البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الفصل الثاني مسائل "المستفتي

المبحث الخامس: مسألة "الاجتهاد في أعيان المفتين

106 views

لا خلاف بين الأصوليين في أن العامي لا يجب عليه تقليد أفضل أهل الدنيا وإن كان بعيدًا عن بلده([1])، قال الزركشي: «ولا خلاف أنه لا يجب عليه تقليد أفضل أهل الدنيا، وإن كان نائيًا عن إقليمه، فهذه الصورة لا تحتمل الخلاف، فعلى هذا لا يجب على أحد الاشتغال بترجيح إمام على إمام، بعد اجتماع شرائط الفتوى»([2]).

ثم اختلف القائلون بوجوب تقليد العامي للمفتي فيما إذا كان في البلد جماعةٌ من المفتين المؤهلين هل يجب عليه أن يقصد الفاضل منهم؟ وذلك على أقوالٍ:

القول الأول: يجوز للعامي التخيُّر بين المفتين:

ذهب متقدمو الأصوليين كالجويني والشيرازي ومتوسطوهم كالآمدي وابن تيمية إلى أنه إذا كان في البلد جماعة من المفتين المؤهلين فللعامي أن يتخيَّر ويسأل مَن شاء ولا يلزمه مراجعة الأعلم([3]).

قال الجويني: «وإن جمعت البلدة العلماء وكل منهم بالغ مبلغ الاجتهاد فقد ذهب الفقهاء إلى أن الواجب عليه أن يقلد الأعلم منهم ولا يسوغ له تقليد من عداه، وهذا غير صحيح، والسديد أن له أن يقلد من شاء منهم»([4]).

وقال الآمدي: «إذا حدثت للعامي حادثة، وأراد الاستفتاء عن حكمها: فإما أن يكون في البلد مفت واحد أو أكثر، فإن كان الثاني: فقد اختلف الأصوليون، وذهب القاضي أبو بكر وجماعة من الأصوليين والفقهاء إلى التخيير والسؤال لمن شاء من العلماء، وسواء تساووا أو تفاضلوا، وهو المختار»([5]).

واستدلوا على ذلك بأمور؛ منها([6]):

أ- قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}([7])، ووجه الاستدلال من الآية أن فيها الأمر بسؤال أهل الذكر، وهم العلماء، وهي عامة لم تُخصَّص؛ فتشمل بعمومها جواز استفتاء الفاضل والمفضول دون فرق.

وأجيب بأن الآية أفادت أصل السؤال، وما يأتي من الأدلة تفيد اختيار المسئول؛ فلا حجة فيها على قولهم([8]).

ب- أنه قد ورد في خبر العسيف([9]) أن والد الزاني قال: “سألت رجالًا من أهل العلم”([10])، وهناك رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الكل، ولم يُنكِر عليه.

جـ- أنه في زمن الصحابة رضي الله عنهم سأل العوام الفاضل والمفضول ولم يُحجَر على الخلق في سؤال غير أبي بكر وعمر وغير الخلفاء، وقد اشتهر ذلك عنهم من غير نكير؛ فكان إجماعًا منهم على جواز التخيُّر وأن للمستفتي سؤال من شاء من المفتين سواء كان فاضلًا أو مفضولًا.

جـ- أن المفضول أيضًا من أهل الاجتهاد لو انفرد؛ فكذلك إذا كان معه غيره؛ فزيادة الفضل لا تؤثِّر؛ أي: لا يكون وجود مَن هو أفضل منه مانعًا من قبول قوله؛ لأن العبرة بالتأهل لمنصب الفتوى فلا يسقط اعتبار فتوى المفضول مع وجود الفاضل.

د- أنه يجوز للقاضي الأخذ بشهادة المفضول في العدالة والعلم مع وجود من هو أفضل منه؛ فكذلك الحال في رجوع المستفتي إلى قول المفتي المفضول مع وجود من هو أفضل منه وأعلم.

