البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

أولًا: كتب الفتاوى

«المواهب الربانية في الأجوبة عن الأسئلة القازانية، ويليه الأجوبة عن الأسئلة البيروتية والمصرية وغيرها» عبد القادر بن بدران السعدي

123 views

التعريف بالمؤلف:

أ- اسمه ونسبتُه:

الكتاب تصنيف العلامة الإمام عبد القادر بن أحمد بن بدران الدمشقي (المتوفى سنة 1346هـ).

ب- نشأتُه ودراسته وأهم مصنفاته:

هو الإمام العلامة المحقق المفسر الأصولي عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن عبد الرحيم بن بدران السعدي الدمشقي الحنبلي، ولد في بلدته دوما سنة 1280هـ، وتعلَّم مبادئ القراءة والكتابة على يد الشيخ عدنان بن محمد ونشأ في بلدته إلى أن أخرج منها نحو سنة 1318هـ.

تلقَّى الإمام ابن بدران العلم عن جده الشيخ مصطفى، كما أخذ عن الشيخ محمد بن عثمان الحنبلي، كما رحل الشيخ ابن بدران في طلب العلم بعد أخذه عن مشايخه في بلدته دوما، وقد أخذ في دمشق عن شيخ الشام ورئيس علمائها الشيخ سليم بن ياسين العطار الشافعي، والعلامة محمد بن مصطفى الأزهري نزيل دمشق، والشيخ أحمد بن حسن الشطي، ومحمد بن ياسين العطار، والمحدث محمد بدر الدين الحسني، وشيخ الأزهر الشيخ محمد الأنبابي([1]).

التعريف بالكتاب وموضوعاته:

  • كتاب “المواهب الربانية في الأجوبة عن الأسئلة القازانية، ويليه الأجوبة عن الأسئلة

البيروتية والمصرية وغيرها، فتاوى ابن بدران الدمشقي” للعلامة الإمام عبد القادر بن أحمد بن بدران الدمشقي عبارة عن فتاوى للشيخ رحمه الله تعالى أجاب عليها وأفتى فيها.

  • ويشتمل كتاب “المواهب الربانية في الأجوبة عن الأسئلة القازانية ويليه الأجوبة

عن الأسئلة البيروتية والمصرية وغيرها: فتاوى ابن بدران الدمشقي” للعلامة الإمام عبد القادر بن أحمد بن بدران الدمشقي على مقدمةٍ من المحقق تحدَّث فيها عن بيان معنى المسألة، وفضائل العلم وأهله، والمؤاخذات على المؤلف، ثم ترجمة للمؤلف، ثم تحدَّث عن النُّسَخ المعتمدة في تحقيق الكتاب، ثم انتقل إلى نص الكتاب، وهو مقسم إلى مجموعة من الأسئلة والأجوبة عليها حسب القطر والبلد التي منها الأسئلة، فجاءت المجموعة الأولى بعنوان: “أسئلة القازاني لأخذ الجواب الميزاني”، والمجموعة الثانية: “الأجوبة عن الأسئلة البيروتية”، والمجموعة الثالثة: “الأجوبة عن الأسئلة المصرية”، والمجموعة الرابعة: “الأجوبة عن أسئلة بعض المدن”، ثم ختم الكتاب بمجموعة الفهارس.

القيمة العلمية للكتاب:

كتاب “المواهب الربانية في الأجوبة عن الأسئلة القازانية ويليه الأجوبة عن الأسئلة البيروتية والمصرية وغيرها: فتاوى ابن بدران الدمشقي” هو كتاب فتاوى، لكن امتاز الكتاب باختلاف الأماكن التي منها الأسئلة، ومن المقرَّر في علم الإفتاء أنَّ الفتوى تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، فاختلافُ الأماكن التي جاءت منها الأسئلة للشيخ أحدث تنوُّعًا في الفتاوى، غير أن المحقق قد بيَّن الأمور التي تؤخذ على المؤلف من وجهة نظره، وقد ردَّ على هذه المؤاخذات في المقدمة، ثم في موضعها في الكتاب، ثم إن الأسئلة التي حواها الكتاب قد تعدَّدت العلوم التي تعرَّضت لها، غير أن القارئ لهذا الكتاب يجب عليه أن يتنبه إلى الفروق بين المعتمد في الفتوى في دار الإفتاء وما عليه الشيخ في فتاويه.

فالكتاب يُعَدُّ صورةً ناصعةً من صور التواصل العلمي والفقهي كما ينبغي أن يكون بين علماء المسلمين وبعضهم، وبين العالم المسلم وكافة المسلمين في شتَّى بقاع الأرض، فهو يعيدُ إلى أذهاننا صورة ذلك التواصل الذي قرأنا عنه في حياة وفقه حجة الإسلام الغزالي والإمام السيوطي وغيرهم من العلماء الذين كاتبهم أهل الأمصار المختلفة فأجابوهم.

 

نماذج من فتاوى الكتاب:

1- صُدر السؤال بقوله: “قال الفاضل القازاني: ما حكم ذبيحة النصارى اليوم؟ هل يجوز أكلها أم لا؟

فأجاب بقوله: “أقول: الأصلُ في هذه المسألة قولُ الله عز وجل: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ وَطَعَامُكُمۡ حِلّٞ لَّهُمۡ﴾ [المائدة: 5]، ولم يخالفْ أحد في أصل الحكم، غير أن الخلاف وقع في تعيين أهل الكتاب: فعند جمهور الحنفية أن الكتابي: هو مؤمن بنبي مرسل مقر بكتاب منزل، وإن اعتقد أن المسيح إله، قاله في تنوير الأبصار وشرحه… فعلى هذا ذبيحة اليهود والنصارى الموجودين اليوم يجوز أكلها، ويكون نكاح نسائهم بعقد شرعي للمسلم؛ لأن هذا ما يقتضيه الإطلاق.

