البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

أولًا: كتب الفتاوى

«فتاوى وأقضية أحكام الإمام علي رضي الله عنه» عرفات القصبي قرون

156 views

التعريف بالمؤلف:                                                     

هو الدكتور/ عرفات القصبي قرون، داعية ومفكر إسلامي.

التعريف بالكتاب وموضوعاته:

  • وكتاب “فتاوى وأقضية أحكام الإمام علي رضي الله عنه” عبارة عن محاولةٍ لجمع واستقراء ما وَرَدَ عن الإمام علي رضي الله عنه من فتاوى وأقضية وأحكام، وقَبَسات من الحِكم من بعض ما اشتملت عليه خطبُه ومواعظه([1]).
  • ويشتمل الكتاب على مقدمة تكلَّم فيها عن دواعي توجُّهه لتأليف الكتاب في هذا الموضوع بالخصوص، ثم تمهيد، وتحدث فيه عن شرف الموضوع؛ لتعلُّقه بشخصٍ رفيع القدر من أكابر علماء الصحابة رضي الله عنهم، ثم تسلسلت عناوين المباحث؛ فتكلم عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم: الإمام عليٌّ وعلم التوحيد، ثم: الإمام عليٌّ وأُسس علم الحديث، ثم: الإمام عليّ والقرآن، ثم: الإمام عليٌّ وقضية التحكيم، ثم: الإمام عليٌّ سيد الفقهاء، ثم: الإمام عليٌّ والقضاء، ثم: حكمة الإمام عليٍّ، وأخيرًا: صورة مُجمَلة عن الإمام، ثم قائمة المراجع، والفهرس.

القيمة العلمية للكتاب:

يُعَدُّ كتابُ “فتاوى وأقضية أحكام الإمام علي رضي الله عنه” خطوةً جيِّدةً في طريق البحث والتنقيب عن علوم وآثار وفتاوى وأحكام الصحابة الكرام رضوان الله عليهم؛ حيث نجد كثيرًا أن الاهتمام بالحديث عن هذا الجيل العظيم -الذي قام الدين على أكتافه وبأيديه- منحصرًا في ذكر سِيرتهم وتراجمهم الذاتية فقط، بدون التعمُّق في التنقيب عن جواهر علمهم ونفائس فِكرهم، وتمحيص جميع ما وَرَدَ عنهم من الشواردِ والفرائدِ والمواقفِ لتكوين صورةٍ متكاملةٍ عن حقيقة العلم لدى هؤلاء العظماء.

وبالإضافة إلى دَور الكتاب في لفت الأنظار إلى ضرورة الاهتمام بهذا الجانب الخطير والمهم، فإنَّ قيمة الكتاب تزدادُ بالنظر إلى من يتعرض الكتاب لعلمه وفتواه وقضائه وحِكَمِه، وهو الإمام الكبير، والصحابي الجليل، والزاهد البصير، والشجاع الشريف، سيد فقهاء الأمة، ودُرَّة تاج علمائها، وأعلمها بأمور القضاء والحُكم، وأقدرها على حل المشكلات، وكشف المبهَمات، وفكِّ المُعضِلات، من تمثَّل فيه العلم النبوي والعرفان المحمَّدي على أكمل الوجوه، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج أحب بناته إليه، ووالد سبطيه وريحانتيه، فلا عجب في أن يتفجر العلم من قلبه وعقله ولسانه.

فهذا الكتاب النافع يتعرَّض لمظاهر العلم والحِكمة في جوانبِ هذه الشخصية العظيمة في أسلوبٍ راقٍ رصين، يملؤه الحبُّ والإخلاص، وتكتنفه البصيرةُ والرشاد، مع اعتنائه بملاحظة ثقافات الإمام في فتاويه وأحكامه وأقضيته.

نماذج من فتاوى الكتاب:

