البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

المبحث السادس: اشتراط الكفاية العلمية في المفتي

84 views

الكفاية لُغةً: مصدر “كَفَى يكفي”؛ يُقال: كفاه؛ أي: استغنى به عن غيره؛ فهو كافٍ، يقول ابن فارس: «الكاف والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدل على الحَسْبِ الذي لا مُستزاد فيه؛ يقال: كفاك الشيءُ يكفيك، وقد كفى كفايةً؛ إذا قام بالأمر»([1]).

الكفاية في الاصطلاح الحديث:

لعل من أفضل ما جاء في تعريف الكفاية العلمية في العصر الحديث أنها: “تركيبات ذهنية مكتسبة في جزء كبير منها يتكون محتواها من قدرات معرفية، ومهارية، ووجدانية بشكل متآزر؛ كلما تمكَّن الفرد منها وانتظمت واندمجت في بنائه النفسي أصبحت سمة من سمات شخصيته وأصبح في مقدوره توظيفها للتكيف مع الوضعيات الجديدة ومواجهة مختلف المواقف والمشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها”([2]).

فالكفاية إذن مفهومٌ يدل على إمكانية القيام بالعمل نتيجة الإلمام بالمعارف والمفاهيم والمهارات والاتجاهات التي تؤهِّل للقيام به، وينتج عن تحقق هذا المفهوم في الشخص أن كفاءته المتمثلة في الأداء الفعلي للعمل على أفضل ما يكون([3]).

ومن هنا يمكن تعريف الكفاية العلمية للمفتي بأنها: القدرة الذهنية على استخدام اللازم من المعارف الشرعية، والمهارات الإفتائية؛ لبيان الحكم في مسألة شرعية.

ويُعلَم من هذا التعريف أن تحصيل المعارف الشرعية وحده ليس كافيًا؛ فإن المهارة الإفتائية المتمثلة في القدرة على تصوير المسألة، وتكييفها، وتنزيلها على الواقع، ثم بيان الحكم هي جزء من “الكفاية العلمية”؛ فمجرد كون العالِم أصوليًّا مقتدرًا على فهم مسائل الفقه والخلاف لا يكفي للحكم بكونه محصِّلًا لـ”الكفاية العلمية” المشترطة في المفتي.

والكفاية العلمية للمفتي كما سبق بيان مفهومها هي من الأمور الخفية فإنها “ملكة ذهنية” أو “قدرة ذهنية”؛ فلا يمكن التحقق من وجودها في شخصٍ ما، وإنما يُستدل عليها بطائفة من العلامات الظاهرة، ومن هنا بيَّن الأصوليون اشتراط “الكفاية العلمية” في المفتي بعلاماتها المتمثِّلة في اشتراط كون المفتي “من أهل الاجتهاد”؛ يقول الإمام الجويني: «أجمعوا أنه لا يحل لكل من شدا شيئًا من العلم([4]) أن يُفتي، وإنما يحل له الفتوى ويحل للغير قبول قوله في الفتوى إذا استجمع أوصافًا»([5]).

وفيما يلي بيان الاجتهاد، وصفات أهله، وأنواعهم.

  • التعريف بالاجتهاد:

الاجتهاد لغةً: مُشتقٌّ من مادة “جَهَدَ”، ويأتي بمَعانٍ منها: المشقَّةُ، والمبالَغةُ، والغايةُ، والوُسْعُ، والطَّاقة([6])، ومنه وزن افتَعَلَ: “اجتَهَدَ يجتهد اجتهادًا”.

واصطلاحًا: “استفراغُ الفقيهِ الوُسْعَ لتحصيلِ ظنٍّ بحُكمٍ شرعيٍّ”([7])، أو هو: “بذلُ المجتهد وُسعَه في طلب العلم بأحكام الشريعة”([8]).

فالمراد بالاجتهاد أن يَبذُلَ الفقيهُ جُهدَه وطاقتَه مُستفرِغًا وسعَه في تحصيل الأحكام الشرعية على وجهٍ يُحِسُّ من النفْس العَجْزَ عن المزيد عليه([9]).

  • الشروط الواجب توافرها في المجتهد:

يُشترط في المجتهد الشروط الأساسية التي هي الإسلام، والبلوغ، والعقل. أما من الجهة العلمية فيُشترط فيه أن يكون ذا مَلَكَةٍ يَقتدر بها على استنتاج الأحكام من مأخذها، وإنما يتمكن من ذلك بشروط سبعة، مَن تحقق بها فهو مجتهد كامل الاجتهاد، وهي([10]):

الأوَّل: أن يكون عارفًا بكِتاب اللَّه تعالى، وما يتعلَّق به؛ فيعرف ناسخه من منسوخه، وسبب نزول آياته، وأقوال الصحابة وكبار التابعين فيها؛ وتفاسير علماء الشريعة، وعلماء اللغة لها، وما يُعارضها من ظواهر الآيات الأُخرى والأحاديث، ونوع دلالتها أمنطوق أم مفهوم؟ ولا يُشترَط حفظ القرآن كله، أو حفظ آيات الأحكام، بل يكفيه أن يعرِف مواقعها من القرآن الكريم، كآيات الأطعمة، وآيات الحدود، وآيات النِّكاح، والطلاق، والرَّضاع، والنَّفقات، ونحو ذلك، حتى إذا نزلت حادثة في باب منها استطاع الوصول إليها([11]).

