البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

المبحث الرابع: اشتراط العدالة في المفتي بين الفردية والمؤسسية

72 views

تمهيد في تعريف العدالة:

العدالةُ لُغةً مصدرٌ من “عَدَلَ”، وتأتي بمعنى الاستقامة، ومنه: “طريقٌ عدلٌ”؛ يقول ابن فارس: «العين والدال واللام أصلان صحيحان؛ لكنهما متقابِلان كالمتضادَّين: أحدهما يدل على استواءٍ، والآخَر يدلُّ على اعوجاج. فالأوَّل: العَدلُ من النَّاس: المَرْضيُّ المستوِي الطَّريقة. يقال: هذا عَدلٌ، وهما عَدلٌ»([1])؛ فالعدل في اللغة عبارة: عن المتوسِّط في الأمور، من غير إفراط في طرفي الزيادة والنقصان([2])؛ ونلاحظ أن لفظ العدل في اللغة مرتبطٌ بالوسطية الفكرية والفعلية.

والعدالة اصطلاحًا: هيئةٌ راسخة في النَّفس تحمل على ملازَمة التقوى والمروءة وترك البِدعة([3]).

وقد نص جمهور الأصوليين على أن من شرط المفتي أن يكون عدلًا؛ وذلك لصون الأحكام، ولحفظ دماء الناس وأموالهم وأعراضهم عن الضياع؛ فلو قُبِلَ فيها قول الفَسَقة ومَن لا يُوثَق به لضاعت([4]).

قال النووي: «واتفقوا على أن الفاسق لا تصح فتواه، ونقل الخطيب فيه إجماع المسلمين»([5]).

وقال ابن حمدان في صفة المفتي: «أما اشتراط إسلامه وتكليفه وعدالته فبالإجماع؛ لأنه يخبر عن الله تعالى بحكمه فاعتبر إسلامه وتكليفه وعدالته لتحصل الثقة بقوله، ويبنى عليه كالشهادة والرواية»([6]).

هذا في المفتي أما المجتهد فقد ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه لا تُشترط العدالة للمجتهد؛ فيصح اجتهاد الفاسق ولا تُقبَل فتواه([7])؛ قال ابن قدامة: «فأما العدالة فليست شرطًا لكونه مجتهدًا، بل متى كان عالًما بما ذكرناه فله أن يأخذ باجتهاد نفسه، لكنها شرط لجواز الاعتماد على قوله، فمن ليس عدلًا لا تقبل فتياه»([8]).

وقال المرداوي: «العدالة شرطٌ في المفتي لا في المجتهد؛ لأن المفتي أخص فشروطه أغلظ»([9]).

وقد بيَّن ابن السمعاني أنه يُشترط كون المجتهد ثقة مأمونًا غير متساهلٍ في أمر الدين، وأن ما ذكره الأصوليون من عدم اشتراط العدالة مرادهم به ما وراء هذا([10]).

علامات العدالة:

لكون العدالة هيئة نفسية فإنه لا يمكن العلم بمعرفتها إلا بعلامات وضعها الأصوليون وغيرهم؛ ومن هذه العلامات التي جعلوها مُعرِّفة لوجود العدالة في الشخص([11]):

أولًا: أن يكون مُستمرًّا على فعل الواجب، والمندوب، والصدق.

ثانيًا: أن يكون مجتنبًا للكبائر، وبعض الصغائر.

ثالثًا: أن يكون مُتوقيًا عن خوارم المروءة، ومن علامات المروءة التي قررها العلماء اجتناب بعض المباحات القادحة في المروءة؛ يقول الرازي: «كالأكل في الطريق، والبول في الشارع، وصحبة الأراذل، والإفراط في المزاح، والضابط فيه: أن كل ما لا يُؤمن معه جُرأته على الكذب»([12])، ويقول الغزالي بعد تعداد نماذج من خوارم المروءة: «والضابط في ذلك فيما جاوز محل الإجماع أن يُرَدَّ إلى اجتهاد الحاكم، فما دل عنده على جَراءته على الكذب رَدَّ الشهادةَ به وما لا فلا، وهذا يختلف بالإضافة إلى المجتهدين، وتفصيل ذلك من الفقه لا من الأصول»([13]).

ولم يجعل الماوردي جميع خوارم المروءة قادحةً في العدالة؛ بل نوعًا منها؛ يقول: «المروءة. وهي على ثلاثة أضرب: ضرب يكون شرطًا في العدالة، وضرب لا يكون شرطًا فيها، وضرب مختلف فيه؛ وأما ما يكون شرطًا فيها فهو: مجانبة ما سَخُف من الكلام المؤذي أو المضحك، وترك ما قَبُح من الضحك الذي يلهو به، أو يُستقبح لمعرفته أو أدائه؛ فمجانبة ذلك من المروءة التي هي شرط في العدالة، وارتكابها مفض إلى الفسق… فأما المختلف فيه فضربان: عادات وصنائع؛ فأما العادات فهو أن يقتدي فيها بأهل الصيانة دون أهل البذلة في ملبسه ومأكله وتصرفه..»([14]).

