البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

إنَّ مما لا يخفى على أحد أننا نعيش في زمن التطور السريع والتغير المطَّرد في كثير من المعالم، وذلك بسبب الصناعات والتقنيات التي سبَّبت تغيُّر كثيرٍ من الوقائع، وتدخُّل أسباب تؤثر على تكييفها الفقهي، وتغيِّر واقعها الذي انبنى التكييف الشرعي عليه؛ فأدى ذلك إلى تغير كثير من الأحكام الاجتهادية لتتفق مع واقع العصر ولتساير مقتضى الحال، وهذا معلوم مشاهَد.

كما استجدت أمور وقضايا لم تعرِض سابقًا، ولم ينبرِ الفقهاء لبيانها، ولا زال المختصون يبحثون أحكامَ نوازل فتنزل بهم غيرها ولـمَّا يفرغوا من سابقتها.

والواقع الذي هو مجال الفقه أصبح عبئًا مرهقًا للفقيه ولجهده الذي يبذله لفهمه واستيعابه؛ بسبب ما حدث لهذا الواقع من تغيرات سريعة وتحولات تتجاوز في أحيان كثيرة قدرة الفكر على ملاحقتها فضلًا عن مواكبتها.

لقد كان الواقع خلال قرون متطاولة بسيطًا فأصبح معقدًا مرتبطًا بخلفيات سابقة وظواهر مجاورة وآثار لاحقة، ولذا كانت هذه المتغيرات والمستجدات كلها تحتاج لبيان الحكم الشرعي، وتفتقر للفتوى الشرعية في حين حصولها؛ إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

وقد كان السلف الصالح –بل والحكماء في الجاهلية والإسلام- يكرهون الجوابَ الدَّبَريَّ، وهو الذي يجيء بعد وقته، ومن أمثال العرب «شر الرأي الدبريُّ».

وكان بعضهم ينهى عن الرأي الفَطير، ويستعيذ بالله من الرأي الدبري، وذلك بأن يستعدَّ للرأي باختماره وإدارته في الذهن قبل تقريره؛ ليكون مستعدًّا للإدلاء به عند ورود الحادثة، وهذا ما فعله الفاروق عمر رضي الله عنه فقد هيَّأ وجهز في نفسه ما يقوله يومَ السقيفة قبل وقته استعدادًا لما يقدم عليه.

وانطلاقًا مما سبق فإننا في خلال الصفحات التالية نقف مع بعض الأفكار والمسائل التي نحتاج إلى بيان حكمها مما سيعرض للأمة وأفرادها من نوازل ومستجدات مقبلة استعدادًا لما هو مقبل وآتٍ.

اترك تعليقاً