البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

مباحث الأصول

تمهيد

153 views

الحمدُ لله لذاته وجميل صفاته، والشكر له على آلائه ونعمائه، وعطائه وهباته، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، المبعوث بالدِّين المتين والكتاب المبين، سيِّدنا ومولانا ونبيِّنا محمَّدٍ الرسول الأمين، وعلى آله وأصحابه الهداة المهتدين.

وبعد؛ فقد نالت مبادئ الإفتاء عنايةً كبيرةً من علماء المسلمين قديمًا وحديثًا الفقهاء منهم والأصوليين على حدٍّ سواء؛ فقد خَصَّ كثيرٌ من علماء الأصول مسائل “الإفتاء” بالبحث والدراسة في كتبهم؛ حتى استقر الأمر على كونها جزءًا من مبحث الاجتهاد والتقليد في أصول الفقه.

غير أن تناول الأصوليين لمسائل الإفتاء لما كان مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالحالة الاجتماعية، والمعرفية، والتقنية المتاحة في عصورهم جاء مقتصرًا على مسائل محددة تتعلق بجوانب قليلة من “عملية الإفتاء” كآداب المفتي، والمستفتي، ونحو ذلك مما اشتُهر التأليف فيه؛ ولذلك فإن “عملية الإفتاء” لا تزال بحاجة كبيرة إلى اهتمام الباحثين بها من جوانب تطبيقية عدة؛ كجانب فقه الواقع وجانب التطور في أدوات الإفتاء ووسائله، وجانب مهارات التطبيق، وكذلك العلاقة بين “عملية الإفتاء” وغيرها من العلوم تأثيرًا وتأثرًا، وغير ذلك كثير.

ولأن الفتوى ترتبط بالإنسان بشكل مباشر، ولا تنفك عن سياقه الاجتماعي؛ فإنها بلا شك تماست مع علوم عدةٍ، وتغيرت آلياتها ووسائلها مع تغير الأزمان واتساع العمران وتطور الآلات المعرفية، وصارت وظيفة الفتوى قائمةً على إيجاد حلولٍ دينيةٍ للمشكلات الفردية والجماعية.

وفي ظلِّ ما آلت إليه الأمور من تطور وتعقُّد على الأصعدة السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والتكنولوجية لم يعد من الكفاية العلمية أن يُعتَمَد في تطبيق مبادئ الإفتاء على الزاد الأصولي التقليدي الذي تناول تطبيق هذه المبادئ في سياقات مختلفة، تطورت في العصر الحديث على جميع الأصعدة، فمن هنا كان لابد من دراسة الجوانب التطبيقية المعاصرة لمسائل الإفتاء.

ومن هنا ارتأت المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية تخصيص أحد أقسامها لدراسة هذه القضية، وهو هذا المجلد الذي نُمهِّد له.

اترك تعليقاً