والعلة في اشتراط المروءة أن حفظها من دواعي الحياء، وإن كان لا يفسق المرء بتركها، ولكن التزام المروءة يدل على أن صاحبها صائن لنفسه متحفِّظٌ لها فكان أولى أن يكون متحفظًّا لغيره، ومَن لا يبال بالمروءة فهو قليل الحياء؛ فلا يمتنع عن الكذب([15]).

اشتراط العدالة في المفتي في التطبيق المعاصر:

اشتراط عدالة المفتي في المؤسسات الإفتائية:

مؤسسات الإفتاء هي هيئات عامة ذات طابعٍ ديني تتمتع بخصوصية، تقوم بخدمة الأمة الإسلامية، وتقودها إلى ما فيه خيرها ورفعتها في دينها ودنياها، وهي تعمل على تأسيس الفتوى الشرعية تأسيسًا سليمًا يتفق مع صحيح الدين وتحقيق مقاصد الشريعة العليا؛ من حفظ الدين، والنفس، والعِرْض، والعقل، والمال، كما تقوم بتقديم هذه الفتاوى لطالبيها بطرق ميسرة تتناسب ولغة العصر، كما تعمل على ترسيخ مبدأ المرجعية الدينية في نفوس الناس أمام الاستفسارات الكثيرة والمتوالية في المشكلات التي تواجههم([16]).

ومن أمثلة المؤسسات الإفتائية: دار الإفتاء المصرية، والهيئة العامة للفتوى بالكويت، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، وغير ذلك.

وهذه المؤسسات ونحوها هي المؤسسات المعتمدة للفتوى في بلدانها، ولا شك أن آلية تعيين المفتين بها خاضع لأنظمةٍ وقوانينَ تخص كُلَّ دولة.

وإجمالًا يمكن القول بأن تعيين المفتين في هذه المؤسسات يُراعى فيه شرط العدالة؛ وذلك لأن المفتين المختارين إنما يكونون من أكابر علماء وأساتذة الشريعة ومتخصصيها في بلد المؤسسة الإفتائية؛ فلا شك في تحقق شرط العدالة فيهم، كما أن بعض الدول نصت تشريعاتها على صفة العدالة في المفتي ليصح توليته؛ ففي المملكة الأردنية الهاشمية نص قانون عام 2006 القاضي باستقلال دائرة الإفتاء العام عن وزارة الأوقاف الأردنية على أن من شروط تعيين المفتي العام «أن يتمتع بحسن السيرة والسمعة»؛ كما نص قانون الإفتاء رقم (60) لسنة 2006 القاضي بإنشاء “مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية” بالأردن وقانون رقم (4) لسنة 2009م معدل قانون الإفتاء على أن من شروط عضو مجلس الإفتاء «أن يكون مشهودًا له بالتقوى والصلاح»([17]).

وفي غالب الدول يُعد المتصدِّر للفتوى في المؤسسات المعتمدة موظفًا عامًّا؛ وذلك كما في دار الإفتاء المصرية وغيرها؛ وفي هذه الدول يوجد تشريع وثيق الصلة باشتراط توفر العدالة، وهو اشتراط حُسْن السيرة والسمعة في الموظف العام بشكل عام؛ بما يشمل المتصدر للفتوى؛ حيث اشترطت أنظمة الخدمة المدنية فيمن يُعيَّن في الوظائف العامة أن يكون حَسَن السمعة، وحَسَن السلوك؛ وذلك من أجل أن يتولى الوظائف العامةَ الأشخاصُ الذين شَهِد لهم الناس بالأخلاق الحميدة، وحُسن السمعة الذي يدل عادة على حُسن الأخلاق([18]).

ففي جمهورية مصر العربية نصت المادة (20) من قانون رقم (47) لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة على أنه: «يُشترط فيمن يُعيَّن في إحدى الوظائف… (2) أن يكون محمود السيرة، حَسَن السمعة، (3) ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في القوانين الخاصة أو بعقوبة مُقيِّدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رُدَّ إليه اعتباره»([19]).

ولا ريب أن ما لم يَنُصُّ نظامُ إنشائه من المؤسسات الإفتائية المعتمدة على شرط العدالة، أو “حُسْن السيرة والسمعة” -كما يُعبَّر عنه حديثًا- فإن هذا الشرط معتبرٌ عند المخوَّلين باختيار المتصدِّرين للفتوى في هذه المؤسسات.

