البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

تعريف الدراسات المستقبلية

55 views

عرِّفت الدراسات المستقبلية بتعريفات كثيرة، وكل تعريف منها لا يخلو من اعتراض عليه.

ولعل أفضل التعريفات ما يأتي:

الدراسات المستقبلية: جهد علمي منظم يسعى إلى تحديد احتمالات وخيارات مختلفة مشروطة لمستقبل قضية أو عدد من القضايا خلال مدة مستقبلة محددة، بأساليب متنوعة، اعتمادًا على دراسات عن الحاضر والماضي، وتارة بابتكار أفكار جديدة منقطعة الصلة عنهما.

فكلمة (جهد) في هذا التعريف تحدد أولًا نوع هذه الدراسات فهي ليست علمًا ولا منهجًا ولا أسلوبًا بل هي جهد، وتشير ثانيًا إلى حجم العمل المبذول في إعداد هذه الدراسات؛ إذ الجهد هو الوسع والطاقة.

كما أن كلمة (علمي) تعني اعتماد هذه الدراسات على المناهج والأساليب العلمية، فيخرج بهذا القيد: الكهانة والسحر والتنجيم، ونحوها من الوسائل غير العلمية.

وكلمة (منظَّم) تعني اتصال هذه الجهود العلمية ببعضها، وبناء بعضها على بعض.

و(الاحتمالات والخيارات المختلفة المشروطة) مع كلمة (علمي) تفيد أن الإنسان ليس له قدرة يقينية تامة على إدراك ما سيكون عليه المستقبل بتمامه وحقيقته، بل هذا من خصائص الرب سبحانه وتعالى؛ لذا يلجأ المستقبليون إلى ذكر أكثر من مستقبل محتمل، وذكر مستقبل مختار منها أو أكثر، وتلك المستقبَلات مشروطة بإنْ أو إذا أو لو، مثل: إن استمر الأمر على ما هو عليه الآن فسيحدث في الغالب كذا وكذا، وإذا فُعل كذا فسيحدث في الغالب كذا.

وقيل في هذا التعريف كلمة (قضية) ليشمل جميع أنواع الدراسات المستقبلية، مثل: الدراسات التي تتناول مستقبل الناس أو أخلاقهم، أو الجمادات مثل الماء والنفط، أو السياسات، أو الشعوب أو الأقطار أو العالم أجمع، فلذا غير سديد أن تُقصر الدراسات المستقبلية عند تعريفها على الظواهر الاجتماعية، أو الاجتماعية والاقتصادية، كما ورد في بعض التعريفات.

ونظرًا لأن المستقبليين يشترطون تحديد مدة زمنية تستشرفها الدراسة -لتكون منضبطة- قيل في التعريف: (خلال مدة مستقبلة محددة)، وغير سديد ما ورد في بعض التعريفات من جعل أقل مدة تُستشرف هي خمس سنوات، ولا جعل مدة الاستشراف تمتد قليلًا لأبعد من عشرين عامًا؛ إذ إن تحديد المدة يعود إلى طبيعة الشيء المراد دراسته وطبيعة الحاجة إليه.

وقيل في التعريف: (اعتمادًا على دراسات عن الحاضر والماضي) لبيان أساس المنهج العلمي في الدراسات المستقبلية؛ فإذا لم يكن أساسها الكهانة ولا الادعاءات المجردة فهي إذن نتاج دراسات عن الماضي بعبره والحاضر بوقائعه وتجاربه، وهذا وجه كونها علمية.

وليس دائمًا يكون اعتماد الدراسات المستقبلية على الماضي، بل تتجاوزه أحيانًا لابتكار أفكار جديدة في حدود ما هو معقول؛ فليس حتمًا أن يكون المستقبل كالماضي لا يتغير، بل قد يأتي في صورة جديدة لم تُعهد من قبل.

ولم يرد في التعريف ذكر أهداف الدراسات المستقبلية؛ لأن الأهداف منفصلة عن الدراسات المستقبلية؛ فذكرها في التعريف ليس من الصواب(1).

1 الدراسات المستقبلية وأهميتها للدعوة الإسلامية (رسالة لنيل درجة الماجستير) من إعداد: عبد الله بن محمد المديفر، (ص٢٩-٣١).

اترك تعليقاً