الثاني: أن يكون عارفًا بسُنَّة رسوله e بمعرفة طرقها من تواتر وآحاد، ومعرفة رواتها، وأحكام الأفعال والأقوال، ولا يُشترَط حفظ الأحاديث كلها، بل يكفي أن يكون عنده أصل مُصحَّح لجميع الأحاديث المتعلقة بالأحكام أو أصل وقعت العناية فيه بجميع الأحاديث المتعلقة بالأحكام، ويكفيه أن يعرف مواقع كل باب؛ فيراجعه وقت الحاجة([12]).

الثالث: أن يكون عالِمًا باللغة العربية، ألفاظها وقواعدها من نحو، وصرف، ويعرف القدر الذي يُفهم به خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال إلى حَدِّ يُمَيِّز به بين صريح الكلام وظاهره، ومجمله ومبيَّنه، وعامِّه وخاصِّه، وحقيقته ومجازه.

وقد لخَّص ابن السمعاني هذه الشروط الثلاثة فبيَّن أن المجتهد إنما يُعد كذلك إذا عرف من اللغة ما يعلم به مراد الله تعالى ورسوله e من الكتاب والسنة، والخطاب الوارد فيهما، وعرف موارد الخطاب، ومصادره من الكتاب والسنة، والحقيقة والمجاز، والأمر والنهى، والعام والخاص، والمجمل والمفصَّل، والمنطوق والمفهوم، والمطلق والمقيَّد، وعرف الناسخ والمنسوخ، وعرف أحكام النسخ([13]).

الرابع: أن يكون عالِمًا بالْمُجمَع عليه، والْمُختلَف فيه، ويكفيه أن يعلم في كل مسألة يحكم فيها أن حكمه غير مخالفٍ للإجماع([14]).

الخامس: أن يكون عالِمًا بالقياس، حيث إن أكثر من نِصف الفقه مبني عليه، فيعرف أركانه، وشروط كل ركن، وقوادحه.

السادس: أن يكون عالِمًا بأُصول الفقه.

السابع: معرفة مقاصد الشريعة؛ بأن يفهم المجتهد مقاصد الشارع العامة من تشريع الأحكام، وأن يكون خبيرًا بمصالح الناس، وأحوالهم، وأعرافهم، وعاداتهم.

الثامن: أن يكون “فقيه النفس”؛ ومعنى فقه النفس: سجية النفس بالفقه؛ بأن تكون عنده قوة الفهم والتعرف على مقاصد الكلام بالجمع، والتفريق، والترتيب، والتصحيح، والإفساد. ([15])

واختلف الأصوليون في اشتراط معرفة المجتهد بفروع الفقه حتى يصح أن يُطلق عليه “مجتهد”. فقال أكثر الأصوليين –ووصفه الزركشي بالأصح([16])- لا يُشترط في المجتهد العلم بتفاريع الفقه؛ لأن هذه الفروع ولَّدها المجتهدون بعد حيازة منصب الاجتهاد، فكيف تكون شرطًا للاجتهاد وهو متقدم عليها وجودًا؟([17])

قال الفتوحي: «ولا يشترط في المجتهد أن يكون عالـمًا بتفاريع الفقه؛ لأن المجتهد هو الذي يولدها ويتصرف فيها، فلو كان ذلك شرطًا فيها للزم الدور؛ لأنها نتيجة الاجتهاد فلا يكون الاجتهاد نتيجتها»([18]).

وقال بعض الأصوليين كالأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني: يُشترط معرفة المجتهد بفروع الفقه، وحملوا كلامه على معرفة المشهور وبعض الغامض؛ كفروع الحيض، والرضاع، والوصايا([19]).

ثم اختلفوا فيما يتعلق من هذه الفروع بالحساب كالفرائض؛ فمنهم من قال: من شرط الاجتهاد معرفة وجوه الحساب فَهْمًا، قال السيوطي: “وهذا هو الصحيح؛ لأن منها ما لا يمكن استخراج الجواب فيها إلا بالحساب؛ فمن كانت هذه صفته فهو من أهل الاجتهاد”.([20]).

وقال ابن الصلاح: «هل يشترط فيه –أي: المجتهد- أن يعرف من الحساب ما يصحح به المسائل الحسابية الفقهية؟ حكى أبو إسحاق، وأبو منصور فيه اختلافًا للأصحاب، والأصح اشتراطه لأن من المسائل الواقعة نوعًا لا يعرف جوابه إلا من جمع بين الفقه والحساب»([21]).

والقاعدة الأصولية الجامعة لشرائط الاجتهاد: أن كل ما يتوقف حصول ظن الحكم الشرعي عليه فمعرفته شرط في الاجتهاد.([22])

  • أنواع المجتهدين:

مَن استوفى الشروط المذكورة سابقًا هو المجتهد المطلق؛ لأنه يستقل بالأدلة بغير تقليد ولا تقيُّد بمذهب أحد([23])، وهو الذي يحق له أن يجتهد في جميع أبواب الشرع، وهو أعلى “أهل الاجتهاد”، قال النووي: «ومِن دهرٍ طويلٍ عُدِمَ المفتي المستقل، وصارت الفتوى إلى المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة»([24])؛ يقصد الأئمة: أبا حنيفة، ومالكًا، والشافعي، وأحمد، وهم وأمثالهم أصحاب المذاهب المتبوعة.