1- ومن أقضيته التي تفرَّد بها رضي الله عنه أنه جيء إلى أبي بكر رضي الله عنه برجل قد شرب الخمر، فقال له أبو بكر: هل شربت الخمر؟ فقال الرجل: نعم شربتها، فقال: ولم شربتَها وهي محرمة؟ فقال: لقد أسلمتُ يا خليفة رسول الله ومنزلي بين ظهرانَي قوم يشربونها ويستحلونها، وما علمت أنها محرمة، ولو علمت أنها محرمة لاجتنبتُها، فالتفت أبو بكر إلى عمر رضي الله عنهما، وقال: ما تقول يا أبا حفص؟ فقال: معضِلةٌ ليس لها إلا أبو الحسن، فأمر أبو بكر غلامَه أن يذهب إلى الإمام عليٍّ ليحضر ويفتيَ في المسألة، فقال عمر: في بيته يُؤتَى الحكم، بل نذهب نحن إليه، فذهبوا ومعهم الرجل وسلمان الفارسي، فأخبروا الإمام بالقضية، فقال: ابعثوا مع الرجل من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار، فإن كان فيهم من قرأ عليه آية تحريم الخمر فليشهد عليه، فإن لم يكن منهم من تلاها عليه فاتلوها عليه ليتعلمها ويخبر جيرانه، ثم لا شيءَ عليه بعد ذلك، ففعل أبو بكر ما قاله الإمام، فلم يجد من أقرأه الآية، فخلَّى سبيله، فاعترض سلمان الفارسي رضي الله عنه على هذا القضاء، فقال الإمام: إنما أردتُ أن أجدد تجويد هذه الآية في دينهم حتى يتعلمها كل الناس، يقصد قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [المائدة: 90]، ثم قال لسلمان ومن معه -وقد كانوا معترضين بحُجة أنه قد أرشد المذنب إلى ما يُبَرِّؤه من جُرمه-: ﴿أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ﴾ [يونس: 35]([2]).

2- ومن أقضيته رضي الله عنه: أن قد بلغ عمرَ بنَ الخطاب أنَّ امرأةً من قريش تزوجها رجلٌ من ثقيف وهي في العدة، فاستقدمها عمر وفرَّق بينهما، وجعل صداقها في بيت المال، وقال للرجل: لا تتزوجها أبدًا، وقد فشا ذلك في الناس، فلما بلغ الأمرُ عليًّا رضي الله عنه قال: يرحم اللهُ أميرَ المؤمنين، ما بال الصداق وبيت المال؟ إنما جهل الزوجان، وعلى الإمام أن يردهما إلى السُّنة، فقال له قائل: فما تقول أنت؟ قال: لها الصداق بما استحله منها، ويفرق بينهما، وتكمل عدتها من الأول -التي كانت فيها يوم زواجها- ثم تقعد من الثاني عدةً كاملةً ثلاثة قروء، ثم يخطبها الرجل إن شاء.

فلما بلغ عمرَ ذلك خطب في الناس فقال: أيها الناس: رُدُّوا الجهالات إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لأحدٍ أن يُفتيَ في المسجد وعليٌّ حاضر”([3]).

3- ومن أقضيته رضي الله عنه: ما ورد من أنه قد شاع في الناس في عهد عمر بن الخطاب أنَّ امرأةً تُفاحِش، فبلغ ذلك عمرَ رضي الله عنه فبعث إليها فروَّعها ذلك، ثم أمر أن يُجاء بها إليه، ففزعت فزعًا شديدًا حتى أخذها الطلق -وكانت حُبلى- فذهبت إلى بعض الدُّور فولدت غلامًا فاستهلَّ ثم مات، فدخل على عمر من الروع بموت الغلام غمٌّ شديد، فقال له بعض جلسائه: لا عليك يا أمير المؤمنين، فإنك لم تقصد ذلك، فلم يقنَع عمر بذلك منهم، وطلب منهم أن يسألوا عليًّا، فسألوه وأخبروه بحكمهم، فقال: إن كنتم قد اجتهدتم فما أصبتم، ولئن كنتم قد قلتم برأيكم فقد أخطأتم، إن على أمير المؤمنين ديةَ الصبي: عتق رقبةٍ لوجه الله تعالى، ففرح أمير المؤمنين عمر، وأخذ الصحابة الكرام برأي الإمام عليٍّ([4]).

4- ومن أقضيته رضي الله عنه: أنَّ رجلًا جاء إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه يشكو إليه أنَّ امرأته ولدت ولدًا بعد ستة أشهر، فارتاب أميرُ المؤمنين وأراد أن يقيمَ عليها الحدَّ، وكان الإمام عليٌّ حاضرًا، فقال: ليس لك ذلك يا أمير المؤمنين، فإن الله تعالى يقول: ﴿وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ إِحۡسَٰنًاۖ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ كُرۡهٗا وَوَضَعَتۡهُ كُرۡهٗاۖ وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهۡرًا﴾ [الأحقاف: 15]، فهذه سنتان وستة أشهر، ثم قال أيضًا عن الرضاع: ﴿۞وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: 233]، فذهبت سنتان للرضاع وبقيت ستة أشهر هي أقلُّ الحمل”([5]).

 

 

 

 

 

 

 

[1]() فتاوى وأقضية أحكام الإمام علي رضي الله عنه، لعرفات القصبي قرون، المكتبة الأزهرية للتراث- القاهرة، ط.1، 1991م، والكتاب يقع في (127) صفحة.

[2]() المرجع السابق، (ص70، 71).

[3]() المرجع السابق، (ص73).

[4]() المرجع السابق، (ص74).

[5]() المرجع السابق، (ص83).

اترك تعليقاً