ه- أنه لا يلزمه الاجتهاد في طلب الدليل فكذلك لا يلزمه الاجتهاد في طلب الأفضل؛ فالمستفتي العامي لا يمكنه الترجيح بين المفتين ومعرفة الأفضل والأعلم لقصوره وعدم أهليته بخلاف المجتهد.

القول الثاني: يجب على العامي الاجتهاد في أعيان المفتين لمراجعة الأعلم.

ذهب طائفة من الأصوليين كابن عقيل وابن سريج والقفال والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني إلى أنه إذا كان في البلد جماعة من المفتين المؤهلين فيجب على العامي الاجتهاد في طلب الأفضل الأدين الأورع ومَن يُشار إليه أنه الأعلم([11])، واستدلوا على ذلك بأمور؛ منها([12]):

أ- أن فتاوى المفتين في حق المستفتي بمنزلة الأدلة في حق المفتي؛ فإذا تعارضت فتاواهم كانت كتعارض الأدلة، وكما يلزم المجتهد الترجيح بين الأدلة المتعارضة فكذلك يلزم المستفتي الترجيح بين المفتين واختيار أفضلهم.

وأجيب بأن هذا الدليل يدفعه الإجماع السابق من الصحابة ومَن بعدهم؛ فقياس المستفتي هنا على المفتي في لزوم الاجتهاد والترجيح لا يقاوم إجماع الصحابة على إقرار العامي المستفتي في سؤاله لمن شاء فاضلًا كان أو مفضولًا، كما أن قياس المستفتي على المفتي قياس فاسد؛ لعدم كمال علم المستفتي وقوة ذهنه فلا يستطيع الترجيح كما لم نُلزِمه الاجتهاد([13]).

واعتُرِضَ بأننا إذا ألزمناه تعلُّم الفقه كان على الناس غاية المشقة ووقفت المعايش؛ فأما إذا ألزمناه تخيُّر العالِم الذي يقلده فلا مشقة عليه؛ وذلك أنه إذا شاع في الناس أن فلانًا أعلم وأورع، وَوَجد أهل الصناعة يقدمونه ويعظمونه عَلِمَ بذلك أنه أرجح، وكفى بذلك طريقًا للمعرفة بالأرجح والأورع([14]).

ب- أن الأفضل أهدى إلى أسرار الشرع فاجتهاد المستفتي في أعيان المفتين وبحثه عن الأعلم والأورع والأدين احتياطًا لدينه قياسًا على ما لو مرض وعنده طبيبان فإنه سيجتهد ويتحري أعلمهما وأحذقهما حفظًا لصحته واحتياطًا لها، وحفظ الدين مقدم على حفظ النفس؛ فالاحتياط أولى.

جـ- أن طريق هذه الأحكام الظن، والظن في تقليد الأعلم والأدين أقوى؛ فوجب أن يكون المصير إليه أولى.

القول الثالث: أنه إذا كان أحدهما أفضل وأعلم في اعتقاده وجب عليه اتباعه.

وهو قول الغزالي والسبكي والشيخ زكريا الأنصاري([15])؛ يقول الغزالي: «فمن اعتقد أن الشافعي رحمه الله أعلم والصواب على مذهبه أغلب فليس له أن يأخذ بمذهب مخالفه بالتشهي»([16])، واستدلوا بأمور؛ منها([17]):

أ- أنه ليس للعامي أن ينتقي من المذاهب في كل مسألة أطيبها عنده فيتوسع بل هذا الترجيح عنده كترجيح الدليلين المتعارضين عند المفتي فإنه يتبع ظنه في الترجيح؛ فكذلك هاهنا.

ب- أنا وإن صوبنا كل مجتهد ولكن الخطأ ممكن بالغفلة عن دليل قاطع وبالحكم قبل تمام الاجتهاد واستفراغ الوسع والغلط على الأعلم أبعد لا محالة.

