البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

تمهيد

60 views

لكل مذهب من المذاهب الفقهية منهج للإفتاء يستند إلى قواعد وأصول هذا المذهب التي أرسى دعائمها إمام المذهب، ومشى على ضوئها أئمة المذهب من بعده.

ولنبدأ بتعريف منهج الإفتاء فنقول:

جاء في مختار الصحاح: النهج: الطريق الواضح، وكذا المنهج والمنهاج، ونهج الطريقَ: أبانه وأوضحه([1]).

وجاء في المعجم الوسيط: نهج الطريقُ نهجًا ونهوجًا: وضح واستبان، ونهج الطريقَ: بيَّنه وسلكه، والمنهاج: الطريق الواضح، والخطة المرسومة([2]).

فعلم مما أوردناه أن كلمة «منهج» في اللغة تدل على الطريق الواضح المستقيم.

وعلى ذلك فالمقصود بمنهج الإفتاء في المذهب المالكي: السبيل المنضبط الذي تسير عليه الفتوى في المذهب المالكي.

وهذا المنهج يستند إلى القواعد المحكمة والرجوع إلى القرآن والسنة والإجماع والمصلحة، وينطلق من أن اعتبار الدليل هو الأصل، وأن الواقعة الحقيقية هي المناط، مع القدرة على الترجيح بين الأقوال المختلفة والآراء المتعارضة بالموازنة بين أدلتها، والنظر في مستنداتها من النقل والعقل لاختيار الموافق لنصوص الشرع والأقرب إلى مقاصده والأولى بإقامة مصالح الخلق، وغير ذلك من سمات المنهج السديد في الإفتاء.

والبحث في مناهج الفقهاء في الإفتاء يُعد مجالًا خصبًا للبحث العلمي والتأليف، فأصبحت دور البحث والمراكز العلمية تسعى إلى تشجيع مثل هذا النوع من البحوث إيمانًا منهم بأنهم يقومون بفرض ديني، وييسرون للناس معرفة أحكام الله تعالى في عباداتهم ومعاملاتهم، فكتب الفتاوى منذ القديم وإلى يوم الناس هذا ملاذ المستفتي عن حكم الشرع في الحوادث والواقعات، وملاذ المفتي يتعرف منها كيفية تطبيق الأحكام الكليات على القضايا الجزئيات.

ونتناول فيما يلي سمات منهج الإفتاء عند المالكية من خلال المباحث الآتية:

([1]) انظر: مختار الصحاح للرازي (ص320)، مادة «نهج».

([2]) انظر: المعجم الوسيط (2/957)، مادة «نهج».

اترك تعليقاً