البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

أشهر كتب الفتاوى في المذهب الحنفي

137 views
  • كتاب: مسعفة الحكام على الأحكام:

لشهاب الدين محمد بن عبد الله بن أحمد الخطيب التمرتاشي الغزي الحنفي شيخ الحنفية في عصره.

هو كتاب في أحكام الفتوى وشروطها، وأحكام القضاء والدعاوى وشروطها([1]).

وقد ورد في فهارس الكتب بعدة أسماء، منها: الأحكام فيما يتعلق بالقضاء والحكام، والأحكام المتعلق بالقضاة والحكام، والمرتضى في أحكام القضاء، ورسالة في القضاء، ومسعف الحكام على الأحكام، وسعفة الحكام على الأحكام، ومسعفة الحكام على الأحكام.

ولعل السببَ الرئيس في ورود هذه الأسماء لهذا الكتاب أنَّ المؤلف رحمه الله لم يذكر الاسم الذي سمى به كتابه في مقدمة الكتاب كما هي عادة كثير من المؤلفين، مما حدا ببعض العلماء إلى الاجتهاد في بيان اسم هذا الكتاب.

وقد ترجَّح لدى محققه أن الاسم الصحيح للكتاب هو “مسعفة الحكام على الأحكام” بناء على ما اعتمده حاجي خليفة في “كشف الظنون”؛ حيث قد ذكره التمرتاشي نفسه بهذا الاسم في كتابه “معين المفتي على جواب المستفتي”([2]).

وقد تضافرت الأدلة والبراهين على صحة نسبة كتاب “مسعفة الحكام” إلى مؤلفه، منها أن كثيرًا من مؤلفي كتب التراجم قد ذكروا هذا الكتاب للمؤلف عند ذكر ترجمته، كما قد نُسِبَ أيضًا للمؤلف في فهارس كثير من المكتبات، وقد ورد اسم المؤلف كاملًا في خطبة الكتاب، مما يدلُّ على أنه هو الذي قام بجمعه وتأليفه، كما قد ذكره مؤلفه في بعض كتبه ومنها “معين المفتي على جواب المستفتي” ونسبه إلى نفسه([3]).

وكتاب “مسعفة الحكام” للتمرتاشي يتألف من مقدمة وثمانية فصول، تناول في المقدمة -وهي الجزء الذي يتعلق بعلوم الإفتاء- عدة مواضيع تتعلق بالفتوى وحكم الإفتاء، وشروط المفتي، وطرق الإفتاء، وآداب المفتي والمستفتي، ثم تناول المؤلف في سائر فصول الكتاب القضاء وأحكامه وطريق الحكم، والمحكوم له، والمحكوم عليه، والتولية والعزل.

وتُعدُّ مقدمة كتاب “مسعفة الحكام” مُؤلفًا خاصًّا بالفتوى والإفتاء، وهو لا يقل في تحريره وموسوعيته عن كتب الفتوى لابن الصلاح والنووي وغيرهم.

بالإضافة إلى أن مؤلف الكتاب قد نقل من كتب الفقه والقضاء في المذهب الحنفي، وأشار إلى كثيرٍ من مصادره التي أخذ منها.

فالكتاب يعدُّ مرجعًا عامًّا في تحرير الخلاف بين أئمة الحنفية، فمسائل الخلاف التي ذكرها المؤلف إما أن يكون الخلاف فيها واقعًا بين الحنفية وبين غيرهم، وإما أن يكون الخلاف بين علماء الحنفية أنفسهم، فإن كان الخلاف في المسألة مع غيرهم فإن المؤلف لا يذكر هذا الخلاف، وإنما يذكر الحكم على قول الحنفية فقط على وجه يُفهم منه أنه لا خلاف في هذا الحكم بين العلماء، وإن كان الخلاف في المسألة بين أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، أو اختلف مؤلفو الكتب في نقل حكمها فإنه يذكر الخلاف الواقع بينهم فيها، وفي أكثر المواضع يحيل كل قول إلى مصدره، كما أنه رجَّح ما يراه الأقوى في أحيان كثيرة، وعلل لذلك ما أمكنه، وإن لم يمكنه الترجيح ذكر ما عليه الفتوى عندهم([4]).

 

  • القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد:

لمحمد أبي عبد الله الملقب بعبد العظيم بن مُلَّا فروخ بن عبد المحسن بن عبد الخالق المكي الحنفي الموروي نسبة إلى مورة بلدة بالروم. وقد قام المؤلف في هذا الكتاب بتقرير قواعد الاجتهاد في مسائل الشرع الشريف، وإرساء ضوابط تقليد مذاهب الأئمة المعتبرين في الأخذ بآرائهم في بعض المسائل الفقهية؛ وذلك منعًا للتعصُّب الأعمى للمذهب، وتيسيرًا على العوام من الناس في أمور معاشهم ومعادهم، كما بيَّن الإمام محمد بن عبد العظيم المكي في هذا الكتاب أن الاجتهاد ليس مطلوبًا من كل أحد، بل المطلوب من آحاد المسلمين العوام أن يعرفوا ما هو معلوم من الدين بالضرورة فقط، وليتركوا أمر الاجتهاد لأهله، وذلك البيان والتقعيد صدر من الإمام مساهمة منه في إرجاع الناس إلى الوسطية ومنهج الاعتدال([5]).

ولقد ركز الإمام محمد بن عبد العظيم المكي الحنفي في هذا الكتاب على مسألتين غاية في الأهمية للمفتي والمستفتي على حدٍّ سواء، وهما مسألتا الاجتهاد والتقليد؛ فبيَّن أن المطلوب الحقيقي من العوام هو عبادةُ الله تعالى حقَّ العبادة دون نظرٍ إلى مذهب معين يتمذهب به الشخص العادي، فما دامت عباداته صحيحةً فلا يسأل عن مذهبه بعد ذلك، تلك العبادة التي لا بد أن تتحلى بالإيمان بضروريات الدين، ثم بيَّن أنَّ أصحابَ المذاهب الفقهية هم أهلُ الذكر على الحقيقة، وقد أبان في كتابه هذا عظيم شأنهم، وجلالة قدرهم.

ثم انتقل المؤلف لبيان ضرورة أن يقلد أصحاب المذاهب بعضهم بعضًا في الأحكام التي تخالف مذهب أحدهم وعدم التعصُّب لآرائهم، الأمر الذي يشقُّ معه قيام المكلف بما كلفه الله تعالى به، كما بيَّن أن التعصُّب للمذهب ليس من الدين، وساق الدلائل القوية من عمل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين على صحة ما ذهب إليه، وقد ذهب الإمام الحنفي إلى القول بجواز التلفيق في التقليد؛ من باب التيسير على المفتي والمستفتي.

ويعتبر كتاب “القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد” من أهم كتب مبادئ الإفتاء التي ناقشت جانبًا مهمًّا من جوانبِ العملية الإفتائية، وهو ما يتعلَّق بجانب تكييف المسألة المعروضة على المتصدر للفتوى، الأمر الذي يلجئه إلى رد المسألة إلى أصل فقهي ظاهر في مذهبه أو البحث عن حكم لها في غير مذهبه أو الاجتهاد في استنباط حكمها من الأدلة الشرعية.

والكتاب يقعد لمسألة تعاني منها الأمة الإسلامية في واقعها المعاصر، وهي مسألة التعصُّب المذهبي التي تمثل شذوذًا خطيرًا في الفتاوى يستدعي المواجهة وإعادة التأهيل، كما أنه يفرق بين المقلد والمجتهد في التلقي والعمل، ويُبين حدود المقلد وما يجوز له وما لا يجوز، وكيفية وضوابط عملية التقليد، ووجوب خلوها عن التعصب والتحجر.

كما أنَّ الكتاب فيه الكثير من النصوص عن الأئمَّة الأعلام مقتبسة من كتبهم، وخاصة كتب المذهب الحنفي، مما يعطي الكتاب أهمية وقيمة علمية.

  • صلاح العالَم بإفتاء العالِم:

لحامد بن علي بن إبراهيم بن عبد الرحيم بن عماد الدين بن محب الدين الحنفي الدمشقي المعروف كأسلافه بالعمادي مفتي الحنفية بدمشق وابن مفتيها.

وكتاب “صلاح العالَم بإفتاء العالِم” نبَّه فيه الإمام العمادي على ضرورة تأهيل المتصدر للفتوى حتى يكون أهلًا لها، كما نبَّه على عدم جواز تصدي غير المؤهلين للإفتاء، ثم جمع في هذا الكتاب نصوصًا من فتاوى العلماء السابقين في تعظيم شأن الفتوى، وزجر من يتجرأ على الفُتيا من العوام.

ويعتبر ذلك الكتاب من الرسائل الخاصة والموجهة لطائفة معينة من الناس للجواب عن استفتائهم في رجل يعارض مفتي قريتهم في إجاباته على السائلين والمستفتين بحجة علمه ودقة فهمه، الأمر الذي سوَّل له أن يصارع الأكابر مع وضوح جهله وبيان غيِّه.

فالكتاب من الأسفار قليلة الحجم كثيرة العلم والفهم، وقد ذكر العمادي في بداية الكتاب أنَّ كتابه رسالة في هذا الشأن لمن سأل عنه، ثم بدأ بالتنبيه على جلال قدر الإفتاء، ووجوب حذر غير المتخصصين من التطلُّع إليه بغير علم.

ثم ساق المؤلف مجموعةً من إجابات المفتين السابقين -مثل الشيخ أحمد الشُّوَيْكي، وابن المنقار- في مثل ما عُرض عليه من استفتاء، مقتصرًا على ذلك حتى لا يطول به الجواب فيُثقِل على من استفتاه في هذه المسألة، وكان ذلك واضحًا حين ذكر الإمام العمادي في بداية هذا الكتاب نبذة سريعة عن كتابه السابق لهذا المؤلَّف، الذي أسماه “أدب المفتي”، وذكر أنه قسمه إلى خمسة وثلاثين بابًا، وقد جمع فيه كثيرًا من مسائل الفتوى والإفتاء.

ولعله أراد بذكر كتابه هذا أن يحيل عليه القارئ، منعًا للتكرار؛ فإنه إذا أطال الجواب في هذه المسألة يكون قد كرر موضوع كتابه السابق في كتابه الحالي، فرأى أن يقتصر هنا على الجواب الخاص، ومن أراد الاستزادة فعليه بما سبق أن ألفه في نفس هذا الباب([6]).

ويعتبر كتاب “صلاح العالَم بإفتاء العالِم” للعمادي من نوع كتب الفتاوى التراثية التي عالجت مسألة فوضى الفتوى من جهة من يدخل في هذا المجال ممن ليس من أهله فيحدث بلبلة وتضاربًا بين الناس، ويفسد المجتمعات بآرائه الفاسدة، والمصنف قد عانى من أمثال هؤلاء المتسلقين، فكتب رسالته هذه ردًّا لجهله وإيقاظًا لعقله.

ومن محاسن تلك الرسالة أنها حفظت لنا فتاوى عدد من أهل العلم في تعزير من هذا حاله، وبيان أنه بالرد والطرد قمين.

ومما يلفت النظر في هذه الرسالة أن العمادي استخدم مصطلح “متسلقي الفتوى”، وهو مصطلح جديد في ساحة الإفتاء، ولعله أول من استخدم هذا المصطلح فيما نعلم.

  • عقود رسم المفتي وشرحها:

لمحمد أمين بن عمر بن عبد العزيز الدمشقي الشهير بابن عابدين، إمام الحنفية في عصره. وهي منظومة وضعها ابن عابدين لبيان قواعد الفتوى على مذهب الإمام أبي حنيفة، وبيَّن مصطلحات الحنفية والمعتمد الذي عليه الفتوى، وأهم القواعد والضوابط للفتوى([7]).

والكتاب عبارة عن نظم ابتدأ بمقدمة كالمعتاد، ثم شروع في مقصود النظم وموضوعه في أصول وقواعد الفتوى على مذهب الحنفية في (72) بيتًا.

ويُقطع بصحَّة نسبة المنظومة لابن عابدين لأسباب عديدة، منها: أن ابن عابدين قد نسبها لنفسه في مقدمة المنظومة؛ حيث صرح بذكر اسمه بقوله: “وبعد: فالعبد الفقير المذنب محمد بن عابدين يطلب…” وهذه أقوى الطرق في صحة نسبة الكتاب لمؤلفه.