وكذلك أطلق المالكية في كتبهم ولم يقيدوهم بقيد، وإلى هذا ذهب الحنابلة… وأنت خبيرٌ بأن الله سماهم أهلَ كتابٍ حين نزول القرآن والشهادة على كتابهم بالتحريف والنسخ ولم يستثنِ منهم طائفة، ومن المعلوم أنَّ التحريف كان من زمن بعيد أيضًا، فإن اعتبار ذلك حرج ومشقة، فمن أين لنا أن نعلم اليوم أنساب جميع اليهود والنصارى وأنهم بقية أولئك الذين كانوا متمسكين بالتوراة والإنجيل قبل نسخهما وتبديلهما وقد قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ﴾ [الحج: 78] فالأولى اعتبار اليهود والنصارى اليوم أهلَ كتابٍ من غير بحثٍ عن الأنساب وعما يتعلق بها”([2]).

2- وسئل الشيخ رحمه الله: ما رأي حضرات العلماء في الطواف بقبور الصالحين حال زيارتها، وتقبيل أعتابها، والتمسُّح بجدرانها؟ هل ذلك مشروع أم غير مشروع؟ وهل كان ذلك من فعل السلف الصالح والخلفاء الراشدين والأئمَّة المجتهدين، أم من البِدَع المنكرة التي استخدمها الناس من بعدهم؟ وإذا لم يكن مشروعًا فما رأي العلماء في الزيارة المصحوبة بذلك أهي باقية على سُنِّيتها أم صارت منهيًّا عنها؟ وما رأيهم فيمن يمنع الزيارة التي تجرُّ إلى هذه الأمور؟

فأجاب بقوله: “أقول: إن الله لم يأذنْ بالطواف بشيءٍ إلا حول البيت الحرام، ولم يرخص نبيه بتقبيل شيء من الجماد إلا الحجر الأسود وقت الطواف خاصة، فأما الطواف حول القبور وتقبيل أعتابها والتمسُّح بجدرانها لم يكن من فِعْلِ السلف ولا جوَّزه عالم يُعْتَدُّ بقوله، وهو من فِعْلِ أهلِ الجاهلية الذين كانوا يعبدون الأصنام… فانظر إلى هذا القياس! فمن هنا حرم الشرع الطواف حول الحجارة والتراب والخشب التي على القبور وحول الأبنية مطلقًا؛ لأنه من فعل عُبَّاد الأوثان والأصنام”([3]).

والشيخ في هذه الفتوى ذهب إلى ما عليه جمهور الفقهاء من حُرمة الطواف على القبور، لكن يؤخذ عليه عدم اعتبار الجهل ومدى اعتبار العذر بالجهل في هذا الأمر، وقد أجابت دار الإفتاء عن سؤال مثل هذا، فأجابت بما مختصره: ” مجمل القول في هذه المسألة: أنَّ الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم حمْلُها على الأوجه التي لا تتعارضُ مع أصل التوحيد، ولا يجوز المبادرة برميه بالكفر أو الشرك؛ لأن إسلامَه قرينةٌ قويةٌ توجب حمْلَ أفعالِه على ما يقتضي السلامة منهما.

كما أن هناك فارقًا كبيرًا بين الوسيلة والشرك:

فالوسيلةُ مأمورٌ بها شرعًا، وهي التقرُّب إلى الله تعالى بكل ما شرعه سبحانه، ويدخل في ذلك تعظيمُ كل ما عظَّمه من الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال.

أما الشرك: فهو صرْفُ شيءٍ من أنواع العبادة لغير الله على الوجه الذي لا ينبغي إلا لله.

وهناك فارقٌ أيضًا ما بين كون الشيء سببًا، واعتقاده خالقًا ومؤثرًا بنفسه؛ فهؤلاء المسلمون يزورون الأضرحة والقبور اعتقادًا منهم بصلاح أهلها وقربهم من الله تعالى، وأن زيارتها عمل صالح يَتقرب ويَتوسل به المسلمُ إلى الله تعالى، ولا يقصد أحدٌ منهم اتخاذَ القبر كعبةً يطَّوَّف به، فإن فعل ذلك أو اعتقده تعيَّن البيان له”([4]).

 

 

[1]() المواهب الربانية في الأجوبة عن الأسئلة القازانية ويليه الأجوبة عن الأسئلة البيروتية والمصرية وغيرها: فتاوى ابن بدران الدمشقي، العلامة الإمام عبد القادر بن أحمد بن بدران الدمشقي، تحقيق: محمد صباح المنصور، مقدمة المحقق، (ص: 15، 16)، طبعة المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، سنة 1425هـ – 2004م، عدد صفحاته (272) صفحة.

[2]() المرجع السابق، (ص: 173- 175).

[3]() المرجع السابق، (ص: 239، 240).

[4]() فتوى بالرقم المسلسل: 3496، بتاريخ: 17/ 4/ 2006، البوابة الإلكترونية لدار الإفتاء، برابط: https://www.dar-alifta.org/

اترك تعليقاً