وتأتي درجات “أهل الاجتهاد” من غير المطلَقين على أنواعٍ تتعلق بمدى التزامهم بمذاهب أئمتهم وقدرتهم على التخريج عليها؛ فمن ذلك([25]):

  • المجتهد المستقل المنتسب، ولا يكون مقلدًا لإمامه، لا في المذهب ولا في دليله؛ لاتصافه بصفة المستقل، وإنما يُنسَب إليه لسلوكه طريقه في الاجتهاد، فالحاصل في هذا القسم أنه ينبغي أن يتحصَّل له تمام “الكفاية العلمية” المتوفرة في “المجتهد المطلق”.
  • المجتهد المقيَّد بأصول إمامه وقواعده، وهو يتخذ نصوص إمامه أصولًا يستنبط منها كفعل المستقل بنصوص الشرع، قال النووي عنه مبينًا كونه أدنى من حيث “الكفاية العلمية” من المستقل: «ولا يعرى عن شوبِ تقليدٍ له؛ لإخلاله ببعض أدوات المستقل؛ بأن يُخل بالحديث أو العربية، وكثيرًا ما أخل بهما المقيَّد»([26]).
  • المجتهد المرجِّح؛ ومن صفته أنه فقيه النفس، حافظ مذهب إمامه عارف بأدلته قائم بتقريرها يصور ويحرر ويقرر ويمهد ويزيف ويرجِّح؛ لكنه قصر عن الأنواع السابقة لقصوره عنهم في حفظ المذهب أو الدربة في الاستنباط أو معرفة الأصول ونحوها من أدواتهم، وسماه السبكي: “مجتهد الفتيا”([27])، قال الزركشي: «وهذا أدنى المراتب، وما بقي بعده إلا العامي ومَن في معناه»([28]).

وجميع الأقسام السابقة من المجتهدين المنتسبين اشترط فيهم الأصوليون حفظ المذهب مع “فقه النفس”([29]).

فتبيَّن من ذلك أن أهم صفة فيمن هو “مِن أهل الاجتهاد” كونه “فقيه النَّفْسِ”، وزاد عليها في المجتهد المنتسب “أن يكون حافظًا للمذهب”، يقول ابن الصلاح: «ثم إن هذا الفقيه لا يكون إلا فقيه النفس؛ لأن تصوير المسائل على وجهها، ثم نَقْل أحكامها بعد استتمام تصويرها، جلياتها وخفياتها؛ لا يقوم به إلا فقيه النفس، ذو حظٍّ من الفقه»([30]).

  • الكفاية العلمية في المفتي.

الاجتهاد أمرٌ ضروري للمفتي؛ فلا ينبغي له أن يتقيد بظواهر النصوصِ أو أن يكون حبيس التقليد؛ بل عليه أن يفرغ وسعه لفهم النصوصِ فهمًا جيدًا؛ فالمفتي “إذا لم يكن فقيه النفسِ في الأمارات، ودلائل الحال، ومعرفة شواهده، وفي القرائن الحالية والمقالية كفقهه في جزئيَّات وكليَّات الأحكام أضاع حقوقًا كثيرةً على أصحابها، وحكَم بما يعلم الناس بطلانه لا يشكُّون فيه”([31]).

كما أن اجتهاد المفتي هو المتناسب مع شمولية الشريعة الإسلامية ومناسبتها لكل زمان ومكان، ودليل على قدرتها على مسايرة النوازل في ظل تناهي النصوص وتجدُّد الحوادث.

وقد تبيَّن مما سبق أن “المجتهد” على أربعة أنواع؛ أولهم المطلَق والثاني المنتسب المستقل، وهذان يجوز لهما الإفتاء اتفاقًا([32])؛ يقول المرداوي عن المجتهد المنتسب المستقل: «وفتوى المجتهد المذكور كفتوى المجتهد المطلق في العمل بها والاعتداد بها في الإجماع والخلاف»([33]).

وعليه فمَن حصَّل شروط المجتهد المطلق والمجتهد المنتسب المستقل جاز له الإفتاء في جميع أبواب الفقه، ومَن حصَّل شروطهما في بابٍ أو أبواب جاز له الإفتاء في ذلك الباب أو تلك الأبواب بناء على القول بجواز تجزؤ الاجتهاد على ما يأتي في محله من هذا الكتاب إن شاء الله؛ يقول النووي: «إنما نشترط اجتماع العلوم المذكورة في مُفْتٍ مطلق في جميع أبواب الشرع فأما مُفْتٍ في باب خاص كالمناسك والفرائض يكفيه معرفة ذلك الباب»([34]).

واختلفوا في غير المجتهد المطلق والمنتسب المستقل هل يجوز لهم الفتيا؟ على ستة أقوال:

القول الأول: لا يجوز أن يُفتي غير المجتهد المطلق والمجتهد المستقل المنتسِب.

وهو قول عند الشافعية([35]) ومتقدمي الحنابلة([36])، وأبي الحسين من المعتزلة([37]).