ونسبها أيضًا ابن عابدين لنفسه في مواضعَ عديدةٍ من كتبه الأخرى، ثم نسبها لابن عابدين عامَّة من ترجم له، والاسم الحرفي الكامل للمنظومة هو “عقود رسم المفتي” هكذا سماها به ابن عابدين في مقدمة النظم؛ حيث قال: “سميته عقود رسم المفتي”، لكنَّ الأكثرَ شيوعًا هو ذكر الاسم بالمعنى والوصف، وهو “منظومة رسم المفتي”، وقد ذكرها أيضًا ابن عابدين بهذا الاسم في بعض كتبه في أكثرَ من موضع([8]).

وتعدُّ منظومة ابن عابدين المنظومةَ الوحيدة في علم رسم المفتي عند الحنفية، وهي من أوسع ما جمع من مسائل وقواعد علم الإفتاء، بحيث تعتبر من أعمدة المدونات المعنية بعلوم الإفتاء والمعتمد عليها في هذا الشأن، وخاصة في طريق الإفتاء عند الحنفية.

واهتم ابن عابدين رحمه الله في شرح منظومته السابقة بالنقل من مصادر الحنفية مع العزو والتدقيق والتحرير، بل وقد نقل أيضًا من غير مصادر الحنفية من باقي المذاهب الفقهية، وخاصة هؤلاء العلماء الذين تكلموا في المباحث الإفتائية في كتب أصول الفقه كالقرافي من المالكية، والكتب التي عُنيت ببحث آداب الإفتاء والمفتين؛ ككتاب الشيخ ابن الصلاح رحمه الله، مما أعطى لشرحه ثراء وتوثيقًا.

واهتم أيضًا ببيان أصول المذهب الحنفي، وطبقات مسائل الحنفية، وأهم كتب المذهب المعتبرة، وما يعتمد عليه في الفتوى، مع التنبيه على بعض أخطاء المتأخرين في نقل معتمد المذهب، وخطورة تصدي الصحفي -الذي يعتمد فقط على الكتب- للإفتاء، وكل ذلك مع ضرب الأمثلة الواضحة المبينة.

  • ذخر المحتي من آداب المفتي:

لأبي الطيب صديق حسن بن علي بن لطف الله الحسيني البخاري القنوجي، نزيل بهوبال بالهند، من ذرية الإمام زين العابدين علي بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وقد جمع فيه مؤلفه العلامة صديق حسن خان من آداب الفتوى والمفتي والمستفتي، قال رحمه الله في مقدمته: “فجمعت في هذا السفر من آداب الفتيا وشأن التقليد ما نطق به أئمَّة هذا الشأن، وأثبتوه في كتبهم بأبلغ برهان وأشفى بيان، لا سيما ما حققه الواحد المتكلم الحافظ محمد بن أبي بكر القيم في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين من فوائد هذا الباب، وشواهد هذا الإياب والذهاب، فاستفدت منه فوائدَ أثيرة، وزدت عليه فرائدَ يسيرة”([9]).

وقد بدأ المؤلف كتابه بمقدمة تحدَّث فيها عن أنواع التلقي، وتاريخ الإفتاء، والآداب الواجب توافرها فيمن يصلح لمرتبة التبليغ بالرواية والفتيا، وآداب السلف في الفتوى، والتحذير من القول فيها بغير علم، والكلام عن الرأي والقياس والإجماع، وعن الاجتهاد والتقليد وأنواعه.

ثم تطرَّق للكلام على تغيُّر الفتوى بتغيُّر الأزمنة والأمكنة، واعتبارها للمصالح، ومنهج اختيار المفتي للأقوال الفقهية.

ثم قسَّم المؤلف كتابه على عدة فوائد “لا مندوحة للمفتي عن الاطلاع عليها والعمل بها” مقتبسة من كتاب “إعلام الموقعين” لابن القيم، وعددها مائة فائدة وعشرة، أورد فيها فوائدَ عن آداب الفتوى وطريقة الإفتاء، ثم عن آداب المستفتي وأحكامه، ثم خصص عدة فوائد في الكلام على التقليد.

وكتاب “ذخر المحتي” للعلامة صديق حسن خان صحيح النسبة إلى مصنفه؛ فقد عزاه لنفسه في كتابه “أبجد العلوم”([10])، وعزاه إليه أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب.

ويُعدُّ هذا الكتاب من أوعب المصنفات في علوم الإفتاء؛ فقد تناول فيه الكثير من المسائل التي أوردها سابقوه وزاد عليها فوائد عدة، وأبحاثًا مهمة؛ كتفصيله الكلام في التقليد والاجتهاد.

وفي مداخل علم الإفتاء عرض القنوجي في كتابه لتاريخ الفتوى والإفتاء بداية من أول من قام بمنصب الفتوى مرورًا بقيام الصحابة بمنصب الفتوى ثم مَن حُفظت عنهم الفتيا، كما نبَّه رحمه الله في كتابه للربط بين الفتوى ومراعاة الحكم والمصالح التي بُنيت عليها الشريعة.

كما دعم كتابه بالنصوص من الكتاب والسنة، والآثار عن الصحابة والتابعين، وأقوال الفقهاء والأصوليين والمحدثين وعلماء اللغة، وكان في خلال ذلك يهتم بعزو الأحاديث إلى مصادر تخريجها مع الحكم عليها في بعض الأحيان بما يزيد الكتاب قوةً وتوثيقًا وثراءً.

  • أجلى الأعلام أن الفتوى مطلقًا على قول الإمام:

لأحمد رضا بن نقي علي بن رضا علي الأفغاني الحنفي البريلوي المشهور بعبد المصطفى. وهو عبارة عن رسالة في الفتوى ورسم الإفتاء، معتمدة على مصادر الأصول والفروع الحنفية كـ”البحر الرائق”، و”رد المحتار”، و”مسلم الثبوت”([11]).

وموضوع الرسالة هو الإفتاءُ بقول الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وموقع ذلك من الفتوى المعتمدة عند الحنفية، وتدور الرسالة حول ذلك الموضوع، بذكر طريقة الفتوى اعتمادًا على ذلك الأصل، وتطبيقات إفتائية عليه ومناقشة بعض ما قيل حوله.

وتعتبر رسالة “أجلى الأعلام” من أهم ما كتب في قواعد الفتوى على مذهب الحنفية؛ لكونها من آخر ما كتب، ولاطلاع المصنف على أهم ما كتب في ذلك الموضوع، كما أنَّ المؤلف امتلك حسًّا نقديًّا، فحاكم بعض المسائل المتقدمة عليه تحريرًا واعتراضًا، مما جعل الكتاب وافيًا تمامًا في موضوعه.

وقد تعرَّض المصنف رحمه الله في ثنايا رسالته لبعض المباحث الأصولية التي تخدم موضوع الرسالة، مما زاد من قيمتها العلمية.

وقد اهتم أيضًا بذكر الأدلة من الكتاب والسنة في المواضع التي تحتاج إلى ذلك، مع عزو الأحاديث إلى مصادرها، وكذلك عزو أقوال المذهب الحنفي إلى مصادرها، مما يزيد تلك الرسالة قوةً وتوثيقًا، ويعين الباحث الذي يريد زيادة الاستفادة بالرجوع إلى المصادر.

  • فتاوى النوازل:

لأبي الليث إمام الهدى نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي. وقد جمع فيه المؤلف كثيرًا من المسائل والأحكام الشرعية النافعة للمتصدرين للفتوى على المذهب الحنفي مرتبةً على الأبواب الفقهية، وقد ألفه الإمام السمرقندي نزولًا على رغبة من سألوه وضعَ كتاب فقهي جامع لما يُحتاج إليه في الحوادث، جامعًا للأحكام على المذهب([12]).

قدَّم المؤلف لكتابه بكلمة مقتضبة عن موضوعه وهدفه وسبب تأليفه للكتاب، ثم أتبع ذلك أربعين كتابًا شاملةً للأحكام الفقهية مرتبةً على الترتيب المعتاد في كتب الفقه الإسلامي؛ ابتدأ تلك الكتب بالحديث عن أحكام العبادات من الطهارة، ثم الصلاة، ثم الزكاة، فالصوم، فالحج، ثم أردف ذلك بالحديث عن أحكام النكاح، والطلاق، والعتق، والأيمان، ثم الحديث عن أحكام التجارات والشركات وغيرها الكثير من المعاملات الإسلامية، ثم انتقل الإمام السمرقندي في هذا الكتاب إلى الحديث عن آداب وشروط القضاء والقضاة، وأنه لا يجوز لغير المتخصص أن يخوض غمار القضاء والإفتاء، وعليه حينئذ أن يتوجه إلى تقليد أحد المذاهب المعتبرة، صيانةً لحقوق العباد وإخلاء العالم من الفساد.

ويتميَّز كتاب “فتاوى النوازل” للسمرقندي بأنه منسوبٌ لأحد أئمَّة السادة الحنفية في القرن الرابع الهجري، ويوثق منهج الإفتاء والتأليف في هذا العصر، الأمر الذي يفيد المتصدرين للفتوى في دراسة حالات الإفتاء والمفتين في فترة زمنية متقدمة قريبة من عهد الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، كما أنَّ الكتاب تميَّز في مقدمة تحقيقه بوضع المصطلحات الفقهية المعتمدة في المذهب الحنفي؛ ليفيد منها الدارسون والمفتون.

وقد دعم الإمام أبو الليث كتابَه بالأدلة من القرآن الكريم والأحاديث والآثار في المسائل التي تحتاج إلى ذلك، واهتم -بجانب تدقيقه لمسائل كتابه وترجيح ما يراه صوابًا- بذكر أقوال أئمة المذهب الحنفي، ثم أقوال أئمة باقي المذاهب ما اتفق منها وما اختلف، وبخاصة الشافعي ومالك، مما يعطي الكتاب قوةً ومرجعيةً، وقد اهتم في مقدمة كل كتاب فقهي غالبًا -وقبل ذكر مسائله- بذكر تمهيد بسيط يتصدره التعريف والحكم الفقهي.

وهو كتاب صحيح النسبة لمؤلفه؛ فقد ذكر اسمه في مقدمته فقال: “وسميته فتاوى النوازل”([13])، وكذا نسبه إليه أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب.

  • النتف في الفتاوى:

لأبي الحسن علي بن الحسين بن محمد السغدي الحنفي. وقد مهَّد فيه المؤلف لصياغة القواعد الفقهية بطريقة عصرية؛ بحيث يقدم للمفتين مجموعة عملية يرجعون إليها في الإفتاء تضمُّ حصيلةً من تراث الفقه الإسلامي([14]).

ويشتمل الكتاب على مسائلَ في الأبواب والفصول الفقهية المعروفة، بالإضافة إلى مجموعة من الفتاوى والأقوال والآراء للإمامين: أبي حنيفة والشافعي، وغيرهما، وبدأ المؤلَّف بكتاب المياه، ثم كتاب الطهارة، ثم كتاب التيمم، ثم كتاب الصلاة إلى أن اختتم بكتاب السبق، ثم ألحقَ بالكتاب مجموعة من القواعد الفقهية المنسوبة للإمام السغدي.

ويتميز كتاب “النتف في الفتاوى” بالروح الإحصائية في تقعيده للقواعد؛ حيث جمع السغدي القواعد الشاردة من مختلف أبوابها، فهو يحرص على أن يحصيَ كلَّ احتمالٍ ممكنٍ فيما قعده من القواعد، فنجده فصَّل كثيرًا في تقسيماته، وعرض وجوه كل مسألة مع ربط حديثه بالواقع المعيش أحيانًا كثيرة، فكان كتابه جامعًا بين المنطقية والواقعية، ولا يميل الكتاب إلى الشرح والتعليل، بل يقتصر على تقعيد القواعد العامة والتفصيلية بأسلوب موجز متوخيًا بذلك تيسير مهمة القضاء والإفتاء والتدريس.

كما أن السغدي يعزو مختلف الأقاويل إلى المذاهب وكبار العلماء المجتهدين سواء في عصره أو عصر الصحابة والتابعين.

كما أن الكتاب تميَّز بسرد القواعدِ الفقهية مجردةً عن التنظير والأخذ والرد وإيراد المناقشات عليها، وهي ميزة من شأنها أن تجعلَ هذا المصنف مرجعًا لطيفًا من مراجع فكرة تقنين الفقه الإسلامي، كما يتميَّز الكتاب بجمعه بين آراء المذاهب الفقهية السنية وغير السنية بعناية ودقة مع الإيجاز والوضوح وبكل حيادية، فكان علامة على نبذ التعصُّب المذهبي وكذلك نبْذ الانتصار للرأي الشخصي.

  • الواقعات الحسامية:

لحسام الدين أبي محمد([15]) عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مازه البخاري برهان الأئمة المعروف بالصدر الشهيد، شيخ الحنفية في زمانه.