اشتراط عدالة المفتي غير المنتسِب لمؤسسة إفتائية:

تبيَّن فيما سبق أن المفتي المنتسب إلى مؤسسة إفتائية تَضْمن الدولة عدالته بما وضعته من شروط تعيينه وبقائه في وظيفته، ولكن هناك نوعان آخران من المفتين سبق بيانهما، وهو المفتي شبه الرسمي، والمفتي غير الرسمي، وهذان النوعان لا يمكن التأكد من الاتصاف بصفة العدالة فيهما؛ وخاصة الأخير منهما؛ حيث إن من أنواع المفتي شِبْه الرسمي موظفين عامِّين كأساتذة كليات الشريعة، ونحوهم من المخوَّلين للإفتاء وإن لم يكونوا منصوبين له.

ويتبين مما سبق في بداية المسألة أن العدالة تُشترط في هذين النوعين من المفتين أيضًا، ولكن المفتي غير المنتسب لمؤسسة إفتائية غالبًا ما يصعُب تحقق المستفتي من عدالته من جهة، ومن جهة أخرى قد يعلم المستفتي فِسقه ولكن لا يتأتى له استفتاء غيره؛ وفيما يأتي تفصيل لكل مسألة من هاتين المسألتين:

  • استفتاء مَن لم تُعلَم عدالته، ولا فسقه.

كثيرًا ما يلجأ المستفتون لبعض المتصدرين للفتوى من خارج المؤسسات الرسمية ممن لا يَعلم المستفتي عدالته، ولكن يُعلَم عدم فسقه ظاهرًا؛ بأن لم يُرَ مقترفًا كبيرة كشرب خمر، أو في موضع شبهة ونحو ذلك، ولا يوجد لدى المستفتي مَن يثق فيه ليستخبر منه حقيقة خبره؛ فهل يجوز له استفتاؤه؟

إن هذا المتصدر للفتوى المذكور حاله يسمى “مستور الحال”، ومستور الحال عند الأصوليين هو: مَن لم تثبت عدالتُه الباطنة، وإن عُلِمَ منه عدم الفسق ظاهرًا([20])، وقد اختلف الأُصوليُّون في قبول روايته على قولين:

القول الأول: رد رواية مستور الحال، وهو مذهب الجمهور([21])، يقول الحافظ ابن حجر: «إن جمهور المحدثين لا يقبلون رواية المستور، وهو قسم من المجهول فروايته بمفردها ليست بحجة عندهم»([22]).

وقال الصفي الهندي: «لا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرًا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له، وهو مذهب الأكثرين من الفقهاء والأصوليين»([23]).

وقد استدل الجمهور بعدة أدلة؛ منها أن العدالة تُشترط في الشهادة على الحدود فتكون الرواية أَوْلى([24]).

القول الثاني: قبول رواية مستور الحال وإن لم تُقبل شهادته، وهو مذهب أبي حنيفة([25])، واستدل بالفرق بين الشَّهادة والرِّواية؛ لأن الاحتياط في باب الشهادة أتم منه في باب الرواية([26])؛ قال الآمدي معلِّلًا لهم: «ولهذا كان العدد والحرية مشترطًا في الشَّهادة دون الرِّواية، ومتعبَّدًا فيها بألفاظ خاصة غير معتبَرة في الرواية»([27]).

وردَّ الجمهورُ هذا الجوابَ فقال الجويني: «فإن قيل: قد افترق البابان فإن الأمر في الشهادة أغلظ، والدليل عليه اعتبار العدد فيه.

قلنا: فهذا الذي ذكرتموه بالعكس أَوْلى؛ فإن الذي لم يُشترط فيه العدد لو لم يبالَغ في تطلُّب العدالة كان ذلك نهاية التفريط؛ فهذا بالاحتياط أَوْلى»([28]).

هذا عن رواية مستور الحال؛ أما فتياه فقد اختلفوا فيها على قولين:

القول الأول: جواز استفتاء مستور الحال.

وهو مذهب الحنفية والمشهور عند الشافعية والأصح عند الحنابلة أن فتوى مستور الحال تصح منه ويجوز استفتاؤه([29]).

قال ابن نجيم: «يجب أن يستفتي من عرف علمه وعدالته ولو بإخبار ثقة عارف أو باستفاضة، وإلا بحث عن ذلك فلو خفيت عدالته الباطنة اكتفى بالعدالة الظاهرة»([30]).

وقال الشيخ زكريا الأنصاري: «فلو خفيت عليه –أي المستفتي- عدالته الباطنة اكتفى بالعدالة الظاهرة؛ لأن الباطنة تعسر معرفتها على غير القضاة»([31]).

ويقول البهوتي: «وفي المبدع: (تصح فتيا مستور الحال) في الأصح»([32]).