فقد ذكر الخطيب البغدادي في أوصاف المفتي الذي يلزم قبول فتواه: «ثم يكون عالـمًا بالأحكام الشرعية، وعلمه بها يشتمل على معرفته بأصولها وارتياض بفروعها. وأصول الأحكام في الشرع أربعة: أحدها: العلم بكتاب الله على الوجه الذي تصح به معرفة ما تضمنه من الأحكام: محكمًا ومتشابهًا، وعمومًا وخصوصًا، ومجملًا ومفسًرا، وناسخًا ومنسوخًا. والثاني: العلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة من أقواله وأفعاله، وطرق مجيئها في التواتر والآحاد، والصحة والفساد، وما كان منها على سبب أو إطلاق. والثالث: العلم بأقاويل السلف فيما أجمعوا عليه، واختلفوا فيه ليتبع الإجماع، ويجتهد في الرأي مع الاختلاف. والرابع: العلم بالقياس الموجب لرد الفروع المسكوت عنها إلى الأصول المنطوق بها والمجمع عليها؛ حتى يجد المفتي طريقًا إلى العلم بأحكام النوازل وتمييز الحق من الباطل؛ فهذا ما لا مندوحة للمفتي عنه، ولا يجوز له الإخلال بشيء منه»([38]).

وقال ابن مفلح: «ذكر القاضي وأصحابه وصاحب الروضة وغيرهم: لا يجوز أن يفتي إِلا مجتهد، وقاله أبو الحسين وجماعة»([39]).

القول الثاني: يجوز أن يُفتي سائر أنواع أهل الاجتهاد الأربعة.

وهو مذهب الحنفية([40])، والمالكية([41])، والأصح عند الشافعية([42]).

قال ابن أمير حاج الحنفي: «إن كان غير المجتهد مطلعًا على مآخذ أحكام المجتهد، أهلًا للنظر فيها قادرًا على التفريع على قواعده، متمكنًا من الفرق والجمع والمناظرة في ذلك، والحاصل أن يكون له ملكة الاقتدار على استنباط أحكام الفروع المتجددة التي لا نقل فيها عن صاحب المذهب من الأصول التي مهدها صاحب المذهب، وهو المسمى بالمجتهد في المذهب جاز إفتاؤه، ولو لم يكن كذلك لا يجوز. وفي شرح البديع للهندي: وهو المختار عند كثير من المحققين من أصحابنا وغيرهم… وقيل: يجوز إفتاء غير المجتهد بمذهب المجتهد مطلقًا أي سواء كان مطلعًا على المأخذ أم لا عدم المجتهد أم لا، وهذا مختار صاحب البديع. قال شارحه: وهو مذهب كثير من العلماء… وقد وقع إفتاء المتبحر غير المجتهد بمذهب المجتهد بلا نكير؛ فإن المتبحرين من مقلدي أصحاب المذاهب ما زالوا على مر الأعصار يفتون بمذاهب أصحابها مع عدم بلوغهم رتبة الاجتهاد المطلق ولم ينكر إفتاؤهم»([43]).

ويقول الزركشي: «ذهب الأكثرون إلى أنه إن تحرى مذهب ذلك المجتهد واطلع على مأخذه وكان أهلًا للنظر والتفريع على قواعده جاز له الفتوى([44]) وإلا فلا»([45]).

القول الثالث: يجوز أن يُفتي المجتهد المقيَّد بأصول إمامه، والمجتهد المرجِّح عند عدم المجتهد المطلق والمنتسب.

وهو قول عند الشافعية([46])، واختاره السبكي([47]).

قال الزركشي: «لمن لم يبلغ رتبة الاجتهاد المطلق مراتب…ثانيها: من لم يبلغ رتبة أصحاب الوجوه لكنه فقيه النفس، حافظ للمذهب، قادر على التفريع والترجيح هل له الإفتاء في ذلك المذهب؟ فيه أقوال… الثالث: عند عدم المجتهد»([48]).

القول الرابع: يجوز أن يُفتي كل حافظ للمذهب، فقيه النفس باعتباره ناقلًا.

وهو قول عند الشافعية([49]) قال به القفال المروزي([50]).

قال الزركشي: «من لم يبلغ رتبة أصحاب الوجوه لكنه فقيه النفس، حافظ للمذهب، قادر على التفريع والترجيح هل له الإفتاء في ذلك المذهب؟ فيه أقوال: أصحها: يجوز»([51]).

وقد ذكر ابن الصلاح أن آخر أقسام المفتين أن يقوم العالِم بحفظ المذهب، ونقله، وفهمه في واضحات المسائل ومشكلاتها؛ غير أن عنده ضعفًا في تقرير أدلته وتحرير أقيسته؛ فهذا يُعتمد نقلُه، وفتواه به فيما يحكيه من مسطورات مذهبه، من منصوصات إمامه، وتفريعات أصحابه المجتهدين في مذهبه وتخريجاتهم؛ وبيَّن أنه ينبغي أن يُكتفى في حفظ المذهب في هذه الحالة بأن يكون مُعظَم المذهب حاضرًا في ذهنه، ويكون لدربته متمكنًا من الوقوف على الباقي بالمطالعة([52]).

القول الخامس: مَن عرف حكم حادثة بدليلها أفتى به.

وهو قول عن الشافعية([53])، قال الزركشي: «أما العامي إذا عرف حكم حادثة بدليل، فليس له الفتيا بها، وقيل: يجوز»([54]).

وذلك لأنه قد حصل له العلم به كما للعالم، وتميز العالم عنه بقوة يتمكن بها من تقرير الدليل، ودفع المعارض له أمر زائد على معرفة الحق بدليله([55]).