وقد جمع فيه المؤلف المسائل الفقهية المتعلقة بالعبادات والمعاملات، مرتبة على أبواب الفقه المعروفة، معتمدًا في ذلك الجمع على مصادر الفقه الحنفي المتقدمة كالمبسوط والزيادات وشرح الجامع الصغير والأمالي وغيرها([16]).

ويقوم منهج المؤلف على إيراد المسائل الفقهية بطريقة افتراض المسائل التي تقع للإنسان، سواء مع ذاته في مجال العبادات، أو مع غيره في مجال المعاملات، فيبدأ غالب مسائله بقوله: رجل فعل كذا… أو امرأة فعلت كذا… أو حصل له أو لها كذا… ثم يشرع في الإجابة.

ويشتمل الكتاب على مجموعة من أحكام الفقه على المذهب الحنفي التي سبق بها الإمام ابن مازه قدماء الفقهاء، ورتب الكتاب على الأبواب الفقهية المعروفة، وقد قسم الكتب الفقهية إلى خمسة أبواب بيَّنها في مقدمة الكتاب المخطوط، وكان يشيرُ لها بقوله في كل كتاب: باب (كذا). وأشار بعلامة النون إلى “نوازل أبي الليث”، ثم بعلامة العين إلى “مسائل العيون”، ثم بعلامة الواو إلى “واقعات الناطفي”، ثم بعلامة الباء إشارة إلى الشيخ أبي بكر محمد بن الفضل، ثم بعلامة السين إشارة إلى “فتاوى سمرقند”([17]).

وتلك الواقعات انتخاب وترتيب لكتاب “الفتاوى الكبرى” للمؤلف، ثم هذبت هذه الواقعات وزيد عليها ما يجانسها على مر العصور؛ مستفيدًا في ذلك من “النوازل” لأبي الليث، و”الواقعات” للناطفي، و”فتاوى أبي بكر بن الفضل”، و”فتاوى أهل سمرقند”.

ويُعدُّ كتاب “الواقعات” لابن مازه من أهم كتب النوازل في فقه السادة الحنفية، التي تميزت بالاختصار وسهولة التناول، وهو كتاب صحيح النسبة لمصنفه بداية من وجود اسم المصنف واضحًا على نسخ الكتاب الخطية، ثم عزو أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب ذلك الكتاب لمصنفه ابن مازه كحاجي خليفة في كشف الظنون([18])، والزركلي في الأعلام([19]).

وقد اهتم به كبار علماء المذهب الحنفي؛ مثل الإمام محمد بن محمد الكاشغري الذي ينسب له كتاب “تهذيب الواقعات”، وقام الإمام محمود بن أحمد بن عبد العزيز البخاري صاحب “المحيط البرهاني” بترتيب “الواقعات” لابن مازه، وزاد عليه ما يجانسه ويوافقه، ورتبه أيضًا الشيخ نجم الدين الخاصي، ثم قام ظهير الدين أبو المكارم الحنفي بضم طائفة أخرى من الواقعات إلى واقعات ابن مازه وسماها “الفتاوى الظهيرية”، وقال في مقدمتها: إن الشيخ الإمام حسام الدين الشهيد كان أشدَّ الناس اهتمامًا بتحرير علم الأحكام، فقصر مسافة الطالبين إلى علم الدين بما لخص من حقائقه لا سيما كتاب “الجامع لنوازل الأحكام”.

ولقد نالت تلك “الواقعات” كثيرًا من الاهتمام، وهو الأمر الواضح من كثرة نقل العلماء عنه.

  • الفتاوى الولوالجية:

لظهير الدين أبي الفتح عبد الرشيد بن أبي حنيفة بن عبد الرزاق بن عبد الله الولوالجي، من أهل ولوالج؛ بلدة من طخارستان بلخ. جمع فيه المؤلف الفتاوى التي وصلت إليه من العلماء كالصدر الشهيد، والفقيه أبي الليث وأبي جعفر الهنداوي، وآخرين، ثم قام بالإضافة عليها كثيرًا حتى أحاط بمادة الفقه الإسلامي إحاطةً شاملةً في جميع أبوابه([20]).

وقد قدَّم المؤلف لكتابه بكلمة مقتضبة عن موضوع الكتاب والباعث على تأليفه، وأنه قد فصَّل ما أورده الشيخ حسام الدين الصدر الشهيد في كتابه “الجامع لنوازل الأحكام التي تعمُّ به بلوى الأنام” وضمَّ إليه ما اتفق سواه من الواقعات المهمة القريبة، وضم إليه ما اشتملت عليه كتب الإمام محمد بن الحسن رحمه الله تعالى مما لا بد من معرفته لأهل الفتوى من قضايا الدين وأحكام الهدى؛ ليكون كتابًا جامعًا لأصول الفقه وقواعده([21]).

ثم أورد بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالعبادات: كالطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن أحكام النكاح، والطلاق، والعتق، والأيمان، ثم الحديث عن أحكام التجارات والشركات وغيرها الكثير من المعاملات الإسلامية.

ويتميَّز كتاب “الفتاوى الولوالجية” بأنه ضمَّ ما اشتملت عليه كتب الإمام محمد بن الحسن الشيباني، التي تعدُّ المرجع الأول لفقه الإمام أبي حنيفة، وكذلك أدب القضاء للطحاوي والمبسوط للسرخسي والكافي للحاكم الشهيد، وغيرها، ويعدُّ من الكتب المهمَّة التي قدمت للأمة الإسلامية مجموعةً من فتاوى الأئمة السابقين التي يندر وجودها، وهي فتاوى “الجامع لنوازل الأحكام التي تعم به بلوى الأنام” للإمام الصدر الشهيد عمر بن عبد العزيز بن مازه الشهير بالحسام الشهيد المتوفى سنة (536هـ)؛ حيث نص الإمام الولوالجي على ذلك، فقام ببيان مبهمها، وتفصيل مجملها، بما سهل على الحفاظ والمفتين جمعها ودراستها وفهمها.

وقد ظهرت قوةُ المصنف العقليةُ وسعة علمه في سرده المسائل، وبيانه الأوجه التي يمكن أن توجد في المسألة، فقد راح يرجح بين الأوجه، ويبين أقوال الأئمة الأصحاب ملزمًا نفسه بالتدليل لكل قول راجح على غيره، ومبينًا ضعف قول المخالف، وحاول أن يكون منهجه الدليل من القرآن أو السنة أو الإجماع، لكن متى لم يعثر عليه كان الطريق الثاني له القياس والاستحسان حتى يضع سندًا قويًّا متينًا يبين به صحة المسألة المفتى بها.

كما ضم الكتاب واقعاتٍ مهمةً يندُرُ وقوعُها، وضمَّ أيضًا من تراث الإمام محمد بن الحسن ما لا بدَّ من معرفته لأهل الفتوى من قضايا الدين وأحكام الهدى؛ فكان كتابًا جامعًا لأصول الفقه وقواعده وشوارده، ينال منه المستفيدُ مُنيتَه، ويُدرك به الـمُفيد بُغيته، ويستريح من مطالعة الكتب الحاوية.

وقد اختُلف في نسبة الكتاب: هل هي لأبي الفتح عبد الرشيد الولوالجي (المتوفى 540هـ)، أو لأبي المكارم إسحاق بن أبي بكر الحنفي الولوالجي (المتوفى 710هـ)؟ فقد نسبه صاحب كشف الظنون للثاني([22])، غير أن اللكنوي في الفوائد البهية قال: “فيه خطأ ظاهر من وجوه عديدة” ورجح أنه لصاحبنا الأول([23]). أما الزركلي فقد ذكر في أعلامه الكتاب في ترجمة كلا الرجلين([24])!! والحقيقة أن الكتاب صحيح النسبة لعبد الرشيد الولوالجي؛ لأن مصنف كتاب “الفتاوى الولوالجية” قد صرح في ثنايا كتابه بسماعه من الصدر الشهيد (المتوفى سنة 536هـ)؛ فيستحيل أن تكون وفاة ذلك المصرح في القرن الثامن الهجري، ناهيك عن كون الصدر الشهيد مذكورًا في مشيخة عبد الرشيد الولوالجي.

  • الفتاوى الخانية:

لفخر الدين أبي المحاسن حسن بن منصور بن محمود البخاري قاضيخان الحنفي الأوزجندي الفرغاني.

كتاب “الفتاوى الخانية”، أو “فتاوى قاضيخان” في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان جمع فيه المؤلف جملة من المسائل التي يغلب وقوعها، وتمس الحاجة إليها([25]).

ويشتمل كتاب “فتاوى قاضيخان” على كثير من الفتاوى الفقهية في وقائعَ متنوعة، وقد رتَّبها الإمام على ترتيب الكتب الفقهية المعروفة بين العلماء فرعًا وأصلًا؛ فبدأ كتابه بكلمة تمهيدية تحدث فيها عن منهج الإفتاء، وصفة المجتهد بإيجاز شديد، ثم انطلق في سرْدِ المسائلِ الفقهية والفتوى فيها بدايةً من الطهارة، والصلاة، والزكاة، والحج، ثم ذكر بعد ذلك سائر أنواع البيوع.

ويُعدُّ كتاب “فتاوى قاضيخان” من أصح الكتب التي يُعتَمد عليها في الإفتاء والعمل في مذهب السادة الحنفية، وما يميزه أنَّ الإمام اقتصر فيه على قول أو قولين فيما كَثُرَت فيه الأقاويل من المتأخرين، وقَدَّم ما هو الأظهر، وافتتح بما هو الأشهر، كما قال في خطبته، ووضع له فِهرسًا مفصلًا، فهو كتاب معتمد ومشهور ومقبول ومتداول عند العلماء والفقهاء كافة، وكان ما ذكر فيه من فتاوى نصب عين من تصدر للقضاء والإفتاء على حد سواء.

وهو كتاب صحيح النسبة إلى مصنفه؛ حيث نسبه له أصحابُ كتب التراجم وفهارس الكتب؛ كصاحب الجواهر المضية، وصاحب كشف الظنون([26]).

وقد رتبه الإمام قاضيخان ترتيبًا حسنًا، فقسمه إلى كتب وأبواب وفصول ومطالب، مما يُعِينُ الباحثَ على الوصول لبغيته بأقل جهد.

  • الفتاوى الغياثية:

لداود بن يوسف الخطيب. جمع فيه المؤلف ما اختاره مشاهيرُ المتقدمين، وأفتى به نحاريرُ المتأخرين؛ وذلك بعد أن رأى اختلاف الفقهاء حول مسألة الاستخلاف في المسائل الستة عند أبي حنيفة وصاحبيه، فقام المؤلف بجمع ما صحَّ من الروايات عن أبي حنيفة وصاحبَيْه وغيرهم، وما أفتوا به من الواقعات من كل كتاب؛ وذلك ليسهل الأمر على المفتين حال الإفتاء.

وقد جمع المؤلف تلك الفتاوى من عدَّة مصادرَ في الفقه الحنفي؛ منها: المنتقى، والذخيرة، والمنتهى، والشامل، والزيادات، وجامع الفتاوى والأجناس، ونظم الأشرف الزندويستي، وفتاوى الشيخ الكشي، وفتاوى أهل سمرقند، وفتاوى الشيخ الصاعدي، ومجموع البقالي الخوارزمي، وفتاوى الشيخ أبي بكر محمد بن الفضل البخاري، وواقعات الصدر الشهيد حسام الدين، والعيون والنوازل، وفوائد نجم الدين النسفي، وجامع الأصول، وغيرها([27]).

ورغبةً في عدم الإطالة فقد رمز المصنف لهذه الكتب برموز تدلُّ على الكتاب بإيجاز؛ فقال: “فالمنقول من المنتقى معلم بالميم، والمأخوذ من المجرد موسوم بالجيم، وما أثبته من البقالي أعلمته بالباء، وما أخذته من الجامع الحسامي سميته بالحاء، وما أوردته من فتاوى الكشي ذكرته بالكاف…”.

ويشتمل كتاب “الفتاوى الغياثية” على مسائلَ متنوعة، مرتبةٍ على ترتيب الأبواب الفقهية، ابتدأها المؤلف بكتاب الطهارة، وذكر فيها أحكامًا عدة، ثم ذكر كتاب الصلاة، ثم الزكاة، فالصوم، ثم تحدَّث عن أنواع المعاملات، واختتم كتابه بالحديث عن مسائلَ في كتاب الوصايا.

ويعتبر كتاب “الفتاوى الغياثية” نموذجًا تطبيقيًّا واضحًا على مسألة التوثيق في الفتوى، واتصال سند السادة المفتين بعضهم ببعض، وذلك واضح من خلال تصريح المؤلف بأنه ضم في كتابه ما اختاره مشاهير المتقدمين ليستفيد منه نحارير المتأخرين حال فتواهم.