جـ- أن لله تعالى سرًّا في رد العباد إلى ظنونهم حتى لا يكونوا مهملين متبعين للهوى مسترسلين استرسال البهائم من غير أن يزمهم لجام التكليف فيردهم من جانب إلى جانب فيتذكرون العبودية، ونفاذ حكم الله تعالى فيهم في كل حركة وسكون يمنعهم من جانب إلى جانب؛ فما دمنا نقدر على ضبطهم بضابط فذلك أولى من تخييرهم وإهمالهم كالبهائم والصبيان؛ أما إذا عجزنا عند تعارض مفتيين وتساويهما أو عند تعارض دليلين فذلك ضرورة.

د- أن المجتهد إن عرضت له مسألة ليس لله تعالى فيها حكمٌ معينٌ ويُصوَّب فيها كل مجتهدٍ فالإجماع منعقد على أنه يجب على المجتهد فيها النظر ولا يتخير فيفعل ما شاء؛ فيلزمه أولًا تحصيل الظن في المسألة ثم يتبع ما ظنه؛ فكذلك ظن العامي ينبغي أن يؤثِّر.

وأجيب بأن المجتهد لا يجوز له أن يتبع ظنه قبل أن يتعلم طرق الاستدلال، والعامي يحكم بالوهم ويغتر بالظواهر وربما يقدم المفضول على الفاضل؛ فإن جاز أن يحكم بغير بصيرة فلينظر في نفس المسألة وليحكم بما يظنُّه! فلمعرفة مراتب الفضل أدلة غامضة ليس دركها من شأن العوام.

واعتُرض بأن مَن مرض له طفل وهو ليس بطبيب فسقاه دواء برأيه كان متعديًا مقصرًا ضامنًا، ولو راجع طبيبًا لم يكن مقصرًا؛ فإن كان في البلد طبيبان فاختلفا في الدواء فخالف الأفضل عُدَّ مُقصِّرًا، ويُعلم فضل الطبيبين بتواتر الأخبار وبإذعان المفضول له وبتقديمه بأمارات تُفيد غلبة الظن؛ فكذلك في حق العلماء يُعلم الأفضل بالتسامع وبالقرائن دون البحث عن نفس العلم، والعامي أهلٌ له؛ فلا ينبغي أن يخالف الظن بالتشهي([18]).

والراجح –والله أعلم- هو القول الثاني القاضي بأنه إذا كان في البلد جماعة من المفتين المؤهلين فيجب على العامي الاجتهاد لمعرفة الأعلم وسؤاله؛ ولا يكفي مجرد اعتقاده بأن فلانًا أعلم؛ لأن غالب العوام يتأثرون بالمهارات الخطابية بقطع النظر عن القدرات العلمية؛ لعدم إحاطتهم بالمقاييس العلمية التي تقدِّم شخصًا على غيره في الجانب الفقهي والشرعي.

ومن جهة أخرى فإن المفضول -الذي استدل القائلون بجواز استفتائه مع وجود الأفضل في مجتمع الصحابة- يختلف عن المفضول في العصور المتأخرة؛ فإذا أجزنا استفتاء المفضول مطلقًا دون تقييد فإننا بذلك نفتح للمستفتي باب الاستفتاء لمفتين فيهم ما فيهم من الضلال والتعصُّب والإفساد بحجة جواز استفتاء المفضول([19]).

 

تعدد المفتين في التطبيق المعاصر:

لا ريب أن المستفتي في عصرنا هذا إذا أراد أن يتوجه بسؤاله لأحد المتصدرين للفتوى فسيجد الكثيرين في بلده وغير بلده؛ ذلك لتعدد الوسائط والوسائل الحديثة للاستفتاء؛ فأول ما سيواجه المستفتي وهو يبحث عن مفتيه هو أن الساحة مليئة بأناس كثيرين قد يشير إليهم البعض من العامة بأنهم مفتون أو يتواتر على ألسنة الناس أن فتواهم صحيحة أو يقول الواحد منهم عن نفسه بأنه صالحٌ للإفتاء([20]).

