خاتمة

عرض هذا الكتاب لأصول الإفتاء في المذهب المالكي، وتبيَّن من خلال هذا العرض كثرة أصول هذا المذهب مقارنةً بغيره من المذاهب الأربعة، واستفادته العظمى من المقاصد والمصالح والمرامي التي تتوخاها الشريعة الغراء في قراءة النص الشرعي واستنباط الأحكام الشرعية المناسبة منه، وكذا تنزيل هذه الأحكام تنزيلًا تُراعى فيه على الخصوص مصالح الناس التي لا تصطدم بالشريعة الإسلامية وبمقاصدها.

وفي الحقيقة فإنَّ توظيف مقاصد الشريعة الإسلامية توظيفًا سليمًا يفتح الآفاق للمسلمين لطرح حلول عِدَّة للبشرية جمعاء؛ إذ البشرية الآن تعاني من مشاكل موجعة تقضُّ مضجعها وتهدد وجودها.

ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية شريعة عالمية وكونية، ولهذا فإن هذه القضايا الموجعة التي تهدد البشرية جميعًا تُلزم أبناء الأمة الإسلامية بتحويل خطابها من {يأيها الذين آمنوا} إلى {يأيها الناس}، أي تجديد الخطاب الإسلامي وتوسيع آفاقه الرحبة من الإقليمية الضيقة إلى آفاق شاسعة عالمية.

وانطلاقًا من الأصول التي اعتمدها المالكية أكثر من غيرهم فإن بإمكان علماء الأمة المساهمة بشكل جاد وفعَّال في إيجاد الحلول المناسبة لإنقاذ البشرية جمعاء، وعرض الإسلام على الصعيد العالمي وإبراز نظريته في المال وحقوق الإنسان والبيئة، وهو ما يبرز عظمة الدين الإسلامي وعبقرية الفقهاء المسلمين.