كما أن الكتاب يعتبر رافدًا مهمًّا لكلٍّ من المفتي والمستفتي على حد سواء؛ فيعرف المتصدر للفتوى من خلاله ما أجمع عليه أتباع المذهب الحنفي من الأحكام والفتاوى في بعض المسائل، كما أنه من الكتب التي اعتمدت طريقة الإيجاز في عرض الاستفتاء والجواب عليه، ويتميَّز الكتاب بأنه جمع بين ما كانت عليه الفتوى في المذهب الحنفي قديمًا وما هي عليه حديثًا، وكذلك ما عدل عنه علماء الحنفية من الأحكام الشرعية من أقوال السلف إلى أقوال الخلف لعموم البلوى به.

والكتاب صحيح النسبة لمصنفه؛ فقد صرَّح رحمه الله باسمه واسم كتابه في مقدمته؛ فقال: “قال العبد الراجي رحمة ربه المجيب داود بن يوسف الخطيب… سميت كتابي هذا الفتاوى الغياثية ليشتهر الكتاب اشتهارًا”([28]). وقد نسبه له أيضًا صاحب إيضاح المكنون.

  • المختار للفتوى:

لمجد الدين أبي الفضل عبد الله بن محمود بن مودود بن محمود الموصلي الحنفي. جمع فيه المؤلف زبدة المذهب الحنفي وثمرته في أبواب الفقه كلها، بدون ذكرٍ للدليل، مقتصرًا فيه على مذهب أبي حنيفة، معتمدًا فيه على فتاويه، دون أقوال أصحاب الإمام، إلا في خمس عشرة مسألة؛ حيث اعتمد فيها قول غيره من أصحابه([29]).

ويغطي كتاب “المختار للفتوى على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه” أبواب الفقه كلها؛ حيث قسمه المؤلف إلى ثمانية وخمسين كتابًا يغطي كل منها جانبًا محددًا من جوانب الفقه الإسلامي؛ فبدأ كتابه بالحديث عن كتاب الطهارة، ثم ناقش فيه مجموعة من المسائل، بما في ذلك الصلح والمواثيق والصيد، وانتهى بـكتاب الفرائض.

وقد جعل المصنف رحمه الله لكل اسم من أسماء الفقهاء حرفًا يدلُّ عليه من حروف الهجاء طلبًا للإيجاز والاختصار، وهي: لأبي يوسف (س)، ولمحمد (م)، ولهما (سم)، ولزفر (ز)، وللشافعي (ف).

وننبه هنا على أن هذا الكتاب يُعدُّ أحد كتب الفقه الحنفي، بل أحد معتمداتها كما سيأتي، ولا يُعدُّ من حيث موضوعه مصنفًا في كتب الفتاوى، وإنما أدخلناه هنا لوجود لفظة “الفتوى” في اسمه مع اختصاصه بالفقه.

ولكتاب “المختار للفتوى” مكانةٌ عظمى عند السادة الحنفية، وحظوةٌ كبرى في مذهبهم؛ فهو أحد المتون الأربعة المعوَّل عليها عندهم، والموثوق بها، لا يُذكر فيها إلا القول الراجح الصحيح، مع التحقيق والتدقيق، وهي: “الوقاية، ومجمع البحرين، والمختار، وكنز الدقائق”.

وهو متداول جدًّا في العالم بين أيدي الفقهاء وطلابهم، وفي حلقهم الخاصة والعامة، بل هو -مع شرحه المسمى الاختيار في تعليل المختار- من المقررات الدراسية على طلاب الأزهر، قال ابن مودود رحمه الله في مقدمة كتابه “الاختيار”: “كنت جمعت في عنفوان شبابي مختصرًا في الفقه لبعض المبتدئين من أصحابي، وسميته بالمختار للفتوى، اخترت فيه قول الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، إذ كان هو الأول والأولى، فلما تداولته أيدي العلماء واشتغل به بعض الفقهاء طلبوا مني أن أشرحه شرحًا أشير فيه إلى علل مسائله ومعانيها”([30]).

والكتاب صحيح النسبة لابن مودود الموصلي رحمه الله؛ فقد نسبه إليه أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب؛ كصاحب الجواهر المضية، وصاحب كشف الظنون([31]).

  • الفتاوى التاتارخانية:

لعالم بن العلاء الأندريتي الدلهوي الهندي الحنفي. أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، وقد جمعه الإمام عالم بن العلاء رحمه الله من أكثر من ثلاثين كتابًا من المصادر العريقة في الفقه الحنفي؛ منها “المحيط البرهاني”، و”ذخيرة الفتاوى” كلاهما لابن مازه الحنفي، و”الفتاوى الخانية” لقاضي خان، و”الظهيرية” لظهير الدين القاضي، و”الخلاصة في الفتاوى” للرشيدي البخاري، و”جامع الفتاوى” للسمرقندي، و”التجريد” للقدوري، و”التفريد” لابن شجاع الثلجي، و”النوازل” للفقيه أبي الليث، و”الهداية” للمرغيناني، و”الفتاوى الغياثية” لداود بن يوسف الخطيب، و”الفتاوى السراجية” لسراج الدين الأوشي، و”الفتاوى النسفية” لنجم الدين النسفي، و”واقعات الناطفي”، وغيرها. وسماه “الفتاوى التاتارخانية” نسبة إلى تاتار خان، وهو من كبار الأمراء والوزراء في الهند الإسلامية في القرن الثامن الهجري، وتحديدًا في العام (707هـ)([32]).

قال صاحب كشف الظنون: “وهو كتاب عظيم، جمع فيه مسائل: (المحيط البرهاني)، و(الذخيرة)، و(الخانية)، و(الظهيرية)، وجعل الميم علامة (للمحيط)، وذكر اسم الباقي، وقدم بابًا في ذكر العلم، ثم رتب على أبواب (الهداية).

وذكر أنه أشار إلى جمعه الخان الأعظم تاتار خان، ولم يسم، ولذلك اشتهر به، وقيل: إنه سماه: (زاد المسافر)، ثم إن الإمام إبراهيم بن محمد الحلبي (المتوفى سنة ست وخمسين وتسعمائة 956هـ) لخصه في مجلد، وانتخب منه ما هو غريب، أو كثير الوقوع، وليس في الكتب المتداولة، والتزم بتصريح أسامي الكتب”([33]).

فكما ذكر صاحب كشف الظنون قد جاء الكتاب مرتبًا على ترتيب أبواب كتاب “الهداية” للمرغيناني، فابتدأ المؤلف بالحديث عن أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، ثم سرد مسائلَ دقيقةً في كل باب منها، مع إيراد ما قد يستنبط مما ذكره من فروع جديدة، ثم انتقل بالحديث عن أحكام النكاح والطلاق وأحكام بعض مسائل المعاملات والعقود، ثم اختتم حديثه بالكلام على باب الأيمان.

وكتاب “الفتاوى التاتارخانية” من أهم كتب الفتاوى والفقه على المذهب الحنفي في بلاد الهند الإسلامية التي دوِّنت بأمر من ملوك التتار، وهو كتاب فريد ضخم، بل موسوعة شاملة لمسائل الفقه الحنفي اشتمل على آلاف من الأصول والفروع المهمة، يلي في الأهمية كتاب “الفتاوى العالمكيرية”، كما أنه جمع كثيرًا من الاقتباسات من الكتب المعتمد عليها في المدرسة الحنفية؛ فهو يعد مرجعًا مهمًّا للمتصدرين للفتوى من حيث إنه قدَّم للقانون الإسلامي، وجمع مقتطفات من المعتمدات في المذهب الحنفي، ومن هنا فقد اعتمد عليه كثير من الفقهاء الذين صنفوا كتب الفتاوى والشروح بعده؛ كما يظهر ذلك من مؤلفاتهم.

وقد سمى مؤلفه رحمه الله ثلاثين كتابًا في مقدمته استقى منها المسائل لكتابه، ومع ذلك فالكتب التي نقل عنها المؤلف فعليًّا تتخطى المائة كتاب.

ولم يكتفِ المؤلف فقط بالموسوعية في ذكر مسائل الفقه الحنفي، بل قد أفاد الباحثين في مجال علوم الإفتاء بأنْ عقد في مقدمة كتابه بابًا بعنوان “في العلم والحث عليه” ووزعه في سبعة فصول:

الفصل الأول: في فضيلة العلم.

الفصل الثاني: في فضل العلم والفقه والعالم والتعلم والتعليم والمتعلم.

الفصل الثالث: في فرض العين والكفاية من العلوم.

الفصل الرابع: في آفة العلم.

الفصل الخامس: في بيان السنة والجماعة.

الفصل السادس: فيمن تحل له الفتوى ومن لا تحل له.

الفصل السابع: في آداب المفتي والمستفتي.

وبعد مقدمة الكتاب التي تحدث فيها عن هذه الأمور المهمة بدأ أصل الكتاب من كتاب الطهارة، وراعى في كتابه لدى سرد المسائل أمورًا، منها: أنه اهتم رحمه الله بنقل المسائل عن كتب الفقه المعتمدة الموثوق بها بالإحالة إلى أساميها تصريحًا، وكان في بعض الأحيان ينقُل مسألة واحدة عن عدد من الكتب، وكان كتاب “المحيط البرهاني” الأساس الذي بنى عليه كتابه من بين الكتب التي نقل عنها المسائل، ولذلك أشار إليه لدى الإحالة عليه بحرف (م) بينما صرح بأسماء الكتب الأخرى التي استقى منها المسائل.

والكتاب لا شكَّ صحيح النسبة لمصنفه رحمه الله، فقد نسبه إليه أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب.

  • المسائل البدرية المنتخبة من الفتاوى الظهيرية:

لبدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين بن يوسف بن محمود العنتابي القاهري الحنفي العيني قاضي القضاة.

وقد سماه بذلك مؤلفه في مقدمته([34])، وقد ذُكر بهذا الاسم أيضًا في كشف الظنون([35]). وقد يُذكر في كتب متأخري الأحناف بلفظ: “مختصر الظهيرية”.

وقد لخص فيه المؤلف كتاب “الفتاوى الظهيرية” وانتخب منها ما يكثر الاحتياج إليه، وحذف منها ما كثر الاطلاع عليه وكثر شرحه وتفصيله في المطولات؛ فقال في مقدمته: “لما نظرت في الفتاوى الظهيرية ألفيتها كتابًا يحتوي على مسائلَ غريبة وأقوالٍ عجيبة يحتاج إليها المستفتي والمفتي في كتابه حين يفتي، مشتملًا على مسائلَ من كتب المتقدمين لا يستغني عنها علماءُ المتأخرين، ورأيتها تستثقل على الناظرين من القوم الغير الماهرين، لخصتها وانتخبت منها ما يكثر الاحتياج إليه، وحذفت ما كثر الاطلاع عليه، استغناءً بما ذُكر في المختصرات، واكتفاءً بما دون في شروحها المطولات”([36]).

ويشتمل كتاب “المسائل البدرية المنتخبة من الفتاوى الظهيرية” على مجموعة من المسائل الفقهية المنتقاة، وابتدأها المحقق من كتاب الغصب، وذكر فيه فتاوى العيني في بعض المسائل كالرد والاسترداد، وفي ضمان النقصان، ثم انتقل إلى الحديث عن باب الوديعة، ثم العارية، ثم كتاب اللقيط واللقطة، وأحكام المفقود، ثم ذكر باب الذبائح، ثم ختم رسالته بباب البيع الفاسد.

وقد راعى العيني فيه ترتيب كتاب “الفتاوى الظهيرية”، فلم يخرج عن الموضوعات التي ذكرها ظهير الدين رحمه الله في أبواب كتابه، وكذلك قسم الكتاب على تقسيم “الفتاوى الظهيرية”، فيذكر الكتب، ثم الفصول، ثم المقطعات، لكنه حذف الأبواب والأقسام التي تندرج تحت الكتب، وراعى في ذلك عبارة الإمام ظهير الدين عند اختصار المسائل، وذكر اجتهاداته وتصحيحاته وصدَّر ذلك بقوله: “قال المصنف”. واهتم بذكر أصحاب الأقوال من الحنفية الذين نص عليهم الإمام ظهير الدين، مع إهمال ذكر الاختلاف مع أئمة باقي المذاهب كمالك والشافعي، وهو مع ذلك قد اختصر مسائل الكتاب فذكرها مجردةً عن الأدلة من القرآن والسنة غالبًا.

