البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

«فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء» بالمملكة العربية السعودية

84 views

التعريف بالمؤلف:  

سبق التعريف بالهيئة واللجنة الدائمة في الجزء الأول من معلمة علوم الإفتاء.

التعريف بالكتاب وموضوعاته:

  • وكتاب « فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء» عبارة عن موسوعةٍ علمية إفتائيةٍ؛ تجمع ما صدر عن اللجنة الدائمة من فتاوى شرعية منذ وقت إنشائها عام 1391هـ، وقد قام الباحث/ أحمد بن عبد الرازق الدويش بجمع هذه الفتاوى من أرشيف هيئة كبار العلماء بالسعودية واللجنة الدائمة المتفرعة عنها، ومن المنافذ التي حفظت بعض الفتاوى الخاصة بها كالمؤسسات المختلفة، فجمعها في ثلاثةٍ وعشرين جزءًا، ولا يزال لها تكملة وعَد أن يُلحقها بها قريبًا لتكتمل 26 مجلدًا ([1]).
  • وقد جاءت الفتاوى التي جمعتها الموسوعة مرتبة ترتيبًا موضوعيًّا، على أبواب الفقه، فاشتملت الموسوعة على مقدمةٍ عن التعريف بتاريخ إنشاء الهيئة واللجنة، وبيانًا بأسماء من تولوا رئاستها وعضويتها، وتراجم لهم، ثم فصلٍ تمهيديٍّ للتعريف بالمنهج الذي التزمته اللجنة في إعداد الفتاوى، ثم جاءت المجلدات الثلاثة والعشرون حاويةً للفتاوى على الترتيب الذي ذكرناه، وقد شملت كافة مواضيع الفقه التي يسأل عنها الناس في كل عصر، من أحكام العقائد، والسمعيات، ومسائل أصول الفقه، والعبادات والمعاملات، والأسرة، وقضايا المرأة، والأطعمة والأشربة والذبائح، والعقود وفروعها، والمناكحات وتوابعها، والجنايات، والعقوبات، والشهادات، والسياسة الشرعية، والفِرق والتيارات، والأفكار المنحرفة، والنوازل المعاصرة، ومشكلات الأقليات المسلمة في البلاد الأجنبية، وأحكام الصلاة والصيام في البلاد المختلّة مناخيًّا، والمواريث والوصايا، ومسائل متفرقة، وغير ذلك، ثم الفهارس والكشافات.

القيمة العلمية للكتاب:

يعدُّ كتاب «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء» مرجعًا مهمًّا ووافيًا لأهم ما صدر عن اللجنة الدائمة من الفتاوى المؤصَّلة المُحكَمة، فهو سجلٌّ حافلٌ لاجتهادات عيون هيئة كبار العلماء بالسعودية من الفقهاء الحنابلة وغيرهم.

وتتميز موسوعة فتاوى اللجنة الدائمة بدرجةٍ عالية من التوثيق والتأصيل؛ حيث جاء في قانون هيئة كبار العلماء -التي تفرَّعت منها اللجنة بالقرار الملكي وقت إنشائها- أن من قواعد تشكيل اللجنة: الاهتمام بالاجتهاد الجماعي، مما أعطى للفتاوى الصادرة عنها قوةً علميةً؛ حيث إن تبادل العلماء للآراء، وما يكتنف ذلك من عروض وردود ومناقشات، وما يليه من ترجيحات وتقريرات، يسهِّل الوصول إلى الصواب، ومن الملاحظ في الفتاوى أن اللجنة قد سلكت في منهجها اختيار الرأي الذي يسانده الدليل القويم، بغض النظر عن قائله، وهذا يظهر من كون غالب الفتاوى مقرونة بالأدلة المتنوعة من النصوص وغيرها، كما يُعوِّلون في الأحاديث على الصحيح دون غيره، وقد ساعدهم على هذا تمكن أعضاء اللجنة ورؤسائها بالخصوص في علم الحديث والرواية.

كما يتميز الكتاب بما تمتع به من خِدمةٍ فائقةٍ من التحقيق والتهذيب والإخراج؛ فقد أولاها الباحث/ الدويش اهتمامًا كبيرًا، وعنايةً فائقةً، فبالغ في تحقيقها ومراجعة علماء اللجنة فيها مرةً بعد مرة، حتى عرض كثيرًا منها على رئيسَي اللجنة الشيخ ابن باز، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، مما يزيد الثقة في مجهودات الباحث، وفيما حرره في الموسوعة بأمانةٍ وعلم.

كما خرجت الفتاوى على نسقٍ بديعٍ من التقسيم والترتيب؛ فاستبعد من مجموع الفتاوى ما كان في مسائل شخصية خاصة بالسائل مما لا ينتفع به قارئ الموسوعة، وأبقى على ما فيه نفعٌ لعموم الجمهور، ورتَّب هذه المجموعة المختارة التي جمعَتْها المجلدات الثلاثة والعشرون على الأبواب الفقهية، وجمع مع كل فتوى ما يشابهها، حيث كانت الأسئلة تزيد أحيانًا في الفتوى الواحدة زيادةً كبيرة، كما ذُيِّل كل مجلدٍ منها بفهرس لموضوعات الفتاوى، وفي هذا الجهد العظيم في التحقيق والترتيب ما فيه من التيسير على جمهور الناس من الباحثين وعموم المسلمين المطالعين لنتاجات مؤسسات الفتاوى الموثوقة.