واستدلوا على ذلك بأمور؛ منها([33]):

أولًا: أن العدالة هي الغالب من حال المسلم، ولاسيما المشهور بالعلم والاجتهاد؛ فمجهول العدالة من المجتهدين يُلحَق بالغالب، وهذا كافٍ في إفادة الظن.

ثانيًا: أن العدالة يعسُر معرفتها على غير القضاة من العلماء فيعسر على العوام تكليفهم بها.

القول الثاني: عدم جواز استفتاء مستور الحال.

وهو قول للشافعية، وقول عند الحنابلة، اختاره ابن عقيل منهم([34]).

قال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح روض الطالب: «يجب على المستفتي عند حدوث مسألته أن يستفتي من عرف علمه وعدالته ولو بإخبار ثقة عارف أو باستفاضة لذلك، وإلا بحث عن علمه بسؤاله الناس؛ فلا يجوز له استفتاء من انتسب إلى ذلك وانتصب للتدريس وغيره من مناصب العلماء بمجرد انتسابه وانتصابه، وقضية كلامه أنه يبحث عن عدالته أيضًا»([35]).

وقال الحجاوي الحنبلي: «ولا تصح الفتيا من مستور الحال»([36]).

وقال ابن عقيل: «وحكي أن قومًا أجازوا أن يستفتي غيره من غير تعرُّف لحاله في العلم والأمانة، كما يجوز أن يأخذ بالقول من غير مسألة عن الدليل والحجة فيما أفتاه به. وهذا اعتلال باطل»([37]).

واستدل أصحاب هذا القول بأمور؛ منها([38]):

أولًا: أن الكذب في المجتهدين غير نادر -وإن كان غيره من الفسوق فيهم نادرًا- فلا يجوز تقليدهم مع احتمال كذبهم.

ثانيًا: أن الأصل في الأشياء العدم؛ فيحتمل عدم عدالته.

ثالثًا: قياس مجهول العدالة على مجهول العلم والاجتهاد؛ فكما لا تُقبل فتوى من جُهل علمه فكذلك لا تُقبل فتوى من جُهلت عدالته؛ بجامع كون كل منهما شرطًا في قبول الفتوى.

ونُوقش الدليل الأول: بأن “الأصل في المسلم العدالة”، وهي في المجتهد من باب أولى؛ فإذا لم يُعلم كذبه فيبقى على الأصل، وهو صدقه وعدالته.

ونوقش الدليل الثاني: وهو قولهم: “الأصل في الأشياء العدم” بأن هذا الأصل معارض بمثله، وهو أن “الأصل في المسلمين العدالة” وبأن إلحاق المجتهد مجهول العدالة بالغالب من حال المجتهدين أولى وأرجح عقلًا وشرعًا من إلحاقه بالأصل في الأشياء العدم؛ لأن الاستصحاب دليل ضعيف.

ونُوقش الدليل الثالث: وهو قياس مجهول العدالة على مجهول العلم والاجتهاد بأنه قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ إذ الأصل في الناس عدم العلم، وهو الغالب فيهم؛ بخلاف العدالة؛ فإن الأصل في المسلمين كونهم عدولًا، وهي الغالب من حال المسلم؛ ولاسيما مَن عُرِف بالعلم والاجتهاد؛ فالظاهر من حال العلماء اتصافهم بالعدالة من باب أولى([39]).

والظاهر أن الجمهور أجازوا فتوى مستور الحال على خلاف شهادته وروايته لأن مراعاة الاحتياط في الرواية والشهادة أعلى منه في الفتوى؛ ذلك أن الرواية يترتب عليها تشريعٌ عامٌّ فيجب تحري الاحتياط فيها، والشهادة يترتب عليها إثبات حقوق ونفيها؛ فكانت أحوج إلى الاحتياط، أما الفتوى فهي أمرٌ بين العبد وربه يتحرى بها المكلَّف ألا يقع في إثم؛ فيكفي فيها خبر مَن لم يُعلَم فسقه؛ يقول في الواضح في أصول الفقه: «الفتيا والحكم مبنية على السهولة»([40]).

ولكن الأولى بالمستفتي أن يستفتي مَن عُلمت عدالته؛ سواء بكونه منتسبًا إلى مؤسسة إفتائية معتمدة، أو بأن ينتشر بين الناس العلم بفضله، وورعه، ومروءته؛ فإن لم يجد فيجوز له استفتاء مستور الحال على مذهب الجمهور.

استفتاء مستور الحال في وجود معلوم العدالة:

وإن استُفتي مستور الحال في وجود معلوم العدالة فإن كانت فتواه مشتملة على الأحوط فالأولى في حق المستفتي الأخذ بها؛ وينبني على ذلك أن المستفتي إن أفتاه مستور الحال بما مؤداه الاحتياط؛ كتحريم شيء ظنه مباحًا أو إعطاء حقٍّ ظنه غير واجب عليه فيجوز للمستفتي الأخذ بفتواه، وإن أفتاه بعكس ذلك فالاحتياط ألا يأخذ بفتواه بل يسأل معلوم العدالة.