فإذا قصرنا الاستفتاء على المتصدرين للفتوى في بلد المستفتي؛ لكونهم أعلم بأعراف البلد وقوانينه وأحواله؛ فإن المستفتي أيضًا سيجد كثيرًا ممن يتصدر للفتوى في مختلف الوسائل؛ سواء في المساجد أو المنصات الإعلامية أو الإلكترونية أو غيرها؛ فأول ما يجب على المستفتي ألا يأخذ عمن اشتهر على ألسنة الناس من العامة امتداحه والشهادة له بالقدرة على الإفتاء؛ لأن كثيرًا من الإلباس إنما يأتي من قبيل ما يشتهر على السنة الناس خاصة العوام منهم([21]).

فإذا كان بعض هؤلاء المفتين –كما هو فرض المسألة- متأهلًا للفتوى في غالب ظن المستفتي؛ وقد علم تأهله بطريقٍ مما سبق التنبيه عليه في محله من المسألة السابقة([22])؛كثناء العلماء عليه واستفاضة الخبر بعلمه وفقهه وتأهله للفتوى ورجوع العلماء إلى أقواله وفتاواه([23])؛ بقي عليه الاجتهاد لمعرفة الأعلم كما سبق ترجيحه؛ فالمستفتي مثلًا إذا تصفَّح شبكة المعلومات الدولية ليرى آراء المفتين في مسألة ما أو اختلف عليه العلماء في برامج الإفتاء؛ فإنه يجب عليه اتباع الأعلم([24]).

ولأن عصرنا الحاضر عصر التخصصات فينبغي للمستفتي أن يبحث عن المتخصص الورع؛ فإن كان سؤاله في فقه المعاملات فيبحث عن المتخصص فيه، وإن كان سؤاله عن أمور فقه السياسة أو الطب فعليه أن يسعى لفقيهٍ متخصص فيه، وهكذا؛ فالتخصصية قيمة دعا إليها الشرع الشريف في نحو قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}([25])، وقوله: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}([26])، وقوله: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}([27])؛ فلكل مجالٍ المتخصصون به الذين يمثلون خبراءه، وقد أمر الله تعالى بسؤال أهل الذكر دون غيرهم؛ ومن كان الإفتاء علمًا مستقلًّا وفنًّا له أصوله وعلماؤه المتخصصون([28]).

وتقديم التخصص هنا هو ما عبَّر عنه الأصوليون بتقديم الأعلم على الأورع؛ فقد بيَّنوا أنه إذا وُجد مفتيان أو أكثر وكان أحدهم أعلم من غيره فعلى المستفتي سؤاله واستفتاؤه وإن كان أقل من غيره تديُّنًا وورعًا؛ وذلك لأن الظن الحاصل من قول الأعلم أقوى؛ لأن زيادة العلم أدعى لمعرفة الصواب أو مقاربته؛ فيكون أرجح من غيره، والعمل بالراجح واجب؛ كما أن ميزان الحكم بالأعلمية أوضح للمستفتي من الترجيح بالتدين والورع؛ فأمارات معرفة الأعلم كثيرة وواضحة وميسورة بخلاف الترجيح بالتدين والورع الذي قد يخفى على المستفتي ولا تظهر معايير الحكم به، ومن جهة ثالثة فإن مسائل الاستفتاء والاجتهاد ليس لها تعلُّق بتديُّن المفتي أو ورعه؛ بل متعلقة بعلمه بالأحكام الشرعية وأدلتها ومعرفته بمقاصد الشريعة وقدرته على الاجتهاد والنظر بحيث تكون فتاواه وَفق الاجتهاد الصحيح من حيث النظر في المصالح والمفاسد والبناء عليها واعتبار الأعراف الجارية وتحكيمها وملائمة مقاصد الشريعة([29]).

وفي عصرنا هذا؛ ومن جهة الترجيح بالتخصص والأعلمية؛ ففي البلدان التي يوجد فيها جهة للفتوى قد اعتمدتها السلطة التشريعية أو العرفية تُرجَّح هذه الجهة ومَن انتسب إليها من المتصدرين للفتوى على غيرهم؛ خاصة وأن اعتماد السلطة التشريعية أو العرفية كافٍ في الشهادة لهذه الجهة بالأعلمية؛ ذلك أن حكم الحاكم إذا كان يرفع الخلاف في القضايا الفقهية الفرعية فالأولى به أن يرفعها في المسائل الإجرائية؛ ومنها توجه المستفتي إلى مَن يستفتيه؛ خاصة في المسائل التي تتعلق بالمعاملات بين الأفراد والتي ترتبط بقوانين البلد؛ كالمعاملات المالية والمواريث والأحوال الشخصية وأسئلة العبادات ذات الشأن العام([30]) ونحو ذلك.