نماذج من فتاوى الكتاب:

1- فتوى رقم (2665) في حكم مَن ابتدأ صيام رمضان في بلدٍ، ثم انتقل إلى بلدٍ فوجدهم مخالفين للتي كان فيها فسبقوهم بيومٍ أو تأخروا عنهم يومًا لاختلاف المَطالع:

السؤال: تقدَّم إلينا مواطنٌ سعوديٌّ يُدعى خويلد الجدعي المطيري بسؤال فقال: كنت ليلة الثلاثين من شعبان في دولة الكويت، فنشرَتْ إذاعتهم الرسمية أنه قد ثبت لديهم شرعًا ليلة الثلاثاء هلال رمضان، وهو الموافق ثلاثين من شعبان بتوقيت أم القرى، ثم سمع إذاعة الرياض تخبر بعدم ثبوت الهلال في السعودية، فصام مع أهل الكويت من أول الأربعاء، وبعد يومين (الجمعة) سافر إلى السعودية فوجدهم صائمين اليوم الثاني بالنسبة لهم لأن أول صيامهم كان الخميس، ثم أشكل عليه الأمر في نهاية رمضان فيما لو اختلف العيد عن الكويت، هل يصوم مع أهل السعودية؟ أم يفطر على رؤية الهلال في الكويت كما صام عليه؟

الجواب: إذا وُجِد الإنسان في بلدٍ فرأوا الهلال: وجب عليه أن يصوم معهم حين يبدأوا الصيام؛ لأن حكم من وقع هذا الأمر وهو في بلد حكمُ أهل البلد وإن لم يكن منهم، للحديث الذي عند أبي داود: ((الصَّوْمُ يَومَ تَصُومُونَ، والفِطْرُ يَومَ تُفطِرونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ))، وعلى فرض أنه صام في بلد ثم انتقل إلى أخرى فحكمه في الصوم والفطر حكم البلد التي انتقل إليها، يصوم معهم حتى ولو جاء العيد في البلد الأولى، ويفطر معهم إذا أفطروا، لكن إن أفطروا قبل البلد الأولى ونقص عدد أيام صيامه عن 29 يومًا يُفطر معهم ويقضي يومًا بعد العيد؛ لأن عِدَّة رمضان لا تنقص عن صيام 29 يومًا كاملةً، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم”([2]).

2- فتوى رقم (13788) في حكم كتابة البائع لعبارة: البضاعة لا تُردُّ ولا تستبدَل.

السؤال: ما حكم الشرع في عبارة (البضاعة لا تُرد ولا تُستبدل) التي يكتبها أصحاب المحلات التجارية على الفواتير الصادرة عنهم، وهل هذا الشرط جائز شرعًا؟ وما هي نصيحة سماحتكم حول هذا الموضوع؟

الجواب: بيع السلعة بشرط أنها لا ترد ولا تستبدل لا يجوز؛ لأنه شرطٌ فاسد غير صحيح، لما فيه من الضرر والتعمية، ولأن مقصود البائع بهذا الشرط إلزام المشتري بهذه البضاعة حتى ولو كانت معيبة، واشتراطه هذا لا يُبرئُه من العيوب الموجودة في السلعة إن قاضاه المشتري وأثبت كونه أخذها منه معيبة، لأن الحكم شرعًا أن يستبدلها بأخرى غير معيبة، أو يأخذ مقابل هذا العيب خصمًا من الثمن الذي حدده البائع لها، أو يردها كما هي إلى البائع ويأخذ ماله، لأن المتعارف عليه شرعًا وعُرفًا أن كامل الثمن يكون مقابل السلعة الصحيحة، وأخذ البائع للثمن كاملًا مع وجود نقص وعيبٍ في السلعة هو أخذٌ بغير حق، ولأن الشرع أقام الشرط العرفي مقام الشرط اللفظي، وذلك لضمان الحقوق والسلامة من العيب، حتى يسوغ للمشتري الرد بوجود العيب، تنزيلًا لاشتراط سلامة المبيع عرفًا منزلة اشتراطه لفظًا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم”([3]).

3- مسألة (السؤال الأول من الفتوى 784) عن حكم المرأة إذا أسلمت قبل زوجها:

السؤال: “زوجة نصرانيٍّ، أسلمت ولم يُسلِم، وهما كبيران لا علاقة جنسية بينهما، هل تبقى معه، أم ينفسخ العقد؟ وماذا تفعل لو انفسخ؟ وهل تجوز المراجعة لو أسلم بعد الفسخ؟

الجواب: إذا لم يُسلم معها ينفسخ العقد، وترد إليه ما أخذته من المهر قبل ذلك، لقوله تعالى: ﴿فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَٰتٖ فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلّٞ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْۚ﴾ [الممتحنة: 10]، ولا عبرة بكِبَرهما، وتعتدُّ عِدَّة المطلقة بثلاثة شهور لكونها يائسة من المحيض، ﴿وَٱلَّٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ﴾ [الطلاق: 4]، فإن أسلم بعد الفسخ سواء كانت في عدتها أو انقضت العدة لكن لم تتزوج غيرَه جاز له مراجعتها، فإن كانت في العدة فبلا عقد جديد، وإن انقضت فبعقد جديد، لأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ردَّ ابنته زينب رضي الله عنها إلى زوجها العاص بن الربيع بعد أن أسلم، وكان قد فرق بينهما حين أسلمت هي قبله بسنوات”([4]).

 

 

([1]) موسوعة فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، أحمد بن عبد الرازق الدويش، طبع بالاشتراك بين دار المؤيد ودار العاصمة للنشر والتوزيع، ط1، 1999هـ، والكتاب يقع في 23 مجلدًا بمجموع (22150 صفحة).

([2]) فتاوى اللجنة الدائمة، الدويش، (10/123-125).

([3]) المرجع السابق، (13/ 197، 198).

([4]) المرجع السابق، (193/ 16، 17).

اترك تعليقاً