وهذا الرأي يتخرَّج على قول أبي المعالي الجويني في مسألة “رواية مستور الحال”؛ فقد ذهب إلى الوقف، والكفِّ في التحريم إلى الظهور احتياطًا؛ فلو كُنَّا على اعتقاد في حِلِّ شيء فروى لنا مستورُ تحريمَه فالواجب الانكفاف عما كُنَّا نستحِلُّه إلى تمام البحث عن حال الراوي([41])؛ ذلك أن الاحتياط مبدأ رئيسي من مبادئ الشريعة وتُبني عليه الكثير من أحكامها، يقول السرخسي: «الأخذ بالاحتياط أصلٌ في الشرع»([42]).

  • استفتاء الفاسق:

صفة الفسق في النظر الحديث:

لا شك أن وصف الشخص بالفسق من الأمور التي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة من بعض الجهات؛ ذلك أنه كما يوجد من الأفعال ما يُجزم معه على فسق الشخص؛ كشرب الخمر ونحوه؛ فكذلك يوجد منها ما يُعد فسقًا في زمن ولا يُعد كذلك في آخر، ولتفصيل ذلك نبيِّن صفات العدالة كما حددها العلماء وما يُعد تركه مُفسِّقًا، وإمكانية التحقق منها في زمننا هذا:

أما الاستمرار على فعل الواجبات؛ فهذا مما يُعد تركه مفسقًا بإجماع؛ ولكن يصعب في زمننا هذا العلم به في غالب الأحوال؛ فالاستمرار على الصلوات الواجبة ونحوها مما يشق على المستفتي أن يتحققه في المتصدِّر للفتوى، سواء المنتسب لمؤسسة إفتائية أو غيره، فالأصل في المتصدر للفتوى أن يكون مستمرًّا على فعل الواجبات.

وأما كونه مجتنبًا للكبائر فالأصل فيه كذلك؛ إلا أن يجاهر بكبيرة مجمَع عليها.

وأما التوقِّي عن خوارم المروءة؛ فإن ما يُعد خارمًا للمروءة يختلف من زمان لآخر؛ فلابد أن يُنظَر في أمر المروءة إلى أعراف الناس.

وأحسن ما قيل في تفسير المروءة: أنها تخلُّق للمرء بخُلق أمثاله من أبناء عصره، ممن يراعي مناهج الشرع وآدابه في زمانه ومكانه؛ لأن الأمور العرفية قلما تنضبط؛ بل تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والبلدان، وهذا بخلاف العدالة فإنها لا تختلف باختلاف الأشخاص؛ فإن الفسق يستوي فيه الشريف والوضيع، بخلاف المروءة فإنها تختلف ([43]).

والحاصل أنه يُقصَد من صفة المروءة أن يكون الإنسان نائيًا بنفسه عن كل ما يمس كرامته، وكرامة الفئة التي ينتمي إليها، ويخدش مكانته في المجتمع، فليزمه أن يكون متمسكًا بالمستوى الخُلُقي اللائق به وبأمثاله، غيرَ مرتكب لفعلٍ يحط من قدره، حتى لو كان هذا الفعل غير محرم في الشرع، ولا مكروهًا، لكنه غير لائق به في عرف المجتمع، فأستاذ الجامعة مثلًا يلزمه أن يتحلى بالصفات التي تليق بأساتذة الجامعة، فإذا عمل عملًا لا يليق بأساتذة الجامعة فإنه لا يكون متصفًا بالمروءة، وطالب العلم كذلك يلزمه أن يكون على الصفات التي تليق بطلبة العلم، فإذا فعل شيئًا لا يليق بطلبة العلم فإنه يكون غير متصف بالمروءة، … وهكذا([44]).

وبناء على ما مَرَّ فالذي أرجحه: أن يُحصَر مفهوم الفسق في زمننا هذا بأن يكون الشخص قد ثبتت عليه كبيرةٌ من الكبائر؛ كأكل حرامٍ، أو ربا صريح، أو شرب خمر، أو نحو ذلك؛ أما خوارم المروءة فهي أمرٌ نسبي يختلف باختلاف الأماكن والأزمنة، وقد صاحب التطورَ الحديثَ في الفكر والتقنية انفتاحٌ شديد على المباحات بحيث لم يعُد المتمتع بغالبها فاقدًا لصفة المروءة؛ فطالما كان الفعل مباحًا فالذي أرجحه أنه لا يُقدح في عدالة فاعله.