أما فيما غير ذلك من العبادات التي لا تتعلق بغير السائل ولا هي ذات شأن عامٍّ فيجوز للمستفتي أن يسأل مَن يغلب على ظنه علمه ولو من غير الجهات الإفتائية المعتمدة، ويعمل بذلك في خاصة نفسه، ولا يعتبر ما تلقاه من جوابٍ فتوى لغيره في المسألة.

وعلى كلٍّ حالٍ ففي التطبيق المعاصر يمكن اتخاذُ الكثيرِ من الوسائل لمجابهة مشكلةِ تعدد المفتين وتجنُّب استفتاء عموم المسلمين لمن ليس مؤهلًا بسبب عدم قدرتهم على تمييز المؤهل من غيره والفاضل من المفضول؛ لتكاثر المتصدرين للفتوى في عصرنا هذا في سائر البلدان وما تُحدثه المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي من لغطٍ وتشتيت، ومن هذه الوسائل([31]):

أولًا: تحديد المسموح لهم الإفتاءُ من قِبَل السلطة المخولة في الدولة، ومقابل ذلك إصدار ضوابط محددة لمن يتولى مهمة الخطابة والوعظ والتوجيه والإرشاد.

ثانيًا: إصدار مؤسسة الفتوى المعتمدة في الدولة لبيانات تُميِّز مَن ليس أهلًا للفتيا من المتصدرين لها.

ثالثًا: تربية الناس عمليًّا على التحري في السؤال عن أمور الدين والأخذ عن المتخصصين، وتبصيرهم بالفرق بين الرأي ووجهة النظر والفتوى الشرعية المحقَّقَة بالنصوص وبين الفتوى الخاصة بمعيَّنٍ والفتوى العامة، وبين فتوى الاجتهاد مع وجود المجتهدين المخالفين أو المجتهد المخالف والفتوى المبنية على الإجماع المنضبط، وبين الفتوى لأهل مكانٍ ومجتمعٍ غير مكان المفتي ومجتمعه، والتفريق بين نظر الضرورة وعملها ونظر الرخصة وعملها، وبين نظر السعة وعملها ونظر العزيمة وعملها، ونظر الفرد ونظر الجماعة.

رابعًا: محاكمة المفترين وتعميم الحجر على المفتي غير المؤهَّل؛ فيجب العمل على منع مَن لا يوثق بعلمه وعقله وخلقه من إصدار الفتاوى التي تمس أمن المجتمع وتماسك الأمة أو تؤدي بها إلى الحرج أو بمصالحها إلى الضرر؛ فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن؛ على أن ذلك ينبغي أن يكون عن تثبُّت ويُقدَّر بقدره.

 

([1]) ينظر: البحر المحيط للزركشي (8/ 348)، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج (3/ 349).

([2]) البحر المحيط للزركشي (8/ 348).

([3]) ينظر: الاجتهاد للجويني (ص 130)، والتبصرة للشيرازي (ص 415)، والمستصفى للغزالي (ص 373)، والإحكام للآمدي (4/ 237)، والمسودة لآل تيمية (ص 462)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (20/ 584)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 365).

([4]) الاجتهاد للجويني (ص 130).

([5]) ينظر: الإحكام للآمدي (4/ 237).

([6]) ينظر: التبصرة للشيرازي (ص 415)، وقواطع الأدلة لابن السمعاني (5/ 146)، والمستصفى للغزالي (ص 373)، والواضح لابن عقيل (5/ 258)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 365)، وموقف المستفتي من تعدد المفتين لأسامة الشيبان (ص 54) وما بعدها.

([7]) سورة النحل، الآية رقم (43).

