البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

المبحث السابع: القياس.

67 views

معنى القياس لغة واصطلاحًا:

القياس لغةً: مصدر قاس تقدير الشيء على مثالِه، ويعني أيضًا: المساواة، ومنه: قِسْت الأرض بالخشبة؛ أي: قدَّرتها بها، ويعني: التسوية، ومنه: قاس النَّعلَ بالنعل؛ أي: حاذاه، وفلان لا يُقاس بفلان؛ أي: لا يساويه([1]).

وقد عرَّفه صاحب المعتمد بقوله: «إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الحكم»([2]).

وهو أصل معتمد عند فقهاء أهل السنة. وقد استدل المالكية على اعتبار القياس كدليل شرعي بأدلة منها: ما ثبت عن ابن عمر فيمن أُحصر في الحج أنه يلزمه ما يلزم من أُحصر في العمرة، وحكم الحج والعمرة في الإحصار سواء، وقاس الحج على العمرة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُحصر في حج، إنما حصر في عمرة، هذا أصل في إثبات القياس لاستعمال الصحابة له([3]).

مكانة القياس في المذهب:

القياس معتبر في مذهب المالكية، ويُستدل به في الكفارات كقياس رقبة الظهار على رقبة القتل في اشتراط الإيمان فيها، وذلك لأن كلًّا منهما كفارة، والقياس معتبر في الحدود، ومثاله قياس اللائط على الزاني في لزوم الحد لأن في كل منهما إيلاج فرج في فرج مشتهى، ويعتبر القياس أيضًا في المقادير، ومثاله قياس أقل الصداق على أقل نصاب فيه حد السرقة؛ لأن كلًّا منهما فيه استباحة عضو، الأول استباحة استمتاع، والثاني استباحة قطع، ولا يجري في الرخص ولا الأسباب ولا الموانع([4]).

نماذج من القياس في المذهب:

استدل الإمام مالك بالقياس في مسائل كثيرة، منها: إقامة الحد على سارق الصبي الصغير والأعجمي الذي لا يفصح: أنهما إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما، فعلى من سرقهما القطع، وإذا أخرجا من غير حرزهما وغلقهما فليس على من سرقهما قطع، قال: وإنما هما بمنزلة حريسة الجبل([5]) والثمر المعلق([6]).

قال مالك: والأمر عندنا في الذي ينبش القبور: أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه القطع. قال مالك: وذلك أن القبر حرز لما فيه، كما أن البيوت حرز لما فيها، ولا يجب عليه القطع حتى يخرج به من القبر([7]).

شروط العمل بالقياس:

اشترط المالكية لاعتبار القياس شروطًا منها:

1-القياس لا يجوز استعماله إلا فيما لا نص فيه من الأحكام.

2-أن يكون القياس قائمًا على الدليل الشرعي من الكتاب والسنة أو إجماع الأمة لا مجرد الرأي.

3-ألا يكون هناك وصف فارق، كجماع الناسي هل يوجب الفساد أم لا قياسًا على من أكل ناسيًا، مع قصور حالة المجامع ناسيًا عن حالة الأكل ناسيًا فيما يتعلق بالعذر والنسيان([8]).

 

 

 

 

 

([1]) ينظر: لسان العرب لابن منظور (6/187)، والقاموس المحيط للفيروزابادي (ص733) مادة (قاس).

([2]) المعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين البصري (2/206)، دار الكتب العلمية-بيروت.

([3]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/463).

([4]) انظر: الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة لحسن بن محمد المشاط (ص204، 205)، دار الغرب الإسلامي-بيروت.

([5]) قال في «النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/367): «لا قطع في حريسة الجبل» أي ليس فيما يحرس بالجبل إذا سُرق قطع؛ لأنه ليس بحرز.

([6]) موطأ مالك (رواية أبي مصعب الزهري-2/40).

([7]) موطأ مالك (رواية أبي مصعب الزهري-2/41).

([8]) انظر: إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد (2/12)، مطبعة السنة المحمدية.

اترك تعليقاً