البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

المقدمة

132 views

بسم الله الرحمن الرحيم

كرَّم الله الإنسان وفضَّله على كثير من خلقه؛ فقال عز وجل: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا} [الإسراء: 70]، كما استخلفه في الأرض ليُعمِّرها بالسعي فيها لتلبية حاجاته البدنية والروحية، قال جل شأنه: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} [هود: 61]، وقال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56]، وقال عز وجل: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [الملك: 15]، وقال عز من قائل: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا وهو العزيز الغفور} [الملك: 2].

كما خلقه تعالى في هذه الدنيا لإقامة مجتمع إنساني فقال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} [الحجرات: 13]، وأمر بأن تسود هذا المجتمع القِيَم المُثْلى من الحق والخير والعدل.

وفي سبيل إقامة مجتمع إنساني متكامل كانت أحد أهم الأنظمة التي وضعها الله تعالى في هذا الكون نظام الأسرة؛ ذلك أن الأسرة هي اللَّبِنة التي يُؤسَّس عليها بنيان المجتمع؛ فإن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، فهي من المجتمع بمنزلة القلب من الإنسان.

ولما كان الإسلام يهدف إلى تكوين مجتمع إسلامي قوي فقد حثَّ على إرساء دعائم هذا المجتمع من خلال تكوين الأسرة، ومقاصد الإسلام من تكوين الأسرة كثيرة ومتعددة منها: توثيق عرى الأخوة بين أفراد المجتمع بالزواج والمصاهرة، وحماية المجتمع من انتشار الفاحشة وتفشي الأمراض التي تنتج بسبب فوضى العلاقات المحرمة، وتهذيب النفوس وتنشئة الأبناء الصالحين الذين يعملون لصالح وخير المجتمع.

لقد أولى الإسلام الأسرة اهتمامًا بالغًا فحث عند الإقدام على الزواج وتكوين الأسرة على حسن اختيار الزوجة؛ فاختيار المرأة ذات الدين والخلق هو أهم الدعائم لتحقيق استقرار الأسرة، وأحاط الإسلام الأسرةَ بسياجٍ من الحقوق والواجبات، فقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]؛ أي أن للنساء من الحقوق مثل ما للرجال عليهن من الحقوق، فليؤدِ كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، وعمل الإسلام على التأسيس للأسرة وبقائها، كما اعتنى الإسلام ببناء الأسرة من خلال منظومة عقدية وقِيَميَّة متناسقة وشاملة، يقوم أساسُها على تحقيق العدل والمحبة والرحمة، فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

إن النهج الإسلامي هو السبيلُ إلى استقرار الأسرة بما يبنيه بين الزوجين من التفاهُم والتسامح، والحفاظ على الحقوق الزوجية، وقيام الزوج والزوجة بواجباتهما المشتركة، واستشعارهما المسئولية الأُسرية، والاهتمام بالأولاد.

وقد كان للفتوى الشرعية المنضبطة دور كبير في دعم نظام الأسرة في الإسلام بوقايته وحمايته وتنميته، ويُعنى هذا المجلد من المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية ببيان رؤية الإسلام لنظام الأسرة ودور الفتوى في دعم هذه الرؤية؛ وذلك في ستة أبواب، وهي:

الباب التمهيدي: الأسرة في الإسلام.

الباب الأول: دور الفتوى في وقاية الحياة الزوجية وحمايتها.

الباب الثاني: دور الفتوى في حفظ العلاقة بين الأبناء والآباء.

الباب الثالث: دور الفتوى في حماية الأسرة.

الباب الرابع: الفتوى واقتصاديات الأسرة.

الباب الخامس: الفتوى واجتماعيات الأسرة.

الباب السادس: الفتوى وتنمية الأسرة.

 

 

 

اترك تعليقاً