وقد حصر مؤلف الينابيع من الحنفية مفهوم العدل في أنه “مَن لم يُطعَن عليه في بطنٍ ولا فرج”؛ أي أنه لم يُتهم بأكل الحرام كالربا، والسرقة، ونحوهما، ولم يُتهم بالزنا([45])، قال الكاساني: «قال بعضهم: من لم يُعرف عليه جريمة في دينه فهو عدل»([46]).

وعليه فإن المتصدر للفتوى غير المنتسب لمؤسسة إفتائية إنما يُحكم عليه بأنه فاسق إن عُلِمَ منه إتيانه بكبيرة، وكذلك يُقال في المتصدر للفتوى المنتسب لمؤسسة إفتائية إن عَلِم منه المستفتي شيئًا من ذلك لم تعلمه المؤسسة بحيث كان في اعتبارها متصفًا بحسن السيرة.

وأرى: أن يضاف إلى علامات فِسق المفتي:

  • أن يكون مشهورًا بالفتوى بجواز الخروج على الأئمة، وتكفير المسلمين، أو ما مُؤدَّاه ذلك؛ فإنه كبيرةٌ من الكبائر.
  • أو يكون مشهورًا بتتبع شواذ الأقوال، أو تتبع الأقوال المتشددة؛ فإن ذلك منبئ عن هوى في نفسه يتَّبعه؛ إما إرضاء للعوام بالإفتاء المتساهل، أو رغبة في الظهور بالورع بالإفتاء المتشدد.

حكم فتوى الفاسق:

اختلف العلماء في فتوى الفاسق على قولين:

القول الأول: عدم صحة فتوى الفاسق:

وهو المتفق عليه في المذاهب الأربعة؛ فقد اتفقوا على عدم صحة فتوى الفاسق وعدم جواز استفتائه؛ يقول النووي: «اتفقوا على أن الفاسق لا تصح فتواه، ونَقَل الخطيب فيه إجماع المسلمين»([47]).

وقال الخطيب البغدادي: «إنَّ علماء المسلمين لم يختلفوا في أن الفاسق غير مقبول الفتوى في أحكام الدين، وإن كان بصيرًا بها»([48]).

فيترتب على ذلك أنه إن استَفتى فاسقًا فلا يجوز له تقليده، وتكون فتواه هدرًا.

القول الثاني: صحة فتوى الفاسق:

ذهب الحنفية في قولٍ عندهم إلى أنه يصلُح كون الفاسق مفتيًا؛ يقول صاحب البناية شرح الهداية: «قال محمد بن شجاع رحمه الله من قول نفسه: لا بأس بأن يُستفتى من الفقيه الفاسق؛ لأنه يُكرَه أن يُخطِّئه الفقهاء فيُجيب بما هو الصواب»([49]).

وتوسَّط ابن القيم رحمه الله فأجاز استفتاء الفاسق إلا أن يكون مُعْلِنًا بفسقه، داعيًا إلى بدعته([50])؛ فعلى رأي ابن القيم إن لم يكن المتصدر للفتوى مُعْلنًا بفسقه، ولا يدعو لبدعته، ولكن عَلِم المستفتي بفسقِه برؤيةٍ أو خبرٍ فيجوز لهذا المستفتي أن يستفتيه ويقلده.

 

إذا تعذَّرت العدالة في الولاية العامة أو الخاصة:

وبالرغم من اتفاق العلماء على شرط العدالة في المفتي إجمالًا؛ إلا أن كثيرًا منهم قد نصَّ على أنه إذا تعذَّرت العدالة في الولاية العامة أو الخاصة -ويدخل في ذلك ولاية الإفتاء- بحيث لا يوجد عدلٌ أو وُجِد ولم يستطع القيام بمفرده بأعباء الولاية؛ فإنه يُولَّى أقل الموجودين فُسوقًا([51])؛ وذلك قياسًا للمفتي على القاضي، وقد نصوا على أن العدالة ليست شرطًا في القاضي عند فساد الزمان؛ وذلك تفريعًا على عدم اشتراط العدالة في الولاة؛ أي: رؤساء الدول؛ لغلبة الفسوق عليهم.

ولو شُرِطَت العدالة في الولاة مع فسوقهم لأُهدرت تصرفاتهم الموافقة للحق من توليتهم القضاة، والعمال، وقواد الجيوش، وقبض الزكوات، وتوزيعها، ونحو ذلك؛ فلم تُشترط العدالة في تصرفاتهم الموافقة للحق لما في اشتراطها من الضرر العام، وفواتُ هذه المصالح أقبح من فوات عدالة الوالي.

