البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

«فتاوى الشيخ نوح علي سلمان» د. نوح علي سلمان القضاة

81 views

التعريف بالمؤلف:

أـ اسمه ونسبته: هو فضيلة الأستاذ الدكتور نوح علي سلمان القضاة، مفتي الأردن السابق.

ب- نشأته ودراسته وأهم مؤلفاته:

ولد سماحة المفتي الشيخ نوح القضاة عام 1939م، في بلدة عين جنا بمحافظة عجلون بالأردن، وكان والده الشيخ علي سلمان القضاة فقيهًا شافعيًّا متقِنًا، أجازه في علومه ومعارفه كبارُ علماء الشام في طليعتهم الشيخ علي الدقر. وقد لقّى أبناءه الأربعة العلوم الشرعية والعربية قبل أن يبعث بهم إلى الشام لتلقي العلوم الشرعية على أيدي علمائها.

وقد سافر الشيخ نوح إلى دمشق عام 1373هـ الموافق 1954م وقضى هناك سبع سنوات في المدرسة الغراء التي أسسها الشيخ علي الدقر حيث أكمل فيها الدراسة الإسلامية من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية.

بعد إتمام دراسته الثانوية في المدرسة الغراء التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق ومكث فيها أربع سنوات، وكان يمضي جل وقته في تلقي الفقه الحنفي على أيدي كبار العلماء منهم: الشيخ مصطفى الزرقا، والدكتور وهبة الزحيلي، والشيخ عبد الرحمن الصابوني، والشيخ أمين المصري، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ محمد المبارك، والشيخ فوزي فيض الله.

تخرج الشيخ نوح عام 1384 هـ الموافق 1965م، ثم رجع إلى الأردن حيث انضم إلى سلك القوات المسلحة وعمل بجانب الشيخ عبد الله العزب الذي خلفه في منصب الإفتاء في عام 1392هـ الموافق 1972م.

في عام 1397هـ الموافق 1977م سافر إلى القاهرة حيث درس أصول الدين وأصول الفقه بالأزهر، وفي هذه الفترة قدم رسالة في جامعة الأزهر بعنوان: “قضاء العبادات والنيابة فيها” بإشراف الشيخ محمد الأنباذي، ونال بها شهادة الماجستير في عام 1400هـ الموافق 1980م.

وفي عام 1406هـ الموافق 1986م نال درجة الدكتوراه من جامعة محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عن رسالته بعنوان: “إبراء الذمة من حقوق العباد”.

وله عدة مصنفات مهمة، منها: رسالته للماجستير بعنوان: “قضاء العبادات والنيابة فيها”، ورسالته للدكتوراه بعنوان: “إبراء الذمة من حقوق العباد”، وكتاب: “شرح المنهاج في الفقه الشافعي”، وغير ذلك من الكتب والبحوث الفقهية والدعوية.

ج- أهم المناصب التي تولاها:

– عُيِّنَ عضوًا بدائرة الإفتاء الأردنية في عام 1392هـ الموافق 1972م.

– ثم مديرًا لمديرية الإفتاء العسكري بالجيش الأردني.

– ثم في عام 1416هـ الموافق 1996م عُيِّنَ سفيرًا للمملكة الأردنية الهاشمية لدى إيران حتى عام 1421هـ الموافق 2001م.

– ثم في عام 1424هـ الموافق 2004م عمل في الإفتاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومستشارًا لوزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية حتى عام 1428هـ الموافق 2007م.

– ثم صدر قرار بتعيينه في منصب المفتي العام للمملكة الأردنية في دائرة الإفتاء العام عام 1428هـ الموافق 2007م، وبقي في منصبه حتى قدّم استقالته في شهر فبراير عام 2010م.