القول السادس: إن كان الحكم في كتابٍ أو سنة يُفتي به.

وهو قول عن الشافعية([56])، قال الزركشي: «وقيل: إن كان دليلها –أي الحادثة- من الكتاب والسنة جاز، وإلا فلا»([57]).

وذلك لأنهما خطاب لجميع المكلفين فيجب على المكلف العمل بما وصل إليه منهما، وإرشاد غيره إليه([58]).

 

هذه مجمل الأقوال في إفتاء غير المجتهد المطلق أو المنتسِب المستقل، والظاهر أن هذا الخلاف إنما كان عند متقدمي الأصوليين، وإلا فقد نقل الزركشي وغيرُه من متأخري الأصوليين انعقاد الإجماع في زمانهم على أن الراوي عن الأئمة المتقدمين إذا كان عدلًا متمكنًا من فهم كلام الإمام ثم حكى للمقلِّد المستفتي قوله فإنه يَكتفي به؛ لأن ذلك مما يغلب على ظن العامي أنه حكم الله عنده؛ لأن توقيف الفتيا على حصول المجتهد يُفضي إلى حرج عظيم، أو استرسال الخلق في أهوائهم([59]).

 

 

اشتراط “الكفاية العلمية” في المفتي في التطبيق المعاصر:

تبيَّن مما سبق أن الأصوليين قد اشترطوا “الكفاية العلمية” في المتصدر للفتوى، وقد تمثلت هذه الكفاية العلمية عندهم في التحقق بالاجتهاد بأي أنواعه المذكورة كان، وفي التطبيق المعاصر يتمثل اشتراط “الكفاية العلمية” في المتصدر للفتوى في كونه متخصصًا في الفقه والفتوى؛ ويُعنَى ذلك أن مَنْ يتصدر للإفتاء ينبغي أن يكون ممن درس الشريعة الإسلامية دراسة مستفيضة، وله دراية في ممارسة المسائل وإلمام بالواقع المَعِيش.

وذلك الشرط يُطبَّق في قوانين، وأنظمة، ولوائح دور الإفتاء على عدة هيئات:

الهيئة الأولى: اشتراط الدراسة الشرعية الأكاديمية:

وقد نُصَّ على ذلك في طائفة من قوانين، وأنظمة، ولوائح دور الإفتاء بخصوص المفتي والمتصدرين للفتوى على حدٍّ سواء؛ فعلى سبيل المثال حددت دار الإفتاء الفلسطينية بدقة مدى التخصص اللازم للمفتي وكفاءته العلمية؛ ففي القانون رقم (7) لسنة 2012م، مادة رقم (4) الخاصة بشروط مَن يُعيَّن في منصب “المفتي العام”: أن يكون «قادرًا على إصدار الفتوى الشرعية بناء على المؤهلات العلمية الحاصل عليها؛ بحيث لا يقل مؤهله العلمي عن درجة البكالوريوس في العلوم الشرعية الإسلامية، وخبرة لا تقل مدتها عن عشرين سنة في مجال العلوم الشرعية، أو أن يكون حاصلًا على درجة الماجستير في مجال العلوم الشرعية الإسلامية ولديه خبرة عملية في مجال العلوم الشرعية لا تقل مدتها عن ثماني عشرة سنة، أو أن يكون حاصلًا على شهادة الدكتوراه في العلوم الشرعية الإسلامية ولديه خبرة عملية لا تقل مدتها عن خمس عشرة سنة في مجال العلوم الشرعية»، وكذلك حددت بدقة في المادة رقم (7) شروط مَن يُعيَّن في منصب “المفتي” على نفس هذا النسق باختلاف سنوات الخبرة، والمراد بـ”المفتي” المتصدرون للإفتاء ممن يتبعون “المفتي العام”.

واشترط قانون الإفتاء الأردني لسنة 2006م في مادته السادسة فيمن يُعيَّن في منصب المفتي العام “أن يكون قد حصل على الشهادة الجامعية الأولى في العلوم الشرعية الفقهية على الأقل، ومضى على حصوله عليها مدة لا تقل عن عشرين سنة، وأن تتوافر فيه القدرة العلمية والعملية التي تؤهله للقيام بالإفتاء”، وفي المادة السابعة نص على أنه يُنشأ في المملكة مجلس يسمى “مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية” برئاسة المفتي العام وعضوية قاضٍ وعضو هيئة تدريس جامعية و”خمسة من العلماء المختصين في العلوم الشرعية”، واشترط في كل منهم “أن يكون من العلماء والفقهاء المعروفين ببحوثهم ودراساتهم في العلوم الشرعية، وأن يكون حاصلًا على الشهادة الجامعية الأولى في العلوم الشرعية كحدٍّ أدنى، ومضى على حصوله عليها مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة”.

وفي قرار “مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية الأردني” رقم (22/ 2014م بشأن تعليمات اختيار المفتين رقم (2) لسنة 2008م، المادة (3، 4): «تُجري الدائرة مسابقة لشَغْل وظيفةِ مُفْتٍ، وتُعلِن عن موعد المسابقة وشروطها في الصحف المحلية.