ولكتاب “المسائل البدرية المنتخبة من الفتاوى الظهيرية” أهميةٌ كبرى لدى علماء الحنفية، فمؤلف الأصل هو الإمام القاضي المحتسب ظهير الدين محمد بن أحمد البخاري، الذي انتهت إليه رئاسة العلم بعد الستمائة، والمختَصِر هو أحد أبرز أئمة الفقهاء المحققين الحنفيين الذي كان عالمـًا بالفقه والأصول والحديث واللغة وغيرها.

كما أن كتاب “الفتاوى الظهيرية” من كتب الفتاوى المعتمدة عند الأحناف، وقد اختصره العيني في “المسائل البدرية” بطريقة مفيدة قربت الكتاب الأصل إلى الطلاب بحذف ما اطلع عليه في المختصرات وشروحها، وانتخاب ما احتيج إليه، فقد انتقى الإمام العيني من “الفتاوى الظهيرية” ما يُحتاج إليه في الفتيا، فتميزت تلك الفتاوى بالعمق الفقهي، مما ينمي الملكة الفقهية لدى العلماء والفقهاء والمفتين الماهرين، كما اشتملت على مسائلَ من كتب المتقدمين لا يستغني عنها العلماءُ المتأخرون، فكان لكتاب “المسائل البدرية” أثرٌ ظاهرٌ فيمن جاء بعده؛ لما اشتمل عليه من ترجيحات وتصحيحات ونقول مهمة.

والكتاب صحيح النسبة لمصنفه؛ قد صرح بذلك بدر الدين العيني في مقدمة كتابه، فقال: “وبعد فإن المفتقر إلى ربه الغني أبا محمد محمود بن أحمد العيني عامله ربه ووالديه بلطفه الجلي والخفي، يقول: لما نظرت في الفتاوى الظهيرية… لخصتها وانتخبت منها ما يكثر الاحتياج إليه… وسميته المسائل البدرية المنتخبة من الفتاوى الظهيرية”([37]). وصرح أيضًا صاحب كشف الظنون بنسبة الكتاب لمصنفه العيني([38]).

  • الفتاوى الطرسوسية:

لأبي إسحاق نجم الدين إبراهيم بن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المنعم الطرسوسي الدمشقي الحنفي، قاضي قضاة الحنفية بدمشق.

وهو من أعظم الكتب نفعًا وفائدة، جمع فيه المصنف رحمه الله الفتاوى المتعلقة بالمحاكمات والقضاء، ورتبها على ترتيب كتب الفقه.

قال الطرسوسي: “لما رأيت المسائل الواقعات في المحاكمات متفرقة في الكتب ويحصل في الكشف عنها غاية التعب، ورأيت العمل في بعضها على غير القول الصحيح، والتلويح أنسب من التصريح، وربما وقع بعض القضاة في مسائل خارجة عن المذهب بالكلية، والمنصوص فيها على خلاف ما حكم به في القضية؛ استخرت الله في جمع المسائل المشار إليها وترتيبها على ترتيب كتب الفقه”([39]).

ولم يصرح المصنف رحمه الله بذكر عناوين الكتب والأبواب الفقهية، بل اكتفى بذكر المسائل المتعلقة بالقضاء متتالية مرتبة؛ حيث بدأ بمسائل الزكاة، ثم النكاح، ثم الطلاق، ثم العتق، ثم الوقف، ثم مسائل البيوع، ثم الكفالة، ثم القضاء، ثم الوكالة، ثم الدعوى.

وكتاب الفتاوى الطرسوسية كان مؤلفه رحمه الله قد سماه بعدة أسماء؛ حيث قال: “وكنت سميت هذا الكتاب بـ: التنقيح، والتحقيق، والتدقيق، والتنميق” ثم بان له أن يعتمد الاسم الحالي فقال: “ثم رأيت أن أسميه بأنفع الوسائل إلى تحرير المسائل”([40]). وهو الاسم المعتمد في كتب التراجم بجانب اختصاره لـ: “الفتاوى الطرسوسية”.

ويُعدُّ كتاب “الفتاوى الطرسوسية” من أهم كتب الفتاوى التي جمعت مسائل المحاكمات والقضاء على المذهب الحنفي خاصة. ومصنفها رحمه الله هو قاضي قضاة الحنفية في عصره نجم الدين الطرسوسي؛ حيث تظهر فيها دقة المصنف وسعة علمه واطلاعه على مصادر المذهب الحنفي ومعتمد الفتوى فيه.

وقد قام رحمه الله بدعم مسائل الكتاب بالنقول من مصنفات الحنفية، مع الاهتمام بعزو تلك النقول، وذلك مع التحرير والإيضاح والتقرير؛ فقد جعل الابتداء في كل مسألة بعد ترجمتها بعبارات الأصحاب فيها، ثم أتبع الكلام عقيب ذلك بما تحرر واتضح من كشف معنى تلك العبارة وبما يعمل به في المسألة على حسب الوسع والطاقة، مع الاهتمام أيضًا بذكر الخلاف الموجود في باقي المذاهب وخاصة المذهب الشافعي.

وقد اهتم المصنف أيضًا بذكر الأدلة في المسألة من الكتاب والسنة وما أُثر عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وعلماء التابعين مما يثري الكتاب ويزيده قوة وتوثيقًا.

  • جامع الفتاوى:

لقرق أمير الحميدي الرومي الحنفي، فقيه تركي. جمع فيه المؤلف أغلب مسائل الفقه الحنفي، وقد استقى الأمير قرق تلك الفتاوى من أمهات المصنفات في المذهب الحنفي؛ مثل: “المنية” لبديع بن أبي منصور العراقي، و”القنية” و”الغنية” كلاهما لنجم الدين الحنفي، و”تحفة الفقهاء” لعلاء الدين السمرقندي، و”فتاوى قاضي خان”، و”الفتاوى البزازية” لابن بزاز الكردي، و”جامع الفصولين” لابن قاضي سماونة، و”الواقعات” لابن مازه البخاري، و”الإيضاح” لأبي الفضل الكرماني، وغيرها([41]).

ويشتمل الكتاب على أغلب المسائل المعتمدة في المذهب الحنفي مبوبة على الأبواب الفقهية؛ حيث نظم الكتاب على عشرة أبواب في كل منها عشرة فصول، وكل منها مشتمل على عشر مسائل، ثم أفرد المصنف فصلًا خاصًّا في المتفرقات ذكر فيه المسائل التي لم يذكرها، سواء كانت مسائلَ إضافية أم فاتت عليه فاستدركها.

ويبدأ هذا الجزء المحقق من تلك الفتاوى للإمام قرق أمير بالمسائل التي أوردها الإمام في باب الطهارة وحتى باب الصلح وهو نهاية كتاب البيع.

ويُعدُّ كتاب “جامع الفتاوى” للإمام قرق أمير من أهم كتب الفتاوى الحنفية التي تميَّزت بالاختصار وسرْد الكثير من الواقعات والنوازل، فقد أبدع المؤلف رحمه الله في تنظيم المسائل المطروحة وعرضها بأسلوب دقيق ومنسق؛ حيث امتاز بأسلوب رائع من السلاسة والبساطة والوضوح مبتعدًا عن أي نوع من أنواع التعقيد([42]).

وقد اعتمد مؤلفه على جمع أغلب الفتاوى المعتمدة عند الحنفية في المسائل المستفتى عنها، متجاوزًا بذلك الفتاوى الكثيرة التي لم يكن لها وجه فقهي راجح. قال الإمام قرق في مقدمة كتابه: “فإني لما رأيت همم الطالبين معرضة عن المطولات ومائلة إلى المختصرات؛ لكثرة الموانع والواقعات، خصوصًا في هذه الأيام والأوقات، استصفيت المسائل المهمات من الفتاوى المعتبرات”([43]).

كما جاء الكتاب غنيًّا بذكر الكثير من أقوال وآراء العلماء، فقد استعرض آراء العلماء في المذهب في مسائلَ كثيرة، فيذكر رأي إمام المذهب وأصحابه، وبجانب رأي الإمام أبي حنيفة كثيرًا ما يذكر آراء علماء باقي المذاهب وخاصة الإمام مالك والشافعي، مع ذكر الخلاف والرأي الراجح في بعض المسائل.

كما حفل الكتاب بالكثير من ذكر الأدلة الشرعية المعتمدة من الكتاب، والسنة، والآثار ومرويات الصحابة رضي الله عنهم، والإجماع، والقياس، والاستحسان، ولهذا كان الكتاب من أهم كتب المتون التي ألفت في الفقه الحنفي.

والكتاب صحيح النسبة لمصنفه قد نسبه إليه أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب؛ كصاحب كشف الظنون، والزركلي في الأعلام([44]).

  • فتاوى ابن نجيم:

لزين الدين بن نجيم، وهو عبارة عن إعادة ترتيب لفتاوى الإمام ابن نجيم، قام بترتيبها شمس الدين محمد بن عبد الله الشهابي بن قرقماس الحنفي؛ حيث قال في مقدمة الكتاب: “لما كان كتاب الفتاوى المنسوبة إلى أستاذنا شيخ الإسلام، بركة الأنام، قدوة المشايخ العظام، مولانا الشيخ زين الدين ابن نجيم المصري الحنفي -عامله الله بلطفه الخفي- كتابًا مشتملًا على بعض أجوبة يحتاج إليها ويعول في الإفتاء والقضاء عليها، غير أنها يعسر استخراج المسائل منها لعدم ترتيبها، والوقوف على ما فيها من الفوائد بسرعة لعدم تبويبها؛ أردت أن أرتبها على منوال الكتب الفقهية، وأجعلها على أسلوب المعتبرات الشرعية؛ لتكون عونًا لمن ابتلي بمنصب الفتوى، وسلك في فتواه طريق الاستقامة والتقوى، مع تنبيهٍ على فوائدَ يحتاج إليها، وإشارةٍ إلى تصحيح بعض مواضعَ لم يعول في إفتائه عليها”([45]).

ويضمُّ كتاب فتاوى ابن نجيم عددًا كبيرًا من الفتاوى مرتبة على أبواب الفقه، ومقسمة على (38) كتابًا، تبتدئ بكتاب الطهارة، ثم الصلاة، ثم الزكاة… إلى آخره، وتنتهي بكتاب الفرائض، وقبله كتاب يضم مسائلَ شتى.

ويعدُّ كتاب فتاوى الإمام ابن نجيم مرجعًا مهمًّا جدًّا على المستوى المذهبي؛ فالكتاب يُعدُّ جامعًا لمعتمد المذهب الحنفي وما استقرَّ عليه المذهب عند المتأخرين، لا سيما وأن مؤلفه أحد محرري المذهب، فضلًا عن طريقة الجواب للإمام ابن نجيم، والتي اتسمت بالاختصار فقللت من تشعُّبه وفروعه، وجعلت مادته مركزة بشكل كبير، وجعلته مفيدًا لأقصى حد على الجانب الإفتائي المتعلق بالمذهب.

ولا شكَّ أن الكتاب صحيح النسبة للإمام ابن نجيم؛ فقد نسبه له في مقدمته الإمام شمس الدين الشهابي الذي أعاد ترتيبه وتبويبه كما تقدم، وكذا نسبه له أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب.

  • بذل المجهود في تحرير أسئلة تغير النقود:

رسالة بحث فيها الإمام التمرتاشي الأحكام المتعلقة بالنقود الاصطلاحية، وهي المتخذة من المعادن الخسيسة: كالنحاس والحديد وغير ذلك، واصطلح الناس على التعامل بها لتكون أثمانًا، قال التمرتاشي في بداية رسالته: “إنه لما كثر الاستفتاء عن مسألة كثيرة الوقوع في زماننا، وهي أنَّ التجار بالديار الشامية وقع منهم معاملات شرعية ومعاوضات مرضية بالشواهي والشرفيات؛ حيث كانت رائجة بشيء معين ثم كسد بعضها، وتغير سعر بعضها بالنقص، بموجب أمر الإمام الأعظم والخاقان الأفخم”([46]). والشواهي والشرفيات هي أنواع من الفلوس.

وتشتمل رسالة “بذل المجهود في تحرير أسئلة تغير النقود” على بيان شافٍ لمسألة الكساد العام والجزئي للنقود، وكذلك حالة انقطاع النقود، وغلاء النقود ورخصها، ثم بيَّن ما هي الفتوى على قول أبي يوسف في لزوم القيمة، وما هو العمل عند اختلاف الفقهاء في لزوم القيمة، ثم قعَّد الإمام القواعد في مسألة العمل بالراجح وترك المرجوح، وكذلك في مسألة العمل عند وجود قولين مصححين في المذهب، ثم ختم رسالته ببيان ألفاظ الترجيح عند الحنفية.