د. وفاته:

توفي -رحمه الله- صباح يوم الأحد 13 محرم لعام 1432هـ، الموافق 19 ديسمبر لعام 2010 بعد صراع مع المرض، وقد شارك في تشييع جنازته عدد من الوزراء والأعيان والنواب وعلماء الدين الإسلامي والمسؤولين المدنيين والعسكريين، وآلاف المواطنين من أهالي محافظة عجلون والمملكة عامة، حتى دفن في رأس منيف في محافظة عجلون بعد صلاة العصر([1]).

التعريف بالكتاب وموضوعاته:

  • كتاب «فتاوى الشيخ نوح علي سلمان»([2]) عبارة عن فتاوى جمعها بعض تلاميذ الدكتور نوح سلمان القضاة، وكان قد أفتى بها جوابًا عن الاستفتاءات التي وُجِّهت إلى فضيلته خلال دروسه الأسبوعية، ومحاضراته بكلية الشريعة بجامعه اليرموك وقد راجعها بنفسه، ثم نشرها لتكون سندًا للمتصدرين للفتوى في المملكة الأردنية الهاشمية خاصة، وفي العالم الإسلامي بوجهٍ عام.
  • ويشتمل كتاب «فتاوى الشيخ نوح علي سلمان» على مقدّمة تكلم فيها المؤلف عن الباعث لتحرير هذه الفتاوى ونشرها، ثم شرع مباشرة في بيان الفتاوى الشرعية للمسائل المجموعة في بحثه، والتي ابتدأها بفتاوى الطهارة، ثم الصلاة، والجنائز، والزكاة، والحج، ثم انتقل المؤلف لبيان فتاوى المعاملات، والأحوال الشخصية، ثم خصَّص بعض الفتاوى للحديث عن أحكام المال العام، ثم تابع الحديث عن فتاوى الأيمان والنذور، والأطعمة والذبائح، وعرَّج بالحديث عن بعض أحكام اللهو واللعب، وفتاوى اللقطة، والحياة العامة، وفتاوى العقيدة، والجهاد، وختم كتابه بالحديث عن فتاوى تفسير القرآن الكريم.

القيمة العلمية للكتاب:

يعتبر كتاب «فتاوى الشيخ نوح علي سلمان» مرجعًا مهمًّا للمتصدرين للإفتاء وللمهتمين بمعرفة الأحكام الشرعية فيما يخص الحياة اليومية والثقافة العامة.

كما تبرز القيمة العلمية لهذا الكتاب في نقله لمجموعة من وقائع المستفتين من العوام -وهم جمهور المساجد الذين كانوا يحضرون دروسه الأسبوعية ويسألونه عما يشغلهم-، ومن طلاب العلم الشرعي -أثناء تدريسه بجامعة اليرموك-، فجاءت الفتاوى متنوعةً في مواضيعها؛ بين فتاوى تميزت بالإجابات الأكاديمية المتسمة بالتأصيل العلمي وبيان حكم الشرع في مسائل ثقافية وفكرية مخصوصة، وفتاوى تميزت بالإجابات التي يتناسب أسلوبها مع أفهام جميع أطياف المجتمع، وهذه أقرب إلى واقع الناس ومعيشتهم.

هذا إلى جانب ما أضْفَتْهُ الخلفية العلمية الكبيرة للمؤلِّف على الكتاب من ثقةٍ كبيرة في فتاويه، حيث شهدت الكثرة الكاثرة من العلماء للمؤلف بالمهارة والنباهة والتحقيق، فتقبَّل الناسُ نتاجَه العلمي عمومًا وفتاويه الفقهية خصوصًا بقبولٍ حسن.

كما أن الكتاب تميز بالاختصار أحيانًا، وبالإطناب غيرِ الممل أحيانًا أخرى بحسب الحاجة، وبلغ مجموع فتاوى الكتاب 567 فتوى مرتبة منظمة؛ فكان المؤلف يضرب عنوانًا لمجموعة من الفتاوى؛ كفتاوى الصلاة مثلًا، ثم يُرقِّم الفتاوى تحت هذا الباب.

وهذا الترتيب يُسهِم بشكل كبير في سهولة البحث والقراءة، وترتيب أفكار المتصدرين للفتوى عند مطالعتهم لأبوابه ومسائله.