يُشترط فيمن يتقدم للمسابقة أن يكون: أردني الجنسية، حاصلًا على شهادة دكتوراه في العلوم الشرعية، أو حاصلًا على شهادة بكالوريوس في العلوم الشرعية؛ شريطة ألا يقل عن تقدير جيد، وأن يكون قد مضى على حصوله عليها مدة لا تقل عن خمس سنوات، لديه خبرة لا تقل عن خمس سنوات في مجال تخصصه».

الهيئة الثانية: اشتراط التخصص في الشريعة الإسلامية:

وقد نُصَّ على ذلك في طائفة من قوانين، وأنظمة، ولوائح دور الإفتاء؛ فعلى سبيل المثال نَص الأمر الملكي رقم (137/أ) الصادر سنة 1391هـ بشأن تنظيم هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية على أنه: «تتكون الهيئة من عدد من كبار المتخصصين في الشريعة الإسلامية من السعوديين يجري اختيارهم بأمر ملكي، ويجوز عند الاقتضاء وبأمر ملكي إلحاق أعضاء بالهيئة من غير السعوديين ممن تتوفر فيهم صفات العلماء من المسلمين»؛ فقد نص الأمر صراحة على كون أعضاء الهيئة، من “كبار المتخصصين في الشريعة الإسلامية”، وهيئة كبار العلماء هي المسئولة عن الفتوى بالمملكة؛ حيث تتفرع منها “اللجنة الدائمة”، ومهمتها كما نَص نفس الأمر الملكي: «إصدار الفتاوى في الشئون الفردية وذلك بالإجابة عن أسئلة المستفتين في شئون العقائد، والعبادات، والمعاملات الشخصية، وتسمى “اللجنة الدائمة للبحوث والفتوى”»، كما صدر الأمر الملكي رقم (13876/ب) عام 1431هـ بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء.

وفي قرار مجلس الوزراء رقم (31) لسنة 2017م بشأن إنشاء مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، المادة الأولى: «إنشاء مجلس دائم يسمى “مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي” يتبع مجلس الوزراء، ويُشَكَّل من عددٍ من ذوي الخبرة، والتخصص في العلوم الشرعية الإسلامية في الدولة، ممن يتمتعون بالكفاءة، والدراية، والسمعة الحميدة».

وهذا لا يعني أن جميع المؤسسات الرسمية للفتوى قد نصَّت على اشتراط التخصص في العلوم الإسلامية، أو الحصول على درجة علمية في الشريعة لتولي منصب الإفتاء أو التصدر للفتوى؛ فلم يأت نصٌّ على ذلك في قانون تنظيم دار الفتوى اللبنانية، ولا في قانون تنظيم إدارة الفتوي والتشريع لحكومة الكويت([60])؛ بل إن لائحة دار الإفتاء المصرية لم تنص على اشتراط شيء من ذلك في “أمناء الفتوى” بها.

وذكرت محكمة القضاء الإداري المصرية -في حكمها النهائي الصادر في يونيو 2021م بحظر الإفتاء على غير المتخصصين- أن المشرِّع المصري لم يضع تعريفًا للمجتهد، وأن هناك فراغًا تشريعيًّا -وليس شرعيًّا- بشأن إيجاد تنظيم تشريعي متكامل لعملية الإفتاء في المجتمع المصري، وأن علماء الأمة قديمًا وحديثًا تواترت آراؤهم على وجوب توافر مواصفات محددة في المجتهد الذى يجوز له أن يُفتي  الناس في أمور دينهم ودنياهم، ونَهْي غير المتخصصين الذين لا تتوافر في شأنهم أهلية الاجتهاد، أو ممن ينقصهم إتقان التخصص عن التجرؤ على الاجتهاد والإفتاء بدون علم.

 

إشكالية تطبيق شرط “الكفاية العلمية” في الإفتاء شبه الرسمي، والإفتاء غير الرسمي:

أما تطبيق اشتراط “الكفاية العلمية” في المتصدر للفتوى في الإفتاء شبه الرسمي فتظهر فيه إشكالية وجود العلم مع الإخلال بالمهارة؛ فإن المتصدرون للفتوى في الواقع المعاصر في المساجد وغيرها من المؤسسات الرسمية الإسلامية غير المعنية بالفتوى؛ إن كانوا من أساتذة الجامعات الشرعية ونحوهم من المتخصصين في العلوم الإسلامية؛ وإن فُرض أن تحصَّلت عندهم العلوم الشرعية فإن غالبهم لم يتحقق بمهارة الفتوى من معرفة الواقع والقدرة على التفرقة بين مناطات الأحكام لتنزيلها؛ ومثل هؤلاء لا يحل لهم أن يقوموا بالتصدر للفتوى؛ يقول ابن الصلاح: «الأصولي الماهر المتصرف في الفقه لا تحل له الفتوى بمجرد ذلك، ولو وقعت له في نفسه واقعةٌ لَزِمَه أن يستفتي غيره فيها، ويلتحق به المتصرِّف النظَّار البحاث في الفقه من أئمة الخلاف وفحول المناظرين؛ وهذا لأنه ليس أهلًا لإدراك حكم الواقعة استقلالًا لقصور آلته ولا مِن مذهب إمامٍ متقدِّمٍ لعدم حفظه له وعدم اطلاعه عليه على الوجه المعتبر»([61]).