يقول العز بن عبد السلام: «إذا تعذرت العدالة في الأئمة فيقدم أقلهم فسوقًا عند الإمكان، فإذا كان الأقل فسوقًا يفرط في عشر المصالح العامة مثلًا، وغيره يفرط في خمسها لم تجز تولية من يفرط في الخمس فما زاد عليه، ويجوز تولية من يفرط في العشر، وإنما جوزنا ذلك لأن حفظ تسعة الأعشار بتضييع العشر أصلح للأيتام ولأهل الإسلام من تضييع الجميع، ومن تضييع الخمس أيضًا، فيكون هذا من باب دفع أشد المفسدتين بأخفهما، ولو تولى الأموال العامة محجور عليه بالتبذير نفذت تصرفاته العامة إذا وافقت الحق للضرورة، ولا ينفذ تصرفه لنفسه، إذ لا موجب لإنقاذه مع خصوص مصلحته، ولو ابتلي الناس بتولية امرأة أو صبي مميز يرجع إلى رأي العقلاء فهل ينفذ تصرفهما العام فيما يوافق الحق كتجنيد الأجناد وتولية القضاة والولاة؟ ففي ذلك وقفة.

ولو استولى الكفار على إقليم عظيم فولوا القضاء لمن يقوم بمصالح المسلمين العامة، فالذي يظهر إنفاذ ذلك كله جلبًا للمصالح العامة ودفعًا للمفاسد الشاملة؛ إذ يبعد عن رحمة الشرع ورعايته لمصالح عباده تعطيل المصالح العامة وتحمل المفاسد الشاملة، لفوات الكمال فيمن يتعاطى توليتها لمن هو أهل لها، وفي ذلك احتمال بعيد»([52]).

ولا يُقال إن العدالة مشترطة في الوصي وهو أنزل رتبة من الوالي لأن المصلحة تقتضي عدم اشتراطها في الوالي؛ يقول العز بن عبدالسلام: «ولما كان تصرف القضاة أعم من تصرف الأوصياء وأخص من تصرف الأئمة اختُلف في إلحاقهم بالأئمة؛ فمنهم من ألحقهم بالأئمة لأن تصرفهم أعم من تصرف الأوصياء، ومنهم من ألحقهم بالأوصياء لأن تصرفهم أخص من تصرف الأئمة»([53]).

وبناء على ذلك فإن البلد الذي توجد فيه مؤسسة إفتائية معتمدة يسهل الوصول إليها عبر أحد الطرق الإفتائية كالهاتفية والإلكترونية فإنه لا يجوز فيها استفتاء الفاسق؛ وذلك لعدم تحقق حالة الضرورة العامة التي نص عليه العلماء، أما البلد الذي لا توجد فيه مؤسسة إفتائية معتمدة أو وُجدت ولكن شق على المستفتي الوصول إليها فإن استفتاء الفاسق فيها يأخذ حكم استفتاء مستور الحال عند وجود معلوم العدالة، يعني إذا اشتملت فتوى الفاسق في هذه الحال على الأحوط لدين المستفتي جاز له الأخذ بها وإلا فلا، وإن لم تشتمل فتوى الفاسق على الأحوط فلا يأخذ بها المستفتي، وتكون فتواه هدرًا؛ وحينها يكون المستفتي كمَن لم يوجد مفتٍ في بلده، وسيأتي حكمه.

 

([1]) مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 246)، وينظر: تهذيب اللغة للأزهري (2/ 123) مادة (عدل).

([2]) الإحكام للآمدي (2/ 76).

([3]) انظر: المستصفى للغزالي (ص 125)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي (ص 361)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (2/ 384)، وفصول البدائع للفناري (2/ 254).

([4]) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 387). وينظر: آداب الفتوى للنووي (ص 20)، وصفة الفتوى لابن حمدان (ص 13).

([5]) آداب الفتوى للنووي (ص 20).

([6]) صفة الفتوى لابن حمدان (ص 13).

([7]) والقول الآخر أن العدالة ركن في الاجتهاد فإذا فاتت العدالة فاتت أهلية المجتهد. ينظر: المستصفى للغزالي (ص 342)، وروضة الناظر لابن قدامة (2/ 334)، والبحر المحيط للزركشي (6/ 423)، (8/ 236)، وكشف الأسرار شرح أصول البزدوي لعبدالعزيز البخاري (4/ 15).

([8]) روضة الناظر لابن قدامة (2/ 334).

([9]) التحبير شرح التحرير للمرداوي (8/ 3880).

([10]) ينظر: قواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 306).

([11]) ينظر: المستصفى للغزالي (ص 125)، والمحصول للرازي (4/ 399)، وصفة الفتوى لابن حمدان (ص13).

([12]) المحصول للرازي (4/ 399).

([13]) المستصفى للغزالي (ص 125).

([14]) الحاوي الكبير للماوردي (17/ 150).

([15]) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (17/ 152)، وتكملة المجموع للمطيعي (20/ 245).

([16]) المرجع العام للمؤسسات الإفتائية، الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، الطبعة الأولى، 2018م، (1/ 628).

([17]) موقع دائرة الإفتاء الأردنية.