وتُعدُّ رسالة “بذل المجهود في تحرير أسئلة تغير النقود” من الرسائل اللطيفة في المذهب الحنفي التي عالجت قضية فقهية كانت محل اهتمام الفقهاء ومجالًا لبحثهم، كما أنَّ مؤلف الرسالة من كبار محققي المذهب الحنفي من المتأخرين، ولذلك نجده قد حقَّق مذهب الحنفية في مسألة النقود تحقيقًا دقيقًا؛ حيث رجع إلى عشرين كتابًا تقريبًا من أمهات الكتب المعتمدة في المذهب الحنفي، مثل “الفتاوى التتارخانية”، و”فتاوى قاضيخان”، و”الحاوي”، و”البزازية”، و”الهداية”، و”فتح القدير”، و”المنتقى”، و”الذخيرة”، و”الخلاصة”، و”مجمع الفتاوى”، و”المحيط”، و”التتمة”.

كما أن الرسالة تعتبر توثيقًا لواقعة بعينها عمَّت بها البلوى في عصره، وهي اصطلاح الناس في بلاد الشام على التعامل بنوع معين من النقود الخسيسة -وهي الشواهي والشرفيات- وقد رفعت للإمام استفتاءات عن حكم التعامل بها، فألَّف تلك الرسالة.

والرسالة لا شك صحيحة النسبة للإمام التمرتاشي؛ حيث نسبها إليه أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب، ونسبها إليه أيضًا متأخرو علماء الحنفية؛ كابن عابدين في حاشيته الشهيرة([47]).

  • الفتاوى الخيرية لنفع البرية:

لخير الدين بن أحمد بن علي بن عبد الوهاب الأيوبي العليمي الفاروقي الرملي الحنفي. كان ولده محيي الدين قد تصدَّى لجمع تلك الفتاوى، ودوَّنها ورتبها على طريقة كتاب “الهداية”، إلا أنه قد وافته المنية في حياة والده قبل الانتهاء منها، وكان قد جمع منها حتى باب المهر، فتابع الشيخ إبراهيم بن سليمان الجينيني تلميذ المصنف جمع تلك الفتاوى بعد وفاة الشيخ محيي الدين، قال الشيخ إبراهيم بن سليمان في مقدمة الكتاب: “قد وجدت شيخنا محيي الدين قد شرع في جمع فتاوى والده شيخنا وأستاذنا، وكتب لها ديباجة: هذا نزر يسير من جم غفير من أجوبة عن أسئلة سُئل عنها سيدنا ومولانا خير الدين، فأجاب عنها بما هو الصحيح المفتى به من مذهب أبي حنيفة، أو بما صححه كبار أهل المذهب لاختلاف العصر أو لتغير أحوال الناس رفقًا بعباد الله، فجمعتها وكتبتها وعلى طريق الهداية رتبتها… فجمع منها إلى باب المهر واخترمته المنية، ثم إني استخرت شيخنا العلامة والده المذكور في إكمالها على حسب ترتيبها فأجاز لي”([48]).

ويشتمل كتاب “الفتاوى الخيرية لنفع البرية” على فتاوى عن وقائعَ فقهيةٍ على المذهب الحنفي، أجاب عنها الإمام خير الدين الرملي الحنفي، ورتبها ابنه بحسب ترتيب الكتب الفقهية المعروفة، وجاءت في (47) عنوانًا، بين كتاب، وباب، وفصل، بداية من كتاب الطهارة، وانتهاء بكتاب الحوالة.

ويُعدُّ كتاب “الفتاوى الخيرية لنفع البرية” من أهم كتب الفتاوى على المذهب الحنفي أُجِيبَ عنها بما هو الصحيح المفتى به من مذهب أبي حنيفة، أو بما صحَّحه كبار أهل المذهب لاختلاف العصر، أو لتغير أحوال الناس رفقًا بعباد الله، وهو من تلك الجهة له فائدةٌ كبيرةٌ على مستوى الفتوى الحنفية، وعلى مستوى الدرس الإفتائي التطبيقي على صناعة الفتوى.

بالإضافة إلى جمعه المسائل النوادر في كتب المذهب الحنفي، وكذلك ما كثر وقوعه في غالب البلاد أو لم يصرح به في الأبواب الفقهية.

والكتاب لا شك صحيح النسبة لخير الدين الرملي؛ فقد صرح بنسبته له تلميذُه جامعُ تلك الفتاوى الشيخ إبراهيم بن سليمان في مقدمة الكتاب كما تقدم بيانه، وأيضًا نسبه له أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب.

  • واقعات المفتين:

لعبد القادر بن يوسف بن سنان بن محمد الحلبي الحنفي، الشهير بقدري أفندي، ويُعرف أيضًا بنقيب زاده.

وقد جمع فيه المؤلف مجموعةً من الأسئلة التي أجاب عليها فقهاء المذهب الحنفي بعد أن رأى أهمية جمعها في كتابٍ؛ لحاجة الناس إليها وارتباطها بواقعهم، وبهامش الكتاب زوائد وفوائد ضمها المؤلف من حواشي النسخ التي قام الناس بنسخها من الكتاب([49]).

ويشتمل كتاب “واقعات المفتين” على مَجمُوعةٍ من الآراء والفتاوى والوقائع التي حدثت في عصر المؤلف، فقام بتهذيبها وترتيبها بِحسبِ الأبوابِ الفِقهيَّةِ المعروفة؛ ابتداء بكتاب الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، مرورًا بأبواب النكاح، والولاء، والعتق والجنايات، ثم باب القضاء، واختتم كتابه بباب الفرائض والوصايا.

ويعتبر كتاب “واقعات المفتين” تسجيلًا فريدًا من نوعه لواقعات المستفتين ونوازلهم في فترة زمنية، وظروف اجتماعية معينة؛ فهو يُعتبرُ سِجلًّا إحصائيًّا لما كان الناس يسألون عنه على وجه اليقين؛ حيث شارك المؤلف في كَثيرٍ من المجالس الإفتائية، وكان يقوم بتدوين ما يَرِدُ من أسئلةٍ على الفقهاء الحاضرين، ثم يقوم بعد ذلك بتبييضها وتصحيح خطئها وإيراد الفروع الفقهية عليها، ثم عرض ذلك كله على أكابر المشايخ والفقهاء المعتبرين حينئذٍ حتى يجيزوا ما فيها.

قال صاحب خلاصة الأثر: “وهي الآن عمدة الحكام في أحكامهم والمفتين في فتاويهم، وبالجملة فإنها مجموعة نفيسة أكثر مسائلها وقائع، وكانت تقع أيام المفتي يحيى بن زكريا، وكان هو في خدمة المفتي المشار إليه موزع الفتوى”([50]).

كما أن الكتاب يتميز بحسن التوثيق والمراجعة العلمية الدقيقة، وذلك بعرض ما فيه على ما استجدَّ من حوادثَ ونوازلَ، وإضافة النوازل الجديدة إلى متنه مع نبذ المكررات من المسائل، قال المصنف رحمه الله في مقدمة الكتاب: “وجعلتها مرتبة على الكتب كسائر المدونات والكتب… ثم بعد حين ومضي سنين قابلت كل مسألة بأصلها، وذكرت بابها وفصلها؛ تسهيلًا للمراجعة لطالبي المقابلة، وطرحت منها المكررات، وأبقيت ما هو المنقول من المتداولات، وألحقت مسائل مهمات من المعتبرات”([51]).

والكتاب لا شك صحيح النسبة لمصنفه قدري أفندي رحمه الله؛ فقد صرح هو بذلك في مقدمة الكتاب، فقال: “فيقول العبد الفقير إلى رحمة ربه القدير عبد القادر بن يوسف… وسميتها بعد الجمع والتدوين بواقعات المفتين”([52]). وكذا نسبه له أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب.

  • الفتاوى الهندية:

لنظام الدين الحنفي البرهانبوري، أحد أكابر الفقهاء الحنفية وعلمائهم المشهورين. وهو لجماعةٍ من علماء الهند برئاسة الشيخ نظام الدين البرهانبوري، وبتكليف من أبي المظفر عالم كير بتأليف كتاب يحوي معظم الروايات الصحيحة التي اتفق عليها وأفتى بها الفحول، ويجمعون فيه من النوادر ما تلقته العلماء بالقبول، فجمعوا فيه فتاوى حاوية تَجمَعُ جُلَّ مذهبهم الحنفي مما يحتاج إليه من الأحكام الشرعية، ورتبوه على ترتيب كتاب (الهداية) للمرغيناني، واقتصروا فيه على ظاهر الرواية، وتركوا ما تكرر في الكتب من الروايات والزوائد، وأعرضوا عن الشواهد والدلائل، إلا دليل مسألة يوضحها أو يتضمَّن مسألة أخرى، ولم يلتفتوا إلا نادرًا إلى النوادر، وذلك فيما لم يجدوا جواب المسألة في ظاهر الروايات، أو وجدوا جواب النوادر موسومًا بعلامة الفتوى.

ونقلوا كل رواية من المعتبرات بعبارتها معزُوَّة إلى كتابها، ولم يغيروا العِبارةَ إلا لداعي الضرورة، وإذا وجدوا في المسألة جوابين مختلفين كل منهما موسوم بعلامة الفتوى وسمة الرجحان أو لم يكن واحد منهما معلمًا بما يُعلم به قوة الدليل أثبتوهما كما هما في الكتاب([53]).

فجاء الكتابُ مشتملًا على مجموعةٍ كبيرةٍ من الفتاوى الفِقهيَّة على المذهب الحنفي قد رتبها العلماء المجتمعون على ترتيب الكُتبِ الفقهيَّةِ المعروفة؛ بداية من الطهارة، والصلاة، والزكاة، والحج، ثم ذكروا بعد ذلك سائر أنواع البيوع.

ويُعدُّ كتاب “الفتاوى الهندية” أو “الفتاوى العالمكيرية” من أجَلِّ كتب الفتاوى وأنفعها في كثرة المسائل وسُهولة العبارة وحَلِّ العُقَد، فالسبب في تأليفه كان التسهيل على الناس للوقوف على ما عليه الفتوى في المذهب الحنفي، ومعرفة الروايات الصحيحة والأقوال المعتمدة والراجحة في المذهب.

وقد اشتهر في الأقطارِ الحِجَازيَّةِ والمِصريَّةِ والشاميَّةِ والرُّوميَّةِ باسم “الفتاوى الهندية”، وذاع صيته لاحتوائه على معظم الروايات الصحيحة مع حُسن الترتيب والتنظيم، مع الإيجاز والبعد عن كثرة سرد الأدلة وإيراد الترجيحات بين الفتاوى والآراء المختلفة؛ فقد كان من أعظم مقاصد الكتاب أن يتمَّ بشكل نظاميٍّ ترتيب الآراء الفقهية الموثوق بها التي جاء بها الفقهاء القدامى والمجتهدون السابقون، والتي كانت مبعثرة ومشتتة في العديد من الكتب الفقهية، وذلك لكي يمكن وضع مؤلف شامل ترجع إليه المحاكم والأفراد فيما يتعلق بشؤون دينهم، ولذا فقد صار الكتاب مَرجعًا يرجع إليه العلماء والقضاة والمفتون في شؤونهم الدينية ومسائلهم الفقهية؛ ولذا فمنذ إصدار “الفتاوى العالمكيرية” قامت الإدارة القضائية المغوليَّة باتخاذها كأداة من أدوات الإدارة القَضَائيَّة للمسلمين([54]).

وقد تناولت تلك الفتاوى مظهرًا من مظاهر الحَياةِ الإسلاميَّة الاجتماعيَّة والدينية للفرد والمجتمع على السواء، وعلى هذا الأساس خصصت فصولًا مستقلة للأمورِ العَائدةِ للمعاملات الفردية والاجتماعية، وللسلوك الديني، ولإدارة القضاء، ولشؤون الدولة الداخليَّة والخَارجيَّة، كما أنها تتضمن قواعد محددة التفسير والتأويل والتفهيم للمسائل الفقهية بِشكلٍ صائب وناجح؛ وذلك لأن العلماء الذين قاموا بإنجاز هذا المشروع استخدموا اصطلاحات توضح المسائل المطروحة، وعلى هذا الأساس نجدهم في الأكثر استخدموا التعبيرين التاليين: (الصحيح، والأصح) للتمييز بين قوة الآراء الفقهية، وكذلك الحال بالنسبة لتعبير: (عليه الفتوى) وهذا للدلالة على الرأي الذي ينبغي العمل به، وتعبير (عليه الاعتماد) للدلالة على اختياره على غيره لاعتبارات؛ كقوة الدليل أو لكون الفتوى به أرفق بأهل الزمان، وتعبير (عليه عمل الأمة) لبيان أن علماء المذهب المتأخرين قد أجمعوا على الأخذ بهذا القول من بين الأقوال والآراء الفقهية، وتعبير (عليه العمل اليوم) يعني: مناسبته للعرف. فقد تم توظيف هذه العبارات وأمثالها بشكل يزيد الكتاب سهولة وإيضاحًا([55]).