ويظهر الإشكال الأعظم في التطبيق المعاصر لهذا الشرط في الإفتاء غير الرسمي؛ حيث إن اختل جانبا “الكفاية العلمية”؛ سواء القدرة العلمية أو المهارية؛ فتصدى كثير من الأدعياء للفتيا وتهافت الكثيرون من الناس إلى الإفتاء والقول على الله بغير علم، وشاع ذلك عبر سائر الوسائط التقليدية والحديثة من قنوات فضائية وشبكة معلومات دولية وغير ذلك([62]).

والقضاء على هذه الإشكالية يكون عبر طرقٍ:

الأول: أن يتم النص في سائر القوانين والأنظمة واللوائح على شروط علمية وافية في المتصدر للفتوى، وينبغي أن يكون منها كونه من الحاصلين على مؤهل شرعي معتبر مع خبرة كافية في الفتوى، ويُفضَّل أن يكون قد حصل على درجة علمية عليا من جامعات مُعتمَدة في التخصصات الشرعية على أيادي أكابر العلماء، وهذا هو مُقتضَى شرط العِلم والاجتهاد الذي وضعه الفقهاء قديمًا.

الثاني: إصدار القوانين اللازمة لحصر الإفتاء عبر القنوات الفضائية وشبكة المعلومات الدولية ونحوها على مؤسساته.

الثالث: إنشاء معاهد ومراكز علمية وأكاديمية متخصصة في تخريج المفتين.

الرابع: التوسُّع في الحملات الإعلامية الخاصة بتوعية المستفتين بشروط المتصدر للفتوى والالتجاء للمتخصصين عند الاستفتاء.

الخامس: ينبغي ألا يُسمَح بالتصدر للإفتاء لغير المتدربين على الفتوى ولو بلغوا شأوًا من العلم؛ فإن الفتوى عمل صعب لا يتأتَّى بمجرد اجتماع شروط مُعتبَرة في الفقيه، فقد يحفظ العالِم كثيرًا من المسائل الفقهية لكنه إذا سُئل عن مسألة من مسائل الصلاة قد لا يُحسِن الجواب، وربما لا يفهم مراد المستفتي إلا بعد صعوبة، ولذلك قرر العلماء أن عملية الفتوى تتطلب تمرينًا وذكاءً يعجز الفقيه عن القيام بالإفتاء بدونها، وعليه فيلزم العالِم ألا يخوض حدود الإفتاء إلا بعد أن يستعِدَّ ويجتاز مرحلة التدرُّب ليكسب مَلَكَة الإفتاء، فعليه أن يواظب على حضور مجالس الفتوى ومخالطة الناس والإكثار من سماع الفتاوى وقراءتها والبحث في كيفية بناء الحكم على الدليل، ففي ذلك عظيم النفع للمُفتي وزيادة علم، فالفتوى عِلمٌ وصَنعة.

 

([1]) مقاييس اللغة لابن فارس (5/ 188)، وتاج العروس للزبيدي (39/ 407)، والمعجم الوسيط (2/ 793)، مادة (كفى).

([2]) انظر: هندسة التكوين الأساسي للمدرسين وتمهين التعليم، محمد الدريج، منشورات مجلة كراسات تربوية، الجزء الأول، 2020، (ص 69). وراجع تعريفاتها في: التنمية المهنية القائمة على الكفاءات والكفايات التعليمية، سعيد جاسم الأسدي، الدار المنهجية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1437هـ، 2016م، (ص 124) وما بعدها.

([3]) انظر: هندسة التكوين الأساسي لمحمد الدريج (ص 69).

([4])  شدا من الأدب والعلم شيئًا. أي: حصَّل طَرَفًا منه. معجم اللغة العربية المعاصرة د. أحمد مختار عبد الحميد (2/ 1179) ط: عالم الكتب، الأولى 1429ه.

([5]) التلخيص للجويني (3/ 457).

([6]) ينظر: لسان العرب لابن منظور (3/ 133)، وأساس البلاغة للزمخشري (1/ 153)، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (1/ 320)، مادة (جهد).

([7]) ينظر: بيان المختصر للأصفهاني (3/ 286)، وأصول الفقه لابن مفلح (4/ 1469)، والغيث الهامع شرح جمع الجوامع لأبي زرعة العراقي (ص 693).

([8]) المستصفى للغزالي (ص 342).

[9])) ينظر: أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص26)، وضوابط الاجتهاد والفتوى، أحمد طه ريان، (ص 15).

([10]) ينظر: قواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 303)، والمستصفى للغزالي (ص 343)، والإبهاج في شرح المنهاج للسبكي (3/ 254)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 229)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 566)، وخلاصة الأفكار شرح مختصر المنار لابن قطلوبغا (ص 171)، وتقرير الاستناد في تفسير الاجتهاد للسيوطي (ص 47)، وإرشاد الفحول للشوكاني (2/ 206) وما بعدها، والمهذب في علم أصول الفقه لعبدالكريم النملة (5/ 2322).

([11]) ينظر: المستصفى للغزالي (ص 342)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 229).

([12]) ينظر: المستصفى للغزالي (ص 343)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 230).

([13]) قواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 306).

([14]) ينظر: المستصفى للغزالي (ص 343).

([15]) ينظر: تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية لمحمد بن علي بن حسين، على هامش الفروق للقرافي (2/ 119)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 566).

([16]) البحر المحيط للزركشي (8/ 237).

