصل الثاني: عمل المرأة خارج البيت.

107 views

إن عمل المرأة خارج بيتها في نظر الإسلام أمر مباح أصلًا، ولا يوجد نصٌّ يمنع منه، بل ورد من النصوص الشرعية ما يدلّ على مشروعية عمل المرأة خارج نطاق عمل المنزل؛ ففي القرآن قول الله تعالى: {ولام ورد ماء مدين وجد عليه أُمَّةً من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخٌ كبيرٌ ، فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خيرٍ فقيرٌ ، فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} [القصص: 22-25]، وهذا العمل وسيلة لتحقيق مصلحة الأسرة والمجتمع، وينبغي حدوث التفاهم والتراضي بين الزوجين في هذا السياق في حدود مصلحة الأسرة دون تكلُّف ولا إفراط؛ فما بين الزوجين من علاقات مودة ومحبة ورحمة يفرض عليهما أن يتحاورا ويتشاورا ويتناقشا ويتفقا في النهاية على ما يحقق المصلحة والطمأنينة للأسرة ويوفر لكل أفرادها السعادة والاستقرار.

وإذا إذا اقتضى الحال أن تعمل الزوجة خارج البيت فعلى زوجها أن يعينها وأن يهيّئ لها سبل أداء عملها وإحسانه كما يعينها على أداء الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال؛ كأن يقوم بتشجيعها وتحفيزها على أداء هذا الدور الوظيفي، كما لا يُشعرها بين الحين والآخر بتبرّمه من أداء هذا الدور، حفاظًا على المعنى النفسي لدى المرأة في قيامها بعملها، كأن يُهيّئ لها وسائل مواصلات مناسبة للوصول إلى عملها، كما ينبغي أن يكون له دور في إعانتها على أداء الأعمال المنزلية([1])، والأصل في هذا كله إجمالًا هو قول الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} [المائدة: 2]، ويدلُّ عليه تفصيلًا ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من القيام بخدمة أهله، فعن الأسود قال: سألت عائشة -رضي الله عنها- ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة»([2]).

وعن ليلى بنت قانفٍ الثقفية -رضي الله عنها- قالت: «كنت فيمن غسل أم كلثومٍ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقاء([3]) ثم الدرع([4]) ثم الخمار([5]) ثم الملحفة([6]) ثم أدرجت([7]) بعد في الثوب الآخر»، قال: «ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ عند الباب معه كفنها يناولناها ثوبًا ثوبًا»([8])، وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها سئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ فقالت: «كان بشرًا من البشر يفلي([9]) ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه»([10])، وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها سئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته، فقالت: «كان يخيط ثوبه، ويخصف([11]) نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم»([12]).

 

([1]) ينظر: الأسرة لأحمد حمد (ص212)، وما بعدها.

([2]) أخرجه البخاري (676).

([3]) الحقاء: الإزار.

([4]) الدرع: القميص الذي تلبسه المرأة.

([5]) الخمار:غطاء يوضع على رأس المرأة.

([6]) الملحفة: الملاءة التي تلتحف بها المرأة.

([7]) أدرج: لف وأدخل.

([8]( أخرجه أبو داود (3157).

([9]) يفلي: يخيط.

([10]( أخرجه أحمد (26194).

([11]) أي يخيطه ويرقعه.

([12]) أخرجه أحمد (24903).

اترك تعليقاً