نماذج من فتاوى الكتاب:

1- سؤال: هل تجوز صلاة الجماعة للمرأة دون مشاهدة الإمام؟

فأجاب: نعم؛ يجوز اقتداء الرجل أو المرأة بالإمام وإن لم يشاهداه لكن بشروط:

أ- أن يكون الإمام والمأموم في مسجد واحد والمأموم يعلم بانتقالات الإمام من الوقوف إلى الركوع ومن الركوع إلى السجود وهكذا، ويكون هذا بواسطة مكبر الصوت أو المبلِّغ.

ب- إذا كان الإمام في مكان والمأموم في مكان آخر قريب منه ويعلم بانتقالاته كما سبق بيانه، على أن يكون المأموم متأخرًا عن الإمام في كل الأحوال، وقد أصبح هذا يحدث كثيرًا في المساجد الحديثة؛ حيث نجد مصلَّى النساء بمعزلٍ عن بقية المسجد بحيث لا يرَيْنَ الإمام، ولكنَّهنَّ يسمَعْن صوته بواسطة مكبر الصوت أو المبلِّغ، فالصلاة صحيحة ولهنَّ ثواب الجماعة”([3]).

2- “سؤال: ما حكم صلاة المرأة بالبنطلون والبلوزة الساترة للعورة؟

فأجاب: هناك فرق بين صحة الصلاة وبين مراعاة آداب الصلاة، فشرط صحة الصلاة هو ستر العورة، وعورة المرأة كلُّ جسدها عدا الوجه والكفين، والستر معناه: تغطية كل ما يعدّ عورة من جسم المرأة بحيث لا يظهر لون بشرتها، وبناءً على هذا؛ فإن المرأة إذا لبست البنطلون والبلوزة وغطت رأسها وقدميها فصلاتها صحيحة، ولكنَّ هذا اللباس ينافي آداب الصلاة لكونه يصِف حجم الأعضاء، فينبغي للمرأة أن تلبس الثياب المحتشمة التي تناسب اهتمامها بالصلاة، نعم لو لم تجد المرأة إلا هذا اللباس فلا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها، هذا فيما يتعلّق بصحة الصلاة، أما خروجها بهذا اللباس أمام الأجانب فلا يجوز؛ لأنها مأمورة أن تلبس ثيابًا لا تشِفُّ عن الجسم فتُظهر لون بشرتها، ولا تصِفْ حجم العورة لضيقها والتصاقها بالجسم”([4]).

3- سؤال: بعض الشركات تجعل للبضاعة أوراقًا لها أرقام، ثم توزع جوائز على المشتركين بالقرعة حسب الأرقام التي وزّعت مع البضاعة علمًا بأن ثمن البضاعة لا يزاد عليه شيء مقابل هذه الأوراق المرقمة، فهل يجوز التعامل مع هذه الشركات وأخذ جوائزهم؟

فأجاب: هذا أسلوب لتشجيع المستهلكين على شراء بضاعة من البضائع، وصاحب الشركة له أن يعطي الهدايا لمن يشاء من المشتركين بواسطة القرعة، ولا أرى في هذا العمل شبهًا بالقمار والميسر، وأرجو اللهَ تعالى ألا يكون فيها إثمٌ على المعطي ولا على الآخذ”([5]).

 

 

 

([1]) من مقال تعريفي بالشيخ نوح القضاة، كتبه أ.د. شحادة العمري، عضو رابطة علماء الأردن، نشرته صحيفة الرأي بتاريخ الخميس 6-7-2017م.

([2]) فتاوى الشيخ نوح علي سلمان، للدكتور/ نوح علي سلمان القضاة، ط، دار الفقيه، أبو ظبي، الطبعة الأولى، 2009م، والكتاب يقع في (410) صفحات.

([3]) المرجع السابق، (ص65).

([4]) المرجع السابق، (ص71،70).

([5]) المرجع السابق، (ص322).

اترك تعليقاً