([17])  ينظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 337)، وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي لأبي عبد الله أحمد بن حمدان النميري الحراني (ص16) ط: المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة 1397ه، وشرح العضد على ابن الحاجب (3/ 581)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 237)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 466) ط: مكتبة العبيكان، الطبعة الثانية 1418ه.

([18]) شرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 466).

([19]) ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي (8/ 3831)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 237)، والمجموع شرح المهذب للنووي (1/ 42).

([20])  تقرير الاستناد في تفسير الاجتهاد للسيوطي (ص44) ط: دار الدعوة، الطبعة الأولى 1403ه.

([21]) أدب المفتي والمستفتي، ابن الصلاح، تحقيق: الدكتور موفق عبد الله عبد القادر، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الثانية، 1423هـ، 2002م، (ص89).

([22])  ينظر: التحبير للمرداوي (8/ 3878).

([23]) المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 42).

([24]) المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 43).

([25]) ينظر: تشنيف المسامع للزركشي (4/ 575)، والتحبير شرح التحرير للمرداوي (8/ 3881)، والتقرير والتحبير لأمير بادشاه الحنفي (3/ 346)، والمجموع شرح المهذب للنووي (1/ 43).

([26]) المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 43).

([27]) جمع الجوامع للسبكي بشرحه تشنيف المسامع للزركشي (4/ 575).

([28]) تشنيف المسامع للزركشي (4/ 575).

([29]) ينظر: أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص 99).

([30]) أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص 100).

([31]) الطرق الحكمية لابن القيم (ص 4).

([32]) ينظر: المنهاج للبيضاوي بشرحه الإبهاج للسبكي (3/ 268)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 614)، وفصول البدائع للفناري (2/ 494).

([33]) التحبير شرح التحرير للمرداوي (8/ 3882).

([34]) المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 43)، وانظر: أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص 89).

([35]) ينظر: التلخيص للجويني (3/ 457)، وقواطع الأدلة لابن السمعاني (2/ 353)، والمنخول للغزالي (ص 572)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 614)، والفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 331).

([36]) ينظر: الواضح لابن عقيل (1/ 278)، وروضة الناظر لابن قدامة (2/ 384)، وأصول ابن مفلح (4/ 1555).

([37]) المعتمد لأبي الحسين البصري (2/ 357).

([38]) ينظر: الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/330، 331).

([39]) أصول ابن مفلح (4/ 1555).

([40]) ينظر: التقرير والتحبير لابن أمير حاج (3/ 346).

([41]) ينظر: مختصر ابن الحاجب بشرحه بيان المختصر للأصفهاني (3/ 363).

([42]) ينظر: تشنيف المسامع للزركشي (4/ 614).

([43]) ينظر: التقرير والتحبير لابن أمير حاج (3/ 346، 347).

([44]) وهذا مبنيٌّ على أنه يجوز لمقلِّد المجتهد الميت أن يُفتي، وقد انعقد عليه الإجماع في القرن السابع الهجري بعد وقوع الاختلاف فيه قبله. راجع: المحصول للرازي (6/ 71)، ومنهاج البيضاوي بشرحه نهاية السول للإسنوي (ص 402).

([45]) البحر المحيط للزركشي (8/ 359).

([46]) ينظر: الإبهاج للسبكي (3/ 268)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 614).

([47]) ينظر: الغيث الهامع شرح جمع الجوامع لأبي زرعة العراقي، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1425ه، 2004م، (ص715، 716)، جمع الجوامع للسبكي بشرحه للمحلي وحاشية العطار (2/ 437).

([48]) ينظر: تشنيف المسامع للزركشي (4/ 614).

([49]) ينظر: الإبهاج للسبكي (3/ 268)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 614).

([50]) ينظر: أصول ابن مفلح (4/ 1559).

([51]) تشنيف المسامع للزركشي (4/ 614).

([52]) أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص 99، 100).

([53]) ينظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 359)، وتشنيف المسامع للزركشي (4/ 615)، وأصول ابن مفلح (4/ 1559).

([54]) تشنيف المسامع للزركشي (4/ 615).

([55]) التقرير والتحبير لابن أمير حاج (3/ 348).

([56]) ينظر: تشنيف المسامع للزركشي (4/ 615)، وأصول ابن مفلح (4/ 1559).

([57]) تشنيف المسامع للزركشي (4/ 615).

([58]) التقرير والتحبير لابن أمير حاج (3/ 348).

([59]) ينظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 360)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 438). وراجع: فوضى الإفتاء، أسامة عمر الأشقر، دار النفائس، الأردن، الطبعة الأولى، 1429هـ، 2009م، (ص 35)

([60]) راجع: المرسوم بقانون تنظيم دار الفتوى اللبنانية رقم 291 بتاريخ 9/ 7/ 1932م، وقانون تنظيم إدارة الفتوي والتشريع لحكومة الكويت رقــم 12 لسنة  1960  – بتاريخ 24 / 4 / 1960م، و مرسوم تنظيم المجلس الأعلى للفتوى والمظالم بموريتانيا.

([61]) أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (ص 101).

([62]) ينظر: الفتوى بغير علم وأثرها على الأمة، خالد بن حمد الخريف، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، 1429هـ، 2008م، (ص 5، 77).

اترك تعليقاً