 

  • الفتاوى الرحيمية:

لعبد الرحيم بن إسحاق بن محمد بن أبي اللطف الحسيني اللطفي المقدسي. اعتمد فيه المؤلف رحمه الله على الكتب المعتمدة في المذهب الحنفي مثل “كنز الدقائق” وشروحه، و”بداية المبتدي” وشرحه، و”تنوير الأبصار”، و”الاختيار”، و”السراج الوهاج”.

وقد جمع ولده السيد محمد بن عبد الرحيم تلك الفتاوى، ورتبها على ترتيب الهداية والكنز([56]).

ويشتمل الكتاب على مجموعة من المسائل الفقهية مرتبة على الأبواب الفقهية المشهورة (الطهارة، الصلاة، الزكاة، الحج، النكاح، الرضاع، الطلاق، الحدود، السِّيَر، المفقود، الشركة، الوقف، البيوع، الهبة، الإجارة…).

وقد قسم المؤلف كتابه إلى كتب، وقسم الكتب إلى فصول وأبواب، واتبع طريقة السؤال والجواب، فجاء الكتاب على شكل (سُئل) و(أجاب).

وتنبع أهمية كتاب “الفتاوى الرحيمية” بداية من كون مؤلفه هو مفتي القدس في عصره، وهو مَنْصِبٌ لا يشغله إلا العالم الموسوعي المتمكن، ومن كانت هذه حاله كانت مصنفاته لها أهمية كبيرة، وخاصة في تنقيح المذهب وتدقيقه، ولذا فقد أحال عليه خاتمة المحققين ابن عابدين في حاشيته الشهيرة في أكثر من موضع([57]).

ويعدُّ الكتاب من كتب الفتاوى المعتمدة في المذهب الحنفي، ومن الكتب الجوامع التي ربطت بين متون وشروح وفتاوى الكتب المعتمدة في المذهب، كما اهتم المؤلف رحمه الله في هذا الكتاب بإيراد المسائل واضحة، مفهومة العبارات، خالية من المسائل الافتراضية، أو الألغاز الفقهية، كما اهتم بذكر الرأي الراجح في المسلة ألة ألة، وما عليه الفتوى فيها في المذهب.

كما تميَّز الكتاب بالتوثيق وعزو كل رأي لقائله، فهو ينقُل كثيرًا أقوال فقهاء المذهب الحنفي من كتبهم، ويصرح في أحيان كثيرة باسم المنقول عنه؛ كقاضيخان مثلًا، وفي أحيان كثيرة ينقل عن الكتاب دون ذكر اسم المؤلف، فيقول مثلًا: كذا في الخانية، وذكره في البزازية، وفي العمادية. وهو يذكر أحيانًا قول الإمام أبي حَنِيفَة وقول الصاحبين، وينقل كثيرًا عن المتأخرين كقاضيخان، وابن البزاز، وابن قاضي سماونة.

والكتاب لا شك صحيح النسبة لمصنفه؛ فقد بَيَّن جامع الكتاب ابن المؤلف محمد بن عبد الرحيم في مقدمته نسبة الكتاب لوالده المؤلف، وكذا نَسَبهُ له أصحاب كُتب التَّراجمِ وفهارس الكتب.

  • العقود الدرية:

لمحمد أمين بن عمر بن عبد العزيز الشهير بابن عابدين المتوفى سنة. قام فيه المؤلف باختصار وتهذيب كتاب “مغني المستفتي عن سؤال المفتي” أو “الفتاوى الحامدية” لحامد أفندي العمادي، كما وضع عليه التعليقات والحواشي والإضافات التي تناسب المقام([58]).

ويشتمل كتاب “العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية” على مسائلَ شتى في الأبواب والفصول الفقهية المعروفة، بالإضافة إلى ذكر بعض آداب المفتي والمستفتي باختصار غير مخل.

ومن الملاحظ في ترتيب ابن عابدين لموضوعات الكتاب أنه لم يلتزم بترتيب الموضوعات بحسب الأبواب الفقهية كما هو معهود من كتب السادة الحنفية، وإنما ابتدأ كتابه بالحديث عن الدعاوى والإقرار والصلح، ثم تحدث بعد ذلك عن أحكام المعاملات؛ كالمضاربة والوديعة والرهن، ثم تحدث عن أحكام الذبائح والشرب والمداينات والجنايات، واختتم كتابه بالحديث عن الفرائض، وعن بعض المسائل المنثورة فيما يتعلَّق بأحكام الحظر والإباحة.

وقد جعله على طريقة السؤال والجواب، فهو يصدر المسألة بقوله: (سئل)، والإجابة بقوله: (الجواب)، وصرح بأنه حيث قال: (المصنف) فمراده به صاحب الأصل، وكل ما كان من زياداته فيصدره بلفظ: (أقول)([59]).

ويتميز كتاب “العُقُود الدُّريَّة في تَنقِيحِ الفَتَاوى الحَامديَّةِ” بأنه قدم لكتابٍ من أجلِّ كتب الفتوى على المذهب الحنفي بشكل مبسط ومختصر يستطيع المتصدر للفتوى أن يُلِمَّ بما فيه من معلومات ثمينة تفيده في حال فتواه، خاصة وأن ابن عابدين هنا نص على أن “الفتاوى الحامدية” قد شملت معظم الحوادث التي تدعو إليها البواعث، وذلك مع التحري للقول الأقوى وما عليه العمل والفتوى في المذهب الحنفي.

كما أن ابن عابدين قد أضاف بصمته وآراءه الفقهية المعتبرة وبعض تحريراته المنقحة التي استقاها من “حاشيته على البحر الرائق” و”حاشيته على الدر المختار”، وأضاف بعض المسائل المشكلة والوقائع المعضلة التي قد تعرض للمفتي والمستفتي وأجاب عنها. كما أنه صرف همته نحو اختصار أسئلته وأجوبته وحذف ما اشتُهر منها وتكرر ولخص أدلته، وقدَّم وأخَّر وجمع ما تفرَّق على وضع محكم، بل وزاد ما لا بد منه من نحو استدراك أو تقييد، أو ما فيه تقوية وتأييد، ضامًّا إلى ذلك من تحرير بعض المسائل المشكلة، فخرج الكتاب حَاويًا لدرر الفوائد خاويًا عن مستنكرات الزوائد، ولذا فإن هذا الكتاب يُعدُّ من الكتب الجوامع، ومن أهم المصادر المعتمدة في الفتوى على المذهب الحنفي([60]).

والكتاب بلا شك صحيح النسبة لمصنفه ابن عابدين؛ فقد صرَّح هو بذلك في مقدمة كتابه، فقال: “فيقول العبد الفقير إلى مولاه القدير محمد أمين الشهير بابن عابدين… وقد سميت ذلك بالعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية”، كما نسبه له أصحاب كتب التراجم وفهارس الكتب.

  • فتاوى اللكنوي:

لأبي الحسنات محمد عبد الحي بن محمد عبد الحليم بن أمين الله بن محمد أكبر الأنصاري اللكنوي الهندي الحنفي. جمع فيه المصنف متفرقات المسائل في أكثر ما يحتاج إليه في أحكام بعض العبادات؛ كالطهارة والصلاة والحظر والإباحة، وذلك من خلال ما كان يوجه إليه من سؤالات المستفتين، وقد عرض تلك المسائل بطريقة السؤال والجواب([61]). ومع ذلك فلم يلتزم اللكنوي طريقًا واحدًا في عرض المسائل، فيستخدم (الاستفسار) في السؤال و(الاستبشار) في الجواب، أو (أي) في السؤال، و(أقول) في الجواب([62]).

وتضمن كتاب اللكنوي العديد من الفروع والنوازل والمسائل الفقهية، والتي بوَّبها بحسب موضوعها الفقهي، فجاء بعضها في مسائل العبادات، وأخرى تندرج تحت مسائل متفرقة، ومجموعة ثالثة تندرج تحت مسائل الحظر والإباحة، فجمع فيه من الفروع النادرة ما لم تحوه المجلدات، وأكثر من ذكر الفروع حتى أنافت عن ألف وخمسمائة مسألة فقهية.

وكتاب “فتاوى اللكنوي” قد جمع فيه مصنفه كثيرًا من الشوارد الفقهية التي يحتاج إليها من كملت ملكته الفقهية، فحوى لطائف المسائل وفرائد الدلائل فيما يكثر النزاع فيه، محررًا لوجه الخلاف فيما يقع عنه السؤال عادة، فيعتبر من أهم كتب الفتاوى التي توقف المتصدر للفتوى على طريقة الإفتاء في فترة زمنية معينة ومنطقة جغرافية محددة، الأمر الذي يعتبر نموذجًا تطبيقيًّا على ضرورة مراعاة المتصدر للفتوى لتغير الحال والزمان والأشخاص والأعراف في إصداره لفتواه.

كما أن الكتاب يعتبر توثيقًا علميًّا دقيقًا لفتاوى أحد المفتين السابقين وهو الإمام اللكنوي، وذلك مما يفتح المجال أمام الباحثين لدراسة هذا النوع من الفتاوى، كما يعتبر توثيقًا لطريقة استفتاء الناس في هذا العصر، وفي تلك المنطقة.

كما أن الكتاب تميَّز بالأمانة العلمية في النقل؛ حيث إن الإمام اللكنوي كان يعزو كلَّ رأيٍ إلى قائله أو مصدره بدقة وموضوعية، وهذا ما لا بد أن يميز المتصدر للفتوى في جميع ما يستدل به من نصوص على صحة فتواه.

وقد اختار مصنفه طريق الاختصار والإيجاز، فجمع المسائل مجردة عن الأدلة إلا فيما يكثر فيه الخصام، ويحتاج المقام فيه إلى إقامة الحجة والبيان، فإنه يذكر الأدلَّة([63]).

والكتاب لا شكَّ صحيح النسبة لمصنفه؛ فقد نسبه هو لنفسه في مقدمته، فقال: “فيقول الراجي عفو ربه القوي أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي… اسمها يخبر عن رسمها، وهو: نفع المفتي والسائل بجمع متفرقات المسائل”([64]). ونسبه لنفسه أيضًا في غيره من مؤلفاته، كما نسبه له أصحاب كتب التراجم.

  • الفتاوى المهدية في الوقائع المصرية:

لمحمد العباسي بن محمد أمين بن محمد المهدي الكبير الحنفي، شيخ الإسلام ومفتي الديار المصرية

كتاب “الفتاوى المهدية في الوقائع المصرية” تناول فيه مصنفه القضايا التي عرضت له أيام توليه وظيفة مفتي الديار المصرية، فقيَّد ما كان يَرِدُ له من القضايا على مذهب الإمام أبي حنيفة، وعرض المسائل عرضًا وافيًا، قال رحمه الله: “فشرعت عام ثلاثمائة وألف في ترتيبها بترتيب التراجم الفقهية مع مراعاة تواريخها؛ لتكون أوقع نفعًا، وأحْسنَ أسلوبًا، وأحْكمَ وضعًا”([65]).

وقد ذَكَرَ الشيخ المهدي أن أول فتوى صدرت بعد توليته بأيام ما ذُكِرَ في أول باب دعوى النسب من الجزء الرابع بتاريخ السابع عشر من ذي القعدة الحرام، وهي الفتوى رقم (7705)، وأما آخر فتوى من هذه الفتاوى فهي برقم (12889) بتاريخ 1 ربيع الأول سنة (1304هـ)، وقد استمرَّ العمل في ترتيب هذه الفتاوى وطباعتها بدءًا من عام (1300هـ) إلى أواسط شهر شعبان عام (1304هـ)، وقد بلغ مجموع تلك الفتاوى (12889) فتوى مرتبة على أبواب الفقه([66]).

واتبع المؤلف في تبويب الفتاوى الترتيب المتبع عند السادة الأحناف، وإن تصرَّف أحيانًا بالدَّمج والتفصيل والحذف بحسب موضوعات الفتاوى الواردة في الكتاب.

والكتاب له مختصرٌ يُسمى “تلخيص النصوص البهية من الفتاوى المهدية” لتلميذه الشيخ عبد الرحمن السويسي، وقد أعاد الأستاذان أحمد رشوان، وعبد العليم صالح المحاميان طبعه باسم “مختصر الفتاوى المهدية في الشريعة المحمدية”([67]).

أما عن مصادره التي اعتمد عليها فإنها لم تخرج عن الكُتُب المعتمدة في المذهب الحنفي، وعلى رأسها كتاب “الدر المختار” وحواشيه، بالإضافة إلى كتب الفتاوى: كـ”الهندية”، و”تنقيح الحامدية”، و”الخيرية”، وغيرها([68]).