([18]) ينظر: التعيين في الوظيفة العمومية.. دراسة مقارنة، جاكلين تحسين عمرية (ص 24).

([19]) الجريدة الرسمية، السنة الحادية والعشرون، العدد (29) تابع “ب”، 15 شعبان 1398، 20 يوليه 1978، وقد بقي مؤدى هذا الشرط في قانون رقم (81) لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية، المنشور بالجريدة الرسمية، العدد (43) مكرر (أ) في أول نوفمبر سنة 2016، مادة رقم (14).

([20]) ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي (7/ 2886)، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج (2/ 247)، وشرح المحلي على جمع الجوامع بحاشية العطار (2/ 175).

([21]) ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي (7/ 2886)، والبحر المحيط للزركشي (6/ 159).

([22]) النكت على كتاب ابن الصلاح، ابن حجر، تحقيق: ربيع بن هادي المدخلي، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1404هـ، 1984م، (1/ 408).

([23]) نهاية الوصول للصفي الهندي (7/ 2886)

([24]) ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي (7/ 2886)، والتلخيص للجويني (2/ 356).

([25]) ينظر: التحرير لابن الهمام بشرحه التقرير والتحبير لابن أمير الحاج (2/ 247).

([26]) ينظر: الإحكام للآمدي (2/ 78)، ونهاية الوصول للصفي الهندي (7/ 2887).

([27]) الإحكام للآمدي (2/ 78).

([28]) انظر: التلخيص للجويني (2/ 356).

([29]) انظر: البحر الرائق لابن نجيم (6/ 290)، وأسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري (4/ 282)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 300)، وإعلام الموقعين لابن القيم (4/ 169).

([30]) البحر الرائق لابن نجيم (6/ 290).

([31]) انظر: أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري (4/ 282).

([32]) انظر: كشاف القناع للبهوتي (6/ 300).

([33]) انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 385)، وتيسير التحرير لأمير بادشاه الحنفي (4/ 248)، وروضة الطالبين للنووي (11/ 103).

([34]) انظر: الواضح في أصول الفقه لابن عقيل (1/ 291)، وأسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري (4/ 282)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 300).

([35]) انظر: أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري (4/281، 282).

([36]) انظر: كشاف القناع للبهوتي (6/ 300).

([37]) الواضح في أصول الفقه لابن عقيل (1/ 291).

([38]) انظر: تيسير التحرير لأمير بادشاه الحنفي (4/ 248)، والتقليد وأحكامه، سعد بن ناصر الشثري، دار الوطن، الرياض، الطبعة الأولى، 1416هـ، (ص 133)، وموقف المستفتي من تعدد المفتين والفتوى، أسامة بن محمد الشيبان، إصدارات الجمعية الفقهية السعودية، الدراسات الأصولية (39)، دار كنوز إشبيليا، الطبعة الأولى، 1439هـ، 2017م، (ص 37).

([39]) انظر: التقليد وأحكامه لسعد بن ناصر الشثري (ص 133)، وموقف المستفتي من تعدد المفتين والفتوى لأسامة بن محمد الشيبان (ص 37).

([40]) الواضح في أصول الفقه لابن عقيل (1/ 294).

([41]) ينظر: البرهان للجويني (1/ 235)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (2/ 414)، وشرح المحلي على جمع الجوامع بحاشية العطار (2/ 175).

([42]) أصول السرخسي (2/ 21).

([43]) مغني المحتاج للخطيب الشربيني (6/ 351).

([44]) ينظر: النظام القضائي في الفقه الإسلامي، محمد رأفت عثمان، دار البيان، الطبعة الثانية، 1415هـ، 1994م، (ص 161).

([45]) ينظر: الجوهرة النيرة للعبادي (2/ 226)، والدر المختار للحصكفي (5/ 465).

([46]) بدائع الصنائع للكاساني (6/ 268).

([47]) المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 42).

([48]) الفقيه والمتفقه، الخطيب البغدادي، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، دار ابن الجوزي، السعودية، الطبعة الثانية، 1421ه، (2/330). وانظر: فتح القدير لابن الهمام (7/ 255)، والدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين (5/ 359)، ومواهب الجليل للحطاب (6/ 87)، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي (3/ 484).

([49]) البناية للبابرتي (9/ 8).

([50]) انظر: إعلام الموقعين لابن القيم (4/ 169).

([51]) ينظر: قواعد الأحكام للعز بن عبدالسلام (1/ 85)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (28/ 252)، وإعلام الموقعين لابن القيم (4/ 151).

([52]) قواعد الأحكام للعز بن عبدالسلام (1/ 85).

([53]) قواعد الأحكام للعز بن عبدالسلام (1/ 79)، وينظر: الفروق للقرافي (4/ 34).

اترك تعليقاً