([8]) ينظر: الواضح لابن عقيل (5/ 259).

([9]) أي: الأجير. ينظر: لسان العرب لابن منظور (9/ 246) مادة (عسف)، وصحيح البخاري (8/ 129).

([10]) أخرج البخاري في كتاب الحدود، باب: الاعتراف بالزنا، حديث رقم (6827)، (8/ 167)، ومسلم في كتاب الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنى، حديث رقم (1697)، (3/ 1324)، أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أُنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله؛ فقام خصمه، وكان أفقه منه، فقال: اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي؟ قال: «قل» قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، ثم سألت رجالًا من أهل العلم؛ فأخبروني: أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وعلى امرأته الرجم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جل ذكره: المائة شاة والخادم ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغدُ يا أُنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها»؛ هذا لفظ البخاري، وعند مسلم: «فسألت أهل العلم».

([11]) ينظر: التبصرة للشيرازي (ص 415)، والمستصفى للغزالي (ص 373)، والواضح لابن عقيل (5/ 257)، والإحكام للآمدي (4/ 237)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 365).

([12]) ينظر: الإحكام للآمدي (4/ 237)، والواضح لابن عقيل (5/ 257)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 365)، وموقف المستفتي من تعدد المفتين لأسامة الشيبان (ص 56) وما بعدها.

([13]) ينظر: فواتح الرحموت للبهاري (2/ 405).

([14]) ينظر: الواضح لابن عقيل (5/ 258، 259).

([15]) ينظر: المستصفى للغزالي (ص 374)، وجمع الجوامع للسبكي بشرحه تشنيف المسامع (4/ 608)، وغاية السول للشيخ زكريا (ص 159).

([16]) المستصفى للغزالي (ص 374).

([17]) ينظر: المستصفى للغزالي (ص 374).

([18]) ينظر: المستصفى للغزالي (ص 374).

([19]) ينظر: فوضى الإفتاء للأشقر (ص 143).

([20]) ينظر: الموقعون زورًا لمحمد القيسي (ص 353)، والفتوى والمفتي تحرير وتنوير لطه الدسوقي حبشي (ص 122)، ومسئولية الفتوى لمحمود مشعل (ص 75).

([21]) ينظر: الفتوى والمفتي تحرير وتنوير لطه الدسوقي حبشي (ص 122).

([22]) يراجع: ص؟؟؟ من هذا البحث.

([23]) ينظر: الفتوى المعاصرة ما لها وما عليها لمحمد يسري (ص 58).

([24]) ينظر: النوازل المتعلقة بالمفتي والمستفتي لطارق بادريق (ص 323).

([25]) سورة التوبة، الآية رقم (122).

([26]) سورة الفرقان، الآية رقم (59).

([27]) سورة فاطر، الآية رقم (14).

([28]) ينظر: مشروع الميثاق العالمي للفتوى الصادر عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم (ص 5)، والموقعون زورًا لمحمد القيسي (ص 257).

([29]) ينظر: المعتمد لأبي الحسين البصري (2/ 365)، والمحصول للرازي (6/ 82)، ونهاية الوصول للصفي الهندي (9/ 3908)، وموقف المستفتي من تعدد المفتين لأسامة الشيبان (ص 68).

([30]) يُقصد بالشأن العام: التدابير التي تهم عموم المستفتين بالأخص في علاقاتهم الاجتماعية، والفتوى في الشأن العام لها خصوصيتها وحساسيتها؛ حيث تمس المصلحة العامة والأمن القومي والعالمي. ينظر: مشروع الميثاق العالمي للفتوى الصادر عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم (ص 13).

([31]) ينظر: الموقعون زورًا لمحمد القيسي (ص 367) وما بعدها، ورب حامل فقه ليس بفقيه لأحمد علي آل مريع (ص 61) وما بعدها، وأزمة الفتوى وكيفية الخروج منها لحافظ غلام أنور الأزهري (ص 48)، والفتوى المعاصرة ما لها وما لمحمد يسري (ص 88).

اترك تعليقاً