وكان التزام الشيخ رحمه الله في كتابه بالمذهب الحنفي واضحًا، واستدلاله يقتصرُ على النقل من كتب المذهب الحنفي، لكنه كان يناقشُ النقل ولا يكتفي بإيراده، ويرجحُ بين النقول أحيانًا.

وقد اشتمل الكتاب على أسئلةٍ واردةٍ من جهات مختلفة: فمنها مكاتبات رسمية من أجهزة الدولة المختلفة، ومن القضاة، والمفتين، ومنها أسئلة واردة من الأهالي على اختلاف ثقافاتهم، فالكتاب بذلك ثروة فقهية ودراسة تاريخية اجتماعية تسجل الواقع الذي يعيشه الناس بعيدًا عن الفقه الافتراضي.

وقد أخضع الشيخ المهدي هذه الفتاوى لعملياتٍ من التحرير والتنقيح وإعادة الصياغة؛ فقد قام بتنقيح الألفاظ مجتنبًا التعقيدَ والغرابة، كما قام بتأييد ما يحتاج من الفتاوى إلى تأييدٍ بالنقول من كتب المذهب، فقال: “واجتنبت تعقيد العبارة، وغرابة الألفاظ، وخفاء الإشارة، واضعًا معانيها على طرف التمام، معتمدًا فيها ما صحَّحه الأئمَّة الأعلام، وربما وجدت الجواب محتاجًا إلى تأييد وسند، فأدعمه بالنص الذي عليه في المذهب المعول والمعتمد”([69]).

وقد ظهر في بعض الفتاوى ما يوحي بأنَّ الشيخ رحمه الله كان يقومُ في بعض الأحيان بأخذ آراء غيره من المشايخ؛ بما يمكن أن يُطلق عليه فتوى جماعية([70])، ولا شكَّ أنَّ هذا النوع من الفتاوى أكثرُ قوةً ودقةً وبعدًا عن الخطأ والزلل والنسيان.

وبالجملة فهذه الفتاوى جزءٌ من تراث دار الإفتاء المصرية، تُصوِّر تاريخَ أمتنا، وتعطي صورةً صادقةً عن مصرَ والعالم الإسلامي من جوانبَ عدَّة يستفيد منها الباحثون بأنواع الدراسات المختلفة.

([1]) ينظر: مقدمة كتاب “مسعفة الحكام”، للتمرتاشي، تحقيق ودراسة: صالح عبد الكريم، مكتبة المعارف، 1995م (ص 59). والكتاب يقع في (811) صفحة، في جزأين.

([2]) ينظر: مقدمة كتاب “مسعفة الحكام” (1/ 51- 58).

([3]) ينظر: السابق (1/ 60، 61).

([4]) ينظر: السابق (1/ 65).

([5]) ينظر: القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد (ص 12).

([6]) ينظر: صلاح العالم بإفتاء العالم، لحامد بن علي بن إبراهيم بن عبد الرحمن العمادي، تحقيق: علي حسن علي عبد الحميد، دار عمار، الأردن، الطبعة: الأولى، 1988م (ص25)، وقد طبع الكتاب في (52) صفحة.

([7]) ينظر: عقود رسم المفتي، تحقيق: صلاح محمد سالم، مجلة العلوم الشرعية، جامعة القصيم، 2017م (ص5)، والكتاب يقع في (57) صفحة.

([8]) ينظر: السابق (ص19، 20).

([9]) ينظر: ذخر المحتي من آداب المفتي، صديق حسن خان، تحقيق: أبي عبد الرحمن الباتني، دار ابن حزم، الطبعة الأولى، 1421هـ، 2000م، (ص25)، ويقع الكتاب في (228) صفحة.

([10]( (ص728).

([11]) ينظر: مقدمة كتاب “أجلى الأعلام”، تحقيق: محمد كاشف سليم، دار الكتب العلمية، بيروت، (ص4)، والكتاب يقع في (60) صفحة.

 

([12]) ينظر: فتاوى النوازل، لأبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي، تحقيق: السيد يوسف أحمد، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 2004م، (ص12)، وقد طُبع في (460) صفحة.

([13]) ينظر: مقدمة فتاوى النوازل (ص12).

([14]) ينظر: النتف في الفتاوى، لأبي الحسن علي بن الحسين بن محمد السغدي، تحقيق: محمد نبيل البحصلي، دار الفرقان للنشر، الأردن، الطبعة الثانية، 1404هـ، (ص3)، وقد طُبع في (984) صفحة.

 

([15]) وقيل: أبو حفص كما في سير أعلام النبلاء.

([16]) ينظر: الواقعات، للإمام عمر بن عبد العزيز بن مازه المعروف بالصدر الشهيد البخاري، من بداية الكتاب إلى كتاب الأيمان والنذور، دراسة وتحقيق: ماجد حامد محمد العليمات، (رسالة دكتوراه) بكلية الدراسات العليا قسم الفقه وأصوله، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، ماليزيا، 2017م، (ص 14)، وقد طُبعت في (266) صفحة تقريبًا.

([17]) ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (2/ 1998)، دار إحياء التراث العربي- بيروت.

([18]) ينظر: السابق.

([19]) ينظر: الأعلام (5/ 51).

([20]) ينظر: “الفتاوى الولوالجية” لأبي الفتح ظهير الدين عبد الرشيد بن عبد الرزاق الولوالجي، تحقيق: مقداد بن موسى فريوي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 2003م، (ص 6)، وقد طُبع في (382) صفحة.

([21]) ينظر السابق (ص: 27، 28).

([22]) ينظر: كشف الظنون (2/ 1230).

([23]) ينظر: الفوائد البهية (ص: 94).

([24]) ينظر: الأعلام (1/ 294) و(3/ 353).

([25]) ينظر: فتاوى قاضيخان في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، للإمام فخر الدين قاضيخان الحنفي، اعتنى به: سالم مصطفى البدري، دار الكتب العلمية، بيروت، 2009م، (ص 3)، وقد طُبع في (529) صفحة.

([26]) ينظر: الجواهر المضية (1/ 205)، وكشف الظنون (2/ 1227).

([27]) ينظر: الفتاوى الغياثية، لداود بن يوسف الخطيب (ص 2)، المطبعة الأميرية، مصر، الطبعة الأولى، 1321هـ، وقد طُبع في (193) صفحة.

([28]) ينظر: الفتاوى الغياثية (ص: 2، 4).

([29]) ينظر: المختار للفتوى على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه، للإمام عبد الله بن محمود الموصلي، تحقيق: أ. د/ سائد بكداش، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى، 2012م، وقد طُبع في (556) صفحة.

 

([30]) الاختيار لتعليل المختار (1/ 6)، دار الكتب العلمية، بيروت.

([31]) ينظر: كشف الظنون (2/ 1622).

([32]) ينظر: الفتاوى التاتارخانية، لعالم بن العلاء الدلهوي (1/ 167- 174)، تحقيق: شبير أحمد القاسمي، مكتبة زكريا، ديوبند، الهند، 1431هـ/ 2010م، وقد طُبع في 20 جزءًا.

([33]) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 268).

([34]) ينظر: المسائل البدرية (ص: 133).

([35]) ينظر: كشف الظنون (2/ 1226).

([36]) ينظر: المسائل البدرية (ص: 133).

([37]) ينظر السابق.

([38]) ينظر: كشف الظنون (2/ 1226).

([39]( ينظر: أنفع الوسائل إلى تحرير المسائل المعروف بالفتاوى الطرسوسية لنجم الدين الطرسوسي (ص: 5)، تحقيق: مصطفى محمد خفاجي ومحمود إبراهيم- المكتبة الأزهرية للتراث- القاهرة- 1440هـ/ 2019، والكتاب يقع في (365) صفحة.

([40]( ينظر: أنفع الوسائل إلى تحرير المسائل (ص: 6).

([41]) ينظر: جامع الفتاوى، للإمام قرق أمير الحميدي الرومي الحنفي (ص 44)، تحقيق: عبيدة عامر توفيق حمودي، (رسالة دكتوراه) بكلية الفقه وأصوله، الجامعة الإسلامية، العراق، 2006م، وقد طُبعت في (650) صفحة تقريبًا.

([42]) ينظر: السابق (ص: 14).

([43]) ينظر: السابق (ص: 44).

([44]) ينظر: كشف الظنون (1/ 565)، الأعلام (5/ 193).

([45]) ينظر: كتاب فتاوى ابن نجيم (ص 3)، تصحيح ومراجعة: محمد الشاغول، المكتبة الأزهرية، القاهرة، 2008م، والكتاب يقع في (218) صفحة.

([46]) ينظر: بذل المجهود في تحرير أسئلة تغير النقود، للإمام محمد بن عبد الله الغزي التمرتاشي الحنفي (ص 57- 75)، اعتنى بها: حسام الدين عفانة، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة القدس- فلسطين، الطبعة الأولى، 2001م، والكتاب يقع في (118) صفحة.

([47]) ينظر: حاشية ابن عابدين (4/ 534)، دار الفكر- بيروت.

([48]) ينظر: الفتاوى الخيرية لنفع البرية، للإمام خير الدين بن أحمد الرملي الحنفي (ص: 4)، المطبعة الأميرية الكبرى، مصر، الطبعة الثانية، 1300هـ، وقد طُبعت في (594) صفحة.

([49]) ينظر: واقعات المفتين، لعبد القادر بن يوسف الشهير بقدري أفندي الحنفي (ص: 2)، المطبعة الأميرية- القاهرة، الطبعة الأولى، 1300هـ، وقد طُبع في (288) صفحة.

([50]) خلاصة الأثر (2/ 473).

([51]) ينظر: واقعات المفتين (ص: 2).

([52]) ينظر: السابق.

([53]) ينظر: الفتاوى الهندية أو الفتاوى العالمكيرية في مذهب الإمام الأعظم أبي حَنِيفَة النعمان، لجَماعةٍ من عُلماءِ الهند برئاسة الشيخ نظام الدين البرهانبوري (ص: 3، 4)، اعتنى به عبد اللطيف حسن عبد الرحمن، دار الكتب العلمية- بيروت، الطبعة الأولى، 1421هـ – 2000م، وقد طُبعت في (609) صفحات.

 

([54]) ينظر: دراسة عن كتاب الفتاوى الهندية (ص: 150)، إعداد رفيق مليل الهندي، باحث دكتوراه بقسم الشريعة الإسلامية، كلية دار العلوم- جامعة القاهرة، مجلة الدراسات الإسلامية والبحوث الأكاديمية، العدد (98).

([55]) ينظر: السابق (ص: 148).

([56]) ينظر: الفتاوى الرحيمية في واقعات السادة الحنفية، للإمام عبد الرحيم بن إسحاق بن محمد الحسيني، من أول الكتاب إلى نهاية كتاب البيوع (ص 20- 34)، دراسة وتحقيق: الباحث بارق طلال عناد الزوبعي، أطروحة (ماجستير) قُدِّمت إلى كلية الدراسات الإسلامية، تخصص الفقه وأصوله، بالجامعة الإسلامية العالمية، ماليزيا، 2016م، وقد طُبعت في (374) صفحة تقريبًا.

([57]) ينظر: حاشية ابن عابدين (4/ 458)، (6/ 481).

([58]) ينظر: العُقُودُ الدُّريَّة في تَنقِيحِ الفَتَاوى الحَامديَّةِ، لمحمد أمين بن عمر بن عبد العزيز الشهير بابن عابدين (1/ 7)، تحقيق: محمد عثمان، دار الكتب العلمية- بيروت، الطبعة الأولى، 2008م، وقد طُبع في مجلدين (1226) صفحة.

([59]) ينظر: السابق.

([60]) ينظر: العقود الدرية (1/ 7).

([61]) ينظر: فتاوى اللكنوي المسمى: نفع المفتي والسائل بجمع متفرقات المسائل، لأبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي (ص: 20)، تحقيق: صلاح محمد أبو الحاج، دار ابن حزم- لبنان، الطبعة الأولى، 1422هـ – 2001م، وقد طبع الكتاب في (560) صفحة.

([62]) ينظر: السابق (ص: 11).

([63]) ينظر: السابق.

([64]) ينظر: السابق (ص: 20).

([65]) ينظر: مقدمة الفتاوى المهدية في الوقائع المصرية (ص13).

([66]) ينظر: السابق.

([67]) ينظر: السابق (ص14).

([68]) ينظر: السابق (ص97).

([69]) ينظر: السابق (ص84).

([70]) ينظر: السابق (ص85).

اترك تعليقاً